الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - باب فِي الشُّرْبِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}
وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} .
الأُجَاجُ: الْمُرُّ. الْمُزْنُ: السَّحَابُ.
هذا (باب) بالتنوين (في الشرب) بكسر الشين المعجمة أي باب الحكم في قسمة الماء والشرب بالكسر في الأصل النصيب والحظ من الماء وفي الفرع بضمها وعزاه عياض للأصيلي قال والكسر أولى. وقال السفاقسي: من ضبطه بالضم أراد المصدر وقال غيره المصدر مثلث وسقط لأبي ذر كتاب المساقاة ولفظ باب. قال ابن حجر: ولا وجه لقوله كتاب المساقاة فإن الترجمة التي فيه غالبها تتعلق بإحياء الموات.
(وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على سابقه ({وجعلنا من الماء كل شيء حيّ}) بالجر صفة لشيء أي كل حيوان كقوله تعالى: {والله خلق كل دابة من ماء} [النور: 45] أو كأنما خلقناه من ماء
لفرط احتياجه إليه وحبه له وقلة صبره عنه كقوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} [الأنبياء: 37] أو المعنى صيّرنا كل شيء حيّ بسبب من الماء لا يحيا دونه وفي حديث أبي هريرة عند الإمام أحمد قال قلت يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء. قال "كل شيء خلق من الماء" الحديث وإسناده على شرط الشيخين إلا أبا ميمونة فمن رجال السنن واسمه سليم والترمذي يصحح له، وروى ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن المراد بالماء النطفة {أفلا يؤمنون} [الأنبياء: 30] مع ظهور الآيات.
(وقوله جلّ ذكره: {أفرأيتم الماء الذي تشربون}) أي العذب الصالح للشرب ({أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون}) بقدرتنا ({لو نشاء جعلناه أجاجًا فلولا تشكرون})[الواقعة: 68 و69 و70] قال البخاري تبعًا لأبي عبيد: (الأجاج: المرّ) وقيل هو الشديد الملوحة أو المرارة أو الحارّ حكاه ابن فارس. وقال المؤلّف تبعًا لقتادة ومجاهد فيما أخرجه الطبري عنهما (المزن: السحاب) وقيل هو الأبيض وماؤه أعذب، وفي رواية المستملي أجاجًا منصبًا وهو موافق لتفسير ابن عباس وقتادة ومجاهد فيما أخرجه الطبري المزن: السحاب، الأجاج: المرّ، فراتًا: عذابًا. وعن السدي فيما رواه ابن أبي حاتم العذب: الفرات الحلو.
وقوله ثجاجًا وفراتًا ذكرهما هنا استطرادًا على عادته في زيادته فرائد الفوائد ولفظ رواية أبي ذر {أفرأيتم الماء الذي تشربون} إلى قوله: {فلولا تشكرون} .
وقد أورد الزمخشري هنا سؤالاً فقال: فإن قلت: لِمَ أدخلت اللام على جواب "لو" في قوله تعالى: {لو نشاء لجعلناه حطامًا} [الواقعة: 65] ونزعت منه هاهنا. وأجاب بأن "لو" لما كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعلق الجزاء بالشرط ولم تكن مخلصة للشرط كان ولا عاملة مثلها، وإنما سرى فيها معنى الشرط اتفاقًا من حيث إفادتها في مضمون جملتيها أن الثاني امتنع لامتناع الأوّل افتقرت في جوابها إلى ما ينصب علمًا على هذا التعلق فزيدت هذه اللام لتكون علمًا على ذلك فإذا حذفت بعدما صارت علمًا مشهورًا مكانه فلأن الشيء إذا علم وشهر موقعه وصار مألوفًا ومأنوسًا به لم يبالِ بإسقاطه عن اللفظ استغناء بمعرفة السامع أو أن هذه اللام مفيدة معنى التوكيد لا محالة فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب للدلالة على أن أمر المطعوم مقدّم على أمر المشروب وأن الوعيد بفقده أشد وأصعب من قبل أن المشروب إنما يحتاج إليه تبعًا للمطعوم ولهذا قدّمت آية المطعوم على آية المشروب انتهى.
1 - باب فِي الشُّرْبِ وَمَنْ رَأَى صَدَقَةَ الْمَاءِ وَهِبَتَهُ وَوَصِيَّتَهُ جَائِزَةً، مَقْسُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ
وَقَالَ عُثْمَانُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ» فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ رضي الله عنه.
