الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأجلين قضي موسى"؟ قال: أتمهما وأكملهما. وعند ابن أبي حاتم من مرسل يوسف بن مرح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: لا علم لي فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال: لا علم لي، فسأل جبريل ملكًا فوقه فقال لا علم لي فسأل ذلك الملك ربه فقال الرب عز وجل: أبرّهما وأتقاهما أو قال أرجاهما. وزاد الإسماعيلي من الطريق التي أخرجها البخاري قال سعيد: فلقيني اليهودي فأعلمته ذلك فقال: صاحبك والله عالم.
29 - باب لَا يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمِلَلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لِقَوْلِهِ عز وجل: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 14]. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ} الآيَةَ".
هذا (باب) بالتنوين (لا يسأل) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول (أهل الشرك) بالرفع نائبًا عن الفاعل (عن الشهادة و) لا (غيرها) إذ لا تقبل شهادتهم خلافًا للحنفية حيث قالوا بقبولها من أهل الذمة على بعضهم وإن اختلفت مِلَلهم لأنه عليه الصلاة والسلام رجم يهوديين زنيا بشهادة أربعة منهم.
(وقال الشعبي) عامر بن شراحيل فيما وصله سعيد بن منصور (لا تجوز شهادة أهل المِلل) بكسر الميم أي مِلل الكفر (بعضهم على بعض) زاد سعيد بن منصور إلاّ المسلمين (لقوله تعالى) ولأبي ذر عز وجل ({فأغرينا}) فألزمنا من غري بالشيء إذا ألصق به ({بينهم العداوة والبغضاء})[المائدة: 14] ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة وكذلك طوائف النصارى على اختلاف أجناسهم لا يزالون متباغضين متعادين يكره بعضهم بعضًا فالمالكية تكفر اليعقوبية وكذلك الآخرون كل طائفة تلعن الأخرى في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.
(وقال أبو هريرة) فيما وصله في تفسير سورة البقرة (عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصدقوا أهل الكتاب) أي فيما لا تعرفون صدقه من قبل غيرهم (ولا تكذبوهم وقولوا آمنّا بالله وما أنزل الآية) وفيه دليل لرد شهادتهم وعدم قبولها وسقط قوله الآية عند أبوي ذر والوقت.
2685 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ؟ وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ فَقَالُوا: {هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً} [البقرة: 79] أَفَلَا يَنْهَاكُمْ بمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ؟ لَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلاً قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ". [الحديث 2685 - أطرافه في: 7363، 7522، 7523].
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي مولاهم المصري وسقط قوله يحيى عند أبوي ذر والوقت قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن يونس) بن زيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بن مسعود (عن ابن عباس) ولأبوي ذر والوقت: عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما قال): (يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب) من اليهود والنصارى والاستفهام للإنكار (وكتابكم) القرآن (الذي أنزل) بضم الهمزة ولأبي ذر: أنزل بفتحها (على نبيّه) محمد (صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله) بفتح الهمزة أي أقربها نزولاً إليكم من عند الله عز وجل فالحدوث بالنسبة إلى المنزل إليهم وهو في نفسه قديم وأحدث رفع خبر كتابكم وأنزل صفته (تقرؤونه لم يشب) بضم أوّله وفتح ثانيه لم يخلط ولم يغير ولم يبدل (وقد حدّثكم الله) في كتابه (إن أهل الكتاب) صنف من اليهود وعن ابن عباس هم أحبار اليهود وعنه أيضًا هم المشركون وأهل الكتاب (بدّلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب فقالوا هو) ولأبي ذر عن الكشميهني فقالوا هذا (من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلاً) قال الحسن: الثمن القليل الدنيا بحذافيرها (أفلا ينهاكم ما) ولأبوي ذر والوقت عن المستملي بما (جاءكم من العلم عن مسايلتهم) بميم مضمومة فسين مهملة وبعد الألف مثناة تحتية مفتوحة، ولأبي ذر عن مساءلتهم بهمزة بعد الألف بدل التحتية ممدودًا (ولا والله ما رأينا رجلاً منهم قطّ يسألكم عن الذي أنزل عليكم) فأنتم بالطريق الأولى أن لا تسألوهم ولا في قوله ولا والله لتأكيد النفي.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التوحيد والاعتصام.
30 - باب الْقُرْعَةِ فِي الْمُشْكِلَاتِ
وَقَوْلِهِ عز وجل: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44].
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ اقْتَرَعُوا فَجَرَتِ الأَقْلَامُ مَعَ الْجِرْيَةِ، وَعَال قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الْجِرْيَةَ، فَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ.
وَقَوْلِهِ: {فَسَاهَمَ} [الصافات: 141] أَقْرَعَ {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} مِنَ الْمَسْهُومِينَ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "عَرَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ: أَيُّهُمْ يَحْلِفُ".
