الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا يليق به عرفًا وهو ينقسم أيضًا إلى قسمين: ما يكون لدفع مفسدة ناجزة أو متوقعة فليس هذا بإسراف، والثاني: ما لا يكون في شيء من ذلك والجمهور علي أنه إسراف.
وذهب بعض الشافعية إلى أنه ليس بإسراف قال لأنه تقوم به مصلحة البدن وهو غرض صحيح إذا كان في غير معصية فهو مباح. قال ابن دقيق العيد: وظاهر القرآن يمنع ما قاله اهـ.
وقد صرّح بالمنع القاضي حسين، وتبعه الغزالي وجزم به الرافعي وصحح في باب الحجر من الشرح، وفي المحرر أنه ليس بتبذير، وتبعه النووي والذي يترجح أنه ليس مذمومًا لذاته لكنه يفضي غالبًا إلى ارتكاب المحذور كسؤال الناس وما أدّى إلى المحذور فهو محذور.
ورواة هذا الحديث كلهم كوفيون ومنصور وشيخه وشيخ شيخه تابعيون، وسبق في باب قول الله تعالى:{لا يسألون الناس إلحافًا} [البقرة: 273] من كتاب الزكاة.
20 - باب الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَعْمَلُ إِلَاّ بِإِذْنِهِ
هذا (باب) بالتنوين (للعبد راعٍ في مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه).
2409 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ: فَالإِمَامُ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهْيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سالم بن عبد الله عن) أبيه (عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم) حال كونه (يقول):
(كلكم راعٍ و) كل راعٍ (مسؤول عن رعيته) أصل راعٍ راعي بالياء فأعلّ إعلال قاضٍ من رعى يرعى وهو حفظ الشيء وحسن التعهد له، والراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه فكل من كان تحت نظره شيء فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر والجزاء الأكبر وإن كان غير ذلك طالبه كل أحد من رعيته بحقه ثم فصل ما أجمله فقال:(فالإمام) الأعظم أو نائبه (راعٍ) فيما استرعاه الله فعليه حفظ رعيته فيما تعين عليه من حفظ شرائعهم والذبّ عنها وعدم إهمال حدودهم وتضييع حقوقهم وترك حمايتهم ممن جار عليهم ومجاهدة عدوّهم فلا يتصرف فيهم إلا بإذن الله ورسوله ولا يطلب أجره إلا من الله (وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله) زوجته وغيرها (راعٍ) بالقيام عليهم بالحق في النفقة وحسن العاشرة (وهو مسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية) بحسن التدبير في أمر بيته والتعهد لخدمه وأضيافه (وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم) أي العبد (في مال سيده راعٍ) بالقيام بحفظ ما في يده منه وخدمته وسقط من رواية أبي ذر قوله راع (وهو مسؤول عن رعيته قال) ابن عمر: (فسمعت هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال والرجل في مال أبيه راعٍ وهو مسؤول عن رعبته فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).
قال الطيبي: الفاء في فكلكم جواب شرط محذوف الفذلكة وهي التي يأتي بها الحاسب بعد التفصيل ويقول فذلك كذا وكذ ضبطًا للحساب وتوقيًا عن الزيادة والنقصان فيما فصله وقوله: "كلكم راعٍ" تشبيه مضمر الأداة أي كلكم مثل الراعي، وكلكم مسؤول عن رعيته حال عمل فيه معنى التشبيه وهذا مطّرد في التفصيل. ووجه التشبيه حفظ الشيء وحسن التعهد لما استحفظه وهو القدر المشترك في التفصيل، وفيه أن الراعي ليس مطلوبًا لذاته وإنما أقيم بحفظ ما استرعاه انتهى.
فمن لم يكن إمامًا ولا أهل له ولا سيد ولا أب فرعايته على أصدقائه وأصحاب معاشرته، وإذا كان كلٌّ منّا راعيًا فمن الرعية أجاب الكرماني أعضاؤه وجوارحه وقواه وحواسه أو الراعي يكون مرعيًّا باعتبار آخر ككونه مرعيًّا للإمام راعيًا لأهله أو الخطاب خاص بأصحاب التصرفات.
وهذا الحديث قد سبق في باب الجمعة في القرى والمدن من كتاب الجمعة.
بسم الله الرحمن الرحيم
44 - كتاب في الخصومات
(في الخصومات) جمع خصومة (بسم الله الرحمن الرحيم) وسقط لغير أبي ذر قوله في الخصومات.
