المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وهذه ترجمة المنصور - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ١٠

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد العاشر]

- ‌[تتمة سنة خمس وعشرين ومائه]

- ‌خِلَافَةُ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الفاسق

- ‌ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ

- ‌وأما يحيى بن زيد

- ‌ثُمَّ دخلت سنة ست وعشرين ومائة

- ‌صِفَةُ مَقْتَلِهِ وَزَوَالِ دَوْلَتِهِ

- ‌ذِكْرُ قَتْلِ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ النَّاقِصُ للوليد بن يزيد وكيف قتله

- ‌ خِلَافَةُ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ

- ‌يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان. وهذه ترجمته رحمه الله تعالى

- ‌خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ذِكْرُ دُخُولِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ دمشق وولايته الخلافة وعزل إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْوَلِيدِ عَنْهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ

- ‌أَوَّلُ ظُهُورِ أَبِي مُسْلِمٍ الخراساني

- ‌مقتل ابن الْكَرْمَانِيِّ

- ‌سنة ثلاثين ومائة

- ‌مَقْتَلُ شَيْبَانَ بْنِ سَلَمَةَ الْحَرُورِيِّ

- ‌ذِكْرُ دُخُولِ أَبِي حَمْزَةَ الْخَارِجِيِّ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ وَاسْتِيلَائِهِ عليها مدة ثلاثة أشهر حتى ارتحل عنها

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثنتين وثلاثين ومائة

- ‌ذِكْرُ مَقْتَلِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الامام

- ‌خِلَافَةُ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّفَّاحِ

- ‌ذِكْرُ مَقْتَلِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ

- ‌صفة مقتل مروان

- ‌وهذا شيء من ترجمة مَرْوَانَ الْحِمَارِ

- ‌ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي انْقِضَاءِ دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ وَابْتِدَاءِ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنَ الْأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌ذكر استقرار أبى العباس السفاح

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ومائة

- ‌وهذه ترجمة أبى العباس السفاح أول خلفاء بنى العباس وَذِكْرُ وَفَاتِهِ

- ‌خلافة أبى جعفر المنصور

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْمَنْصُورِ

- ‌ذكر مهلك أبى مسلم الخراساني صاحب دعوة بنى العباس

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثمان وثلاثين ومائة

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثم دخلت سنة أربعين ومائة

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سنة خمس وأربعين ومائة

- ‌فَصْلٌ

- ‌فِي ذِكْرِ مَقْتَلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ

- ‌ذكر خروج أخيه إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ

- ‌ذِكْرُ خروج إبراهيم بن عبد الله بن حسن بالبصرة وكيفية مقتله

- ‌ذكر من توفى فيها من الأعيان

- ‌وفيها توفى من المشاهير والأعيان

- ‌ثم دخلت سنة ست وأربعين ومائة

- ‌ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي مَدِينَةِ بَغْدَادَ مِنَ الْآثَارِ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى ضَعْفِ مَا رُوِيَ فِيهَا مِنَ الْأَخْبَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سبع وأربعين ومائة

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الهجرة

- ‌ذِكْرُ تَرْجَمَتِهِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ

- ‌بِنَاءُ الرُّصَافَةِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين ومائة

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ

- ‌أشعب الطامع

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ ومائة

- ‌بناء الرافقة وهي المدينة المشهورة

- ‌وَحَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سبع وخمسين ومائة

- ‌وَهَذَا ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ تَرْجَمَةِ الْأَوْزَاعِيِّ رحمه الله

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ ومائة

- ‌وهذه ترجمة الْمَنْصُورِ

- ‌ذِكْرُ أَوْلَادِ الْمَنْصُورِ

- ‌ذكر خلافة المهدي بن المنصور

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثم دخلت سنة ستين ومائة

- ‌ذكر البيعة لموسى الهادي

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ

- ‌وممن توفى فيها:

- ‌أبو دلامة

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ ومائة

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دخلت سنة تسع وستين ومائة

- ‌وهذه ترجمته

- ‌خلافة موسى الهادي بن الْمَهْدِيِّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الهجرة النبويّة

- ‌وَهَذَا ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ تَرْجَمَةِ الْهَادِي

- ‌خلافة هارون الرشيد بن الْمَهْدِيِّ

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ومائة

- ‌وفيها توفيت:

- ‌غادر

- ‌هَيْلَانَةُ

- ‌ثم دخلت سنة أربع وسبعين ومائة من الهجرة النبويّة

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وسبعين ومائة

- ‌وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌شَعْوَانَةُ الْعَابِدَةُ الزَّاهِدَةُ

- ‌وفيها توفى الليث بْنُ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

- ‌الْمُنْذِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنْذِرِ

- ‌ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائة

- ‌وفيها توفى:

- ‌إبراهيم بن صالح

- ‌وإبراهيم بن هرمة

- ‌صالح بْنُ بَشِيرٍ الْمُرِّيُّ

- ‌ثم دخلت سنة سبع وسبعين ومائة

- ‌وفيها توفى شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌وفيها توفى

- ‌ثُمَّ دخلت سنة تسع وسبعين ومائة

- ‌إسماعيل بن محمد

- ‌حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ

- ‌والامام مالك

- ‌ثم دخلت سنة ثمانين ومائة

- ‌وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ

- ‌حَسَّانُ بْنُ أبى سنان

- ‌عبد الوارث بن سعيد البيروتي أحد الثقات وعافية بن يزيد

- ‌سِيبَوَيْهِ

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌عُفَيْرَةُ الْعَابِدَةُ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وثمانين ومائة

- ‌الحسن بن قحطبة

- ‌وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ

- ‌وَمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ

- ‌وَيَعْقُوبُ التائب

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌ومعن بن زائدة

- ‌وَالْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ

- ‌يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ طَهْمَانَ

- ‌وفيها توفي يزيد بن زريع

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌عَلِيُّ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عياض

- ‌وَمُحَمَّدُ بْنُ صُبَيْحٍ

- ‌وَمُوسَى بن جعفر

- ‌هاشم بن بشير بن أبى حازم

- ‌ ويحيى بن زكريا

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌وفيها توفى:

- ‌أحمد بن الرَّشِيدِ

- ‌عبد الله بن مصعب

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ [1]

- ‌ومحمد بْنُ يُوسُفَ بْنِ مَعْدَانَ

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثمانين ومائة

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌عبد الصمد بن علي

- ‌ورابعة العدوية

- ‌ثم دخلت سنة ست وثمانين ومائة

- ‌وفيها توفي مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌وسلم الْخَاسِرُ الشَّاعِرُ

- ‌والعباس بن محمد

- ‌ويقطين بْنُ مُوسَى

- ‌ثم دخلت سنة سبع وثمانين ومائة

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ

- ‌حكاية غريبة

- ‌الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وثمانين ومائة

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ

- ‌وَإِبْرَاهِيمُ الْمَوْصِلِيُّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌محمد بن الحسن بن زفر

- ‌ثم دخلت سنة تسعين ومائة من الهجرة

- ‌مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْمَشَاهِيرِ

- ‌يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ وفيها توفي

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌إسماعيل بن جامع

- ‌بَكْرُ بْنُ النَّطَّاحِ

- ‌وعبد الله بن إدريس

- ‌صَعْصَعَةُ بْنُ سَلَّامٍ

- ‌علي بن ظبيان

- ‌العباس بن الأحنف

- ‌عِيسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ

- ‌الفضل بن يحيى

- ‌ومنصور بن الزبرقان

- ‌يُوسُفُ بْنُ الْقَاضِي أَبِي يُوسُفَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌وفاة الرشيد

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَتُهُ

- ‌ذِكْرُ زَوْجَاتِهِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ

- ‌خلافة محمد الأمين

- ‌ذكر اختلاف الأمين والمأمون

- ‌وفيها توفى:

- ‌إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ

- ‌أبو بكر بن العياش

- ‌ثم دخلت سنة أربعة وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌وفيها توفي من الأعيان:

- ‌سلم بن سالم أبو بحر الْبَلْخِيُّ

- ‌وعبد الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ

- ‌ وأبو النَّصْرِ الْجُهَنِيُّ الْمُصَابُ

- ‌ثم دخلت سنة خمس وتسعين ومائة

- ‌وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَعْيَانِ مِنْهُمْ:

- ‌إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ

- ‌بكار بن عبد الله

- ‌أبو نواس الشاعر المشهور

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ذكر سبب خلع محمد بن زبيدة الأمين

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ الْقَاضِي

- ‌وأبو شِيصٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌كَيْفِيَّةِ مَقْتَلِهِ

- ‌وهذا شيء من ترجمته

- ‌ذكر خلافة عبد الله المأمون بن الرشيد هارون

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ ثم دخلت سنة مائتين من الهجرة

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ

- ‌ذِكْرُ بَيْعَةِ أَهْلِ بَغْدَادَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ذِكْرُ خَلْعِ أَهْلِ بَغْدَادَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ وَدُعَائِهِمْ لِلْمَأْمُونِ

- ‌وفيها توفى من الأعيان:

- ‌على بن موسى

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ:

- ‌أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وَفِيهَا توفى

- ‌يَحْيَى بْنُ زياد عبد الله بن منصور

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌وَفَاةُ السَّيِّدَةِ نَفِيسَةَ

- ‌الفضل بن الربيع

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ

- ‌عُرْسُ بُورَانَ

- ‌فِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى عشرة ومائتين

- ‌وَأَبُو الْعَتَاهِيَةِ الشاعر الْمَشْهُورُ

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌والعكوك الشَّاعِرُ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وفيها توفى

- ‌وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ صُبَيْحٍ

- ‌وأبو محمد عبد الله بْنِ أَعْيَنَ بْنِ لَيْثِ بْنِ رَافِعٍ الْمِصْرِيُّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وفيها توفى

- ‌فَأَمَّا أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وفيها توفى

- ‌وزبيدة امرأة الرشيد وابنة عمه

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ذكر أول المحنة والفتنة

- ‌فصل

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ الْمَأْمُونِ

- ‌ذكر خلافة المعتصم باللَّه أبى إسحاق بن هارون

- ‌وفيها توفى من الأعيان:

- ‌بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ

- ‌وَأَبُو محمد بن عبد الملك بن هشام بن أيوب الحيريّ الْمَعَافِرِيُّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ذكر مسك بابك

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ذِكْرُ فَتْحِ عَمُّورِيَةَ عَلَى يَدِ الْمُعْتَصِمِ

- ‌ذِكْرُ مَقْتَلِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمَأْمُونِ

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌منها مات إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ بْنِ الْمَنْصُورِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌وَسَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ

- ‌الْجَرْمِيُّ النَّحْوِيُّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وَفِيهَا توفى

- ‌وأبو دلف العجليّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وهذه ترجمته

- ‌خلافة هارون الواثق بن المعتصم

- ‌ وفيها توفى

- ‌بِشْرٌ الْحَافِي الزَّاهِدُ الْمَشْهُورُ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ ومائتين

- ‌أَبُو تَمَّامٍ الطَّائِيُّ الشَّاعِرُ

- ‌ثم دخلت سنة تسع وعشرين ومائتين

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وفيها تُوُفِّيَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وفيها كانت وفاة الخليفة الواثق بن محمد المعتصم

- ‌خِلَافَةُ الْمُتَوَكِّلِ على الله جعفر بن المعتصم

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وفيها توفى: إسحاق بْنِ مَاهَانَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وفيها توفى: أحمد بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ

- ‌ثم دخلت سنة أربعين ومائتين

- ‌وَهَذِهِ ترجمته

- ‌وأما سُحْنُونٌ الْمَالِكِيُّ صَاحِبُ الْمُدَوَّنَةِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌ترجمة الإمام أحمد بن حنبل

- ‌فَصْلٌ فِي وَرَعِهِ وَتَقَشُّفِهِ وَزُهْدِهِ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا جَاءَ فِي مِحْنَةِ أَبِي عبد الله أحمد بن حنبل

- ‌ذِكْرُ مُلَخَّصِ الْفِتْنَةِ وَالْمِحْنَةِ مجموعا من كلام أئمة السنة أثابهم الله الْجَنَّةَ

