الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) باب [في مسائل متفرقة من كتاب الصوم]
الفصل الأول
1982 -
عن أنسٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((تَسحَّرُوا فإِنَّ في السُّحور برَكةً)). متفق عليه.
1983 -
وعن عمرو بنِ العاصِ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((فصلُ ما بينَ صيامِنا وصيامِ أهلِ الكتابِ أكْلَة السَّحَرِ)). رواه مسلم.
1984 -
وعن سهلٍ، قال قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:((لا يَزالُ النَّاسُ بخَيرٍ ما عجَّلوا الفِطرَ)). متفق عليه.
ــ
باب في مسائل متفرقة من كتاب الصوم
الفصل الأول
الحديث الأول عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((فإن في السحور بركة)) ((نه)): السحور- بالفتح- اسم ما يتسحر به من الطعام والشراب، و- بالضم- المصدر. والفعل نفسه، وأكثر ما يروى بالفتح. وقيل: إن الصواب بالضم؛ لأنه بالفتح الطعام. والبركة- الجر والثواب- في الفعل لا في الطعام.
الحديث الثاني والثالث عن عمرو بن العاص: قوله: ((فصل ما بين صيامنا)) ((تو)): ((فصل)) بالصاد المهملة، ومن الناس من يقول بالضاد المنقوطة تصحيفاً. و ((أكلة)). بفتح الهمزة، وهي المرة، والمعنى أن السحور هو الفارق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب؛ لأن الله أباح لنا ما حرم عليهم، ومخالفتنا إياهم في ذلك تقع موقع الشكر لتلك النعمة. ويدخل في معناه حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الذي يتلوه ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر))؛ لأن فيه مخالفة أهل الكتاب، وكانوا يؤخرون الإفطار إلي اشتباك النجوم.
ثم صار في ملتنا شعاراُ لأهل البدعة، وهذه هي الخصلة التي لم يرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأقول: يشابه هذا التأخير تقديم صوم يوم أو يومين علي صوم رمضان. وفيه أن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي الطريق المستقيم، من تعوج عنها فقد ارتكب المعوج من الضلال ولو في العبادة.
1985 -
وعن عمرَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذا أقبلَ الليلُ منْ هاهُنا وأدْبرَ النَّهارُ منْ هَاهُنا وغرَبتِ الشَّمسُ، فقدْ أفطرَ الصائِمُ)). متفق عليه.
1986 -
وعن أبي هريرةَ، قال: نَهي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنِ الوِصالِ في الصَّوم. فقال له رجلٌ: إنَّكَ تُواصلُ يا رسولَ الله! قال: ((وأَيُّكم مثلي، إني أبيتُ يُطعِمُني ربي ويَسقِيني)). متفق عليه.
ــ
الحديث الرابع عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((إذا أقبل الليل من ها هنا)) أي أقبل ظلمة الليل من جانب المشرق، وأدبر ضوء النهار من جانب المغرب. وإنما قال:((وغربت الشمس)) مع الاستغناء عنه؛ لبيان كمال الغروب، كيلا يظن أنه إذا غرب بعض الشمس جاز الإفطار. قوله:((فقد أفطر الصائم)) ((حس)) و ((نه)): أي صار مفطراً حكماً وإن لم يفطر حساً، أو دخل في وقت الإفطار، كما يقال: أمسى وأصبح، أي دخل في وقت المساء والصباح.
قال أبو عبيد: فيه رد علي المواصلين، أي ليس للمواصل فضل علي الآكل؛ لأن الليل لا يقبل الصوم، وأقول: ويمكن أن يحمل الإخبار علي الإنشاء إظهاراً للحرص علي وقوع المامور به، أي إذا أقبل الليل فليفطر الصائم، وذلك أن الخيرية منوطة بتعجيل الإفطار فكأنه قد وقع وحصل، وهو يخبر عنه، ونحوه قوله تعالي:{هَلْ أدلكُمْ عَلي تجَارَةٍ تُنجيكُمْ منْ عَذابٍ أَليمٍ تُؤمنونَ بِاللهِ وَرَسُولهِ} أي آمنوا وجاهدوا.