1 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الإِشْخَاصِ، وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِ
(باب ما يذكر) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًا للمفعول (في الأشخاص) بكسر الهمزة وسكون الشين وبالخاء المعجمتين أي إحضار الغريم من موضع إلى موضع، ولأبي ذر زيادة: والملازمة وهي مفاعلة
من اللزوم والمراد أن يمنع الغريم غريمه من التصرف حتى يعطيه حقه (و) ما يذكر في (الخصومة بين المسلم واليهود) ولأبي ذر والأصيلي: واليهودي بالإفراد.
2410 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ النَّزَّالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ: "سَمِعْتُ رَجُلاً قَرَأَ آيَةً سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ. قَالَ شُعْبَةُ أَظُنُّهُ قَالَ: لَا تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا". [الحديث 2410 - طرفاه في: 3408، 3414، 3476، 4813، 5063، 6517، 7428، 7477].
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال عبد الملك بن ميسرة) الهلالي الكوفي التابعي الزرّاد بزاي فراء مشددة (أخبرني) هو من تقديم الراوي على الصيغة وهو جائز عندهم (قال: سمعت النزال) بتشديد النون والزاي زاد أبو ذر عن الكشميهني ابن سبرة بفتح السين المهملة وسكون الموحدة الهلالي التابعي الكبير وذكره بعضهم في الصحابة لإدراكه، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث عن ابن مسعود وآخر في الأشربة عن عليّ قال:(سمعت عبد الله) يعني ابن مسعود رضي الله عنه (يقول: سمعت رجلاً) قال الحافظ ابن حجر في
المقدمة: لم أعرف اسمه، وقال في الفتح: يحتمل أن يفسر بعمر رضي الله عنه (قرأ آية) في صحيح ابن حبان أنها من سورة الرحمن (سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم خلافها فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم) زاد في روايته عن آدم بن أبي إياس في بني إسرائيل فأخبرته فعرفت في وجهه الكراهية (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(كلاكما محسن) فإن قلت: كيف يستقيم هذا القول مع إظهار الكراهية؟ أجيب: بأن معنى الإحسان راجع إلى ذلك الرجل لقراءته وإلى ابن مسعود لسماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تحرّيه في الاحتياط والكراهة راجعة إلى جداله مع ذلك الرجل كما فعل عمر بهشام كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى لأن ذلك مسبوق بالاختلاف، وكان الواجب عليه أن يقرّه على قراءته ثم يسأل عن وجهها.
وقال المظهري: الاختلاف في القرآن غير جائز لأن كل لفظ منه إذا جاز قراءته على وجهين أو أكثر فلو أنكر أحد واحدًا من ذينك الوجهين أو الوجوه فقد أنكر القرآن، ولا يجوز في القرآن القول بالرأي لأن القرآن سُنّة متّبعة بل عليهما أن يسألا عن ذلك ممن هو أعلم منهما.
(قال شعبة) بن الحجاج بالسند السابق (أظنه قال): (لا تختلفوا) أي في القرآن وفي معجم البغوي عن أبي جهيم بن الحرث بن الصمة أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فلا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر (فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا) وسقط لأبي الوقت عن الكشميهني لفظ كان.
ومطابقة الحديث للترجمة قال العيني في قوله: لا تختلفوا لأن الاختلاف الذي يورث الهلاك هو أشد الخصومة. وقال الحافظ ابن حجر في قوله فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإنه المناسب للترجمة انتهى. فهو شامل للخصومة وللأشخاص الذي هو إحضار الغريم من موضع إلى آخر والله أعلم".
2411 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "اسْتَبَّ رَجُلَانِ: رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، قَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ".