- ‌ذِكْرُ ضَرْبِهِ رضي الله عنه بين يدي المعتصم عليه من الله ما يستحقه

- ‌ذِكْرُ ثَنَاءِ الْأَئِمَّةِ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الْمُعَظِّمِ الْمُبَجَّلِ

- ‌ذِكْرُ مَا كَانَ مَنْ أَمْرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بعد المحنة

- ‌ ذكر وفاة الامام أحمد بن حنبل

- ‌ذكر ما رئي له من المنامات الصالحة وما رأى هو لنفسه

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌وأبو حسان الزيادي

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وفيها توفى من الأعيان

- ‌إبراهيم بن العباس

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وفيها توفى

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وابن الراونديّ

- ‌ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌ودعبل بن على

- ‌ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌وهذه ترجمة المتوكل على الله

- ‌خلافة محمد المنتصر بن الْمُتَوَكِّلِ

- ‌وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌وَأَبُو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ النَّحْوِيُّ

- ‌ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائتين

الفصل: ‌وهذه ترجمة المنصور

المنصور كان قد غضب عَلَى خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، وَأَلْزَمَهُ بِحَمْلِ ثَلَاثَةِ آلَافِ أَلْفٍ، فَضَاقَ ذَرْعًا بِذَلِكَ، وَلَمْ يَبْقَ له مال ولا حال وعجز عن أكثرها، وقد أجله ثلاثة أيام، وأن يحمل ذلك في هذه الثلاثة الأيام وإلا فَدَمُهُ هَدْرٌ فَجَعَلَ يُرْسِلُ ابْنَهُ يَحْيَى إِلَى أَصْحَابِهِ مِنَ الْأُمَرَاءِ يَسْتَقْرِضُ مِنْهُمْ، فَكَانَ مِنْهُمْ من أعطاه مائة أَلْفٍ، وَمِنْهُمْ أَقَلَّ وَأَكْثَرَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ: فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ تِلْكَ الأيام الثلاثة عَلَى جِسْرِ بَغْدَادَ، وَأَنَا مَهْمُومٌ فِي تَحْصِيلِ ما طلب منا مما لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ، إِذْ وَثَبَ إِلَيَّ زَاجِرٌ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَكُونُونَ عِنْدَ الْجِسْرِ مِنَ الطُّرُقِيَّةِ، فَقَالَ لِي: أَبْشِرْ، فَلَمْ أَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فتقدم إلى حَتَّى أَخَذَ بِلِجَامِ فَرَسِي ثُمَّ قَالَ لِي: أنت مهموم، لَيُفَرِّجَنَّ اللَّهُ هَمَّكَ وَلَتَمُرَّنَّ غَدًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاللِّوَاءُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَإِنْ كَانَ مَا قلت لك حَقًّا فَلِي عَلَيْكَ خَمْسَةُ آلَافٍ. فَقُلْتُ: نَعَمْ. وَلَوْ قَالَ خَمْسُونَ أَلْفًا لَقُلْتُ نَعَمْ، لِبُعْدِ ذلك عندي. وَذَهَبْتُ لِشَأْنِي، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْنَا مِنَ الْحِمْلِ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفٍ فَوَرَدَ الْخَبَرُ إِلَى الْمَنْصُورِ بِانْتِقَاضِ الموصل وانتشار الأكراد فيها، فاستشار المنصور الْأُمَرَاءَ مَنْ يَصْلُحُ لِلْمَوْصِلِ؟

فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ بِخَالِدِ بن برمك، فقال له المنصور: أو يصلح لذلك بعد ما فعلنا به؟ فَقَالَ: نَعَمْ! وَأَنَا الضَّامِنُ أَنَّهُ يَصْلُحُ لَهَا، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ فَوَلَّاهُ إِيَّاهَا وَوَضَعَ عَنْهُ بَقِيَّةَ مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَعَقَدَ لَهُ اللِّوَاءَ، وَوَلَّى ابنه يحيى أَذْرَبِيجَانَ وَخَرَجَ النَّاسُ فِي خِدْمَتِهِمَا. قَالَ يَحْيَى: فمررنا بالجسر فثار لي ذَلِكَ الزَّاجِرُ فَطَالَبَنِي بِمَا وَعَدْتُهُ بِهِ، فَأَمَرْتُ لَهُ بِهِ فَقَبَضَ خَمْسَةَ آلَافٍ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ الْمَنْصُورُ إِلَى الْحَجِّ فَسَاقَ الْهَدْيَ معه، فلما جاوز الكوفة بمراحل أخذه وجه الّذي مات به وَكَانَ عِنْدَهُ سُوءُ مِزَاجٍ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَرُكُوبِهِ فِي الْهَوَاجِرِ، وَأَخَذَهُ إِسْهَالٌ وَأَفْرَطَ بِهِ، فَقَوِيَ مَرَضُهُ، وَدَخَلَ مَكَّةَ فَتُوُفِّيَ بِهَا لَيْلَةَ السَّبْتِ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الحجة، وصلى عليه ودفن بكذا عند ثنية باب المعلاة الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثًا وقيل أربعا وقيل خمسا وستين، وَقِيلَ إِنَّهُ بَلَغَ ثَمَانِيًا وَسِتِّينَ سَنَةً فاللَّه أعلم. وقد كتم الربيع الحاجب مَوْتَهُ حَتَّى أَخَذَ الْبَيْعَةَ لِلْمَهْدِيِّ مِنَ الْقُوَّادِ وَرُءُوسِ بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ دُفِنَ. وَكَانَ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَهُوَ الَّذِي أَقَامَ لِلنَّاسِ الْحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

‌وهذه ترجمة الْمَنْصُورِ

هُوَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ.

وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ أَخِيهِ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّفَّاحِ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ اسْمُهَا سَلَّامَةُ. رَوَى عَنْ جَدِّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ» أورده ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السُّلَمِيِّ عَنِ الْمَأْمُونِ عَنِ الرَّشِيدِ عَنِ الْمَهْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ الْمَنْصُورِ بِهِ، بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ أَخِيهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَعُمُرُهُ يَوْمَئِذٍ إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ

ص: 121

على المشهور في صفر منها بالحمية من بلاد البلقاء، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً إِلَّا أَيَّامًا، وكان أسمر اللون موفر اللِّمَّةِ خَفِيفَ اللِّحْيَةِ، رَحْبَ الْجَبْهَةِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، أعين كأن عينيه لسانان ناطقان، يخالطه أُبَّهَةُ الْمُلْكِ، وَتَقْبَلُهُ الْقُلُوبُ، وَتَتْبَعُهُ الْعُيُونُ، يُعْرَفُ الشرف في مواضعه، والعنف في صورته، والليث فِي مِشْيَتِهِ، هَكَذَا وَصَفَهُ بَعْضُ مَنْ رَآهُ. وَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:

«منا السفاح والمنصور» وفي رواية «حتى نسلمها إلى عيسى بن مريم» . وقد روى مرفوعا ولا يصح ولا وقفه أيضا. وذكر الخطيب أَنَّ أُمَّهُ سَلَّامَةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ حِينَ حَمَلْتُ به كأنه خرج منى أسد فزأر واقفا عَلَى يَدَيْهِ، فَمَا بَقِيَ أَسَدٌ حَتَّى جَاءَ فَسَجَدَ لَهُ. وَقَدْ رَأَى الْمَنْصُورُ فِي صِغَرِهِ مناما غريبا كان يَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ فِي أَلْوَاحِ الذَّهَبِ، وَيُعَلَّقَ فِي أَعْنَاقِ الصِّبْيَانِ. قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ حولها، فخرج من عنده مناد:

أَيْنَ عَبْدُ اللَّهِ؟ فَقَامَ أَخِي السَّفَّاحُ يَتَخَطَّى الرِّجَالَ حَتَّى جَاءَ بَابَ الْكَعْبَةِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ إِيَّاهَا، فَمَا لَبِثَ أَنْ خَرَجَ وَمَعَهُ لِوَاءٌ أَسْوَدُ. ثُمَّ نُودِيَ أَيْنَ عَبْدُ اللَّهِ؟ فَقُمْتُ أَنَا وَعَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ نَسْتَبِقُ، فَسَبَقْتُهُ إِلَى بَابِ الْكَعْبَةِ فَدَخَلْتُهَا، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَبِلَالٌ، فَعَقَدَ لِي لِوَاءً وَأَوْصَانِي بأمته وعممني عمامة كورها ثلاثة وعشرون كَوْرًا، وَقَالَ:«خُذْهَا إِلَيْكَ أَبَا الْخُلَفَاءِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

وَقَدِ اتَّفَقَ سِجْنُ الْمَنْصُورِ فِي أيام بنى أمية فاجتمع به نوبخت المنجم وتوسم فيه الرئاسة فقال له:

ممن تكون؟ فقال: من بنى العباس، فلما عرف منه نسبه وكنيته قال: أنت الخليفة الّذي تلى الْأَرْضَ. فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ مَاذَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ، فَضَعْ لِي خَطَّكَ فِي هَذِهِ الرُّقْعَةِ أَنْ تُعْطِيَنِي شَيْئًا إِذَا وليت. فكتب له، فلما أولى أَكْرَمَهُ الْمَنْصُورُ وَأَعْطَاهُ وَأَسْلَمَ نُوبَخْتُ عَلَى يَدَيْهِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مَجُوسِيًّا. ثُمَّ كَانَ مِنْ أخص أصحاب المنصور. وَقَدْ حَجَّ الْمَنْصُورُ بِالنَّاسِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وأحرم مِنَ الْحِيرَةِ، وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ. وَفِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ، ثم في هذه السنة التي مات فيه. وبنى بغداد والرصافة والرافقة وقصره الْخُلْدِ.

قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ يُونُسَ الْحَاجِبُ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: الْخُلَفَاءُ أَرْبَعَةٌ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ. وَالْمُلُوكُ أَرْبَعَةٌ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَنَا. وَقَالَ مَالِكٌ:

قَالَ لِي الْمَنْصُورُ: مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ. وَعُمَرُ. فَقَالَ: أَصَبْتَ وذلك رأى أمير المؤمنين. وعن إسماعيل البهري قَالَ سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ عَلَى مِنْبَرِ عَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ؟ إِنَّمَا أَنَا سُلْطَانُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، أَسُوسُكُمْ بِتَوْفِيقِهِ وَرُشْدِهِ، وَخَازِنُهُ عَلَى مَالِهِ أُقَسِّمُهُ بِإِرَادَتِهِ وَأُعْطِيهِ بِإِذْنِهِ، وَقَدْ جعلني الله عليه قفلا فان شاء أن يفتحنى لأعطياتكم وَقَسْمِ أَرْزَاقِكُمْ فَتَحَنِي، وَإِذَا شَاءَ أَنْ يُقْفِلَنِي عليه قفلنى. فَارْغُبُوا إِلَى اللَّهِ أَيُّهَا النَّاسُ وَسَلُوهُ فِي هذا اليوم الشريف الّذي