(باب) مشروعية (القرعة في) الأشياء (المشكلات) التي يقع النزاع فيها بين اثنين أو أكثر ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من بدل في أي لأجل المشكلات كقوله تعالى: {من خطاياهم} [العنكبوت: 12] أي لأجل خطاياهم (وقوله) زاد أبو ذر عز وجل أي في قصة مريم {إذ يلقون} أي حين يلقون {أقلامهم} أقداحهم للاقتراع وقيل اقترعوا بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة تبركًا {أيّهم يكفل مريم} [آل عمران: 44] متعلق بمحذوف دلّ عليه يلقون أقلامهم أي يلقونها ليعلموا أيهم
يكفلها أي يضمها إلى نفسه ويربيها رغبة في الأجر وذلك لما وضعتها أمها حنّة وأخرجتها في خرقتها إلى بني الكاهن بن هارون أخي موسى بن عمران وهم يومئذٍ يلون من بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة فقالت لهم: دونكم هذه النذيرة فإني حرّرتها وهي ابنتي وأنا لا أردّها إلى بيتي فقالوا: هذه ابنة إمامنا، وكان عمران يؤمهم في الصلاة فقال زكريا: ادفعوها إليّ فإن خالتها تحتي فقالوا: لا تطيب نفوسنا هي ابنة إمامنا فعند ذلك اقترعوا عليها.
(وقال ابن عباس: اقترعوا فجرت الأقلام) التي ألقوها في نهر الأردن (مع الجرية) بكسر الجيم أي جرية الماء إلى الجهة السفلى (وعال) بعين مهملة وبعد الألف لام أي ارتفع (قلم زكريا الجرية) فأخذها وضمها إلى نفسه وللأصيلي: وعالا بألف بعد اللام، ولأبي ذر عن الكشميهني: وعدا بالدال بدل اللام كذا في الفرع وأصله. وقال في فتح الباري وفي رواية الكشميهني: وعلا أي بعين فلام فألف من العلوّ قال وفي نسخة وعدا بالدال وهذا وصله ابن جرير بمعناه (فكفلها زكريا وقوله) تعالى بالجر عطفًا على قوله الأول في قضية يونس (فساهم) قال ابن عباس فيما أخرجه ابن جرير أي (أقرع){فكان من المدحضين} [الصافات: 141] قال ابن عباس أيضًا فيما أخرجه ابن جرير أي (من المسهومين) وأشار المؤلّف بما ذكره من قصة مريم ويونس عليهما الصلاة والسلام إلى الاحتجاج بصحة الحكم بالقرعة وهو مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد ما يخالفه.
(وقال أبو هريرة) رضي الله عنه مما وصله قريبًا في باب: إذا تسارع قوم في اليمين (عرض النبي صلى الله عليه وسلم على قوم اليمين فأسرعوا) إلى اليمين (فأمر) صلى الله عليه وسلم (أن يسهم بينهم) بكسر هاء يسهم أي يقرع (في اليمين أيّهم يحلف) قبل الآخر وفيه دلالة لمشروعية القرعة على ما لا يخفى.
2686 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ
فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا، فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ".
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) بكسر الغين المعجمة آخره مثلثة ابن طلق بفتح الطاء وسكون اللام الكوفي قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (قال: حدّثني) بالإفراد (الشعبي) عامر بن شراحيل (أنه سمع النعمان بن بشير رضي الله عنهما يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(مثل المدهن) بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر الهاء آخره نون أي الذي يرائي (في حدود الله) المضيع لها (والواقع فيها) المرتكبها (مثل قوم استهموا) اقترعوا (سفينة) مشتركة بينهم تنازعوا في المقام بها علوًّا أو سفلاً فأخذ كل واحد منهم نصيبًا من السفينة بالقرعة (فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها فكان الذين في أسفلها يمرّون بالماء على الذين) وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي على الذي (في أعلاها فتأذّوا) أي الذين أعلاها (به) بالماء عليهم بالماء حالة السقي أو بالماء الذي مع المار (فأخذ) الذي مرّ بالماء (فأسًا) بهمزة ساكنة وقد تبدل ألفًا (فجعل ينقر) بضم القاف أي يحفر (أسفل السفينة) ليخرقها (فأتوه) الذين أعلاها (فقالوا: ما لك) تحفر السفينة (قال: تأذيتم بي ولا بدّ لي من الماء فإن أخذوا على يديه) بالتثنية أي منعوه من الحفر ولأبي ذر على يده بالإفراد (أنجوه) أي الحافر (ونجوا أنفسهم) بتشديد الجيم من الغرق (وإن تركوه) يحفر (أهلكوه وأهلكوا أنفسهم).
ومن فوائد هذا الحديث: تبيين الحكم بضرب المثل ووقع في الشركة من وجه آخر عن عامر وهو الشعبي: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها. قال في فتح الباري: وهو أصوب لأن المدهن والواقع في الحكم واحد والقائم مقابله، وعند الإسماعيلي في الشركة: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها والمرائي في ذلك، ووقع عنده هنا أيضًا مثل الواقع في حدود الله والناهي عنها وهو المطابق للمثل المضروب فإنه لم يقع فيه إلا ذكر فرقتين فقط، لكن إذا كان المدهن مشتركًا في الذم مع الواقع فيها صار بمنزلة فرقة واحدة وبيان وجود الفرق الثلاث في المثل المضروب أن الذين أرادوا خرق السفينة بمنزلة الواقع في حدود الله ثم من عداهم إما منكر وهو
القائم وإما ساكت وهو المدهن.
