المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حجية العقل: - آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد

[مدحت آل فراج]

فهرس الكتاب

- ‌تقديمفضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - حفظه الله

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولحجية الميثاق

- ‌بين يدي حجية الميثاق

- ‌تنبيهات

- ‌المبحث الأول: الميثاق في إفراد الله بالعبادة والبراءة من الشرك:

- ‌المبحث الثاني: الميثاق حجة مستقلة في الإشراك، وتلك علة أخذه:

- ‌أهم نتائج الفصل الأول

- ‌الفصل الثانيحجية الفطرة

- ‌المبحث الأول: الفطرة في الإقرار لله بالإلهية والبراءة من الشرك:

- ‌المبحث الثاني: الفطرة تقتضي بذاتها الإسلام والخروج عنه خلاف مقتضاها:

- ‌المبحث الثالث: الفطرة حجة مستقلة في وجوب عبادة لله والبراءة من الشرك:

- ‌أهم نتائج هذا الفصل

- ‌الفصل الثالثحجية العقل

- ‌المبحث الأول: العقل فيه وجوب التوحيد والبراءة من الشرك:

- ‌المبحث الثاني: العقل حجة مستقلة في بطلان الشرك:

- ‌المبحث الثالث: خصائص وسمات الأدلة العقلية:

- ‌المبحث الرابع: الشريعة جاءت بخلاصة الأدلة العقلية الدالة على أصول الدين وهي أول ما أنزل من التشريع:

- ‌المبحث الخامس: التحسين والتقبيح العقلي للأفعال:

- ‌المبحث السادس: اللوازم الشنيعة والمخازي المخزية التي تلزم النفاة:

- ‌أهم نتائج الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابعآثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد

- ‌المبحث الأول: بعث الرسل إزاحة لعلل الكفار:

- ‌المبحث الثاني: الشرك قبل البيان افتراء على الله وأصحابه مذمومون:

- ‌المبحث الثالث: وجوب التوبة من فعل السيئات الواقعة قبل البيان:

- ‌أهم نتائج الفصل الرابع

- ‌تلخيص دقيق للبحث

- ‌ حجية الميثاق:

- ‌ حجية الفطرة:

- ‌ حجية العقل:

- ‌ آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد:

- ‌ مناقشة هادئة:

- ‌فهرس المراجع

الفصل: ‌ حجية العقل:

*‌

‌ حجية العقل:

- لقد من المولى تبارك وتعالى على عباده بمنة العقل ليعرفوا به: معبودهم ويوحدوه، ويدركوا به أسماءه الحسنى وصفاته العلى المنبثق منها: وحدانية تألهه، وكذا ليتحقق لهم به: قبح الشرك، والفواحش، والخبائث.

- ومن ثم أصبح أوجب شيء في العقول: عبادة الفاطر الخالق المنعم، وكذا بطلان عبادة المفطور المخلوق، المربوب.

- فالعقل الصحيح قد عرفنا: وجوب الإقرار بالله، وربوبيته، وشكر نعمه، ومحبته، وطاعته.

وعرفنا: قبح الشرك بالله، والإعراض عنه، ونسبته إلى ما لا يليق به.

وعرفنا: وجوب المآب بعد الممات إلى الله الواحد القهار لتجزى كل نفس بما كسبت.

وعرفنا: قبح الظلم، والفواحش، والبغي، والعدوان ..

وعرفنا: أن العقول البشرية لا توجب على ربها شيئا، وأنه يتعالى ويتقدس عن ذلك؛ وأما ما كتبه وحرمه على نفسه بمقتضى علمه وعدله وحكمته ورحمته فإنه لا يخل به، ولا يقع منه خلافه. فهو إيجاب منه على نفسه بنفسه، وتحريم منه على نفسه بنفسه؛ فليس فوقه تعالى آمر ولا ناه، ولا موجب ولا محرم.

