الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في قوله ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم لأنه يستفاد منه التقييد بالإذن في الترجمة لأن رفع البصر إلى المنتهب في العادة لا يكون إلا عند عدم الإذن، ومفهوم الترجمة أنه إذن جاز ومحله في المنهوب المبتاع كالطعام يقدم للقوم فلكلٍّ منهم أن يأكل مما يليه ولا يجذب من غيره إلا برضاه.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الحدود ومسلم في الإيمان والنسائي في الأشربة وابن ماجة في الفتن.
(وعن سعيد) هو ابن المسيب (وأبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي-صلى الله عليه وسلم مثله) أي مثل حديث أبي بكر بن عبد الرحمن (إلا النهبة) فلم يذكرها فانفرد أبو بكر بن عبد الرحمن بزيادتها.
(قال الفربري) محمد بن يوسف (وجدت بخط أبي جعفر) هو ابن أبي حاتم ورّاق المؤلّف. (قال أبو عبد الله) أي المؤلّف (تفسيره) أي تفسير قوله: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن (أن ينزع منه يريد الإيمان) كذا في فرعين لليونينية وروايته فيها عن المستملي بلفظ يريد من الإرادة. وقال في فتح الباري: نور الإيمان والإيمان هو التصديق بالجنان والإقرار باللسان ونوره الأعمال الصالحة واجتناب المناهي فإذا زنى أو شرب الخمر أو سرق ذهب نوره وبقي صاحبه في الظلمة.
31 - باب كَسْرِ الصَّلِيبِ وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ
(باب كسر الصليب وقتل الخنزير).
2476 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ» .
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) بن جعفر المديني البصري قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب) أنه (سمع أبا هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(لا تقوم الساعة) أي القيامة (حتى ينزل فيكم) أي في هذه الأمة (ابن مريم) عيسى صلوات الله وسلامه عليه (حكمًا) بفتح الحاء والكاف أي حاكمًا (مقسطًا) عادلاً في حكمه فيحكم بالشريعة الحميدية (فيكسر الصليب) الذي اتخذه النصارى زاعمين أن عيسى عيه الصلاة والسلام صلب على خشبة على تلك الصورة وفي كسره له إشعار بأنهم كانوا على الباطل في تعظيمه والفاء في قوله فيكسر الصليب تفصيلية لقوله حكمًا مقسطًا (ويقتل الخنزير) بنصب يقتل عطفًا على فيكسر المنصوب وكذا قوله (ويضع الجزية) يتركها فلا يقبل من الكفار إلا الإسلام (ويفيض المال) بفتح الياء وكسر الفاء والنصب عطفًا على السابق ولأبي ذر ويفيض بالرفع على الاستئناف أي يكثر (حتى لا يقبله أحد) لعلمهم بقيام الساعة وأشار المؤلّف بإيراد هذا الحديث هنا إلى أن من كسر صليبًا أو قتل خنزيرًا لا يضمن لأنه فعل مأمورًا به، لكن محله إذا كان مع المحاربين أو الذمي إذا جاوز الحد الذي عوهد
عليه فإذا لم يجاوزه وكسره مسلم كان متعديًّا لأنهم على تقديرهم على ذلك يؤدون الجزية.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في أحاديث الأنبياء وتقدم من وجه آخر في باب قتل الخنزير في أواخر البيوع، وأخرجه مسلم في الإيمان وابن ماجة في الفتن.
32 - باب هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ الَّتِي فِيهَا الْخَمْرُ، أَوْ تُخَرَّقُ الزِّقَاقُ
؟
فَإِنْ كَسَرَ صَنَمًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ. وَأُتِيَ شُرَيْحٌ فِي طُنْبُورٍ كُسِرَ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَىْء.
هذا (باب) بالتنوين (هل تكسر الدنان) بكسر الدال جمع دن الحب وهو الخابية فارسي معرّب (التي فيها الخمر) صفة للدنان ولأبي ذر فيها خمر بالتنكير (أو تخرق الزقاق) بضم التاء وفتح الخاء المعجمة والراء مبنيًّا للمفعول عطفًا على هل تكسر الدنان والزقاق بكسر الزاي جمع زق أي التي فيها الخمر أيضًا فيه تفصيل وإن كانت الأوعية بحيث تراق وإذا غسلت طهرت وينتفع بها لم يجز إتلافها وإلاّ جاز، وقال أبو يوسف وأحمد في رواية: إن كان الدن أو الزق لمسلم لم يضمن، وقال محمد بن
الحسن وأحمد في رواية يضمن لأن الإراقة بغير الكسر ممكنة وإن كان الدن لذمي، فقال الحنفية يضمن بلا خلاف لأنه مال متقوّم في حقهم، وقال الشافعي وأحمد: لا يضمن لأنه غير متقوّم في حق المسلم فكذا في حق الذمي وإن كان الدن لحربي فلا يضمن بلا خلاف، وعن مالك زق الخمر لا يطهره الماء لأن الخمر غاص فيه (فإن كسر صنمًا) ما يتخذ إلهًا من دون الله ويكون من خشب وغيره حديد ونحاس وغيرهما (أو) كسر (صليبًا أو طنبورًا) بضم الطاء والموحدة بينهما نون ساكنة آلة
مشهورة من آلات الملاهي (أو) كسر (ما لا ينتفع بخشبه) قبل الكسر كآلات اللاهي المتخذة من الخشب فهو تعميم بعد تخصيص وجزاء الشرط محذوف أي هل يضمن أو يجوز أو فما حكمه؟
(وأتي) بضم الهمزة (شريح) هو ابن الحرث الكندي أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه واستقضاه عمر بن الخطاب على الكوفة أي أتاه اثنان (في طنبور كسر) ادّعى أحدهما على الآخر أنه كسر طنبوره (فلم يقضِ فيه بشيء) أي لم يحكم فيه بغرامة وهذا وصله ابن أبي شيبة.