وهذا الحديث قد سبق في باب: هل يقرع في القسمة في الشركة؟.
2687 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ
أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ قَدْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُ سَهْمُهُ فِي السُّكْنَى حِينَ أَقْرَعَتِ الأَنْصَارُ سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ: فَسَكَنَ عِنْدَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَاشْتَكَى فَمَرَّضاهُ، حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ وَجَعَلْنَاهُ فِي ثِيَابِهِ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءَهُ وَاللَّهِ الْيَقِينُ، وَإِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي -وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ- مَا يُفْعَلُ بِهِ. قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا، وَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ. قَالَتْ: فَنِمْتُ فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ذَلِكَ عَمَلُهُ".
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة الأموي مولاهم واسم أبيه دينار (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (خارجة بن زيد الأنصاري) أحد الفقهاء السبعة التابعي الثقة (أن أم العلاء) بفتح العين ممدودًا بنت الحرث بن ثابت يقال إنها أم خارجة الراوي عنها (امرأة) بالنصب صفة للسابق (من نسائهم قد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم) أي عاقدته (أخبرته) في موضع رفع خبر إن (أن عثمان بن مظعون) بفتح الميم وسكون الظاء المعجمة وضم العين المهملة الجمحي القرشي (طار) أي وقع (له) ولأبوي ذر والوقت: لهم (سهمه في السكنى حين اقترعت الأنصار) وفي الفرع أقرعت الأنصار (سكنى المهاجرين) لما دخلوا المدينة ولم يكن لهم مساكن (قالت أم العلاء: فسكن عندنا عثمان بن مظعون فاشتكى) أي مرض (فمرضناه) بتشديد الراء أي قمنا بأمره (حتى إذا توفي وجعلناه في ثيابه) أي أكفانه بعد أن غسلناه (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت رحمة الله عليك) يا (أبا السائب) بالسين المهملة كنية عثمان (فشهادتي عليك) أي لك (لقد أكرمك الله فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم):
(وما يدريك) بكسر الكاف أي من أين علمت (أن الله أكرمه)؟ (فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم): (أما عثمان فقد جاءه والله اليقين) أي الموت (وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به) أي بعثمان بن مظعون وفي الجنائز في رواية غير الكشميهني ما يفعل بي وهو موافق لقوله تعالى في سورة الأحقاف: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} [الأحقاف: 9] وسبق ما فيه ثم (قالت) أم العلاء: (فوالله لا أزكي أحدًا بعده أبدًا وأحزنني) بالواو ولأبي ذر فأحزنني (ذلك) الذي قاله عليه الصلاة والسلام (قالت: فنمت فأريت) بهمزة مضمومة فراء مكسورة، ولأبي ذر عن الكشميهني: فرأيت (لعثمان عينًا لمجري فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته) بما رأيت لعثمان (فقال) عليه الصلاة والسلام (ذلك) بلام وكسر الكاف، ولأبي الوقت بفتحها ولأبي ذر ذاك (عمله) قال الكرماني وقيل إنما عبّر بالماء بالعمل وجريانه بجريانه لأن كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطًا فإن عمله ينمو إلى يوم القيامة.
وهذا الحديث سبق في الجنائز ويأتي وإن شاء الله تعالى في الهجرة والتفسير والتعبير.
2688 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ. وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا. غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) بكسر التاء المروزيّ المجاور بمكة قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال أخبرني) بالإفراد (عروة) بن الزبير بن العوّام (عن عائشة رضي الله عنها) أنها (قالت): (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه) تطييبًا لقلوبهنّ (فأيتهنّ خرج سهمها) الذي باسمها منهن (خرج بها معه) في سفره (وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة بنت زمعة) أم المؤمنين رضي الله عنها (وهبت يومها وليلتها لعائشة) رضي الله عنها (زوج النبي صلى الله عليه وسلم) حال كونها (تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وهذا الحديث قد سبق في الهبة.
2689 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَاّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» .
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: حدّثني (إسماعيل) بن أبي أُويس عبد الله الأصبحي (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام الأعظم (عن سمي) بضم أوله وفتح الميم آخره تحتية مشددة (مولى أبي بكر) أي ابن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام (عن أبي صالح) ذكوان الزيات (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(لو يعلم الناس ما في النداء) أي الأذان (و) ما في (الصف الأول) الذي يلي الإمام من الخير والبركة (ثم لم يجدوا) شيئًا من وجوه الأولوية بأن يقع التساوي (إلا أن يستهموا) أي يقترعوا (عليه) أي على المذكور من الأذان