الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة والسلام (أوفيتني) أي أعطيتني وافيًا (أوفى الله بك) وحرف الجر في المفعول زائد للتوكيد لأن الأصل أن يقول أوفاك الله (قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن خياركم أحسنكم قضاء) نصب على التمييز وأحسنكم خبر لقوله خياركم. لكن استشكل كون المبتدأ بلفظ الجمع والخبر بالإفراد والأصل التطابق بين المبتدأ والخبر في الإفراد وغيره.
وأجيب: باحتمال أن يكون مفردًا بمعنى المختار وحينئذ فالمطابقة حاصلة أو أن أفعل التفضيل المضاف المقصود به الزيادة يجوز فيه الإفراد والمطابقة لمن هو له، والمراد الخيرية في المعاملات أو أن من مقدرة كما في الرواية الأخرى.
وفي هذا الحديث رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وأخرجه أيضًا في الاستقراض والوكالة والهبة ومسلم في البيوع وكذا الترمذي والنسائي، وأخرجه ابن ماجة في الأحكام.
6 - باب الْوَكَالَةِ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ
(باب) حكم (الوكالة في قضاء الدّيون).
2306 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ، فَهَمَّ بِهِ
أَصْحَابُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً. ثُمَّ قَالَ: أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا نَجِدُ إِلَاّ أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ. فَقَالَ: أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً".
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن سلمة بن كهيل) الحضرمي الكوفي أنه (قال: سمعت أبا سلمة) عبد الله أو إسماعيل (بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم) حال كونه (يتقاضاه) أي يطلب منه قضاء دين وهو بعير له سنّ معين كما مرّ قريبًا، (فأغلظ) للنبي صلى الله عليه وسلم لكونه كان يهوديًا أو كان مسلمًا وشدّد في المطالبة من غير قدر زائد يقتضي كفرًا بل جرى على عادة الأعراب من الجفاء في المخاطبة وهذا أولى، ويدل له ما رواه الإمام أحمد عن عبد الرزاق عن سفيان جاء أعرابي يتقاضى النبي صلى الله عليه وسلم بعيرًا، ووقع في ترجمة بكر بن سهل من المعجم الأوسط للطبراني عن العرباض بن سارية ما يفهم أنه هو، لكن روى النسائي والحاكم الحديث المذكور وفيه ما يقتضي أنه غيره وكأن القصة وقعت للأعرابي ووقع للعرباض نحوها.
(فهمّ به أصحابه) عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم- أي أرادوا أن يؤذوا الرجل المذكور بالقول أو بالفعل لكنهم لم يفعلوا ذلك أدبًا معه عليه الصلاة والسلام (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(دعوه) أي اتركوه ولا تتعرضوا له وهذا من حسن خلقه عليه الصلاة والسلام وكرمه وقوّة صبره على الجفاة مع قدرته على الانتقام منهم (فإن لصاحب الحق مقالاً) أي صولة الطلب وقوّة الحجة لكنه على من يمطله أو يسيء المعاملة لكن مع رعاية الأدب المشروع (ثم قال) عليه الصلاة والسلام: (أعطوه سنًّا مثل سنّه قالوا يا رسول الله لا نجد) سنًّا (إلا أمثل) أي أفضل (من سنّه) وسقط في الفرع وأصله لا نجد فصار لفظه قالوا: يا رسول الله إلا أمثل من سنّه (فقال) عليه الصلاة والسلام ولأبي الوقت قال: (أعطوه فإن خيركم) ولأبي ذر عن الكشميهني: فإن من خيركم (أحسنكم قضاء) ومطابقته للترجمة ظاهرة.
7 - باب إِذَا وَهَبَ شَيْئًا لِوَكِيلٍ أَوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جَازَ
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِوَفْدِ هَوَازِنَ حِينَ سَأَلُوهُ الْمَغَانِمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: نَصِيبِي لَكُمْ.
هذا (باب) بالتنوين (إذا وهب) أحد (شيئًا لوكيل) بالتنوين أي لوكيل قوم (أو) وهب شيئًا (شفيع قوم) وجواب الشرط قوله (جاز لقول النبي صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن) قبيلة من قيس والوفد قوم يجتمعون ويردون البلاد (حين سألوه) أن يردّ إليهم (المغانم) التي أصابها منهم (فقال النبي صلى الله عليه وسلم نصيبي) منها (لكم) وهذا طرف من حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي أخرجه ابن إسحاق في المغازي وظاهره كما قال ابن المنير: يوهم أن الموهبة وقعت للوسائط الذين جاؤوا شفعاء في قومهم وليس كذلك بل المقصود هبة لكل من غاب منهم ومن حضر فيدل على أن الألفاظ تنزل على المقاصد
لا على الصور وأن من شفع لغيره في هبة فقال المشفوع عنده للشفيع: قد وهبتك ذلك فليس للشفيع أن يتعلق بظاهر اللفظ ويخص بذلك نفسه بل الهبة للمشفوع له.
