الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العنزي عن جابر عند الإمام أحمد فكِلت لهم من العجوة فأوفاهم الله وفضل لنا من التمر كذا وكذا ويأتي إن شاء الله تعالى مزيد لذلك في باب علامات النبوّة بعون الله وقوّته.
(فجاء جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي كان) من البركة وفضل من التمر بعد قضاء الدين (فوجده يصلّي العصر فلما انصرف أخبره بالفضل فقال) عليه الصلاة والسلام له: (أخبر ذلك) الذي ذكرته من الفضل (ابن الخطاب) عمر رضي الله عنه ولأبي ذر ذاك بإسقاط اللام (فذهب جابر إلى عمر فأخبره) بذلك (فقال له) أي لجابر (عمر لقد علمت حين مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليباركنّ فيها) بضم التحتية وفتح الراء مبنيًا للمفعول مؤكدًا بالنون الثقيلة، وقيل: وخصّ عمر بذلك لأنه كان مهتمًّا بقصة جابر.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الصلح وأبو داود في الوصايا وكذا النسائي وأخرجه ابن ماجة في الأحكام.
10 - باب مَنِ اسْتَعَاذَ مِنَ الدَّيْنِ
(باب من استعاذ) بالله (من الدين) أي من ارتكابه.
2397 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ح. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. فَقَالَ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْمَغْرَمِ؟ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ".
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم (ح) مهملة لتحويل السند قال المؤلّف:
(وحدّثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس وسقط لغير أبي ذر قوله حدّثنا أبو اليمان إلى آخر واو وحدّثنا إسماعيل (قال: حدّثني) بالإفراد (أخي) عبد الحميد أبو بكر وهو بكنيته أشهر (عن سليمان) بن بلال (عن محمد بن أبي عتيق) هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق التيمي المدني (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم (عن عروة) بن الزبير (أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة ويقول):
(اللهم أعوذ بك) ولأبي ذر: اللهم إني أعوذ بك (من المأثم) الذي يأثم به الإنسان أو هو الإثم نفسه وضعًا للمصدر موضع الاسم (والمغرم) هو أيضًا مصدر وضع موضع الاسم يريد به مغرم الذنوب والمعاصي. وقيل كالغرم وهو الدين ويريد به ما استدين فيما يكرهه الله أو فيما يجوز ثم عجز فأما دين احتاج إليه وهو قادر على أدائه فلا يستعاذ منه أو المراد الاستعاذة من الاحتياج إليه ولا تعارض بين الاستعاذة من الدين وجواز الاستدانة لأن الذي استعيذ منه ليس هو نفس الدين بل غوائل الذين المشار إليها بقوله: (فقال قائل) هي عائشة رضي الله عنها كما في الرواية الأخرى (ما أكثر ما تستعيذ) بالله (يا رسول الله من المغرم. قال) عليه الصلاة والسلام (إن الرجل إذا غرم حدّث) قال البيضاوي: أي أخبر عن ماضي الأحوال لتمهيد معذرته في التقصير (فكذب) وللكشميهني: كذب (ووعد) فيما يستقبل (فأخلف) لا يفي بوعده وتعقبه في شرح المشكاة بأنه لم يرد بإدخال إذا في
حدّث ووعد أنهما شرطان وكذب وأخلف جزءان بل أراد بيان ترتبهما عليهما بحرف التعقيب فكيف يتصور ذلك وإن الشرط في الحديث غرم وحدّث جزاء ووعد عطف عليه وكذب وأخلف مرتبان على الجزاء وما عطف عليه.
11 - باب الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ تَرَكَ دَيْنًا
(باب) حكم (الصلاة على من ترك) عليه (دينًا).
2398 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلاًّ فَإِلَيْنَا» .
وبه قال: (حدثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عدي بن ثابت) الأنصاري الكوفي التابعي المشهور وثّقه أحمد والعجلي والدارقطني إلا أنه كان يغلو في التشيع لكن أخرج له الجماعة ولم يخرج له في الصحيح شيء مما يقوّي بدعته (عن أبي حازم) بالزاي بعد الحاء المهملة سلمان الأشجعي (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(من ترك) بعد وفاته (مالاً فلورثته ومن ترك كلاًّ) بفتح الكاف وتشديد اللام الثقل من كل ما يتكلف، والكل: العيال قاله في النهاية، ولا ريب أن الدين من كل ما يتكلف والمعنى من مات وترك عيالاً أو دينًا (فإلينا) يرجع أمره فنوفي دينه ونقوم بمصالح عياله.
2399 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَاّ وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي، فَأَنَا مَوْلَاهُ» .
