الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باقيًا بيده فلو تلف وكان من نوع ما لزم
المشتري ردّه فيخرج من كلام الأئمة أنهما يقعان في التقاص إن جوّزناه في المثليات كما هو الأصح المنصوص خلافًا للرافعي وغيره، ولو ردّ غير المصراة بعد الحلب بعيب فهل يردّ بدل اللبن وجهان. أحدهما وبه جزم البغوي وصححه ابن أبي هريرة والقاضي وابن الرفعة نعم كالمصراة فيردّ صاع تمر.
وقال الماوردي: بل فيه اللبن لأن الصاع عوض لبن المصراة وهذا لبن غيرها.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في البيوع أيضًا وكذا أبو داود والنسائي.
65 - باب إِنْ شَاءَ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ، وَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ
(باب) بالتنوين (إن شاء) مشتري المصراة ترك البيع (ردّ المصراة) بالنصب مفعول ردّ والجملة جواب الشرط (و) عليه (في حلبتها صاع من تمر) بسكون اللام في اليونينية وغيرها على أنه اسم الفعل ويجوز الفتح على أنه بمعنى المحلوب قاله العيني كفتح الباري. وقال في القاموس: الحلب ويحرّك استخراج ما في الضرع من اللبن كالحلاب والاحتلاب والحلب محركة والحليب اللبن المحلوب ما لم يتغير طعمه. وقال الجوهري: الحلب بالتحريك اللبن المحلوب والحلب أيضًا مصدر حلب الناقة يحلبها حلبًا واحتلبها فهو حالب، وحاصله إن أريد بالحلب اللبن فلامه مفتوحة فقط وإن أريد به المصدر فيجوز السكون والفتح، وعلى هذا فمفهوم قول البخاري وعليه في حلبتها بسكون اللام صاع من تمر أن الصاع في مقابلة الفعل وهو موافق لقول ابن حزم يجب ردّ التمر واللبن معًا لأن التمر في مقابلة الحلب لا في مقابلة اللبن، وهذا مخالف لما عليه الجمهور من أن التمر في مقابلة
اللبن وقد كان القياس ردّ عين اللبن أو مثله، لكن لما تعذر ذلك باختلاط ما حدث بعد البيع في ملك المشتري بالموجود حال العقد وإفضائه إلى الجهل بقدره عين الشارع له بدلاً يناسبه قطعًا للخصومة ودفعًا للتنازع في القدر الموجود عند العقد.
2151 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ» .
وبه قال: (حدّثنا محمد بن عمرو) بفتح العين، وللمستملي في رواية عبد الرحمن الهمداني زيادة ابن جبلة وكذا قال أبو أحمد الجرجاني في روايته عن الفربري، وفي رواية أبي عليّ بن شبويه عن الفربري حدّثنا محمد بن عمرو يعني ابن جبلة وأهمله الباقون، وجزم الدارقطني بأنه محمد بن عمرو أبو غسان الرازي المعروف بزنيج بزاي ونون وجيم مصغرًا، وجزم الحاكم والكلاباذي بأنه محمد بن عمرو السوّاق البلخي. قال الحافظ ابن حجر في المقدمة: ويؤيده أن المكي شيخه بلخي وقال في الشرح والأوّل أولى. قال: (حدّثنا المكي) بن إبراهيم وهو من مشايخ المؤلّف قال: (أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (قال: أخبرني) بالإفراد (زياد) بزاي مكسورة ومثناة تحتية مخففة
ابن سعد بن عبد الرحمن الخراساني (أن ثابتًا) هو ابن عياض بن الأحنف (مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(من اشترى غنمًا مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ففي حلبتها) بسكون اللام (صاع من تمر) ظاهره أن الصاع في مقابلة المصراة سواء كانت واحدة أو أكثر لقوله: من اشترى غنمًا لأنه اسم مؤنث موضوع للجنس، ثم قال: ففي حلبتها صاع من تمر، ونقل ابن عبد البر عمن استعمل الحديث وابن بطال عن أكثر العلماء وابن قدامة عن الشافعية والحنابلة وعن أكثر المالكية يردّ عن كل واحدة صاعًا. وقال المازري: ومن المستبشع أن يغرم متلف لبن ألف شاة كما يغرم متلف لبن واحدة.
وأجيب: بأن ذلك مغتفر بالنسبة إلى ما تقدم من أن الحكمة في اعتبار الصاع قطع النزاع فجعل حدًّا يرجع إليه عند التخاصم فاستوى القليل والكثير، ومن المعلوم أن لبن الشاة الواحدة أو الناقة الواحدة يختلف اختلافًا متباينًا ومع ذلك فالمعتبر الصاع سواء قلّ اللبن أم كثر فكذلك هو معتبر سواء قلّت المصراة أم كثرت انتهى.
وقال الحنفية: لا يجوز للمشتري أن يرد ما اشتراه إذا وجدها مصراة مع لبنها ولا مع صاع تمر لفقده لأن الزيادة المنفصلة المتولدة عن المصراة وهو اللبن مانعة من ردها، وحديث أبي هريرة مخالف قوله تعالى:{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة: 194].
وهذا الحديث أخرجه أبو داود في البيوع.
66 - باب بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّانِي
وَقَالَ شُرَيْحٌ: إِنْ شَاءَ رَدَّ مِنَ الزِّنَا.