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن قزعة) بالقاف والزاي والعين المهملة المفتوحات قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني نزيل بغداد ثقة حجة تكلم فيه بلا قادح وأحاديثه عن الزهري مستقيمة روى له الجماعة (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (وعبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) كلاهما (عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه (قال: استب رجلان رجل من المسلمين) هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه كما أخرجه سفيان بن عيينة في جامعه وابن أبي الدنيا في كتاب البعث لكن في تفسير سورة الأعراف من حديث أبي سعيد الخدري التصريح بأنه من الأنصار فيحمل على تعدد القصة (ورجل من اليهود) زعم ابن بشكوال أنه فنحاص بكسر الفاء وسكون النون وبمهملتين وعزاه لابن إسحاق قال في الفتح: والذي ذكره ابن إسحاق لفنحاص مع أبي بكر قصة أخرى عند نزول قوله تعالى: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} [آل عمران: 181](قال المسلم) أبو بكر رضي الله عنه أو غيره ولأبي ذر فقال المسلم: (والذي اصطفى محمدًا على العالمين فقال اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين) وفي
رواية عبد الله بن الفضل بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئًا كرهه فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر (فرفع المسلم يده عند ذلك) أي عند سماع قول اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين لما فهمه من عموم لفظ العالمين فيدخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقرر عند المسلم أن محمدًا أفضل (فلطم وجه اليهودي) عقوبة له على كذبه عنده (فذهب اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم فدعا النبي صلى الله عليه وسلم المسلم فسأله عن ذلك فأخبره) وفي رواية عبد الله بن الفضل فقال اليهودي: يا أبا القاسم إن لي ذمةً وعهدًا فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: لِمَ لطمت وجهه فذكره فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى ريء في وجهه (فقال النبي صلى الله عليه وسلم):
(لا تخيروني على موسى) تخييرًا يؤدي إلى تنقيصه أو تخييرًا يفضي بكم إلى الخصومة أو قاله تواضعًا أو قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم (فإن الناس يصعقون) بفتح العين من صعق بكسرها إذا أغمي عليه من الفزع (يوم القيامة فأصعق معهم فأكون أول من يفيق) لم يبين في رواية الزهري محل الإفاقة من أيّ الصعقتين، ووقع في رواية عبد الله بن الفضل فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من يشاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث (فإذا موسى باطش جانب العرش) آخذ بناحية منه بقوّة (فلا أدري كان) بهمزة الاستفهام ولأبي الوقت كان (فيمن صعق فأفاق قبلي) فيكون ذلك له فضيلة ظاهرة (أو كان ممن استثنى الله) في قوله تعالى:{فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} [الزمر: 68] فلم يصعق فهي فضيلة أيضًا.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التوحيد وفي الرقاق ومسلم في الفضائل وأبو داود في السنة والنسائي في النعوت.
2412 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: "بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ جَاءَ يَهُودِيٌّ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ ضَرَبَ وَجْهِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ. فَقَالَ: مَنْ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ: ادْعُوهُ. فَقَالَ: أَضَرَبْتَهُ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، قُلْتُ: أَىْ خَبِيثُ، عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ ضَرَبْتُ وَجْهَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الأُولَى". [الحديث 2412 - أطرافه في: 3398، 4638، 6916، 6917، 7427].
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري التبوذكي قال: (حدّثنا وهيب) بالتصغير ابن خالد قال: (حدّثنا عمرو بن يحيى) بفتح العين وسكون الميم (عن أبيه) يحيى بن عمارة الأنصاري (عن أبي سعيد) سعد بن مالك (الخدري رضي الله عنه) أنه (قال: بينما) بالميم ولأبوي ذر والوقت: بينا (رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس جاء يهودي) قيل اسمه فنحاص كما مرّ (فقال: يا أبا القاسم ضرب وجهي رجل من أصحابك فقال) النبي صلى الله عليه وسلم:
(من؟ قال) اليهودي: ضربني (رجل من الأنصار) سبق أنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو معارض بقوله هنا من الأنصار فيحمل الأنصار على المعنى الأعم أو على التعدد (قال) عليه الصلاة والسلام (ادعوه) فدعوه فحضر (فقال) له عليه الصلاة والسلام: (أضربته؟ قال): نعم (سمعته بالسوق يحلف والذي اصطفى موسى على البشر) ولأبي ذر عن الكشميهني: على النبيين (قلت: أي) حرف نداء أي يا (خبيث) أأصطفي موسى (على محمد صلى الله عليه وسلم)؟ استفهام إنكاري (فأخذتني غضبة ضربت وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء) تخيير تنقيص وإلا فالتفضيل بينهم ثابت قال تعالى: {ولقد فضّلنا بعض النبيين على بعض} [الإسراء: 55] و {تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض} [البقرة: 253](فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أوّل من تنشق عنه الأرض) أي أوّل من يخرج من قبره قبل الناس أجمعين من الأنبياء وغيرهم (فإذا أنا بموسى) هو (آخذ بقائمة من قوائم العرش) أي بعمود من عمده (فلا أدري أكان فيمن صعق) أي فيمن غشي عليه من نفخة البعث فأفاق قبلي (أم حوسب بصعقة) الدار (الأولى) وهي صعقة الطور المذكور في قوله تعالى: {وخرّ موسى صعقًا} [الأعراف: 143] ولا منافاة بين قوله في الحديث السابق أو كان ممن استثنى الله وبين قوله هنا: أم حوسب بصعقه الأولى لأن المعنى لا أدري أي هذه الثلاثة كانت من الإفاقة أو الاستثناء أو المحاسبة.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله عليه الصلاة والسلام (ادعوه) فإن المراد به إشخاصه بين يديه صلى الله عليه وسلم.
والحديث أخرجه المؤلّف في التفسير