الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن المماطلة (قالوا لا) دين عليه (قال فهل ترك شيئًا؟ قالوا لا) لم يترك شيئًا (فصلّى عليه) زاده الله شرفًا لديه (ثم أُتي بجنازة أخرى فقالوا يا رسول الله صلّ عليها قال) عليه الصلاة والسلام: (هل عليه دين؟ قيل: نعم) عليه دين قال: (فهل ترك شيئًا) لدينه؟ (قالوا) ترك (ثلاثة دنانير) وللحاكم من حديث جابر ديناران وعند الطبراني من حديث أسماء بنت يزيد كانا دينارين وشطرًا وجمع الحافظ ابن حجر بين هذا بأن من قال ثلاثة جبر الكسر. ومن قال دينارين ألغاه أو كان أصلهما ثلاثة فوفى قبل موته دينارًا وبقي عليه ديناران فمن قال ثلاثة فباعتبار الأصل ومن قال ديناران فباعتبار ما بقي (فصلّى عليها) ولعله عليه الصلاة والسلام على أن هذه الدنانير الثلاثة تفي بدينه بقرائن الحال أو بغيرها (ثم أُتي با) لجنازة ا (لثالثة فقالوا صلّ عليها) يا رسول الله (قال: هل ترك) الميت (شيئًا قالوا لا قال فهل عليه دين قالوا) نعم (عليه دنانير قال: صلوا على صاحبكم)(قال أبو قتادة) الحرث بن ربعي الأنصاري (صلِّ عليه يا رسول الله وعليّ دينه فصلّى عليه) صلى الله عليه وسلم. وفي رواية ابن ماجة من حديث أبي قتادة نفسه فقال أبو قتادة أنا أتكفل به زاد الحاكم في حديث جابر فقال هما عليك، وفي مالك، والميت منهما بريء. قال: نعم فصلّى عليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي أبا قتادة يقول ما صنعت الديناران حتى كان آخر ذلك أن قال قد قضيتهما يا رسول الله. قال: الآن حين بردت عليه جلده، وقد ذكر في هذا الحديث ثلاثة أحوال وترك الرابع وهو من لا دين عليه وله مال وحكم هذا أنه كان يصلّي عليه ولعله إنما لم يذكر لكونه كان كثيرًا لا لكونه لم يقع ولم يسم أحد من الموتى الثلاثة.
ومطابقته للترجمة ظاهرة من قول أبي قتادة عليّ دينه وفي الرواية الأخرى أنا أتكفل به. وقوله عليه الصلاة والسلام هما عليك وفي مالك والميت منهما بريء، وإلى هذا ذهب الجمهور فصححوا هذه الكفالة من غير رجوع في مال الميت وعن مالك له أن يرجع إن قال ضمنت لأرجع، فإن لم يكن للميت مال وعلم الضامن بذلك فلا رجوع له، وعن أبي حنيفة إن ترك الميت وفاء جاز الضمان بقدر ما ترك وإن لم يترك وفاء لم يصح وصلاته عليه الصلاة والسلام عليه وإن كان الدين باقيًا في
ذمة الميت، لكن صاحب الحق عاد إلى الرجاء بعد اليأس واطمأن بأن دينه صار في مأمن فخفّ سخطه وقرب من الرضاء.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الكفالة وهو سابع ثلاثياته، وأخرجه النسائي أيضًا في الجنائز.
بسم الله الرحمن الرحيم
39 - كتاب الكفالة
(بسم الله الرحمن الرحيم).
1 - باب الْكَفَالَةِ فِي الْقَرْضِ وَالدُّيُونِ بِالأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا
(باب الكفالة في القرض والدّيون) من عطف العام على الخاص والكفالة في العرف كما قاله الماوردي تكون في النفوس والضمان في الأموال والحمالة في الدّيات والزعامة في الأموال العظام. قال ابن حبان في صحيحه: والزعيم لغة أهل المدينة والحميل لغة أهل مصر والكفيل لغة أهل العراق وهي التزام حق ثابت في ذمة الغير أو إحضار من هو عليه أو عين مضمونة (بالأبدان وغيرها) أي الكفالة بالأموال والجار والمجرور يتعلق بالكفالة وسقطت البسملة لأبي ذر.