(باب)
حكم (بيع العبد الزاني).
(وقال شريح) بمعجمة مضمومة وراء مفتوحة ابن الحرث الكندي القاضي فيما وصله سعيد بن منصور بإسناد صحيح من طريق ابن سيرين (إن شاء) المشتري (ردّ) الرقيق المبتاع ذكرًا كان أو أُنثى ولو صغيرًا (من الزنا) الصادر منهما قبل العقد وإن لم يتكرّر لنقص القيمة به ولو تاب لأن تهمة الزنا لا تزول، ومذهب الحنفية الزنا عيب في الأمة دون العبد فترد الأمة لأن الغالب أن الافتراش مقصود فيها وطلب الولد والزنا يخل بذلك، وفي الأمالي: الزنا في الجارية عيب وإن لم تعد عند المشترى للحوق العار بأولادها، وسقط قوله وقال شريح الخ في رواية الكشميهني والحموي.
2152 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ» . [الحديث 2152 - أطرافه في: 2153، 2233، 2234، 2555، 6837، 6839].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد إلإمام (قال: حدّثني) بالإفراد (سعيد المقبري عن أبيه) كيسان المدني مولى بني ليث (عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمعه يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(إذا زنت الأمة فتبين زناها) بالبينة أو بالحمل أو بالإقرار (فليجلدها) سيدها ففيه أن السيد يقيم الحد على رقيقه خلافًا لأبي حنيفة، وزاد أيوب بن موسى الحد لكن قال أبو عمر: لا نعلم أحدًا ذكر فيه الحدّ غيره (ولا يثرب) بضم التحتية وفتح المثلثة وتشديد الراء المكسورة آخره موحدة أي يوبخها ولا يقرّعها بالزنا بعد الجلد لارتفاع اللوم بالحد. قال في المصابيح: وفيه نظر، وقال الخطابي: معناه أنه لا يقتصر على التثريب بل يقام عليها الحد (ثم وإن زنت) ثانيًا (فليجلدها ولا يثرب ثم إن زنت الثالثة فليبعها) استحبابًا أي بعد جلدها حد الزنا ولم يذكره اكتفاء بما قبله (ولو) كان البيع (بحبل من شعر) وهذا مبالغة في التحريض على بيعها وقيده بالشعر لأنه الأكثر في حبالهم.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في البيوع ومسلم في الحدود والنسائي.
2153 و 2154 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ قَالَ: إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ". قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا أَدْرِي بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ. [الحديث 2154 - أطرافه في: 2233، 2556، 6838].
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن ابن شهاب) محمد الزهري (عن عبيد الله بن عبد الله) بتصغير الأوّل ابن عتبة بن مسعود (عن أبي هريرة وزيد بن خالد) الجهني الصحابي المدني (رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل) بضم السين مبنيًّا للمفعول ولم أقف على اسم السائل (عن الأمة) أي عن حكمها (إذا زنت ولم تحصن) بضم أوّله وسكون ثانيه وكسر ثالثه بإسناد الإحصان إليها لأنها تحصن نفسها بعفافها، ولأبي ذر: ولم تحصن بفتح الصاد بإسناد الإحصان إلى غيرها ويكون بمعنى الفاعل والمفعول وهو أحد الثلاثة التي جئن نوادر يقال: أحصن فهو محصن وأسهب فهو مسهب وألفج فهو ملفج. وقال العيني: ويروى ولم تحصن بضم التاء وفتح الحاء وتشديد الصاد من باب التفعيل (قال) عليه الصلاة والسلام:
(إن زنت فاجلدوها) ظاهره وجوب الرجم عليها إذا أحصنت والإجماع بخلافه.
وأجيب: بأنه لا اعتبار للمفهوم حيث نطق القرآن صريحًا بخلافه في قوله تعالى: {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} [النساء: 25] فالحديث دل على جلد غير المحصن، والآية على جلد المحصن والرجم لا يتنصف فيجلدان عملاً بالدليلين أو يجاب بأن المراد بالإحصان هنا الحرية كما في قوله تعالى:{ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات} [النساء: 25] أو التي لم تتزوّج أو لم تسلم كما في قوله تعالى: {فإذا أحصن} الآية قيل بمعنى أسلمن وقيل تزوّجن. وقول الطحاوي إن قوله ولم تحصن لم يذكرها أحد غير مالك أنكره عليه الحفاظ فقالوا لم ينفرد بها بل رواها ابن عيينة ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب كما رواه مالك، وإنما أعاد الزنا في الجواب غير مقيد بالإحصان للتنبيه على أنه لا أثر له وأن الموجب في الأمة مطلق الزنا.
(ثم وإن زنت فاجلدوها ثم وإن زنت فبيعوها) بعد جلدها (ولو بضفير) فعيل بمعنى مفعول أي حبل مفتول أو منسوج من الشعر وهذا على جهة التزهيد فيها وليس من إضاعة المال بل هو حثّ لها على مجانبة الزنا.
واستشكله ابن المنير بأنه عليه الصلاة والسلام نصح هؤلاء في إبعادها والنصيحة عامّة للمسلمين فيدخل فيها المشتري فينصح في إبعادها وأن لا يشتريها فكيف يتصوّر نصيحة الجانبين