الحديث الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم)) ((قض)): الوصال تتابع الصوم من غير إفطار بالليل، والموجب للنهي عنه إيراث الضعف، والسآمة، والعجز عن المواظبة علي كثير من وظائف الطاعات، والقيام بحقوقها. وللعلماء اختلاف في أنه نهي تحريم، أو تنزيه، والظاهر الأول. ويريد بقوله:((أيكم مثلي)) الفرق بينه وبين غيره؛ لأنه سبحانه وتعالي يفيض وتعالي يفيض عليه ما يسد مسد طعامه وشرابه من حيث أنه يشغله عن إحساس الجوع، العطش، ويقويه علي الطاعة، ويحرسه عن تحليل يفضي إلي كلال القوى، وضعف الأعضاء.
أقول: هذا أحد قولي الخطابي، والقول الآخر ذكر في شرح السنة هو: أن يحمل علي الظاهر، بأن يرزقه الله طعاماً وشراباً ليالي صيامه، فيكون ذلك كرامة له. والقول الألول أرجح؛ لأن الاستفهام في قوله:((أيكم مثلي)) يفيد التوبيخ المؤذن بالبعد البعيد، وكذلك لفظة ((مثلي)) لأن معناه من هو علي صفتي، ومنزلتي، وقربي من الله تعالي صلى الله عليه وسلم ومن ثم اتبعه بقوله:((أبيت ويطعمني)) حال إن كانت تامة، وخبر إن كانت ناقصة.
الفصل الثاني
1987 -
عن حفصةَ [رضي الله عنها]، قالتْ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ لم يُجْمِعِ الصِّيامَ قبلَ الفجرِ فلا صيامَ له)) رواه الترمذيُّ، وأبو داود، والنسائي، والدارمي، وقال أبو داود: وقَفَه علي حفصةَ مَعْمَرٌ، والزُّبيدي، وابنُ عُيَينةَ، ويونسُ الأيلي كلُّهم عنِ الزُّهري. [1987]
1988 -
وعن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذا سمِعَ النِداءَ أحدُكم والإِناءُ في يدِه، فلا يضعْهُ حتى يقضى حاجتَه منه)). رواه أبو داود [1988].
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول عن حفصة: قوله: ((من لم يُجْمع الصيام)) ((قض)): يقال: أجمع علي الأمر وأزمع عليه، إذا صمم عزمه، ومنه قوله تعالي:{وَمَا كُنتَ لدَيهِمْ إِذْ أَجمَعُوا أَمْرهُمْ} أي أحكموه بالعزيمة. وظاهره أنه لا يصح الصوم لمن لم يعزم عليه من الليل قبل طلوع الفجر فرضاً كان أو نفلا، وإليه ذهب ابن عمر، وجابر بن زيد، ومالك، والمزنى، وداود. وذهب الباقون إلي صحة النفل بنية من النهار. وخصصوا هذا الحديث بما روى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:((كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني، فيقول: أعندك غدانا؟ فأقول: لا، فيقول: ((إني صائم)) وفي رواية ((إذن صائم))، و ((إذن)) للاستقبال وهو جواب وجزاء.
واتفقوا علي اشتراط التبييت في كل فرض لم يتعلق بزمان بعينه، كالقضاء، والكفارة، والنذر المطلق. واختلفوا فيما له زمان معين، كزمان صوم رمضان، وشرطه الأكثرون فيه أخذاً بعوم الحديث، غير ان مالكاً وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين عنه قالوا: لو نوى أول ليلة من رمضان صيام جميع الشهر أجزأه لأن صوم الكل كصوم يوم، وهو قياس لا يقابل النص.
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((إذا سمع النداء أحدكم)) إلي آخره، يشعر دليل الخطاب بأنه لم يفطر إذا كان الإناء في يده، وقد سبق أن تعجيل الإفطار مسنون. لكن هذا من مفهوم اللقب فلا يعمل به. ((خط)): هذا بناء علي قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)) أو يكون معناه أن يسمع النداء، وهو يشك في
1989 -
وعنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((قالَ اللهُ تعالي: أحبُّ عِبادي إِليَّ أعجلُهمْ فطراً)). رواه الترمذي [1989].