- وعليه أصبح من الممتنع والمستحيل عقلاً: جواز الشرك بالله، إذ قبح ذلك مركوز فيه، ولو لم يأت بذلك شرع.

- بل وغدا محض العقل كافياً باتفاق في: معرفة الله وتوحيده؛ ولا يتوقف ذلك على مجرد الخبر.

فصفات الكمال لله ووحدانيته، ووجوب عبادته وحده بلا شريك، مع نفي النقائص والعيوب، وتنزيهه عنها أمر ثابت (1) له سبحانه بمقتضى الأدلة

(1) بل هو أمر واجب بذاته، وثابت بنفسه قبل الخلق والإيجاد. فالله سبحانه قد فطر العقول ووهبنا إياها لتعكس لنا الحقائق الخارجية الثابتة بنفسها. ووجودنا أو عدمنا لا يغير من الحقائق شيئا، ولا يجعل لها صفات لم تكن فيها أصلاً - لمعقول المعنى منها -.

ص: 199

العقلية، والبراهين اليقينية، مع دلالة السمع عليه.

- ومن ثم أصبح العقل حجة مستقلة في بطلان الشرك، ولو لم يأت بحرمته سمع.

- ولهذا أنكر القرآن على المشركين: الوقوع في عبادة غير الله، واقتراف الفواحش والمنكرات، وذمهم على ذلك من قبل أن يقرع آذانهم بحكم من السمع يخالفونه.

- واحتج القرآن عليهم بما جبلت عقولهم، وصيغت به من: حسن عبادة الله وحده، وقبح الشرك به وعبادة غيره.

- فالوحي الرباني دلالته على المطالب الإلهية نوعان:

أحدهما: الخبر المحض.

والثاني: الأدلة العقلية، والبراهين اليقينية التي تقيم صحة مقتضى كافة الأخبار الدالة على أصول الدين.

وبذلك تكون دلالتها شرعية عقلية، شرعية: لأن الشرع دل عليها، وأرشد إليها؛ وعقلية: لأنه بالعقل يعلم صحتها، ويستقل بإدراكها، وليس لمجرد الخبر.

ومن هنا ندرك: أن الدليل الشرعي لا يقابل بالدليل العقلي، بل بالدليل البدعي. فالبدعة ضد الشرعة، والمعقول برهان المنقول وميزانه. وعلى الجملة فكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأصول الاعتقادية، والمطالب الإلهية فقد تطابق على صحتها المعقول، والمنقول، مع قبول الفطر السليمة لها واستقامتها عليه.

- ومن ثم أصبحت الفطر والعقول من أقوى حجج، وبراهين النبيين، والمرسلين على المعطلة، والمشركين.

- وعليه نقطع بأنه: لا عذر لأحد في الكفر بالله ألبتة، إلا أن الله لحبه العذر وقف العقوبة عليه حتى تقوم الحجة الرسالية.

- ولقد قامت حجة عظيمة من حجج الله وبيناته - والمتمثلة في آيات الله

ص: 200

الكونية، ومخلوقاته المرئية - شاهدة: على صدق ما أخبرت به الرسل، وما لو تأمل العباد فيه لرأوه مركوزاً في فطرهم، ومستقراً في عقولهم من: وجوب عبادة الله وحده، ومعرفته، وضرورة المحيا بعد الممات للحساب والقصاص.

- وبهذا نتيقن: أنه لا عذر لأحد من الخلق في جهله بربه؛ وتوحيده لما يرى من خلق السموات والأرض، وخلق نفسه، وسائر ما خلق الله سبحانه وتعالى.

- فالرسل تخبر عن الله بكلامه الذي تكلم به وهو: آياته القولية؛ ويستدلون على ذلك بمفعولاته - التي تشهد على صحة ذلك - وهي آياته العيانية. والعقل يجمع بين هذه وهذه، فيجزم بصحة ما جاءت به الرسل، فتتفق شهادة السمع، والبصر، والعقل، والفطرة.

* * *

ص: 201