هذا (باب) بالتنوين (في الشرب) بضم المعجمة (ومن رأى) ولأبي ذر: باب من رأى (صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة مقسومًا كان أو غير مقسوم، وقال عثمان) بن عفان رضي الله عنه فيما وصله الترمذي والنسائي وابن خزيمة (قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(من يشتري بئر رومة) بإضافة بئر إلى رومة بضم الراء وسكون الواو فميم فهاء بئر معروفة بالمدينة (فيكون دلوه فيها) أي في البئر المذكور (كدلاء المسلمين) يعني يوقفها ويكون حظه منها كحظ غيره منها من غير مزية (فاشتراها عثمان رضي الله عنه) ووقفها على الفقير والغني وابن السبيل، وقد تمسك به من جوّز الوقف على النفس. وأجيب: بأنه كما لو وقف على الفقراء ثم صار فقيرًا فإنه يجوز له الأخذ منه ورومة قيل إنه علم على صاحب البئر وهو رومة الغفاري كما ذكره ابن منده فقال يقال: إنه أسلم
روى حديثه عبد الله بن عمر بن أبان عن المحاربي عن أبي مسعود عن أبي سلمة بشير بن بشير الأسلمي عن أبيه قال: لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة كان يبيع منها القرية بالمد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعينها بعين في الجنة" فقال: يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها فبلغ ذلك عثمان فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أتجعل لي مثل الذي جعلت لرومة عينًا في الجنة؟ قال: "نعم" قال: قد اشتريتها وجعلتها للمسلمين.
قال في الإصابة: تعلق ابن منده على قوله أتجعل لي مثل الذي جعلت لرومة ظنًا منه أن المراد به صاحب البئر وليس كذلك لأن في صدر الحديث أن رومة اسم البئر، وإنما المراد بقوله: جعلت لرومة أي لصاحب رومة أو نحو ذلك. وقد أخرجه البغوي عن عبد الله بن عمر بن أبان فقال فيه مثل الذي جعلت له فأعاد الضمير على الغفاري، وكذا أخرجه ابن شاهين والطبراني من طريق ابن أبان.
وقال البلاذري في تاريخه: هي بئر قديمة كانت ارتطمت فأتى قوم من مزينة حلفاء للأنصار فقاموا عليها وأصلحوها وكانت رومة امرأة منهم أو أمة لهم تسقي منها الناس فنسبت إليها اهـ.
ويأتي في الوقف إن شاء الله تعالى أن عثمان رضي الله عنه قال: ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حفر رومة" فحفرتها. وهذا يقتضي أن رومة اسم العين لا اسم صاحبها، ويحتمل أن يكون على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه جمعًا بين الحديثين كما مر والله أعلم.
2351 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: "أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ". [الحديث 2351 - أطرافه في: 2366، 2451، 2602، 2605، 5620].
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري قال: (حدّثنا أبو غسان) بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة وبعد الألف نون محمد بن مطرف الليثي المدني نزل عسقلان (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار الأعرج المدني (عن سهل بن سعد) الساعدي (رضي الله عنه) أنه (قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم) بضم الهمزة وكسر المثناة الفوقية والنبي رفع نائب عن الفاعل (بقدح) فيه ماء أو لبن شيب به (فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم) هو ابن عباس رضي الله عنهما كما في مسند ابن أبي شيبة (والأشياخ) وفيهم خالد بن الوليد (عن يساره فقال) عليه الصلاة والسلام:
(يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ قال) الغلام (ما كنت لأوثر بفضلي) قال الكرماني وتبعه العيني والبرماوي وغيرهما وفي بعضها بفضل (منك أحدًا يا رسول الله فأعطاه إياه) ووجه دخول هذا الحديث هنا من جهة مشروعية قسمة الماء وأنه يملك إذ لو لم يملك لما جازت فيه القسمة.
2352 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: "حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهَا حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ دَاجِنٌ -وَهْيَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ، فَأَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ، حَتَّى إِذَا نَزَعَ الْقَدَحَ مِنْ فِيهِ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ عُمَرُ -وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الأَعْرَابِيَّ- أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَكَ، فَأَعْطَاهُ الأَعْرَابِيَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ". [الحديث 2352 - أطرافه في: 2571، 5612، 5619].
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع الحمصي قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة الحمصي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (أنس بن مالك رضي الله عنه أنها) أي القصة ولأبي ذر عن الكشميهني أنه أي الشاة (حلبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة داجن) هي التي تألف البيوت وتقيم بها ولم يقل داجنة اعتبارًا بتأنيث الموصوف لأن الشاة تذكر وتؤنث وفي النهاية هي التي تعلف في المنزل (وهي) أي الداجن والواو للحال ولأبي ذر وهو أي النبي صلى الله عليه وسلم (في دار أنس بن مالك) رضي الله عنه (وشيب لبنها) بكسر الشين مبنيًّا للمفعول ولبنها رفع نائب عن الفاعل أي خلط (بماء من البئر التي في دار أنس فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم القدح فشرب منه) عليه الصلاة والسلام (حتى إذا نزع القدح) أي قلعه (عن فيه) وللمستملي والحموي من فيه (وعلى يساره أبو بكر) الصديق رضي الله عنه (وعن يمينه أعرابي) قيل إنه خالد بن الوليد ورد بأنه لا يقال له أعرابي وعبّر بقوله وعلى في الأولى وبعن في الثانية، فقال الكرماني لعل يساره كان موضعًا مرتفعًا فاعتبر استعلاؤه أو كان الأعراب بعيدًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم (فقال عمر) بن الخطاب رضي الله عنه:(وخاف) أي والحال أن عمر خاف