ص: 122

وهبكم فِيهِ مِنْ فَضْلِهِ مَا أَعْلَمَكُمْ بِهِ فِي كِتَابِهِ، إِذْ يَقُولُ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً 5: 3. أَنْ يُوَفِّقَنِي لِلصَّوَابِ وَيُسَدِّدَنِي لِلرَّشَادِ وَيُلْهِمَنِي الرَّأْفَةَ بكم والإحسان إليكم ويفتحنى لاعطياتكم وَقَسْمِ أَرْزَاقِكُمْ بِالْعَدْلِ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَقَدْ خَطَبَ يَوْمًا فَاعْتَرَضَهُ رَجُلٌ وَهُوَ يُثْنِي عَلَى اللَّهِ عز وجل، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اذْكُرْ مَنْ أَنْتَ ذَاكِرُهُ، وَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا تَأْتِيهِ وَتَذَرُهُ. فَسَكَتَ الْمَنْصُورُ حَتَّى انْتَهَى كَلَامُ الرَّجُلِ فَقَالَ: أَعُوذُ باللَّه أَنْ أَكُونَ من قَالَ اللَّهُ عز وجل فِيهِ وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ الله أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ 2: 206 أَوْ أَنْ أَكُونَ جَبَّارًا عَصِيًّا، أَيُّهَا النَّاسُ! إن الموعظة علينا نزلت ومن عندنا نبتت. ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَظُنُّكَ فِي مَقَالَتِكَ هَذِهِ تُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يقال عنك وَعَظَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا فَتَفْعَلُوا كَفِعْلِهِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَاحْتُفِظَ بِهِ وَعَادَ إِلَى خُطْبَتِهِ فَأَكْمَلَهَا، ثُمَّ قَالَ لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُ: اعْرِضْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَإِنْ قَبِلَهَا فَأَعْلِمْنِي، وَإِنْ رَدَّهَا فَأَعْلِمْنِي، فَمَا زَالَ بِهِ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ حَتَّى أَخَذَ المال ومال إلى الدنيا فولاه الْحِسْبَةَ وَالْمَظَالِمَ وَأَدْخَلَهُ عَلَى الْخَلِيفَةِ فِي بِزَّةٍ حسنة، وثياب وشارة وهيئة دنيوية، فقال له الخليفة: ويحك! لو كنت محقا مريدا وجه الله بما قلت على رءوس الناس لَمَا قَبِلْتَ شَيْئًا مِمَّا أَرَى، وَلَكِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ عَنْكَ إِنَّكَ وَعَظْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَخَرَجْتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَقَدْ قَالَ الْمَنْصُورُ لِابْنِهِ الْمَهْدِيِّ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا التَّقْوَى، وَالسُّلْطَانَ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الطَّاعَةُ. وَالرَّعِيَّةَ لَا يُصْلِحُهَا إِلَّا الْعَدْلُ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى الْعُقُوبَةِ، وَأَنْقَصُ النَّاسِ عَقْلًا مَنْ ظَلَمَ مَنْ هُوَ دُونَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: يَا بُنَيَّ اسْتَدِمِ النِّعْمَةَ بِالشُّكْرِ، وَالْقُدْرَةَ بِالْعَفْوِ، وَالطَّاعَةَ بِالتَّأْلِيفِ، وَالنَّصْرَ بِالتَّوَاضُعِ وَالرَّحْمَةِ لِلنَّاسِ، وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَنَصِيبَكَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ.

وَحَضَرَ عِنْدَهُ مُبَارَكُ بْنُ فضالة يوما وقد أمر برجل أن يضرب عُنُقُهُ وَأَحْضَرَ النِّطْعَ وَالسَّيْفَ، فَقَالَ لَهُ مُبَارَكٌ: سمعت الحسين يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ ليقم من كان أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلَا يَقُومُ إِلَّا مَنْ عَفَا» فَأَمَرَ بِالْعَفْوِ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ. ثُمَّ أخذ يعدد على جلسائه عظيم جرائم ذلك الرجل وما صَنَعَهُ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أُتِيَ الْمَنْصُورُ بِرَجُلٍ لِيُعَاقِبَهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الِانْتِقَامُ عَدْلٌ وَالْعَفْوُ فضل، وتعوذ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ باللَّه أَنْ يَرْضَى لِنَفْسِهِ بِأَوْكَسِ النصيبين، وأدنى القسمين، دون أرفع الدرجتين. قال فعفا عنه.

وقال الْأَصْمَعِيُّ: قَالَ الْمَنْصُورُ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: احمد الله يا أعرابى الّذي دفع عَنْكُمُ الطَّاعُونَ بِوِلَايَتِنَا. فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ عَلَيْنَا حَشَفًا وَسُوءَ كَيْلٍ، وِلَايَتَكُمْ وَالطَّاعُونَ. وَالْحِكَايَاتُ فِي ذِكْرِ حِلْمِهِ وَعَفْوِهِ كَثِيرَةٌ جِدًّا. [وَدَخَلَ بَعْضُ الزُّهَّادِ عَلَى الْمَنْصُورِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا فَاشْتَرِ نَفْسَكَ بِبَعْضِهَا، وَاذْكُرْ لَيْلَةً تَبِيتُ فِي الْقَبْرِ لَمْ تَبِتْ قَبْلَهَا لَيْلَةً، وَاذْكُرْ لَيْلَةً تَمَخَّضُ عَنْ]

ص: 123

[يَوْمٍ لَا لَيْلَةَ بَعْدَهُ. قَالَ: فَأَفْحَمَ الْمَنْصُورَ قَوْلُهُ وَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ فَقَالَ: لَوِ احْتَجْتُ إلى مالك لما وعظتك][1] ودخل عمرو بن عبيد القدري على المنصور فأكرمه وعظمه وقربه وَسَأَلَهُ عَنْ أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ:

عظني. فقرأ عليه سورة الفجر إلى إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ 89: 14 فَبَكَى الْمَنْصُورُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يسمع بهذه الآيات قبل ذلك، ثم قال له: زِدْنِي. فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَاكَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا فَاشْتَرِ نَفْسَكَ بِبَعْضِهَا، وَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ كَانَ لِمَنْ قَبْلَكَ ثُمَّ صَارَ إِلَيْكَ ثُمَّ هُوَ صَائِرٌ لِمَنْ بَعْدَكَ، وَاذْكُرْ لَيْلَةً تُسْفِرُ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَبَكَى الْمَنْصُورُ أَشَدَّ مِنْ بكائه الأول حتى اختلفت أجفانه. فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُجَالِدٍ:

رِفْقًا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عَمْرٌو: وَمَاذَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَبْكِيَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عز وجل. ثُمَّ أَمَرَ لَهُ الْمَنْصُورُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا. فَقَالَ الْمَنْصُورُ: وَاللَّهِ لَتَأْخُذَنَّهَا. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا آخُذَنَّهَا. فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ وَهُوَ جَالِسٌ فِي سَوَادِهِ وَسَيْفِهِ إلى جانب أَبِيهِ: أَيَحْلِفُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَتَحْلِفُ أَنْتَ؟ فَالْتَفَتَ إِلَى الْمَنْصُورِ فَقَالَ: وَمَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا ابني محمد ولى العهد من بعدي.

