الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبلت) جازت، واشترط الشافعية الإيجاب والقبول فيها كسائر التمليكات بخلاف صحة الإبراء والعتق والطلاق بلا قبول لأنها إسقاط، ويستثنى من اعتبار ذلك الهبة الضمنية كان قال لغيره: أعتق عبدك عني ففعل فإنه يدخل في ملكه هبة ويعتق عنه ولا يشترط القبول ولا يشترط الإيجاب والقبول في
الهدية والصدقة ولو في غير المطعوم، بل يكفي البعث من المملك والقبض من التملك كما جرى عليه الناس في الإعصار، ولهذا كانوا يبعثونهما على أيدي الصبيان الذين لا تصح عقولهم.
فإن قيل: كان هذا إباحة لا هدية أجيب: بأنه لو كان إباحة ما تصرفوا فيه تصرف الملاك ومعلوم أنه ليس كذلك.
2600 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ، فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ: أتَجِدُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ -وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ- فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ. قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن محبوب) أبو عبد الله البصري البناني قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد قال: (حدّثنا معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه (قال: جاء رجل) سلمة بن صخر أو سلمان بن صخر أو أعرابي (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت) فعلت ما هو سبب لهلاكي (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(وما ذاك) ولأحمد: وما الذي أهلكك؟ (قال: وقعت بأهلي) أي وطئت امرأتي (في رمضان) نهارًا (قال) عليه الصلاة والسلام: (تجد) ولأبي ذر: أتجد (رقبة) المراد الوجود الشرعي ليدخل فيه القدرة بالشراء ونحوه ويخرج عنه مالك الرقبة المحتاج إليها بطريق شرعي (قال) الرجل: (لا) أجد رقبة (قال) عليه الصلاة والسلام: (فهل تستطبع أن تصوم شهرين متتابعين)؟ (قال) الرجل: (لا) أستطيع ذلك (قال) عليه الصلاة والسلام: (فتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا)(قال) الرجل (لا) أستطيع (قال: فجاء رجل من الأنصار) قال في مقدمة فتح الباري: لم يسمِّ وإن صحّ أن المحترق سلمة بن صخر فالرجل هو فروة بن عمرو البياضي (بعرق) بفتح العين والراء المهملتين قال أبو هريرة أو الزهري أو غيره (والعرق المكتل) بكسر الميم وسكون الكاف وفتح المثناة الفوقية وهو الزنبيل (فيه تمر) زاد ابن أبي حفصة عند أحمد فيه خمسة عشر صاعًا. وعند ابن خزيمة من حديث عائشة فأتى بعرق فيه عشرون صاعًا. وعند مسدد من مرسل عطاء فأمر له ببعضه وهو يجمع بين الروايات فمن قال: عشرون أراد أصل ما كان فيه ومن قال: خمسة عشر أراد قدر ما تقع به الكفارة (قال) عليه الصلاة والسلام (اذهب بهذا) العرق (فتصدق به) بالجزم على الأمر (فقال) الرجل أتصدق به (على) ناس
(أحوج منّا يا رسول الله و) الله (الذي بعثك بالحق ما بين لابتيها) بغير همزة أي حرّتي المدينة المكتنفتين بها (أهل بيت أحوج منّا. قال) عليه الصلاة والسلام، ولأبوي ذر والوقت: ثم قال: (اذهب فأطعمه أهلك) من تلزمك نفقته أو زوجتك وكان من مال الصدقة والكفارة باقية في ذمته كما سبق تقريره في الصيام قال في الفتح: والغرض منه هنا أنه صلى الله عليه وسلم أعطى الرجل التمر فقبضه ولم يقل قبلت ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك ولمن اشترط القبول أن يجيب عن هذا بأنها واقعة عين فلا حجة فيها ولم يصرّح فيها بذكر القبول ولا بنفيه.
21 - باب إِذَا وَهَبَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ
قَالَ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ: هُوَ جَائِزٌ. وَوَهَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهما السلام لِرَجُلٍ دَيْنَهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلْيُعْطِهِ أَوْ لِيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ» . فَقَالَ جَابِرٌ: "قُتِلَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غُرَمَاءَهُ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي، وَيُحَلِّلُوا أَبِي".
هذا (باب) بالتنوين (إذا وهب) رجل (دينًا) له (على رجل) لآخر أو لمن هو عليه (قال شعبة) بن الحجاج فيما وصله ابن أبي شيبة: (عن الحكم) بفتحتين ابن عتيبة (هو) أي فعل هبة الدين لمن هو عليه (جائز ووهب الحسن بن علي) أي ابن أبي طالب عليهما السلام لرجل) له عليه دين (دينه) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على من وصله ولم يسم الرجل.
(وقال النبي صلى الله عليه وسلم) فيما وصله مسدد في مسنده من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعًا (من كان له) أي لأحد (عليه حق فليعطه) إياه (أو ليتحلله منه). بالجزم على الأمر والضمير في منه لصاحب الحق. قال الحافظ ابن حجر: وجه الدلالة منه لجواز هبة الدين أنه من سوّى بين أن يعطيه إياه أو يحلله منه ولم يشترط في التحليل قبضًا (فقال) بالفاء وفي نسخة وقال: بالواو (جابر: قتل أبي) هو عبد الله
الأنصاري وكان قتل بأُحُد (وعليه دين) رقم في الفرع على قوله وعليه دين علامة السقوط. (فسأل النبي صلى الله عليه وسلم غرماءه أن يقبلوا تمر حائطي) أي بستاني (ويحللوا أبي) وهذا التعليق سبق موصولاً في القرض وساقه هنا بأتم منه كما قال:
2601 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ: "أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمْتُهُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمْ وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ، وَلَكِنْ قَالَ: سَأَغْدُو عَلَيْكَ -إِنْ شَاءَ اللهُ-. فَغَدَا عَلَيْنَا حَتَّى أَصْبَحَ، فَطَافَ فِي النَّخْلِ وَدَعَا فِي ثَمَرِهِ بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا، فَقَضَيْتُهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَبَقِيَ لَنَا مِنْ ثَمَرِهَا بَقِيَّةٌ. ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ جَالِسٌ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
لِعُمَرَ: اسْمَعْ -وَهْوَ جَالِسٌ- يَا عُمَرُ. فَقَالَ: أَلَاّ يَكُونُ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ وَاللَّهِ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ".
(حدثنا عبدان) هو عبد الله بن جبلة بفتح الجيم والموحدة العتكي بفتح المهملة والمثناة الفوقيه المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا يونس) بن زيد الأيلي.
(وقال الليث) بن سعد الإمام مما وصله الذهلي في الزهريات (حدّثني) بالإفراد (يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب) الزهري (أنه قال: حدّثني) بالإفراد (ابن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما) قال الكرماني: ابن كعب يحتمل أن يكون عبد الرحمن أو عبد الله لأن الزهري يروي عنهما جميعًا لكن الظاهر أنه عبد الله لأنه يروي عن جابر (أخبره أن أباه) عبد الله (قتل يوم) وقعة (أُحُد شهيدًا) وكان عليه دين ثلاثين وسقًا لرجل من اليهود (فاشتد الغرماء) عليّ (في) طلب (حقوقهم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته) أي ليشفع لي زاد في علامات النبوّة من وجه آخر فقلت إن أبي ترك عليه دينًا وليس عندي إلا ما يخرج نخله ولا يبلغ ما يخرج سنين ما عليه (فسألهم) النبي صلى الله عليه وسلم (أن يقبلوا ثمر حائطي) بفتح المثلثة والميم أي في دينهم (ويحللوا أبي) أي يجعلوه في حِلٍّ بإبرائهم ذمته (فأبوا) أي امتنعوا (فلم يعطهم رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثمر نخل (حائطي ولم يكسره) بفتح أوّله وكسر ثالثه أي لم يكسر الثمر من النخل (لهم) أي لم يعين ولم يقسم عليهم قاله الكرماني (ولكن قال): عليه الصلاة والسلام: (سأغدوا عليك) زاد أبو ذر إن شاء الله تعالى قال جابر: (فغدا علينا) صلى الله عليه وسلم (حين أصبح) ولغبر أبي ذر حتى أصبح والأول أوجه وضبب على الأخير في الفرع (فطاف في النخل ودعا) بالواو ولأبوي ذر والوقت فدعا (في ثمره بالبركة) وعند أحمد عن جابر من وجه آخر فجاء هو وأبو بكر وعمر فاستقرأ النخل يقوم تحت كل نخلة لا أدري ما يقول حتى مرّ على آخرها (فجددتها) بالجيم والدالين المهملتين أي قطعتها (فقضيتهم حقهم) الذي لهم وفي اليونينية وفرعها حقوقهم (وبقي لنا من ثمرها) بالمثلثة المفتوحة، ولأبي الوقت: من تمرها بالمثناة الفوقية وسكون الميم أي تمر النخل (بقية) وفي علامات النبوّة وبقي مثل ما أعطاهم، (ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس) جملة حالية (فأخبرته بذلك) الذي وقع من قضاء الحقوق وبقاء الزيادة وظهور بركة دعائه صلى الله عليه وسلم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر) بن الخطاب:(اسمع) ما يقول جابر (وهو) أي عمر (جالس يا عمر فقال) عمر (ألا يكون) بالرفع وفي بعض الأصول بالنصب (قد علمنا أنك رسول الله والله إنك لرسول الله) بفتح الهمزة وتشديد اللام من ألا وأصلها أن المخففة ضمت إليها لا النافية أي هذا إنما يحتاج إليه من لا يعلم أنك رسول الله فكذبك في الخبر فيحتاج إلى الاستدلال، وأما من علم أنك رسول الله فلا يحتاج إلى ذلك ولأبي ذر عن الكشميهني ألا بتخفيف اللام كما في فروع عدة لليونينية وأصول معتمدة ووجه بأن الهمزة للاستفهام التقريري، وإذا تقرر هذا فلينظر في قول الحافظ ابن حجر في علامات النبوّة ألا يكون بفتح الهمزة وتشديد اللام في الروايات كلها. وزعم بعض المتأخرين أن الرواية فيه بتخفيف اللام وأن الهمزة للاستفهام التقريري فأنكر عمر عدم علمه بالرسالة فأنتج إنكاره
ثبوت علمه بها. قال الحافظ ابن حجر: وهو كلام موجه إلا أن الرواية إنما هي بالتشديد وكذا ضبطها عياض وغيره انتهى. وقال الكرماني: ومقصوده صلى الله عليه وسلم تأكيد علم عمر رضي الله عنه وتقويته وضم حجة أخرى إلى الحجج السابقة. وقال في الفتح: النكتة في اختصاصه بإعلامه بذلك أنه كان معتنيًا بقضية جابر مهتمًّا بشأنه مساعدًا له على وفاء دين أبيه.
ومطابقة الحديث للترجمة تؤخذ كما قاله في عمدة القاري من معنى الحديث، ولكنه