الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصف الأول (لاستهموا) أي لاقترعوا عليه (ولو يعلمون ما في التهجير) أي التبكير إلى الصلوات (لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في) ثواب أداء صلاة (العتمة) أي العشاء في جماعة (و) ثواب أداء صلاة (الصبح لأتوهما ولو حبوًا) على اليدين والركبتين.
وقد سبق هذا الحديث في الأذان، وقد وقع في رواية أبوي ذر والوقت حديث عمر بن حفص بن غياث المسوق هذا في هذا الباب مؤخرًا هنا بعد قوله:"ولو حبوًا".
وغرض المؤلّف رحمه الله بسياق هذه الأحاديث الإشارة إلى مشروعية القرعة لفصل النزاع عند التشاحح في حق ثبت لاثنين فأكثر وتكون في الحقوق المتساوية وفي تعيين الملك، فمن الأول الإمامة الكبرى إذا استووا في صفاتها، وفي الأذان والصف الأول كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفي إمامة الصلاة، وكذا إذا تنازع أخوان وزوجتان في غسل الميت ولا مرجح لأحدهما أقرع بينهما وكذا لو اجتمع اثنان في الصلاة على الميت واستوت خصالهما المعروفة وتشاحًا، وكذا لو سبق اثنان إلى مقعد من شارع وتنازعا فيه ولو جاءا إلى معدن الظاهر ككبريت معًا أقرع ولو التقط لقيطًا معًا واستويا في الخصال، ولو اجتمع أولياء في درجة واحدة وتساووا في الصفات وتشاحوا وأراد كلٌّ منهم أن يزوج أقرع أيضًا، وفي ابتداء القسم بين الزوجات والسفر ببعضهن كما في حديث عائشة والحاضنات إذا كن في درجة واحدة وولاة القصاص عند الاستواء، وكذا إذا ازدحم خصوم عند القاضي وجهل الأسبق أو جاؤوا معًا، وكذا عند تعارض البيّنتين فيما إذا شهدت بيّنة أنه أعتق في مرضه سالمًا وأخرى أنه أعتق غانمًا وكل واحد منهما ثلث ماله واتحد تاريخ البيّنتين وإن أطلقتا قيل يقرع والمذهب يعتق من كل نصفه ولو أعتق ثلاثة أو قسمة ما لا يعظم ضرره بالأجزاء كمثلي من حبوب ودراهم وأدهان وغيرها ودار متفقة أبنية وأرض مشتبهة الأجزاء فيجبر الممتنع عليها فتعدل السهام كيلاً في المكيل أو وزنًا في الموزون أو ذرعًا في المذروع بعدد الأنصباء إن استوت كالأثلاث لزيد وعمرو وبكر، ويكتب في كل رقعة اسم شريك أو جزء مميز بحد أو جهة وتدرّج في بنادق مستوية وزنًا وشكلاً من طين مجفّف أو شمع ثم يخرج من لم يحضرها رقعة على الجزء الأول إن كتب الأسماء فيعطى من خرج اسمه أو على اسم زيد إن كتب الأجزاء فيعطى ذلك الجزء ويفعل كذلك في الرقعة الثانية فيخرجها على الجزء الثاني أو على اسم عمرو وتتعين الثالثة للباقي إن كانت ثلاثًا وتعين من يبتدأ به من الشركاء فإن اختلفت الأنصباء كنصف وثلث وسدس في أرض جزّئت الأرض على أقل السهام وهو السدس فتكون ستة أجزاء وقسمت كما سبق والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
53 - كتاب الصلح
(بسم الله الرحمن الرحيم) بإثبات البسملة (كتاب الصلح).
1 - باب مَا جَاءَ فِي الإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ
وَقَوْلِ عز وجل: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].
(ما جاء في الإصلاح بين الناس) زاد الأصيلي وأبو ذر عن الكشميهني إذا تفاسدوا وسقط لغير الأصيلي وأبي الوقت كتاب الصلح ولأبي ذر: ما جاء. وزاد في الفتح ثبوت كتاب الصلح للنسفي أيضًا قال: ولغيرهم باب.
والصلح لغة قطع النزاع وشرعًا عقد يحصل به ذلك وهو أنواع فمنه ما يكون بين المتداعيين وتارة يكون على إقرار وتارة على إنكار والأول يكون على عين كدار أو حصة منها وعلى منفعة في دار ويكون الصلح أيضًا بين الزوجين عند الشقاق وفي الجراح كالعفو على مال وبين الفئة الباغية.