2290 -
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ "أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَوَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ مِنَ الرَّجُلِ كَفِيلاً حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ جَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَصَدَّقَهُمْ، وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ".
وَقَالَ جَرِيرٌ وَالأَشْعَثُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُرْتَدِّينَ: اسْتَتِبْهُمْ وَكَفِّلْهُمْ، فَتَابُوا وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرُهُمْ.
وَقَالَ حَمَّادٌ إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فَمَاتَ فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَكَمُ يَضْمَنُ.
(وقال أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن محمد بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي (ابن عمرو) بفتح العين (الأسلمي عن أبيه) حمزة (أن عمر رضي الله عنه بعثه مصدقًا) بتشديد الدال المكسورة أي آخذًا للصدقة عاملاً عليها (فوقع رجل على جارية امرأته) لم يسم أحد منهم وهذا مختصر من قصة أخرجها الطحاوي ولفظه كما رأيته في شرح معاني الآثار له أن عمر بن الخطاب بعثه مصدقًا على
سعد هذيم فأُتي حمزة بمال ليصدقه فإذا رجل يقول لامرأته أدّي صدقة مال مولاك وإذا المرأة تقول له بل أنت فأدّ صدقة مال ابنك فسأل حمزة عن أمرهما وقولهما فأخبر أن ذلك الرجل زوج تلك المرأة وأنه وقع على جارية لها فولدت ولدًا فأعتقته المرأة ثم ورث من أمه مالاً فقالوا: هذا المال لابنه من جاريته. قال حمزة للرجل: لأرجمنّك بأحجارك فقيل له إن أمره رفع
إلى عمر فجلده مائة ولم يرَ عليه رجمًا قال (فأخذ حمزة) رضي الله عنه (من الرجل كفيلاً) ولأبي ذر كفلاء بالجمع (حتى قدم على عمر وكان عمر) رضي الله عنه (قد جلده مائة جلدة) كما سبق وسقط قوله جلدة لأبوي ذر والوقت (فصدقهم) بالتشديد في الفرع وغيره من الأصول المعتمدة أي صدق القائلين بما قالوا (و) إنما درأ عمر عنه الرجم لأنه (عذره بالجهالة) وفي بعض الأصول فصدقهم بالتخفيف أي صدق الرجل القوم واعترف بما وقع منه لكن اعتذر بأنه لم يكن عالمًا بحرمة وطء جارية امرأته أو بأنها جاريتها لأنها التبست واشتبهت بجارية نفسه أو بزوجته ولعل اجتهاد عمر اقتضى أن يجلد بالحرمة وإلا فالواجب الرجم فإذا سقط بالعذر لم يجلد واستنبط من هذه القصة مشروعية الكفالة بالأبدان فإن حمزة صحابي وقد فعله ولم ينكره عليه عمر مع كثرة الصحابة حينئذٍ.
(وقال جرير) بفتح الجيم وكسر الراء ابن عبد الله البجلي (والأشعث) بن قيس الكندي الصحابي (لعبد الله بن مسعود في المرتدين) وهذا أيضًا مختصر من قصة أخرجها البيهقي بطولها من طريق أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال: صليت الغداة مع عبد الله بن مسعود فلما سلم قام رجل فأخبره أنه انتهى إلى مسجد بني حنيفة فسمع مؤذن عبد الله ابن النوّاحة يشهد أن مسيلمة رسول الله فقال عبد الله: عليّ بابن النواحة وأصحابه فجيء بهم فأمر قرظة بن كعب فضرب عنق ابن النواحة ثم استشار الناس في أولئك النفر فأشار عليه عديّ بن حاتم بقتلهم فقام جرير والأشعث فقالا: لا بل (استتبهم وكفلهم) أي ضمنهم وكانوا مائة وسبعين رجلاً كما رواه ابن أبي شيبة (فتابوا وكفلهم) ضمنهم (عشائرهم).