1990 -
وعن سَلمان بنِ عامرٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ((إذا أفطَرَ أحدُكم فليُطِرْ علي تمرٍ، فإِنَّه بَرَكةٌ، فإِنْ لم يجِدْ فلْيُطشرْ علي ماءٍ، فإِنَّه طَهورٌ)). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، وابنُ ماجه، والدرامي. ولم يذكرْ ((فإنَّه برَكةٌ)) غيرُ الترمذيِّ [1990].
ــ
الصبح، مثل أن تكون السماء مغيمة، فلا يقع له العلم بأذانه أن الفجر قد طلع لعلمه أن دلائل الفجر معدومة، ولو ظهرت للمؤذن لظهرت له أيضاً. فأما إذا علم انفجار الصبح فلا حاجة إلي أذان الصارخ؛ لأنه مأمور بأن يمسك عن الطعام والشراب إذا تبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.
الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أحب عبادي إلي أعجلهم فطراً)) ((مظ)): يعني من هو أكثر تعجيلا في الإفطار، فهو أحب إلي الله تعالي. ولعل محبة الله تعالي إياه لمتابعة سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولأنه إذا أفطر قبل الصلاة تمكن من أداء الصلاة بحضور القلب. ((تو)): أي أحب عبادي إلي من يخالف أهل البدعة فيما يعتقدون من وجوب التأخير. ويحتمل أنه أراد به جمهور هذه المة الذين يتدينون بشيعة محمد صلى الله عليه وسلم، أي هم أحب إلي ممن كان قبلهم من الأمم، والأول أشبه.
وأقول: لعل الثاني أوجه، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يحث الناس علي تعجيل الفطر، ويبين مكانته عند الله وصف المخلصين من عباده بذلك؛ ليكون ذريعة إلي المقصود، ونحوه قوله تعالي:{الذِينَ يَحْمِلوَن العرشَ ومَنْ حَوْلَه، يُسبحِّوَن بِحمْد رِبِّهمْ، وَيُؤمِنونَ بِه} وحملة العرش ليسوا ممن لا يؤمنون، لكن ذكر الإيمان لشرفه، والترغيب فيه، ومن ثم خص المحبة بالذكر؛ لأن متابعة الحبيب توجب محبة الله تعالي {قُلْ إِنْ كُنتُم تُحبونَ الله فاتبِعُوني يُحْببكُمُ اللهُ} وإلي هذا ينظر القول الأول لمظهر: هذا إذا أريد الاتصاف بالخير، وإن أريد التفضلة بين هذه الأمة وبين اليهود والنصارى، كان الوصف للتمييز. ويؤيده حديث أبي هريرة ((لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون)).
الحديث الرابع عن سلمان بن عامر: قوله: ((فإنه بركة)) أي فإن في الإفطار علي التمر ثواباً
1991 -
وعن أنسٍ، قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُفطِرُ قبلَ يُصليَ علي رُطبات، فإنْ لم تكنْ فَتُميراتٌ، فإِنْ لم تكن تُميرا حَسى حَسَواتٍ منْ ماءٍ. رواه الترمذيُّ، وأبو داود. وقال الترمذيُّ: هذا حديث حسنٌ غريب [1991].
1992 -
وعن زيد بن خالد، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ فطَّرَ صائماً، أو جهَّزَ غازياً، فلَه مثلُ أجرِه)) رواه البيهقيُّ في ((شعبِ الإِيمان))، ومُحيي السنُّة في ((شرْح السُّنةِ))، وقال: صحيح [1992].
1993 -
وعن ابن عمرَ، قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذا أفطرَ قال: ((ذهبَ الظَّمأ، وابتَلَّتِ العُروقَ، وثَبتَ الأجرُ إِنْ شاءَ اللهُ)) رواه أبو داود [1993].
1994 -
وعن مُعاذِ بنِ وُهرةَ، قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذا أفطرَ قال: ((اللهُمَّ لكَ صُمْتُ، وعلي رِزْقِكَ أفطرْتُ)) رواه أبو داود مُرسلا [1994].
ــ
كثيراً، ولارادة الثواب وبركته علل الماء بالطُهُورية؛ لأنه مزيل للمانع من أداء العبادة، ولهذا مَنَّ الله تعالي علي عباده بقوله:{وَأنَزلَنا مِنَ السَّماءِ مَاءً طَهُوَراً} .
الحديث الخامس والسادس عن زيد بن خالد: قوله: ((من فطر صائماً)) نظم الصائم في سلك الغازي؛ لانخراطهما في معنى المجاهدة مع أعداء الله، وقدم الجهاد اللكبر.
الحديث السابع عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((ثبت الأجر)) بعد قوله: ((ذهب الظمأ)) استبشار منهم؛ لأن من فاز ببغيته، ونال مطلوبه بعد التعب والنصب، وأراد أن يستلذ بما أدركه مزيد استلذاذ، ذكر تلك المشقة، ومن ثم حَمِدَ أهل السعادة في الجنة بعد ما أفلحوا بقولهم:{الحَمدُ للهِ الذِي أذْهَب عنَّا الحزَنَ، إِنَّ ربنَا لغَفورٌ شَكُورٌ} .
الحديث الثامن عن معاذ بن زهرة: قوله: ((الهم لك صمت)) قدم الجار والمجرور في القرينتين علي العامل دلالة علي الاختصاص، إظهاراً للإخلاص في الافتتاح، وإبداء لشكر الصنيع المختص به في الاختتام.
الفصل الثالث
1995 -
عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزالُ الدِّينُ ظاهراً ما عجَّلَ النَّاسُ الفِطَر؛ لأنَّ اليهودَ والنَّصارى يُؤَخِّرونَ)) رواه أبو داود، وابنُ ماجه [1995].
1996 -
وعن أبي عطَّيةَ، قال: دخلتُ أنا ومسروقٌ علي عائشةَ، فقُلنا: يا أُمَّ المؤْمنينَ! رجُلانِ منء أصحابِ محمَّد صلى الله عليه وسلم: احدُهما: يُعجِّلُ الإفطارَ ويُعجِلُ الصلاةَ، والآخر: يُؤَخِّر الإِفطارَ ويُؤَخَّرُ الصَّلاةَ. قالتْ: أيهُّما يُعجِّلُ الإِفطارَ ويُعجِّلُ الصلاةَ؟ قُلنا: عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ، قالتْ: هكذا صَنَعَ رسولُ اللهص لي الله عليه وسلم. والآخرُ أبو موسىز رواه مسلم.
1997 -
وعن العِرباضِ بنِ سارِيةَ، قال: دَعإني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلي السَّحورِ في رَمضانَ، فقال:((هَلُمَّ إِلي الغَداء المبارَكِ)). رواه أبو داود، والنسائي [1997].
ــ
الفصل الثالث
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لأن اليهود والنصارى يؤخرون)) في هذا التعليل دليل علي أن قوام الدين الحنيفي علي مخالفة الأعداء من أهل الكتابين، وأن في موافقتهم ثلما للدين، قال الله تعالي:{يَأيهَا الذيَن آمنُوا لا تتخذُوا اليهُودَ والنَّصَارى أَوِليَاءَ بعضُهْم أوِلياءُ بْعضٍ ومنْ يتولهُمْ منكُمْ فإنهُ منهُمْ} .
الحديث الثاني عن أبي عطية رضي الله عنه: قوله: ((رجلان)) مبتدأ و ((من أصحاب محمد)) صفته، والخبر جملة قوله:((أحدهما يعجل الإفطار)). قوله ((هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني تمسك ابن مسعود بالعزيمة في السنة، وأبو موسى بالرخصة فيها.
الحديث الثالث عن العرباض بن سارية: قوله: ((هلم إلي الغداء المبارك)) ((نه)): معناه تعال، وفيه لغتان: فأهل الحجاز يطلقونه علي الواحد، والجمع، والاثنين، والمؤنث، بلفظ واحد مبني علي الفتح، وبنى تميم تثني، وتجمع، وتؤنث.