الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسافر (من الماء) الفاضل عن حاجته.
2358 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ، فَمَنَعَهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ. وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَاّ لِدُنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ. وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ. ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً}. [الحديث 2358 - أطرافه في: 2369، 2672، 7212، 7446].
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري بكسر الميم وفتح الكاف قال: (حدّثنا عبد الواحد بن زياد) البصري (عن الأعمش) سليمان بن مهران (قال: سمعت أبا صالح) ذكوان الزيات (يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(ثلاثة) من الناس (لا ينظر الله إليهم يوم القيامة) فإن من سخط على غيره واستهان به أعرض عنه (ولا يزكيهم) ولا يثني عليهم ولا يطهرهم (ولهم عذاب أليم) مؤلم على ما فعلوه (رجل كان له فضل ماء) زائد عن حاجته (بالطريق فمنعه) أي الفاضل من الماء (من ابن السبيل) وهو المسافر وقوله رجل مرفوع خبر مبتدأ محذوف وقوله كان له فضل ماء جملة في موضع رفع صفة لرجل (و) الثاني من الثلاثة (رجل بايع إمامًا) أي عاقد الإمام الأعظم وللحموي والمستملي إمامه (لا يبايعه إلا لدنيا) بغير تنوين (فإن أعطاه منها رضي) الفاء تفسيرية (وإن لم يعطه منها سخط و) الثالث (رجل أقام سلعته) من قامت السوق إذا نفقت (بعد العصر) ليس بقيد بل خرج مخرج الغالب لأن الغالب أن مثله كان يقع في آخر النهار حيث يريدون الفراغ عن معاملتهم نعم يحتمل أن يكون تخصيص العصر لكونه وقت ارتفاع الأعمال (فقال: والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها) بفتح الهمزة في الفرع وأصله أي دفعت لبائعها بسببها وفي نسخة: أعطيت بضم الهمزة مبنيًا للمفعول أي أعطاني من يريد شراءها (كذا وكذا) ثمنًا عنها (فصدقة رجل) واشتراها بذلك الثمن الذي حلف أنه أعطاه أو أعطيه اعتمادًا على حلفه الذي أكده بالتوحيد واللام وكلمة قد التي هي هنا للتحقيق (ثم قرأ) عليه الصلاة والسلام ({إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلاً})[آل عمران: 77] الآية والتنصيص على العدد في قوله ثلاثة لا ينفي الزائد.
6 - باب سَكْرِ الأَنْهَارِ
(باب سكر الأنهار) بفتح السين المهملة وسكون القاف أي سدها وفي اليونينية بتنوين باب.
2359، 2360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما أَنَّهُ حَدَّثَهُ: "أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرُّ. فَأَبَى عَلَيْهِ. فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاء إِلَى جَارِكَ. فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: آن كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ. فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ العَبَّاسِ قَالَ أَبُو عَبْدُ اللهِ: لَيسَ أَحَدٌ يَذْكُرُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدُ اللهِ إِلَاّ اللَّيثُ فَقَطْ.
[الحديث 2360 - أطرافه في: 2361، 2362، 2708، 4585].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (قال: حدّثني) بالإفراد (ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عروة) بن الزبير عن أخيه (عبد الله بن الزبير) بن العوّام القرشي الأسدي أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة من المهاجرين وولي الخلافة تسع سنين إلى أن قتل في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين (رضي الله عنهما أنه حدّثه أن رجلاً من الأنصار) زاد في رواية شعيب عند المصنف في الصلح قد شهد بدرًا واسمه قيل حميد فيما أخرجه أبو موسى المديني في الذيل من طريق الليث عن الزهري قال: ولم أرَ تسميته إلا في هذه الطريق انتهى.
وهذا مردود بما في بعض طرقه أنه شهد بدرًا وليس في البدريين أحد اسمه حميد وقيل هو ثابت بن قيس بن شماس حكاه ابن بشكوال في المبهمات له واستبعد، وقيل هو حاطب بن أبي بلتعة، وقيل ثعلبة بن حاطب قاله ابن باطيش قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات. وقوله في حاطب لا يصح فإنه ليس أنصاريًا انتهى.
وأجيب: بحمل الأنصار على المعنى اللغوي يعني ممن كان ينصر النبي صلى الله عليه وسلم لا بمعنى أنه كان من الأنصار المشهورين وهذا يرده ما في رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عند الطبري في هذا الحديث أنه من بني أمية بن زيد وهم بطن من الأوس.
وأجيب: باحتمال أن مسكنه كان في بني أمية لا أنه منهم وقد روى ابن أبي حاتم بسنده عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون} [النساء: 65] الآية أنها نزلت في
الزبير بن العوّام وحاطب بن أبي بلتعة اختصما في ماء فقضى النبي صلى الله عليه وسلم، أن يسقي الاعلى ثم الأسفل قال ابن كثير وهو مرسل ولكن فيه فائدة تسمية الأنصاري.
