الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استعارة من قطع العنق الذي هو القتل لاشتراكهما في الهلاك قالها (مرارًا ثم قال) عليه الصلاة والسلام (من كان منكم مادحًا أخاه لا محالة) بفتح الميم لا بدّ (فليقل أحسب) بكسر عين الفعل وفتحه أي أظن (فلانًا والله حسبه) أي كافيه فعيل بمعنى فاعل (ولا أزكّي على الله أحدًا) أي لا أقطع
له على عاقبته ولا على ما في ضميره لأن ذلك مغيب عنّا (أحسبه) أي أظنه (كذا وكذا إن كان يعلم ذلك) أي يظنه (منه) فلا يقطع بتزكيته لأنه لا يطلع على باطنه إلاّ الله تعالى.
ووجه المطابقة أنه صلى الله عليه وسلم اعتبر تزكي الرجل إذا اقتصد لأنه لم يعب عليه إلاّ الإسراف والتغالي في المدح.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الأدب، ومسلم في آخر الكتاب، وأبو داود وابن ماجه في الأدب.
17 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الإِطْنَابِ فِي الْمَدْحِ، وَلْيَقُلْ مَا يَعْلَمُ
(باب ما يكره من الإطناب) بكسر الهمزة أي المبالغة (في المدح وليقل) أي المادح في الممدوح (ما يعلم) ولا يتجاوزه.
2663 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: "سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِي مَدْحِهِ فَقَالَ: أَهْلَكْتُمْ -أَوْ قَطَعْتُمْ- ظَهْرَ الرَّجُلِ". [الحديث 2663 - طرفه في: 6060].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن الصباح) بالصاد والحاء المهملتين بينهما موحدة مشددة فألف البزار أبو جعفر البغدادي الثقة الحافظ قال: (حدّثنا إسماعيل بن زكريا) بن مرّة الخلقاني بضم الخاء المعجمة وسكون اللام بعدها قاف الكوفي الملقب بشقوصا بفتح الشين المعجمة وضم القاف المخففة وبالصاد المهملة قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء مصغرًا (عن) جدّه (أبي بردة) الحرث أو عامر أو اسمه كنيته (عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله بن قيس رضي الله عنه أنه (قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يثني على رجل) لم يسميا أو هما محجن وذو البجادين السابقان في الباب السابق (ويطريه) بضم أوله من الإطراء أي يبالغ (في مدحه) ولأبوي ذر والوقت في المدح (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(أهلكتم أو) قال (قطعتم ظهر الرجل) خاف عليه العجب والشك من الراوي، ولم يأتِ المؤلّف بما يدل لجزء الترجمة الأخير، ويحتمل أن يقال: إن الذي يطنب لا بدّ أن يقول ما لا يعلم أو أن حديثي أبي بكرة وأبي موسى متّحدان، وقد قال في حديث أبي بكرة: إن كان يعلم ذلك منه ولا كراهة في مدح الرجل الرجل في وجهه إنما المكروه الإطناب.
18 - باب بُلُوغِ الصِّبْيَانِ وَشَهَادَتِهِمْ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} . [النور: 59]. وَقَالَ مُغِيرَة:
احْتَلَمْتُ وَأَنَا ابْنُ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ سَنَةً. وَبُلُوغُ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ لِقَوْلِهِ عز وجل: {وَاللَاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَاءِكُم -إِلَى قَوْلِهِ- أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: أَدْرَكْتُ جَارَةً لَنَا جَدَّةً بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَة.
(باب) حدّ (بلوغ الصبيان و) حكم (شهادتهم) هل هي معتبرة أم لا؟ (وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على المجرور السابق ولأبي ذر: عز وجل بدل قوله تعالى. ({وإذا بلغ الأطفال}) الذين إنما كانوا يستأذنون في العورات الثلاث ({منكم الحلم فليستأذنوا})[النور: 59] على كل حال يعني بالنسبة إلى أجانبهم وإلى الأحوال التي يكون الرجل مع أهله وإن لم يكن في الأحوال الثلاث قال الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير إذا كان الغلام رباعيًّا فإنه يستأذن في العورات الثلاث على أبويه فإذا بلغ الحلم فليستأذن على كل حال.
(وقال مغيرة) بن مقسم الضبي الفقيه الأعمى الكوفي: (احتلمت وأنا ابن اثنتي عشرة سنة) وقد قالوا إن عمرو بن العاص لم يكن بينه وبين ابنه عبد الله في السن سوى اثنتي عشرة سنة.
(وبلوغ النساء) بجر بلوغ عطفًا على قوله بلوغ الصبيان فهو من الترجمة والذي في الفرع مبتدأ وخبره قوله (في الحيض) ولأبوي ذر والوقت: إلى الحيض (لقوله عز وجل: {واللائي يئسن من المحيض} [الطلاق: 4] إلى قوله) ولأبوي ذر والوقت {من نسائكم} إلى قوله: {أن يضعن حملهم} [الطلاق: 4] فعلق الحكم في العدة بالإقراء على حصول الحيض وأما قبله وبعده فبالأشهر فدلّ على أن وجود الحيض ينقل الحكم وقد أجمعوا على أن الحيض بلوغ في حق النساء قاله في الفتح.