فقال عمرو: إنك سميته اسما لم يستحقه لعمله، وَأَلْبَسْتَهُ لَبُوسًا مَا هُوَ لَبُوسُ الْأَبْرَارِ، وَلَقَدْ مَهَّدْتَ لَهُ أَمْرًا أَمْتَعَ مَا يَكُونُ بِهِ أشغل ما يكون عنه. ثم التفت إلى المهدي فقال: يا ابن أخى! إذا حلف أبوك وحلف عمك فلأن يحنث أبوك أيسر من أن يحنث عَمُّكَ، لِأَنَّ أَبَاكَ أَقْدَرُ عَلَى الْكَفَّارَةِ مِنْ عَمِّكَ. ثُمَّ قَالَ الْمَنْصُورُ: يَا أَبَا عُثْمَانَ هَلْ مِنْ حَاجَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ! قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: لَا تَبْعَثْ إِلَيَّ حَتَّى آتِيَكَ. ولا تعطني حتى أسألك. فقال المنصور: إذا والله لا نلتقي. فقال عمرو: عَنْ حَاجَتِي سَأَلْتَنِي. فَوَدَّعَهُ وَانْصَرَفَ. فَلَمَّا وَلَّى أمده بَصَرَهُ وَهُوَ يَقُولُ:

كُلُّكُمْ يَمْشِي رُوَيْدْ

كُلُّكُمْ يَطْلُبُ صَيْدْ

غَيْرَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدْ

وَيُقَالُ إِنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ أَنْشَدَ الْمَنْصُورَ قَصِيدَةً فِي مَوْعِظَتِهِ إِيَّاهُ وَهِيَ قَوْلُهُ:

يَا أَيُّهَذَا الَّذِي قَدْ غَرَّهُ الْأَمَلُ

وَدُونَ مَا يَأْمَلُ التَّنْغِيصُ وَالْأَجَلْ

أَلَا تَرَى أَنَّمَا الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا

كمنزل الركب حلوا نمت ارْتَحَلُوا

حُتُوفُهَا رَصَدٌ وَعَيْشُهَا نَكَدٌ

وَصَفْوُهَا كَدَرٌ وَمُلْكُهَا دُوَلٌ

تَظَلُّ تَقْرَعُ بِالرَّوْعَاتِ سَاكِنَهَا

فَمَا يسوغ له لين ولا جذل

كَأَنَّهُ لِلْمَنَايَا وَالرَّدَى غَرَضٌ

تَظَلُّ فِيهِ بَنَاتُ الدهر تنتقل

تديره ما تدور به دَوَائِرُهَا

مِنْهَا الْمُصِيبُ وَمِنْهَا الْمُخْطِئُ الزَّلِلُ

وَالنَّفْسُ هاربة والموت يطلبها

وكل عسرة رَجُلٍ عِنْدَهَا جَلَلُ

وَالْمَرْءُ يَسْعَى بِمَا يَسْعَى لِوَارِثِهِ

وَالْقَبْرُ وَارِثُ مَا يَسْعَى لَهُ الرَّجُلُ

[1] زيادة من المصرية.

ص: 124

وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنِ الرِّيَاشِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: رَأَتْ جَارِيَةٌ لِلْمَنْصُورِ ثَوْبَهُ مرقوعا فقالت:

خليفة وقميص مَرْقُوعٌ؟ فَقَالَ: وَيْحَكِ أَمَا سَمِعْتِ مَا قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ

قَدْ يُدْرِكُ الشَّرَفَ الْفَتَى وَرِدَاؤُهُ

خلق وبعض قميصه مرقوع

وقال بعض الزهاد للمنصور: اذكر لَيْلَةً تَبِيتُ فِي الْقَبْرِ لَمْ تَبِتْ قَبْلَهَا ليلة مثلها، واذكر ليلة تمخض عن يوم القيامة لا ليلة بعدها فأفحم المنصور قوله فأمر لَهُ بِمَالٍ. فَقَالَ: لَوِ احْتَجْتُ إِلَى مَالِكَ ما وعظتك. وَمِنْ شَعْرِهِ لَمَّا عَزَمَ عَلَى قَتْلِ أَبِي مسلم:

إِذَا كُنْتَ ذَا رَأْيٍ فَكُنْ ذَا عَزِيمَةٍ

فان فساد الرأى أن يترددا

ولا تمهل الأعداء يوما لغدرة

وَبَادِرْهُمْ أَنْ يَمْلِكُوا مِثْلَهَا غَدَا

وَلَمَّا قَتَلَهُ وَرَآهُ طَرِيحًا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ:

قَدِ اكْتَنَفَتْكَ خَلَّاتٌ ثَلَاثٌ

جَلَبْنَ عَلَيْكَ مَحْتُومَ الْحِمَامِ

خِلَافُكَ وَامْتِنَاعُكَ مِنْ يَمِينِي

وَقَوْدُكَ لِلْجَمَاهِيرِ الْعِظَامِ

وَمِنْ شعره أيضا:

المرء يأمل أن يعيش

وطول عمر قد يضره

تبلى بشاشته ويبقى

بعد حلو العيش مره

وتخونه الأيام حتى

لَا يَرَى شَيْئًا يَسُرُّهْ

كُمْ شَامِتٍ بِي إن هلكت

وَقَائِلٍ للَّه دَرُّهْ

قَالُوا: وَكَانَ الْمَنْصُورُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ يَتَصَدَّى لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المنكر والولايات والعزل والنظر في مصالح الْعَامَّةِ، فَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَاسْتَرَاحَ إِلَى الْعَصْرِ، فَإِذَا صَلَّاهَا جَلَسَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ ونظر في مصالحهم الْخَاصَّةِ، فَإِذَا صَلَّى الْعَشَاءَ نَظَرَ فِي الْكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ الْوَارِدَةِ مِنَ الْآفَاقِ، وَجَلَسَ عِنْدَهُ مَنْ يُسَامِرُهُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى أَهْلِهِ فَيَنَامُ فِي فِرَاشِهِ إِلَى الثُّلُثِ الْآخِرِ، فَيَقُومُ إِلَى وَضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ حَتَّى يَتَفَجَّرَ الصَّبَاحُ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَجْلِسُ فِي إِيوَانِهِ.

وَقَدْ وَلَّى بَعْضَ الْعُمَّالِ عَلَى بَلَدٍ فَبَلَغَهُ أَنَّهُ قَدْ تَصَدَّى لِلصَّيْدِ وَأَعَدَّ لذلك كلابا وبزاة، فكتب إليه ثكلتك أمك وعشيرتك، ويحك إنا إنما استكفيناك واستعملناك على أمور المسلمين، ولم نستكفك أمور الوحوش في البراري، فسلم ما تَلِي مِنْ عَمَلِنَا إِلَى فُلَانٍ وَالْحَقْ بِأَهْلِكَ ملوما مدحورا.

وأتى يومى بِخَارِجِيٍّ قَدْ هَزَمَ جُيُوشَ الْمَنْصُورِ غَيْرَ مَرَّةٍ فلما وقف بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ! مِثْلُكُ يَهْزِمُ الْجُيُوشَ؟ فَقَالَ الْخَارِجِيُّ: ويلك سوأة لَكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَمْسِ السَّيْفُ وَالْقَتْلُ وَالْيَوْمَ الْقَذْفُ وَالسَّبُّ، وَمَا يُؤَمِّنُكَ أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ وقد يئست من الحياة فما أستقبلها أبدا.

ص: 125

قال فاستحيى مِنْهُ الْمَنْصُورُ وَأَطْلَقَهُ. فَمَا رَأَى لَهُ وَجْهًا إلى الحول [وقال لابنه لما ولاه العهد: يا بنى ائتدم النعمة بالشكر، والقدرة بالعفو، والنصر بالتواضع، والتألف بالطاعة، وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَنَصِيبَكَ مِنْ رحمة الله][1] وَقَالَ أَيْضًا: يَا بُنَيَّ لَيْسَ الْعَاقِلُ مَنْ يَحْتَالُ لِلْأَمْرِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ حَتَّى يَخْرُجَ منه، ولكن العاقل الَّذِي يَحْتَالُ لِلْأَمْرِ الَّذِي غَشِيَهُ حَتَّى لَا يقع فيه. وقال المنصور: يَا بُنَيَّ لَا تَجْلِسْ مَجْلِسًا إِلَّا وَعِنْدَكَ من أهل الحديث مَنْ يُحَدِّثُكَ، فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ قَالَ: عِلْمُ الْحَدِيثِ ذكر لَا يُحِبُّهُ إِلَّا ذُكْرَانُ الرِّجَالِ، وَلَا يَكْرَهُهُ إِلَّا مُؤَنَّثُوهُمْ، وَصَدَقَ أَخُو زُهْرَةَ. وَقَدْ كَانَ الْمَنْصُورُ فِي شَبِيبَتِهِ يَطْلُبُ الْعِلْمَ مِنْ مَظَانِّهِ والحديث والفقه فنال جَانِبًا جَيِّدًا وَطَرَفًا صَالِحًا، وَقَدْ قِيلَ لَهُ يَوْمًا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ بَقِيَ شَيْءٌ من اللذات لم تنله؟

قال: شيء واحد، قالوا: وما هو؟ قال: قَوْلُ الْمُحَدَّثِ لِلشَّيْخِ مَنْ ذَكَرْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ. فَاجْتَمَعَ وُزَرَاؤُهُ وَكُتَّابُهُ وَجَلَسُوا حَوْلَهُ وَقَالُوا: لِيُمْلِ عَلَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لستم بهم، إنما هو الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، رواد الآفاق وقطاع المسافات، تارة بالعراق وتارة بالحجاز، وتارة بالشام، وتارة باليمن. فهؤلاء نقلة الحديث.

وقال يوما لابنه المهدي: كم عندك من دابة؟ فَقَالَ لَا أَدْرِي. فَقَالَ: هَذَا هُوَ التَّقْصِيرُ، فأنت لِأَمْرِ الْخِلَافَةِ أَشَدُّ تَضْيِيعًا فَاتَّقِ اللَّهَ يَا بُنَيَّ. وَقَالَتْ خَالِصَةُ إِحْدَى حَظِيَّاتِ الْمَهْدِيِّ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى الْمَنْصُورِ وَهُوَ يَشْتَكِي ضِرْسَهُ وَيَدَاهُ عَلَى صُدْغَيْهِ فَقَالَ لِي: كَمْ عِنْدَكِ مِنَ الْمَالِ يَا خَالِصَةُ؟ فَقُلْتُ أَلْفُ دِرْهَمٍ. فَقَالَ: ضَعِي يَدَكِ عَلَى رَأْسِي وَاحْلِفِي، فَقُلْتُ: عِنْدِي عَشَرَةُ آلَافِ دِينَارٍ. قَالَ: اذْهَبِي فَاحْمِلِيهَا إِلَيَّ قَالَتْ: فَذَهَبْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي الْمَهْدِيِّ وهو مع زوجته الخيزران فشكوت ذلك إليه فوكزني بِرِجْلِهِ وَقَالَ: وَيْحَكِ! إِنَّهُ لَيْسَ بِهِ وَجَعٌ وَلَكِنِّي سَأَلْتُهُ بِالْأَمْسِ مَالًا فَتَمَارَضَ، وَإِنَّهُ لَا يَسَعُكِ إِلَّا مَا أَمَرَكِ بِهِ. فَذَهَبَتْ إِلَيْهِ خَالِصَةُ وَمَعَهَا عَشَرَةُ آلَافِ دِينَارٍ، فَاسْتَدْعَى بِالْمَهْدِيِّ فَقَالَ لَهُ: تَشْكُو الْحَاجَةَ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ خَالِصَةَ؟ وَقَالَ الْمَنْصُورُ لِخَازِنِهِ: إِذَا عَلِمْتَ بِمَجِيءِ الْمَهْدِيِّ فَائْتِنِي بِخُلْقَانِ الثِّيَابِ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ، فَجَاءَ بِهَا فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَدَخَلَ الْمَهْدِيُّ والمنصور يقلبها، فجعل المهدي يضحك، فقال: يا بنى من ليس له خلق ليس لَهُ جَدِيدٌ، وَقَدْ حَضَرَ الشِّتَاءُ فَنَحْتَاجُ نُعِينُ الْعِيَالِ وَالْوَلَدَ. فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: عَلَيَّ كُسْوَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَعِيَالِهِ، فَقَالَ: دُونَكَ فَافْعَلْ.

وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْهَيْثَمِ أَنَّ الْمَنْصُورَ أَطْلَقَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لِبَعْضِ أَعْمَامِهِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وفي هذا اليوم فرق في بَيْتِهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَلَا يُعْلَمُ خَلِيفَةٌ فَرَّقَ مِثْلَ هَذَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَقَرَأَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ عِنْدَ الْمَنْصُورِ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ 4: 37 فقال: والله لولا أن المال حصن

[1] زيادة من المصرية.

ص: 126

للسلطان ودعامة للدين والدنيا وعزّهما مَا بِتُّ لَيْلَةً وَاحِدَةً وَأَنَا أُحْرِزُ مِنْهُ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا لِمَا أَجِدُ لِبَذْلِ الْمَالِ من اللذة، وَلِمَا أَعْلَمُ فِي إِعْطَائِهِ مِنْ جَزِيلِ الْمَثُوبَةِ. وَقَرَأَ عِنْدَهُ قَارِئٌ آخَرُ وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ 17: 29 الآية. فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ مَا أَدَّبَنَا رَبُّنَا عز وجل. وَقَالَ الْمَنْصُورُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ على بن عبد الله يقول: سادة أهل الدنيا في الدنيا الأسخياء، وسادة أهل الآخرة في الْآخِرَةِ الْأَتْقِيَاءُ.

وَلَمَّا عَزَمَ الْمَنْصُورُ عَلَى الْحَجِّ في هذه السنة دعا ولده المهدي فأوصاه في خاصة نفسه وبأهل بيته وبسائر المسلمين خيرا، وعلمه كيف تفعل الأشياء وتسد الثغور، وأوصاه بِوَصَايَا يَطُولُ بَسْطُهَا وَحَرَّجَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْتَحَ شَيْئًا مِنْ خَزَائِنِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَتَحَقَّقَ وَفَاتَهُ فَإِنَّ بِهَا مِنَ الْأَمْوَالِ مَا يَكْفِي الْمُسْلِمِينَ لَوْ لَمْ يُجْبَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْخَرَاجِ دِرْهَمٌ عَشْرَ سِنِينَ، وَعَهِدَ إِلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ وَهُوَ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرَ قَضَاءَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَامْتَثَلَ الْمَهْدِيُّ ذَلِكَ كُلَّهُ. وَأَحْرَمَ الْمَنْصُورُ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مِنَ الرُّصَافَةِ وَسَاقَ بُدُنَهُ وَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي وُلِدْتُ فِي ذِي الْحِجَّةِ وقد وقع لي أن أموت في ذي الحجة، وهذا الّذي جرأنى عَلَى الْحَجِّ عَامِي هَذَا. وَوَدَّعَهُ وَسَارَ وَاعْتَرَاهُ مَرَضُ الْمَوْتِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَمَا دَخَلَ مكة إلا وهو ثقيل جِدًّا، فَلَمَّا كَانَ بِآخِرِ مَنْزِلٍ نَزَلَهُ دُونَ مَكَّةَ إِذَا فِي صَدْرِ مَنْزِلِهِ مَكْتُوبٌ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 1: 1.

أَبَا جَعْفَرٍ حَانَتْ وَفَاتُكَ وَانْقَضَتْ

سُنُوكَ وَأَمْرُ اللَّهِ لَا بُدَّ وَاقِعُ

أَبَا جَعْفَرٍ هَلْ كَاهِنٌ أَوْ مُنَجِّمٌ

لَكَ الْيَوْمَ مِنْ كَرْبِ الْمَنِيَّةِ مَانِعُ

فَدَعَا بِالْحَجَبَةِ فأقرأهم ذَلِكَ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَعَرَفَ أَنَّ أَجْلَهُ قَدْ نُعِيَ إِلَيْهِ. قَالُوا: وَرَأَى الْمَنْصُورُ فِي مَنَامِهِ وَيُقَالُ بَلْ هَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ وَهُوَ يَقُولُ: -

أَمَا وَرَبِّ السُّكُونِ وَالْحَرَكْ

إِنَّ الْمَنَايَا كَثِيرَةُ الشَّرَكْ

عَلَيْكِ يَا نَفْسُ إِنْ أَسَأْتِ وَإِنْ

أَحْسَنْتِ يَا نَفْسُ كَانَ ذَاكَ لَكْ

مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا

دَارَتْ نُجُومُ السَّمَاءِ فِي الْفَلَكْ

إِلَّا بِنَقْلِ السُّلْطَانِ عَنْ مَلِكٍ

إِذَا انْقَضَى مُلْكُهُ إِلَى مَلِكْ

حَتَّى يصير إنه إِلَى مَلِكٍ

مَا عَزَّ سُلْطَانُهُ بِمُشْتَرَكِ

ذَاكَ بديع السماء والأرض والمرسي

الجبال المسخر الفلك

فقال المنصور: هذا أَوَانُ حُضُورِ أَجَلِي وَانْقِضَاءِ عُمْرِي. وَكَانَ قَدْ رَأَى قَبْلَ ذَلِكَ فِي قَصْرِهِ الْخُلْدِ الَّذِي بَنَاهُ وَتَأَنَّقَ فِيهِ مَنَامًا أَفْزَعَهُ فَقَالَ لِلرَّبِيعِ: وَيْحَكَ يَا رَبِيعُ! لَقَدْ رَأَيْتُ مَنَامًا هَالَنِي، رَأَيْتُ قَائِلًا وَقَفَ فِي بَابِ هَذَا الْقَصْرِ وهو يقول:

ص: 127