(خاصم الزبير) بن العوّام أحد العشرة المبشرة بالجنة رضي الله عنهم (عند النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة) بكسر الشين المعجمة آخره جيم جمع شرج بفتح أوله وسكون الراء بوزن بحر وبحار ويجمع على شروج، وإنما أضيفت إلى الحرة لكونها فيها والحرة
بفتح الحاء والراء المشددة المهملتين موضع معروف بالمدينة والمراد هنا مسايل الماء (التي يسقون بها النخل) وفي رواية شعيب: كانا يسقيان به كلاهما وذلك لأن الماء كان يمر بأرض الزبير قبل أرض الأنصاري فيحبسه لإكمال سقي أرضه ثم يرسله إلى أرض جاره (فقال الأنصاري) للزبير رضي الله عنه ملتمسًا منه تعجيل ذلك (سرَّح الماء) بفتح السين وكسر الراء المشددة وبالحاء المهملات أي أطلب الماء حال كونه (يمرّ فأبى عليه) أي امتنع الزبير على الذي خاصمه من إرسال الماء (فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال) ولأبي الوقت قال (رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير):
(اسق يا زبير) بهمزة قطع مفتوحة كذا في الفرع وغيره وذكره الحافظ ابن حجر عن حكاية ابن التين له وقال إنه من الرباعي. وتعقبه العيني فقال: هذا ليس بمصطلح فلا يقال رباعي إلا لكلمة أصول حروفها أربعة أحرف، وسقى: ثلاثي مجرد فلما زيدت فيه الألف صار ثلاثيًّا مزيدًا فيه وفي بعض النسخ اسق بهمزة وصل من الثلاثي وهي في الفرع أيضًا وقدّمه في فتح الباري على حكاية الأول. وقال العيني اسق بكسر الهمزة من سقى يسقي من باب ضرب يضرب ولم يذكر الوصل والمعنى اسق شيئًا يسيرًا دون حقك (ثم أرسل الماء إلى جارك) الأنصاري وهمزة أرسل قطع مفتوحة، (فغضب الأنصاري فقال): أي الأنصاري (آن كان) الزبير (ابن عمتك) صفية بنت عبد المطلب حكمت له بالتقديم عليّ وهمزة أن مفتوحة ممدودة في الفرع وأصله مصحح عليها استفهام إنكاري وحكاه في الفتح عن القرطبي وقال: إنه لم يقع لنا في الرواية انتهى.
وكذا رأيته بالمد في الأصل المقروء على الميدومي وغيره وفي بعض الأصول وعليه شرح في الفتح والعمدة والمصابيح والمشكاة أن كان بفتح الهمزة وهي للتعليل مقدّرة باللام أي حكمت له بالتقديم والترجيح لأجل أنه ابن عمتك. قال الكرماني: وفي بعضها إن كان بكسر الهمزة قال في الفتح على إنها شرطية والجواب محذوف قال ولا أعرف هذه الرواية نعم وقع في رواية عبد الرحمن بن إسحاق عند الطبري فقال اعدل يا رسول الله وإن كان ابن عمتك والظاهر أن هذه بالكسر وابن بالنصب على الخبرية ولهذا القول نسب بعضهم الرجل إلى النفاق وآخرون إلى اليهودية لكن قال التوربشتي في شرح المصابيح وكلا القولين زائغ عن الحق إذ قد صح أنه كان أنصاريًّا لم تكن الأنصار من جملة اليهود ولو كان مغموصًا عليه في دينه لم يصفوه بهذا الوصف فإنه وصف مدح والأنصار وإن وجد فيهم من يرمى بالنفاق فإن القرن الأول والسلف بعدهم احترزوا أن يطلقوا على
من ذكر بالنفاق واشتهر به الأنصاري والأولى أن يقال أزلّه الشيطان فيه بتمكنه عند الغضب وغير مستنكر من الصفات البشرية الابتلاء بمثل ذلك إلا من المعصوم انتهى.
قال النوويّ قالوا ولو صدر مثل هذا الكلام من إنسان كان كافرًا تجري على قائله أحكام المرتدين من القتل، وإنما تركه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان في أول الإسلام يتألف الناس ويدفع بالتي هي أحسن ويصبر على أذى المنافقين ويقول لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه (فتلوّن) أي تغير (وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم) من الغضب لانتهاك حرمات النبوّة وقبيح كلام هذا الرجل (ثم قال) عليه الصلاة والسلام (اسق يا زبير) بهمزة وصل (ثم احبس الماء) بهمزة وصل أيضًا أي أمسك نفسك عن السقي (حتى يرجع) أي يصير الماء (إلى الجدر) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة ما وضع بين شربات النخل كالجدار أو الحواجز التي تحبس الماء. وقال القرطبي: هو أن يصل الماء إلى أصول النخل قال: ويروى بكسر الجيم وهو الجدار والمراد به جدران الشربات وهي الحفر التي تحفر في أصول النخل قال في شرح السُّنَّة قوله عليه الصلاة والسلام في الأول "اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك" كان أمرًا للزبير بالمعروف وأخذًا بالمسامحة وحُسْن الجوار لترك بعض حقه دون أن يكون حكمًا منه، فلما رأى عليه الصلاة والسلام الأنصاري يجهل موضع حقه أمر صلى الله عليه وسلم الزبير باستيفاء تمام