(وقال الحسن بن صالح) الهمداني الكوفي العابد مما وصله الدينوري في المجالسة من طريق يحيى بن آدم عنه (أدركت جارة لنا جدّة) نصب بدلاً من جارة (بنت إحدى وعشرين) زاد أبو ذر في روايته عن الكشميهني سنة وبنت نصب صفة لجدة وزاد في المجالسة وأقل أوقات الحمل تسع سنين انتهى.
وقال الشافعي: أعجل ما سمعت من النساء يحضن نساء تهامة يحضن لتسع سنين، وقال
أيضًا إنه رأى جدّة بنت إحدى وعشرين سنة وأنها حاضت لاستكمال تسع سنين ووضعت بنتًا لاستكمال عشر ووقع لبنتها مثل ذلك.
2664 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي، ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي" قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهْوَ خَلِيفَةٌ فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ. [الحديث 2664 - طرفه في: 4097].
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله) بضم العين مصغرًا (ابن سعيد) بكسر العين أبو قدامة السرخسي وجزم البيهقي في الخلافيات بأنه عبيد بن إسماعيل بالتصغير أيضًا من غير إضافة وهو الهباري القرشي الكوفي أحد مشايخ البخاري قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (قال: حدّثني) بالإفراد (عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب (قال: حدّثني) بالإفراد (نافع) مول ابن عمر (قال: حدّثني) بالإفراد (ابن عمر) عبد الله (رضي الله عنهما)(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أُحُد) في شوّال سنة ثلاث (وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني) بضم أوله من الإجازة. وقال الكرماني: فلم يثبتني في ديوان المقاتلين ولم يقدر لي رزقًا مثل أرزاق الأجناد وكان مقتضى السياق أن يقول عرضه فلم يجزه بدل قوله فلم يجزني وأن يقول ثم عرضه بدل قوله عرضني كالأولى، لكنه على طريق الالتفات أو التجريد وقد وقع في رواية يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر في المغازي فلم يجزه، ولمسلم عن ابن نمير عن أبيه عن عبد الله عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد في القتال فلم يجزني، وله أيضًا من رواية إدريس وغيره عن عبد الله فاستصغرني (ثم عرضني يوم الخندق) سنة خمس، وجنح المؤلّف إلى قول موسى بن عقبة أن الخندق في شوّال سنة أربع، والمرجح قول ابن إسحاق وأكثر أهل السير: إن الخندق سنة خمس كما سيأتي إن شاء الله تعالى (وأنا ابن خمس عشرة) زاد أبو الوقت وأبو ذر عن الحموي: سنة، واستشكل هذا على قول ابن إسحاق إذ مقتضاه أن يكون سنّ ابن عمر في الخندق ست عشرة سنة. وأجاب البيهقي: بأنه كان في أُحُد دخل في أربع عشرة سنة وفي الخندق تجاوزها فألغى الكسر في الأولى وجبره في الثانية (فأجازني) استدلّ بذلك على أن من استكمل خمس عشرة سنة قمرية تحديدية ابتداؤها من انفصال جميع الولد يكون بالغًا بالسن فتجري عليه أحكام البالغين وإن لم يحتلم فيكلف بالعبادات وإقامة الحدود ويستحق سهم الغنيمة وغير ذلك من الأحكام، وقال المالكية: ببلوغه ثمان عشرة وبه قال أبو حنيفة لقوله تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده} [الأنعام: 152] فسره ابن عباس بثمان عشرة سنة والجارية سبع عشرة لأن نشوء الإناث وبلوغهن أسرع فنقص عن ذلك سنة. وقال أبو يوسف ومحمد: بخمس عشر في الغلام والجارية وهي رواية عن أبي حنيفة. قال ابن فرشتاه: وعليه الفتوى لأن العادة جارية على أن البلوغ لا يتأخر عن هذه المدة. وأجاب بعض المالكية عن قصة ابن عمر بأنها واقعة عين لا عموم لها، فيحتمل أن يكون صادف أنه كان عند ذلك السنّ قد احتلم فأجازه، وقال آخر: الإجازة المذكورة حكم منوط بإطاقة القتال والقدرة عليه فإجازته عليه الصلاة والسلام ابن عمر في الخمس عشرة لأنه رآه مطيقًا للقتال في هذا السن ولما عرضه وهو ابن أربع عشرة لم يره مطيقًا للقتال فرده قال: فليس فيه دليل على أنه رأى عدم البلوغ في الأول ورآه في الثاني انتهى.
وهذا مردود بما أخرجه أبو عوانة وابن حبّان في صحيحيهما وعبد الرزاق من وجه آخر من ابن جريج أخبرني نافع بلفظ: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ولم
يرني بلغت، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ورآني بلغت. قال الحافظ ابن حجر: وهذه زيادة صحيحة لا مطعن فيها لجلالة ابن جريج وتقدمه على غيره في حديث نافع، وقد صرّح بالتحديث فانتفى ما يخشى من تدليسه وقد نص ابن عمر بقوله ولم يرني بلغت وابن عمر أعلم بما روى من غيره لا سيما في قصة تتعلق به.
(قال نافع) مولى ابن عمر بالإسناد السابق: (فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فحدّثته هذا الحديث) الذي حدّثه به ابن عمر (فقال: إن هذ) السن وهو خمس عشرة سنة (لحدّ بين