الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجرى اسم الإشارة. قال الزمخشري: كأنه قيل عن شيء من ذلك وقيل للإيتاء ونفسًا تمييز لبيان الجنس ولذا وحّد، والمعنى: فإن وهبن لكم من الصداق شيئًا عن طيب نفس، لكن جعل العمدة طيب النفس للمبالغة وعدّاه بعن لتضمنه معنى التجافي والتجاوز وقال منه بعثًا لهنّ عن تقليل الموهوب، وزاد أبو ذر في روايته فكلوه أي فخذوه وأنفقوا هنيئًا أي حلالاً بلا تبعة وإلى التفصيل المذكور بين أن يكون خدعها فلها أن ترجع وإلاّ فلا ذهب المالكية إن أقامت البيّنة
على ذلك وقيل يقبل قولها في ذلك مطلقًا وإلى عدم الوجوب من الجانبين مطلقًا ذهب الجمهور وقال
الشافعي: لا يردّ الزوج شيئًا إذا خالعها ولو كان مضرًّا بها لقوله تعالى: {فلا جناح عليهما فيما
افتدت به} [البقرة: 229].
2588 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: "قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَذَكَرْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ: وَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (إبراهيم بن موسى) الفرّاء الرازي المعروف بالصغير قال: (أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني اليماني (عن معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عبيد الله بن عبد الله) بضم العين في الأول ابن عتبة بن مسعود (قالت: عائشة رضي الله عنها):
(لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم) في وجعه (فاشتد وجعه) وكان في بيت ميمونة رضي الله عنها (استأذن أزواجه أن يمرّض) بضم أوله وفتح الميم وتشديد الراء (في بيتي) وكان المخاطب لأمهات المؤمنين في ذلك فاطمة كما عند ابن سعد بإسناد صحيح (فأذن) بتشديد النون (له) عليه الصلاة والسلام أن يمرض في بيت عائشة (فخرج) عليه الصلاة والسلام (بين رجلين تخطّ رجلاه الأرض) بضم الخاء المعجمة ورجلاه فاعل أي يؤثر برجليه في الأرض كأنه يخط خطًْا (وكان بين العباس وبين رجل آخر فقال عبيد الله) بن عبد الله (فذكرت لابن عباس ما قالت عائشة) رضي الله عنها (فقال لي: وهل تدري من الرجل الذي لم تسمّ عائشة؟ قلت: لا) أدري. (قال: هو علي بن أبي طالب) رضي الله عنه.
وهذا الحديث قد سبق في كتاب الطهارة وغيرها ويأتي إن شاء الله تعالى وبقية مباحثه في باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم آخر المغازي.
2589 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» . [الحديث 2589 - أطرافه في: 2621، 2622، 6975].
وبه قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء مصغرًا ابن خالد بن عجلان البصري قال: (حدّثنا ابن طاوس) عبد الله (عن أبيه) طاوس (عن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه (قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(العائد) زوجًا أو غيره (في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) وزاد أبو داود قال: ولا نعلم القيء إلا حرامًا، واحتجّ به الشافعي وأحمد على أنه ليس للواهب أن يرجع فيما وهبه إلا الذي ينحله الأب لابنه وعند مالك له أن يرجع في الأجنبي الذي قصد منه الثواب ولم يثبه وبه قال أحمد في رواية، وقال أبو حنيفة: للواهب الرجوع في هبته من الأجنبي ما دامت قائمة ولم يعوّض منها.
وأجاب عن الحديث بأنه عليه الصلاة والسلام جعل العائد في هبته كالعائد في قيئه فالتشبيه من حيث أنه ظاهر القبح مروءة وخلقًا لا شرعًا والكلب غير متعبد بالحرام والحلال فيكون العائد في هبته عائدًا في أمر قذر كالقذر الذي يعود فيه الكلب فلا يثبت بذلك منع الرجوع في الهبة ولكنه يوصف بالقبح.
15 - باب هِبَةِ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا، وَعِتْقُهَا إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَهْوَ جَائِزٌ إِذَا لَمْ تَكُنْ سَفِيهَةً فَإِذَا كَانَتْ سَفِيهَةً لَمْ يَجُزْ قَالَ تَعَالَى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ} [النساء: 5]
(باب) حكم (هبة المرأة لغير زوجها و) حكم (عتقها) جاريتها وفي نسخة بالفرع وأصله وعتقها بالرفع على الاستئناف (إذا كان لها زوج) ليست إذا للشرط بل هي للظرف لأن الكلام فيما إذا كان لها زوج وقت الهبة والعتق أما إذا لم يكن لها زوج فلا نزاع في جوازه (فهو) أي ما ذكر من الهبة والعتق (جائز إذا لم تكن سفيهة فإذا كانت سفيهة لم يجز. قال الله تعالى).
ولأبي ذر وقال الله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} [النساء: 5] وهذا مذهب الجمهور وعن مالك لا يجوز لها أن تعطي بغير إذن زوجها ولو كانت رشيدة إلا من الثلث قياسًا على الوصية.
2590 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِي مَالٌ إِلَاّ مَا أَدْخَلَ عَلَىَّ الزُّبَيْرُ، فَأَتَصَدَّقُ؟ قَالَ: تَصَدَّقِي، وَلَا تُوعِي فَيُوعَى عَلَيْكِ".