(وقول الله تعالى) بالجرّ عطفًا على قوله في الإصلاح، ولأبي ذر عز وجل:({لا خير في كثير من نجواهم}) من تناجي الناس ({لا من أمر بصدقة أو معروف}) إلا نجوى من أمر على أنه مجرور بدلاً من كثير كما تقول: لا خير في قيامهم إلاّ قيام زيد، ويجوز أن يكون منصوبًا على الانقطاع بمعنى ولكن من أمر يصدقة ففي نجواه الخير، والمعروف كل ما يستحسنه الشرع ولا ينكره العقل وفسّرها هنا بالقرض وإغاثة الملهوف وصدقة التطوّع وسائر ما فسر به ({أو إصلاح بين الناس}) أو إصلاح ذات البين ({ومن
يفعل ذلك}) الذي ذكر ({ابتغاء مرضاة الله}) طلبًا لثوابه لا للرياء والسمعة ({فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا})[النساء: 114] وصف الأجر بالعظم تنبيهًا على حقارة ما فاته في جنبه من أعراض الدنيا، ووقع في رواية أبوي ذر والوقت الاقتصار من الآية على قوله:{من أمر بصدقة}
ثم قال إلى آخر الآية. وعند الأصيلي إلى قوله: {ابتغاء مرضاة الله} ثم قال: الآية. وأشار بهذه الآية إلى بيان فضل الإصلاح بين الناس وأن الصلح مندوب إليه وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة"؟ قالوا: "بلى". قال صلى الله عليه وسلم: "إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة". رواه أحمد. (وخروج الإمام) بالجر أيضًا على قوله وقول الله وهو من بقية الترجمة (إلى المواضع ليصلح بين الناس بأصحابه).
2690 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه: "أَنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَىْءٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَجَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حُبِسَ، وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ في التَّصْفِيحِ حَتَّى أَكْثَرُوا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَأَمَرَهُ أن يُصَلِّي كَمَا هُوَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ. فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ إِذَا نَابَكُمْ شَىْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ، إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَىْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَاّ الْتَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ لَمْ تُصَلِّ بِالنَّاسِ؟ فَقَالَ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لاِبْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم".
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم أبو محمد الجمحي مولاهم البصري قال: (حدّثنا) وللأصيلي: أخبرنا (أبو غسان) محمد بن مطرف الليثي المدني (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) الساعدي رضي الله عنه أن أناسًا من بني عمرو بن عوف) بفتح العين وسكون الميم لم يسموا وكانت منازلهم بقباء (كان بينهم شيء) من الخصومة حتى تراموا بالحجارة، ولأبي ذر عن الكشميهني: شرّ ضدّ الخير (فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه) سمي منهم أُبي بن كعب وسهيل بن بيضاء في الطبراني (يصلح بينهم فحضرت الصلاة) هي العصر (ولم يأتِ النبي صلى الله عليه وسلم) مسجده (فجاء بلال فأذّن بلال بالصلاة) سقط قوله فجاء بلال لأبوي ذر والوقت والأصيلي، وفي نسخة الميدومي فجاء بلال فأذن بالصلاة فأسقط لفظ بلال الثاني (ولم يأتِ النبي صلى الله عليه وسلم فجاء) بلال (إلى أبي بكر) الصديق) رضي الله عنه (فقال) له (إن النبي صلى الله عليه وسلم حبس) بضم الحاء مبنيًّا للمفعول بسبب الإصلاح (وقد حضرت الصلاة فهل لك أن تؤم الناس؟ فقال: نعم إن شئت فأقام الصلاة فتقدم أبو بكر) ودخل في
الصلاة (ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم) حال كونه (يمشي في الصفوف حتى قام في الصف الأول) وهو جائز للإمام مكروه لغيره (فأخذ الناس بالتصفيح) بالحاء المهملة وأوّله موحدة، ولأبي ذر في التصبيح بفيء، بدل الموحدة وله عن الكشميهني بالتصفيق بالموحدة والقاف وهما بمعنى أي ضرب كلّ يده بالأخرى حتى سمع لها صوت (حتى أكثروا) منه، (وكان أبو بكر) رضي الله عنه (لا يكاد يلتفت في الصلاة) لأنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة الرجل كما عند ابن خزيمة (فالتفت) لما أكثروا التصفيق (فإذا هو بالنبي صلى الله عليه وسلم وراءه فأشار إليه) عليه الصلاة والسلام (بيده) الكريمة (فأمره يصلّي) وللأصيلي وأبي الوقت وأبي ذر عن الكشميهني أن يصلّي (كما هو فرفع أبو بكر يده) بالإفراد (فحمد الله) أي بلسانه زاد في باب من دخل ليؤم الناس من الصلاة على ما أمره به أي من الوجاهة في الدين زاد الأصيلي وأثنى عليه (ثم رجع) أبو بكر (القهقرى وراءه) حتى لا يستدبر القبلة ولا ينحرف عنها (حتى دخل في الصف وتقدم) بالواو ولأبوي ذر والوقت والأصيلي فتقدم (النبي صلى الله عليه وسلم فصلّى بالناس فلما فرغ) عليه الصلاة والسلام من الصلاة (أقبل على الناس فقال):
(يا أيها الناس إذا نابكم) أي أصابكم (شيء في صلاتكم أخدتم بالتصفيح) بالموحدة والحاء ولأبي ذر عن الكشميهني بالتصفيق بالموحدة والقاف وإذا للظرفية المحضة لا للشرطية وفي حاشية الفرع كأصله مكتوبًا صوابه ما لكم إذا نابكم فضبب على لفظ الناس فليتأمل (إنما التصفيح للنساء. من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله) وزاد الأبوان عن الحموي سبحان الله (فإنه لا يسمعه أحد) يصلّي معه (إلا التفت) إليه (يا أبا بكر ما منعك) قال الكرماني: مجاز عن دعاك حملاً للنقيض على النقيض. قال السكاكي: والتعلق بين الصارف عن فعل الشيء والداعي إلى تركه يحتمل أن يكون منعك مرادًا به