الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالنسبة للكفار والمنافقين كما هو مصرّح به في نفس الآية. ويحتمل أن تكون هذه آية أخرى في التوراة لبيان صفته وأن تكون حالاً أما من المتوكل أو من الكاف في سميتك وعلى هذا يكون فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة ولو جرى على النسق الأول لقال: لست بفظ (ولا سخّاب) بتشديد الخاء المعجمة بعد السين المهملة وهي لغة أثبتها الفرّاء وغيره، والصخاب بالصاد أشهر أي لا يرفع صوته على الناس لسوء خلقه ولا يكثر الصياح عليهم (في الأسواق) بل يلين جانبه لهم ويبرفق بهم، وفيه ذم أهل السوق الذين يكونون بالصفة المذمومة من الصخب واللغط والزيادة في المدحة والذم لما يتبايعونه والإيمان الحانثة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:"شر البقاع الأسواق لما يغلب على أهلها من هذه الأحوال المذمومة"(ولا يدفع بالسيئة السيئة) هو كقوله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} [المؤمنون: 96](ولكن يعفو ويغفر) ما لم تنتهك حرمات الله تعالى (ولن يقبضه الله) يميته (حتى يقيم به الملة العوجاء) ملة إبراهيم فإنها قد اعوجّت في أيام الفترة فزيدت ونقصت وغيرت عن استقامتها وأميلت بعد قوامها وما زالت كذلك حتى قام الرسول صلى الله عليه وسلم فأقامها صلى الله عليه وسلم ما كان عليه العرب من الشرك إثبات التوحيد (بأن
يقولوا: لا إله إلا الله ويفتح بها) أي بكلمة التوحيد (أعينًا عميًا) بضم العين وسكون الميم صفة لأعين، ولا تنافي بين هذا وبين قوله تعالى:{وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم} [النمل: 81] لأنه دل إيلاء الفاعل المعنوي حرف النفي على أن الكلام في الفاعل، وذلك أنه تعالى نزله لحرصه على إيمان القوم منزلة من يدّعي استقلاله بالهداية فقال له: أنت لست بمستقل فيه بل إنك لتهدي إلى صراط مستقيم بإذن الله تعالى وتيسيره، وعلى هذا فيفتح معطوف على قوله يقيم أي يقيم الله تعالى بواسطته الملّة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله ويفتح بواسطة هذه الكلمة أعينًا عميًا (وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا) بضم الغين وسكون اللام صفة لقلوبًا وصمًّا لآذانًا، ولأبي ذر: ويفتح بضم أوله مبنيًّا للمفعول بها أعين عمي وآذان صم وقلوب غلف بالرفع على ما لا يخفى.
(تابعه) أي تابع فليحًا (عبد العزيز بن أبي سلمة عن هلال) هو ابن علي وهذه المتابعة وصلها في سورة الفتح، (وقال سعيد) هو ابن أبي هلال مما وصله الدارمي في مسنده ويعقوب بن سفيان في تاريخه والطبراني جميعًا بإسناد واحد عن هلال المذكور في سند الحديث (عن عطاء) هو ابن يسار (عن ابن سلام) بتخفيف اللام عبد الله الصحابي وقد خالف سعيد هذا عبد العزيز وفليحًا في تعيين الصحابيّ.
قال الحافظ ابن حجر: ولا مانع أن يكون عطاء بن يسار حمله عن كلٍّ منهما فقد أخرجه ابن سعد من طريق زيد بن أسلم قال: بلغنا أن عبد الله بن سلام كان يقول فذكره، وسأذكر لرواية عبد الله بن سلام متابعات في تفسير سورة الفتح انتهى.
قلت: ولم أجد ما وعد به رحمه الله من التابعات في سورة الفتح، ولعله سها عن ذكر ذلك كغيره في كثير من الحوالات. نعم وجد بخطه في تفسير سورة الفتح تنظر الفرجة ولم توجد غير فرجة ليس فيها كتابة فلعله أراد أن يكتب فيها ما وعد به أو غيره.
(غلف) بضم الغين وسكون اللام (كل شيء في غلاف و) يقال (سيف أغلف) إذا كان في غلاف، (و) كذا يقال (قوس غلفاء) إذا كانت في غلاف كالجعبة ونحوها، (و) كذا (رجل أغلف إذا لم يكن مختونًا قاله أبو عبد الله) أي البخاري وهو كلام أبي عبيدة في المجاز وهذا كلام وقع في رواية النسفيّ والمستملي كما قاله في الفتح، لكن قال: إنه قبل قوله تابعه والذي في الفرع تأخيره كما ترى وسقوطه في رواية ابن عساكر وزيادة. قال أبو عبد الله لأبي ذر عن المستملي بدون هاء الضمير في قال.
51 - باب الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُعْطِي
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 3] يَعْنِي كَالُوا لَهُمْ وَوَزَنُوا لَهُمْ كَقَوْلِهِ: {يَسْمَعُونَكُمْ} [الشعراء: 72]: يَسْمَعُونَ لَكُمْ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اكْتَالُوا
حَتَّى تَسْتَوْفُوا». وَيُذْكَرُ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا بِعْتَ فَكِلْ، وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ» .