قال البيهقي في المعرفة: والذي روي عن ابن مسعود وجرير والأشعث في قصة ابن النوّاحة في استتابتهم وتكفيلهم عشائرهم كفالة بالبدن في غير مال. وقال ابن المنير: أخذ البخاري الكفالة بالأبدان في الدّيون من الكفالة بالأبدان في الحدود بطريق الأولى والكفالة بالنفس قال بها الجمهور ولم يختلف من قال بها أن المكفول بحد أو قصاص إذا غلب أو مات أن لا حدّ على الكفيل بخلاف الدين والفرق بينهما أن الكفيل إذا أدّى المال وجب له على صاحب المال مثله، وفرق الشافعية والحنفية بين كفالة من عليه عقوبة لآدمي كقصاص وحدّ قذف ومن عليه عقوبة لله فصححوها في الأولى لأنها حق لازم كالمال ولأن الحضور مستحق عليه دون الثانية لأن حقه تعالى مبني على الدرء. قال الأذرعي: ويشبه أن يكون محل المنع حيث لا يتحتم استيفاء العقوبة فإن تحتم وقلنا لا يسقط بالتوبة فيشبه أن يحكم بالصحة.
(وقال حماد) هو ابن أبي سليمان واسمه مسلم الأشعري الكوفي الفقيه أحد مشايخ الإمام أبي حنيفة (إذا تكفل بنفس فمات فلا شيء عليه) سواء كان المتعلق بتلك النفس حدًا أو قصاصًا أو مالاً من دين وغيره. قال في عيون المذاهب: وتبطل أي الكفالة بموته إلا عند مالك وبعض الشافعية يلزمه ما عليه وبموت الكفيل لا الطالب بالإجماع انتهى.
والذي رأيته في شرح مختصر الشيخ خليل للشيخ بهران عند قوله ولا يسقط بإحضاره أن حكم لا إن أثبت موته أو عدمه في غيبته ولو بغير بلده ورجع به مراده أن يشير إلى ما وقع من الخلاف والتفصيل في هذه المسألة، ونصها عند ابن زرقون ولو مات الغريم سقطت الحمالة بالوجه وقاله في المدونة قال: وهذا إذا مات ببلده قبل أن يلتزم الغريم قبل الأجل أو بعده وأما إن مات بغير البلد فقال أشهب لا أبالي مات غائبًا أو في البلد أي يبرأ الحميل وهو مذهب المدونة. وقال ابن القاسم يغرم الحميل إن كان الدين حالاً قربت غيبته أو بعدت وإن كان مؤجلاً فمات قبله بمدة طويلة لو خرج إليها لجاء قبل الأجل فلا شئ عليه وإن كان على مسافة لا يمكنه أن يجيء إلا بعد الأجل ضمن.
(وقال الحكم) بن عتيبة (يضمن) أي ما يقبل ترتبه في الذمة وهو المال وهذا وصله الأثرم من طريق شعبة عن حماد والحكم.
2291 -
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه "عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فَقَالَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا. قَالَ: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلاً. قَالَ: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلاً فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلاً، فَرَضِيَ بِكَ. وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِيَ بِكَ. وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا. فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَهْوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بِمَالِكَ فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ. قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَىَّ بِشَىْءٍ؟ قَالَ: أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ
مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا".