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي بفتح النون قال: (حدّثنا أبو عامر) عبد الملك بن عمرو العقدي قال: (حدّثنا فليح) هو ابن سليمان الخزاعي أو الأسلمي أبو يحيى المدني ويقال فليح
لقب واسمه عبد الملك من طبقة مالك واحتج به البخاري وأصحاب السُّنن وروى له مسلم حديثًا واحدًا وهو حديث الإفك وهو ثقة لكنه كثير الخطأ وضعّفه ابن معين وأبو داود. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة مستقيمة وغرائب وهو عندي لا بأس به انتهى.
قال الحافظ ابن حجر لم يعتمد عليه البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما وإنما أخرج له أحاديث أكثرها في المتابعات وبعضها في الرقاق. (عن هلال بن علي) العامري المدني وقد ينسب إلى جدّه أسامة (عن عبد الرحمن بن أبي عمرة) بفتح العين وسكون الميم آخره هاء تأنيث الأنصاري النجاري يقال ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن أبي حاتم ليست له صحبة (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ما من مؤمن إلا وأنا) بالواو ولأبى الوقت إلا أنا (أولى) أحق الناس (به في) كل شيء من أمور (الدنيا والآخرة اقرؤوا إن شئتم) قوله تعالى: ({النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم})[الأحزاب: 6] قال بعض الكبراء إنما كان عليه الصلاة والسلام أولى بهم من أنفسهم لأن أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك وهو يدعوهم إلى النجاة. قال ابن عطية: ويؤيده فى قوله عليه الصلاة والسلام: "أنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها" ويترتب على كونه أولى بهم من أنفسهم أنه يجب عليهم إيثار طاعته على شهوات أنفسهم وإن شقّ ذلك عليهم وأن يحبوه أكثر من محبتهم لأنفسهم ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ووالده" الحديث.
واستنبط بعضهم من الآية أن له عليه الصلاة والسلام أن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج عليه الصلاة والسلام إليهما وعلى صاحبهما البذل ويفدي بمهجته نبيّه صلوات الله وسلامه عليه، وأنه لو قصده عليه الصلاة والسلام ظالم وجب على من حضره أن يبذل نفسه دونه ولم يذكر عليه الصلاة والسلام عند نزول هذه الآية ما له في ذلك من الحظ وإنما ذكر ما هو عليه فقال:
(فأيما مؤمن مات وترك مالاً) أي أو حقًّا وذكر المال خرج مخرج الغالب فإن الحقوق تورث كالمال (فليرثه عصبته من كانوا) عبر بمن الموصولة ليعم أنواع العصبة والذي عليه أكثر الفرضيين أنهم ثلاثة أقسام عصبة بنفسه وهو من له ولاء وكل ذكر نسيب يدلى إلى الميت بلا واسطة أو بتوسط محض المذكور وعصبة بغيره وهو كل ذات نصف معها ذكر يعصبها وعصبة مع غيره وهو أخت فأكثر لغير أم معها بنت أو بنت ابن فأكثر (ومن ترك دينًا أو ضياعًا) بفتح الضاد المعجمة مصدر أطلق على اسم الفاعل للمبالغة كالعدل والصوم وجوّز ابن الأثير الكسر على أنه جمع ضائع كجياع في جمع جائع وأنكره الخطابي أي من ترك عيالاً محتاجين (فليأتني فأنا مولاه) أي وليّه أتولى أموره فإن ترك دينًا وفيته
عنه أو عيالاً فأنا كافلهم وإليّ ملجؤهم ومأواهم، وقد كان عليه الصلاة والسلام في صدر الإسلام لا يصلّي على من عليه دين فلما فتح الله تعالى عليه الفتوح صار يصلّي عليه ويوفي دينه فصار ذلك ناسخًا لفعله الأول وهل كان ذلك محرّمًا عليه أم لا؟ فيه خلاف للشافعية حكاه الروياني في الجرجانيات وحكى خلافًا أيضًا في أنه هل كان يجوز له أن يصلّي مع وجود الضامن. قال النووي: والصواب الجزم بجوازه مع وجود الضامن اهـ.
قال في شرح تقريب الأسانيد والظاهر أن ذلك لم يكن محرّمًا عليه وإنما كان يفعله ليحرّض الناس على قضاء الدين في حياتهم والتوصل إلى البراءة منه لئلا تفوتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما فتح الله تعالى عليه الفتوح صار يصلّي عليهم ويقضي دين من لم يخلف وفاء كما مرّ وهل كان ذلك واجبًا عليه أو يفعله تكرّمًا وتفضلاً؟ فيه خلاف عند الشافعية أيضًا والأشهر عندهم وجوبه وعدّوه من الخصائص وعند ابن حبان وصححه أنا وارث من لا وارث له أعقل منه وأرثه فهو عليه الصلاة والسلام لا يرث لنفسه بل يصرفه للمسلمين.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف