الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[وتضييع الحزم وترك انتهاز الفرض. فان كنت تحبها فان عبدها من أحبها][1] قال فما السبيل إلى العتق؟ قال: ببغضها والتجافي عَنْهَا. قَالَ: هَذَا مَا لَا يَكُونُ. قَالَ الراهب: أما إنه سيكون، فبادر بالهرب منها قبل أن تسلبها. قَالَ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ! أَنْتَ مِلْكُ العرب مروان، تقبل في بلاد السودان: وتدفن بلا أكفان، فلولا أن الموت في طلبك لدلتك على موضع هربك. قال بعض الناس: كان يقال في ذلك الزمان يقع ع بْنِ ع بْنِ ع م بْنَ م بْنِ م يَعْنُونَ يَقْتُلُ عَبْدُ اللَّهِ بن على بْنِ عَبَّاسٍ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَلَسَ مَرْوَانُ يَوْمًا وَقَدْ أُحِيطَ بِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ خَادِمٌ لَهُ قَائِمٌ، فَقَالَ مروان لِبَعْضِ مَنْ يُخَاطِبُهُ: أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ لَهْفِي عَلَى أَيْدٍ مَا ذُكِرَتْ، وَنِعَمٍ مَا شُكِرَتْ، وَدَوْلَةٍ مَا نُصِرَتْ. فَقَالَ لَهُ الْخَادِمُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ تَرَكَ الْقَلِيلَ حَتَّى يَكْثُرَ، وَالصَّغِيرَ حَتَّى يَكْبُرَ، وَالْخَفِيَّ حَتَّى يَظْهَرَ، وَأَخَّرَ فِعْلَ الْيَوْمِ لِغَدٍ، حَلَّ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا. فَقَالَ مَرْوَانُ: هَذَا الْقَوْلُ أَشُدُّ عَلَيَّ مِنْ فَقْدِ الْخِلَافَةِ. وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَرْوَانَ قُتِلَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ جَاوَزَ السِّتِّينَ، وَبَلَغَ الثَّمَانِينَ. وَقِيلَ إِنَّمَا عَاشَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَهُوَ آخِرُ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ بِهِ انْقَضَتْ دَوْلَتُهُمْ.
ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي انْقِضَاءِ دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ وَابْتِدَاءِ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنَ الْأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ وَغَيْرِهَا
قَالَ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا بلغ بنو الْعَاصِ أَرْبَعِينَ رَجُلًا اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا، وَمَالَ اللَّهِ دُوَلًا» . وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ، وَرَوَى ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ عَنِ ابْنِ وهب أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ بن الحكم فتكلم فِي حَاجَةٍ فَقَالَ: اقْضِ حَاجَتِي فَإِنِّي لَأَبُو عشرة، وأخو عشرة وعم عَشَرَةٍ. فَلَمَّا أَدْبَرَ مَرْوَانُ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا بَلَغَ بَنُو الْحَكَمِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ بَيْنَهُمْ دُوَلًا، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا، وَكِتَابَ اللَّهِ دَغَلًا، فَإِذَا بَلَغُوا سَبْعَةً وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعَمِائَةٍ، كَانَ هَلَاكُهُمْ أَسْرَعَ مِنْ لَوْكِ تَمْرَةٍ» . فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
اللَّهمّ نعم؟ فلما أدبر مروان قَالَ مُعَاوِيَةُ: أَنْشُدُكَ باللَّه يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ هَذَا فَقَالَ: «أَبُو الْجَبَابِرَةِ الْأَرْبَعَةِ» . فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّهمّ نَعَمْ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِىُّ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مَازِنٍ الرَّاسِبِيُّ قَالَ: قَامَ رجل إلى الحسين بن على فقال: يا مسود وجوه المؤمنين! فقال الحسين: لَا تُؤَنِّبْنِي رَحِمَكَ اللَّهَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى بَنِي أُمَيَّةَ يَخْطُبُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ رَجُلًا رَجُلًا فَسَاءَهُ ذَلِكَ فنزلت إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ 108: 1 وَهُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، وَنَزَلَتْ إِنَّا أَنْزَلْناهُ 97: 1
[1] سقط من المصرية.
في لَيْلَةِ الْقَدْرِ 97: 1 السورة إلى قوله خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ 97: 3 مملكة بنى أُمَيَّةَ. قَالَ: فَحَسَبْنَا ذَلِكَ فَإِذَا هُوَ كَمَا قال لا يزيد وَلَا يَنْقُصُ. وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ ثُمَّ قَالَ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَثَّقَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ. قَالَ: وَشَيْخُهُ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ وَيُقَالُ يُوسُفُ بْنُ مَازِنٍ، رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَلَا يُعْرَفُ هَذَا بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرِكِهِ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيِّ، وَقَدْ تَكَلَّمْتُ عَلَى نَكَارَةِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّفْسِيرِ بِكَلَامٍ مبسوط، وإنما يكون متجها إذا قيل إن دولتهم ألف شهر بأن نسقط منها أيام ابن الزُّبَيْرِ، وَذَلِكَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بُويِعَ لَهُ مُسْتَقِلًّا بِالْمُلْكِ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ، وَهِيَ عَامُ الْجَمَاعَةِ حِينَ سَلَّمَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَمْرَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ قَتْلِ عَلِيٍّ، ثُمَّ زَالَتِ الْخِلَافَةُ عَنْ بَنِي أُمَيَّةَ فِي هَذِهِ السنة، وهي سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَذَلِكَ ثِنْتَانِ وَتِسْعُونَ سنة، وإذا أسقط منها تسع سنين خلافة ابن الزبير بقي ثلاث وثمانون سنة، وهي مباينة لِمَا وَرَدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هذا الحديث مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه فسر هذه الآية بهذا العدد، وإنما هذا من قول بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ مُطَوَّلًا فِي التَّفْسِيرِ، وَتَقَدَّمُ فِي الدَّلَائِلِ أَيْضًا تَقْرِيرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَأَيْتُ بَنِي أُمَيَّةَ يَصْعَدُونَ مِنْبَرِي فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ فَأُنْزِلَتْ:
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» فِيهِ ضَعْفٌ وَإِرْسَالٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ سُفْيَانَ الثوري عن على بن يزيد عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي قَوْلُهُ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ 17: 60 قَالَ: رَأَى نَاسًا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى الْمَنَابِرِ فَسَاءَهُ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ:
إِنَّمَا هِيَ دنيا يعطونها وتضمحل عن قليل فَسُرِّيَ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رأى فلانا وهو من بَعْضُ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ فشق ذلك عليه فأنزل الله وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ 21: 111 وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ أَبَا الجوزاء يقول والله ليعزّن الله ملك بنى أمية كما أعز ملك من كان قبلهم، ثم ليذلنّ ملكهم كما أذلّ ملك من كان قبلهم، ثم تلا قَوْلَهُ تَعَالَى وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ 3:140. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ثَنَا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ سَيْفٍ مَوْلًى لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وهو يقول لأبى بكر بن سليمان بن أبى خيثمة- وَذَكَرُوا بَنِي أُمَيَّةَ- فَقَالَ:
لَا يَكُونُ هَلَاكُهُمْ إِلَّا بَيْنَهُمْ. قَالُوا كَيْفَ؟ قَالَ: يَهْلَكُ خُلَفَاؤُهُمْ وَيَبْقَى شِرَارُهُمْ فَيَتَنَافَسُونَهَا، ثُمَّ يَكْثُرُ النَّاسُ عَلَيْهِمْ فَيُهْلِكُونَهُمْ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْرَقِيُّ ثَنَا الزِّنْجِيُّ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ بنى أبى»
الْحَكَمِ أَوْ بَنِي أَبِي الْعَاصِ يَنْزُونَ عَلَى مِنْبَرِي كَمَا تَنْزُو الْقِرَدَةُ: قَالَ فَمَا رُئِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَجْمِعًا ضاحكا بعدها حَتَّى تُوُفِّيَ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الداريّ [لعله الدَّارِمِيُّ] : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ- أَخُو حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ- عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ هُوَ الْحِمْصِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ- وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ: جَاءَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَرَفَ كَلَامَهُ فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ صبت عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَعَلَى مَنْ يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ إِلَّا الْمُؤْمِنِينَ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، يُشَرَّفُونَ في الدنيا ويوضعون في الآخرة، ذو ودهاء وخديعة، يعطون فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ» . وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ أنبأ أبو القاسم تمام بْنُ خُرَيْمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامِ بْنِ ملابس ثَنَا أَبُو النَّضِرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ [مَوْلَى أَمِّ الْحِكَمِ بِنْتِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ][1] بْنُ رَبِيعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَائِمًا وَاضِعًا رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، فَنَحَبَ ثُمَّ تَبَسَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ نَحَبْتَ ثُمَّ تَبَسَّمْتَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ بَنِي أمية يَتَعَاوُرُونَ عَلَى مِنْبَرِي فَسَاءَنِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْتُ بَنِي الْعَبَّاسِ يَتَعَاوُرُونَ عَلَى مِنْبَرِي فَسَرَّنِي ذَلِكَ» . وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هشام المعيطي عن أبان بن الوليد عن عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مَعِيطٍ. قَالَ: قَدِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَأَنَا حَاضِرٌ فَأَجَازَهُ فَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ! هَلْ يكون لَكُمْ دَوْلَةٌ؟ فَقَالَ: أَعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَتُخْبِرَنِّي، قَالَ نَعَمْ! قَالَ فَمَنْ أَنْصَارُكُمْ؟
قَالَ: أَهْلُ خُرَاسَانَ. وَلِبَنِي أُمَيَّةَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ نَطَحَاتٍ.
وَقَالَ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: يَكُونُ مِنَّا ثَلَاثَةٌ أَهْلَ الْبَيْتِ السَّفَّاحُ، وَالْمَنْصُورُ، وَالْمَهْدِيُّ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَرَوَاهُ الْأَعْمَشِ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا. وَرَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَمَا افْتَتَحَ اللَّهُ بِأَوَّلِنَا فَأَرْجُو أَنْ يَخْتِمَهُ بِنَا. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَيْهِ، وَكَذَا وقع ويقع للمهدي إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنَ الزَّمَانِ وَظُهُورٍ مِنَ الْفِتَنِ، يُقَالُ لَهُ السَّفَّاحُ، يُعْطِي الْمَالَ حيثا» . وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رسول
[1] زيادة من المصرية.
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقْتَتِلُ عِنْدَ حرتكم هَذِهِ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ وَلَدُ خَلِيفَةٍ لَا تَصِيرُ إلى واحد منهم، ثم تقبل الرايات مِنْ خُرَاسَانَ فَيَقْتُلُونَكُمْ مَقْتَلَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا. ثم ذكر شيئا فإذا كان كذلك فَأْتُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ، فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ» . وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ ثَوْبَانَ فَوَقَفَهُ وَهُوَ أَشْبَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: ثنا راشد بن سعد حدثني يونس ابن يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ قَبِيصَةَ هُوَ ابْنُ ذُؤَيْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «يَخْرُجُ مِنْ خُرَاسَانَ رَايَاتٌ سُودٌ لَا يَرُدُّهَا شَيْءٌ حَتَّى تنصب بإيليا» . وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ حَدِيثِ راشد بْنِ سَعْدٍ الْمِصْرِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. ثُمَّ قَالَ: قد روى قريبا مِنْ هَذَا عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَهُوَ أَشْبَهُ. ثم رواه عن كعب أيضا قَالَ: «تَظْهَرُ رَايَاتٌ سُودٌ لِبَنِي الْعَبَّاسِ حَتَّى يَنْزِلُوا الشَّامَ، وَيَقْتُلُ اللَّهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ كُلَّ جبار وعدو لهم» . وروى إبراهيم بن الحسين عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذؤيب عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَامِرِيِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْعَبَّاسِ: «فيكم النوبة وفيكم المملكة» . وروى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ مَوْلَى الْعَبَّاسِ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: «انْظُرْ هَلْ تَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ شَيْءٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ! قَالَ: مَا تدري؟
قُلْتُ: الثُّرَيَّا، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ سَيَمْلِكُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِعَدَدِهَا مِنْ صُلْبِكَ» . قَالَ الْبُخَارِيُّ: عُبَيْدُ بْنُ أَبِي قُرَّةَ لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَجَّاجُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ مَيْمُونٍ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ جِبْرِيلُ وَأَنَا أَظُنُّهُ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ، فَقَالَ جِبْرِيلُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ لَوَسِخُ الثِّيَابِ، وَسَيَلْبِسُ وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ السَّوَادَ» .
وَهَذَا مُنْكَرٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا شَكَّ أن بنى العباس كان السواد من شعارهم، أخذوا ذَلِكَ مِنْ دُخُولِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ عمامة سوداء، فأخذوا بذلك وجعلوه شعارهم في الأعياد والجمع وَالْمَحَافِلِ. وَكَذَلِكَ كَانَ جُنْدُهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْءٌ مِنَ السَّوَادِ، وَمِنْ ذلك الشر بوش الّذي يلبسه الأمراء إذا خلع عليهم. وكذلك دخل عبد الله بن على دمشق يوم دخلها وعليه السواد، فجعل النساء والغلمان يَعْجَبُونَ مِنْ لِبَاسِهِ، وَكَانَ دُخُولُهُ مِنْ بَابِ كيسان. وقد خطب الناس يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَصَلَّى بِهِمْ وَعَلَيْهِ السَّوَادُ. وَقَدْ روى ابن عساكر عن بعض الخراسانية قال: لما صلى عبد الله بن على بالناس يوم الجمعة صلى إلى جانبي رجل فقال: الله أكبر، سبحانك اللَّهمّ ويحمدك وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ، انظروا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ مَا أَقْبَحَ وجهه وأشنع سواده؟! وشعارهم إلى يومك هذا كما تراه على الخطباء يوم الجمعة والأعياد.