2477 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نِيرَانًا تُوقَدُ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ: عَلَى مَا تُوقَدُ هَذِهِ النِّيرَانُ؟ قَالُوا: عَلَى الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ: اكْسِرُوهَا وَأَهْرِقُوهَا. قَالُوا: أَلَا نُهْرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: اغْسِلُوا".
قَالَ أَبُو عَبْدُ اللهِ: كَانَ ابنُ أَبِي أُوَيسٍ يَقُولُ "الحمرِ الأنسيةِ" بنصبِ الألف والنون. [الحديث 2477 - أطرافه في: 4196، 5497، 6148، 6331، 6891].
وبه قال: (حدّثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة النبيل البصري (عن يزيد بن أبي عبيد) الأسلمي بن الأكوع (عن سلمة بن الأكوع) هو سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي أبو مسلم شهد بيعة الرضوان وتوفي سنة أربع وسبعين (رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نيرانًا توقد يوم) غزوة (خيبر) سنة سبع (قال):
(على ما توقد هذه النيران) بإثبات ألف ما الاستفهامية مع دخول الجار عليها وهو قليل، والنيران بكسر النون الأولى جمع نار والياء منقلبة عن واو وللأصيلي قال علام بحذف ألف ما الاستفهامية، ولأبي ذر فقال: علام بفاء قبل القاف وحذف ألف ما (قالوا) ولأبي ذر قال (على الحمر) بضم المهملة والميم (الإنسية) بكسر الهمزة وسكون النون نسبة إلى الإنس بني آدم وثبت قوله على لأبي ذر وسقطت لغيره (قال) عليه الصلاة والسلام (اكسروها) أي القدور (وأهرقوها) بسكون الهاء ولأبي ذر وهريقوها بحذف الهمزة وزيادة مثناة تحتية قبل القاف والهاء مفتوحة أي صبوها (قالوا) مستفهمين (ألا نهريقها) بضم النون وفتح الهاء وبعد الراء المكسورة تحتية ساكنة أي من غير كسر (ونغسلها قال) صلى الله عليه وسلم مجيبًا لهم (اغسلوا) بحذف الضمير المنصوب أي اغسلوها أي القدور وإنما قال ذلك عليه الصلاة والسلام لاحتمال تغير اجتهاده أو أوحي إليه بذلك. وقال ابن الجوزي: أراد التغليظ عليهم في طبخهم ما نهي عن أكله فلما رأى إذعانهم اقتصر على غسل الأواني، وفيه رد على
من زعم أن دنّان الخمر لا سبيل إلى تطهيرها فإن الذي دخل القدور من الماء الذي طبخت به الحمر نظيره، وقد أذن صلى الله عليه وسلم في غسلها فدلّ على إمكان تطهيرها.
وهذا الحديث تاسع ثلاثيات البخاري، وقد أخرجه أيضًا في المغازي والأدب والذبائح والدعوات ومسلم في المغازي وبالذبائح (قال أبو عبد الله) البخاري (كان ابن أبي أويس) إسماعيل وهو شيخ المؤلّف وابن أخت الإمام مالك (يقول: الحمر الأنسية بنصب الألف والنون) نسبة إلى الأنس بالفتح ضد الوحشة. قال في فتح الباري: وتعبيره عن الهمزة بالألف وعن الفتح بالنصب جائز عند المتقدمين وإن كان الاصطلاح أخيرًا قد استقرّ على خلافه فلا يبادر إلى إنكاره انتهى.
وتعقبه العيني فقال: ليس هذا بمصطلح عند النحاة المتقدمين والمتأخرين إنهم يعبّرون عن الهمزة بالألف وعن الفتح بالنصب فمن ادّعى خلاف ذلك فعليه البيان بالهمزة ذات حركة والألف مادة هوائية لا تقبل الحركة والفتح من ألقاب البناء والنصب من ألقاب الإعراب وهذا مما لا يخفى على أحد.
2478 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: "دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَحَوْلَ البيتِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} الآيَةَ". [الحديث 2478 - طرفاه في: 4287، 4720].
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المدني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا ابن أبي نجيح) بفتح النون وكسر الجيم وبعد التحتية الساكنة حاء مهملة عبد الله بن يسار بالتحتية والسين المهملة المخففة (عن مجاهد) هو ابن جبر (عن أبي معمر) بفتح الميمين وسكون المهملة بينهما عبد الله بن سخبرة الأزدي الكوفي (عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه) أنه (قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة) في غزوة الفتح في رمضان سنة ثمان (وحول البيت) وفي نسخة وهي التي في الفرع وأصله الكعبة (ثلاثمائة وستون نصبًا) بضم النون والصاد المهملة وبالموحدة حجرًا كانوا ينصبونه في الجاهلية ويتخذونه صنمًا يعبدونه والجمع أنصاب والواو في قوله وحول البيت للحال (فجعل) النبي صلى الله عليه وسلم-