(قال أبو عبد الله) البخاري، (وقال الليث) بن سعد وسبق في باب التجارة في البحر أن أبا ذر عن المستملي وصله فقال حدّثني
عبد الله بن صالح قال حدّثني الليث وعبد الله هذا هو كاتب الليث وكذا وصله أبو الوقت فيما قاله في الفتح كذلك وسقط في رواية أبي ذر قوله أبو عبد الله وكذا في رواية أبي الوقت واقتصرا على قوله وقال الليث، (حدّثني) بالإفراد (جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل بن حسنة القرشي المصري (عن عبد الرحمن بن هرمز) الأعرج (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(أنه ذكر رجلاً من بني اسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم) على ذلك (فقال كفى بالله شهيدًا. قال فائتني بالكفيل قال كفى بالله كفيلاً قال: صدقت) وفي رواية أبي سلمة فقال سبحان الله نعم (فدفعها) أي الألف دينار (إليه) وفي رواية أبي سلمة فعدّ له ستمائة دينار. قال ابن حجر رحمه الله: والأول أرجح لموافقته حديث عبد الله بن عمرو (إلى أجل مسمى فخرج) الذي استلف (في البحر فقضى حاجته) وفي رواية أبي سلمة فركب البحر بالمال يتجر فيه (ثم التمس مركبًا) بفتح الكاف أي سفينة (يركبها) حال كونه (يقدم عليه) أي على الذي أسلفه ودال يقدم مفتوحة (للأجل الذي أجله فلم يجد مركبًا) زاد في رواية أبي سلمة وغدا ربّ المال إلى الساحل يسأل عنه ويقول اللهم اخلفني وإنما أعطيت لك (فأخذ) الذي استلف (خشبة فنقرها) أي حفرها (فأدخل فيها) في الخشبة وللكشميهني فيه أي في المكان المنقور من الخشبة (ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه) الذي استلف منه ولأبي الوقت وصحيفة فيه، وفي رواية لأبي سلمة وكتب إليه صحيفة من فلان إلى فلان إني دفعت مالك إلى وكيل توكل بي (ثم زجج موضعها) بزاي وجيمين. قال القاضي عياض: سمرها بمسامير كالزج أو حشا شقوق لصاقها بشيء ورقعه بالزج، وقال الخطابي: سوّى موضع النقر وأصلحه وهو من تزجيج الحواحب وهو حذف زوائد الشعر، ويحتمل أن يكون مأخوذًا من الزج وهو النصل كأن يكون النقر في طرف الخشبة فشد عليه زجًّا يمسكه ويحفظ ما فيه، وقال السفاقسي: أصلح موضع النقر، (ثم أتى بها) أي بالخشبة (إلى البحر فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانًا ألف دينار).
قال ابن حجر كالزركشي كذا وقع فيه هنا تسلفت فلانًا والمعروف تعديته بحرف الجرّ، وزاد ابن حجر كما وقع في رواية الإسماعيلي استسلفت من فلان، وتعقبه العيني بأن تنظيره باستسلفت غير موجه لأن تسلفت من باب التفعّل واستسلفت من باب الاستفعال وتفعل يأتي للمتعدي بلا حرف الجرّ كتوسدت التراب واستسلفت معناه طلبت منه السلف ولا بدّ من حرف الجرّ انتهى.
وسقط قوله: كنت في رواية أبي ذر (فسألني كفيلاً فقلت كفى بالله كفيلاً فرضي بك وسألني
شهيدًا فقلت كفى بالله شهيدًا فرضي بك) ولأبي ذر عن الكشميهني: فرضي بذلك. وقال العيني كالحافظ ابن حجر قوله فرضي بذلك للكشميهني ولغيره فرضي به أي بالهاء، وفي رواية الإسماعيلي فرضي بك أي بالكاف انتهى.
والذي في الفرع وغيره من الأصول المعتمدة التي وقفت عليها بك لغير الكشميهني وبذلك له على أن في المتن الذي ساقه العيني بك بالكاف في الموضعين فالله أعلم.
(وإني جهدت) بفتح الجيم والهاء (أن أجد مركبًا أبعث إليه الذي له) في ذمتي (فلم أقدر) على تحصيلها (وإني أستودعكها) بكسر الدال وضم العين ولأبوي ذر والوقت استودعتكها بفتح الدال وسكون العين وبعدها مثناة فوقية (فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه) بتخفيف اللام أي دخلت في البحر (ثم انصرف وهو) أي والحال أنه (في ذلك يلتمس) أي يطلب (مركبًا يخرج إلى بلده) أي إلى بلد الذي أسلفه (فخرج الرجل الذي كان أسلفه) حال كونه (ينظر لعل مركبًا قد جاء بماله) الذي أسلفه للرجل (فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله) يجعلها (حطبًا) للإيقاد (فلما نشرها) أي قطعها بالمنشار (وجد المال) الذي له (والصحيفة) التي كتبها الرجل إليه بذلك (ثم قدم)