(باب) مؤونة (الكيل) فيما يكال ومؤونة الوزن فيما يوزن (على (البائع و) كذا يكون على (المعطي) بكسر الطاء بائعًا كان أو موفيًا للدين أو غير ذلك وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي (لقول الله تعالى) بلام التعليل للترجمة، ولأبي ذر: وقول الله تعالى
عطفًا على الكيل أي باب في بيان الكيل، وفي بيان معنى قوله تعالى:({وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون})[المطففين: 3] وفي حديث ابن عباس عند النسائي وابن ماجة لما قدم نبي الله-صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً فأنزل الله تعالى: {ويل للمطففين} فحسنوا بعد ذلك (يعني كالوا لهم أو وزنوا لهم كقوله: {يسمعونكم} يسمعون لكم) فحذف الجار وأوصل الفعل أو كالوا مكيلهم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
قال في الكشاف: ولا يصح أن يكون ضميرًا مرفوعًا للمطففين لأن الكلام يخرج به إلى نظم فاسد، وذلك أن المعنى إذا أخذوا من الناس استوفوا وإذا أعطوهم أخسروا، وإن جعلت الضمير للمطففين انقلب إلى قولك إذا أخذوا من الناس استوفوا وإذا تولوا الكيل أو الوزن هم على الخصوص أخسروا وهو كلام متنافر لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشر انتهى.
وتعقبه أبو حيان فقال: لا تنافر فيه بوجه ولا فرق بين أن يؤكد الضمير أم لا يؤكد والحديث واقع في الفعل غاية ما في هذا أن متعلق الاستيفاء وهو على الناس مذكور وهو في كالوهم أو وزنوهم محذوف للعلم به لأنه معلوم أنهم لا يخسرون الكيل والميزان إذا كان لأنفسهم إنما يخسرون ذلك لغيرهم، وسقط قوله يعني كالوا لهم الخ في رواية ابن عساكر.
(وقال النبي صلى الله عليه وسلم) فيما وصله النسائي وابن حبان في حديث لما اشترى من طارق بن عبد الله المحاربي وأصحابه جملاً بصيعان من تمر وأرسل إليهم رجلاً بتمر يأمرهم بالأكل من التمر وقال: (اكتالوا حتى تستوفوا) ثمن جملكم.
ومطابقته للترجمة من جهة أن الاكتيال يستعمل لما يأخذه المرء لنفسه كقوله: اكتسب إذا حصل الكسب.
(ويذكر) بضم أوله وفتح مبنيًّا للمفعول (عن عثمان رضي الله عنه) فيما وصله الدارقطني وأحمد وابن ماجة والبزار (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا) وللكشميهني قال له إذا (بعت فكل) بكسر الكاف (وإذا) بالواو، وللحموي والمستملي: فإذا (ابتعت) اشتريت (فاكتل) أي إذا بعت فكن كائلاً وإذا اشتريت فكن مكيلاً عليك أي الكيل على البائع لا المشتري. قال ابن بطال: فيه أنه يكيل له غيره إذا اشترى ويكيل لغيره إذا باع.
2126 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(من ابتاع طعامًا فلا يبيعه) ولأبي ذر: فلا يبعه بالجزم بلا الناهية (حتى يستوفيه) أي يقبضه وقد سبق هذا الحديث قريبًا.
2127 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: "تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاسْتَعَنْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَضَعُوا مِنْ دَيْنِهِ فَطَلَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اذْهَبْ فَصَنِّفْ تَمْرَكَ أَصْنَافًا: الْعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، وَعَذْقَ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَىَّ. فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ عَلَى أَعْلَاهُ أَوْ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ قَالَ: كِلْ لِلْقَوْمِ، فَكِلْتُهُمْ حَتَّى أَوْفَيْتُهُمُ الَّذِي لَهُمْ، وَبَقِيَ تَمْرِي كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَىْءٌ". وَقَالَ فِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى". وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «جُذَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ» . [الحديث 2127 - أطرافه في: 2395، 2396، 2405، 2601، 2709، 2781، 3580، 4053، 6250].
وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان قال: (أخبرنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن مغيرة) بضم الميم وكسر الغين المعجمة ابن مقسم بكسر الميم أبي هشام الكوفي (عن الشعبي) عامر بن شراحيل (عن جابر رضي الله عنه) أنه (قال: توفي عبد الله بن عمرو بن حرام) بفتح العين وسكون الميم وحرام بالراء المهملة وهو أبو جابر هذا (وعليه دين) الواو للحال (فاستعنت النبي صلى الله عليه وسلم) من الاستعانة وفي باب الشفاعة في الدين فاستشفعت (على غرمائه أن يضعوا) أي يتركوا (من دينه) شيئًا (فطلب النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فلم يفعلوا) أي لم يتركوا شيئًا (فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم):
(اذهب فصنّف تمرك أصنافًا) أي اعزل كل صنف على حدة اجعل (العجوة) وهي ضرب من أجود التمر بالمدينة (على حدة وعذق زيد على حدة) بفتح العين المهملة وسكون الذال المعجمة منصوب عطفًا على العجوة المنصوب بالمقدر مضافًا إلى شخص يسمى زيدًا وهو نوع من التمر رديء ولأبي ذر: عذق زيد بكسر العين. قال الجوهري بالفتح النخلة وبالكسر الكباسة وأصناف تمر المدينة كثيرة جدًّا فذكر أبو محمد الجويني في الفروق أنه كان بالمدينة فبلغه أنهم عدّوا عند أميرها صنوف الأسود خاصة فزادت على الستين قال: والتمر الأحمر أكثر عندهم من الأسود. (ثم أرسل إليّ) بلفظ الأمر قال جابر: (ففعلت) ما أمرني به صلى الله عليه وسلم (ثم أرسلت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