2307 و 2308 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا الْمَالَ. وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ -وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ- فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَاّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْلِمِينَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ. فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ، فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا". [الحديث 2307 - أطرافه في: 2539، 2584، 2607، 3131، 4318، 7176]. [الحديث 2308 - أطرافه في: 2540، 2583، 2608، 3132، 4319، 7177].
وبه قال (حدّثنا سعيد بن عفير) بضم العين المهملة وفتح الفاء اسم جده واسم أبيه كثير ونسبه لجده لشهرته به (قال: حدّثني) بالإفراد (الليث) بن سعد الإمام (قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا (عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه
(قال: وزعم عروة) بن الزبير بن العوّام والواو عطف على محذوف، وقول الحافظ ابن حجر أنه معطوف على قصة الحديبية لم أعرف له وجهًا فلينظر، والزعم هنا بمعنى القول المحقق كما قاله الكرماني، وفي كتاب الأحكام عن موسى بن عقبة قال ابن شهاب: حدّثني عروة بن الزبير (أن مروان بن الحكم) بن أبي العاص الأموي ابن عمّ عثمان بن عفان رضي الله عنه ولد بعد الهجرة بسنتين أو بأربع. قال ابن أبي داود: لا ندري أسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا أم لا. قال في الإصابة: ولم ير من جزم بصحبته فكأنه لم يكن حينئذ مميزًا ولم يثبت له أزيد من الرؤية، وأرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم. (والمسور بن مخرمة) بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الواو ومخرمة بفتح الميم والراء بينهما خاء معجمة ساكنة ابن نوفل الزهري وكان مولده بعد الهجرة بسنتين فيما قاله يحيى بن بكير وقدم المدينة في ذي الحجة بعد الفتح سنة ثمان وهو ابن ست سنين. وقال البغوي: حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث وحديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة عليّ لابنة أبي جهل في الصحيحين وغيرهما (أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) ظاهره أن
مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة حضرا ذلك، لكن مروان لا يصح له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحبة، وأما المسور فقد صحّ سماعه منه لكنه إنما قدم مع أبيه وهو صغير بعد الفتح وكانت هذه القصة بعده لكنه كان في غزوة حنين مميزًا فقد ضبط في ذلك الأوان قصة خطبة عليّ لابنة أبي جهل (قام حين جاءه وفد هوازن) حال كونهم (مسلمين) وكان فيهم تسعة نفر من أشرافهم (فسألوه أن يردّ اليهم أموالهم وسبيهم) وعند الواقدي كان فيهم أبو برقان السعدي فقال: يا رسول الله إن في هذه الحظائر إلا أمهاتك وخالاتك وحواضنك ومرضعاتك فامنن علينا منّ الله عليك (فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(أحب الحديث إليّ أصدقه) رفع قوله أحب (فاختاروا) أن أردّ إليكم (احدى الطائفتين إما السبي وإما المال وقد) بالواو ولأبوي ذر والوقت: فقد (كنت استأنيت) بهمزة ساكنة لكن موضع الهمزة في الفرع سكون فقط من غير همز أي انتظرت (بكم) ولأبي ذر: بهم (وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتظرهم) ليحضروا (بضع عشرة ليلة) لم يقسم النبي وتركه بالجعرانة (حين قفل) بفتح القاف والفاء أي رجع (من الطائف) إلى الجعرانة فقسم الغنائم بها وكان توجه إلى الطائف فحاصرها ثم رجع عنها فجاءه وفد هوازن بعد ذلك فبيّن أنه أخّر القسم ليحضروا فأبطأوا، (فلما تبين لهم) ظهر لوفد هوازن (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير رادّ إليهم إلا إحدى الطائفتين) المال أو السبي (قالوا: فإنّا نختار سبينا) وفي مغازي ابن عقبة قالوا: خيّرتنا يا رسول الله بين المال والحسب فالحسب أحب إلينا ولا نتكلم في شاة ولا بعير، (فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء) وفد هوازن (قد جاؤونا) حال كونهم (تائبين وإني قد رأيت أن أردّ إليهم سبيهم) هذا موضع الترجمة، لأن الوفد كانوا وكلاء شفعاء في ردّ سبيهم (فمن أحب منكم أن يطيب بذلك) بضم أوله وفتح الطاء وتشديد المثناة التحتية المكسورة مضارع طيب يطيب تطيبًا من باب التفعيل، ولأبي ذر: يطيب بفتح أوله وكسر ثانيه وسكون ثالثه من الثلاثي من طاب يطيب، والمعنى من أحب أن يطيب بدفع السبي إلى هوازن نفسه مجانًا من غير عوض (فليفعل) جواب من المتضمنة معنى الشرط فلذا دخلت الفاء فيه (ومن أحب منكم أن يكون على حظه) أي نصيبه من السبي (حتى نعطيه إياه) أي عوضه (من أول ما يفيء الله علينا فليفعل) بضم حرف المضارعة من أفاء يفيء والفيء ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد وأصل الفيء الرجوع كأنه كان في الأصل لهم فرجع إليهم