وبه قال: (حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (عن ابن أبي مليكة) بضم
الميم وفتح اللام عبد الله بن عبيد الله (عن عباد بن عبد الله) بتشديد الموحدة بعد العين المفتوحة ابن الزبير بن العوّام (عن) جدّتها لأبيه (أسماء) بنت أبي بكر الصديق (رضي الله عنها) وعن أبيها أنها (قالت: قلت يا رسول الله ما لي مال إلاّ ما أدخل عليّ) بتشديد الياء زوجي (الزبير) بن العوّام وصيره ملكًا لها (فأتصدق) بحذف أداة الاستفهام وللمستملي كما في الفتح أفاتصدق بإثباتها (قال) عليه الصلاة والسلام:
(تصدقي ولا توعي) بضم أوله وكسر العين من الإيعاء (فيوعى عليك) بفتح العين أي لا تجمعي في الوعاء وتبخلي بالنفقة فتجازي بمثل ذلك.
وقد روى أيوب هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن عائشة بغير واسطة أخرجه أبو داود والترمذي وصححه والنسائي، وصرح أيوب عن ابن أبي مليكة بتحديث عائشة له بذلك فيحمل على أنه سمعه من عباد عنها ثم حدّثته به.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله تصدقي فإنه يدل على أن المرأة التي لها زوج لها أن تتصدق بغير إذن زوجها والمراد من الهبة في الترجمة معناها اللغوي وهو يتناول الصدقة وقد تقدم الحديث في أوانل كتاب الزكاة.
2591 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَنْفِقِي، وَلَا تُحْصِي فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ، وَلَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ» .
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله) بضم العين ابن سعيد اليشكري السرخسي قال: (حدّثنا عبد الله بن نمير) بضم النون وفتح الميم قال: (حدّثنا هشام بن عروة) بن الزبير (عن) بنت عمه (فاطمة) بنت المنذر بن الزبير بن العوّام (عن) جدّتهما لأبيهما (أسماء) بنت أبي بكر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) لها:
(أنفقي) بهمزة قطع وكسر الفاء (ولا تحصي) بضم أوله وكسر الصاد من الإحصاء (فيحصي الله عليك ولا توعي فيوعي الله عليك) بنصب المضارع الواقع بعد الفاء في جواب النهي فيهما والإحصاء مجاز عن التضييق لأن العود مستلزم له ويحتمل أن يكون من الحصر الذي هو بمعنى المنع وقال الخطابي: لا توعي أي لا تخبئي الشيء في الوعاء أي أن مادة الرزق متصلة باتصال النفقة منقطعة بانقطاعها فلا تمنعي فضلها فتحرمي مادتها وكذلك لا تحصي فإنها إنما تحصى للتبقية والذخر فيحصى عليك بقطع البركة ومنع الزيادة وقد يكون مرجع الإحصاء إلى المحاسبة عليه والمناقشة في الآخرة.
2592 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ: أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي؟ قَالَ: أَوَفَعَلْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِيهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ".
وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ: "إِنَّ مَيْمُونَةَ أَعْتَقَتْ
…
". [الحديث 2592 - أطرافه في: 2594].
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومى (عن الليث) بن سعد الإمام (عن يزيد) بن أبي حبيب (عن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف ابن عبد الله الأشجّ (عن كريب مولى ابن عباس) رضي الله عنهما (أن ميمونة بنت الحرث) أم المؤمنن الهلالية (رضي الله عنها أخبرته أنها أعتقت وليدة) أي أمة وللنسائي أنها كانت لها جارية سوداء قال الحافظ ابن حجر: ولم أقف على اسمها، (ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشعرت) أي أعلمت (يا رسول الله أني أعتقت وليدتي قال): عليه الصلاة والسلام:
(أوفعلت)؟ بفتح الواو والهمزة للاستفهام أي أوفعلت العتق (قالت نعم) فعلته (قال)(أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم (إنك) بكسر الهمزة في الفرع وأصله على أن أما استفتاحية بمعنى ألا وفي بعض الأصول أنك بفتح الهمزة على أن أما بمعنى حقًّا (لو أعطيتها) أي الوليدة (أخوالك) من بني هلال. قال العيني: ووقع في رواية الأصيلي أخواتك بالتاء بدل اللام قال عياض: ولعله أصح من رواية أخوالك بدليل رواية مالك في الموطأ فلو أعطيتها أختيك ولا تعارض، فيحتمل أنه عليه الصلاة والسلام قال ذلك كله. (كان) إعطاؤك لهم (أعظم لأجرك) من عتقها. ومفهومه أن الهبة لذوي الرحم أفضل من العتق كما قاله ابن بطال، وليس ذلك على إطلاقه بل يختلف باختلاف الأحوال، وقد وقع في رواية النسائي بيان وجه الأفضلية في إعطاء الأخوال وهو احتياجهم إلى من يخدمهم ولفظه: أفلا فديت بها بنت أختك من رعاية الغنم، على أنه ليس في حديث الباب نص على أن صلة الرحم أفضل من العتق لأنها واقعة عين.
فإن قلت: ما وجه المطابقة بين الحديث والترجمة؟