الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
الاحتفال بأعياد الميلاد
ومن الأمور التي تشبَّه المسلمون فيها بالكفار، الاحتفال بأعياد الميلاد.
فقد جرت عادة النصارى أن يحتفلوا بكل سنة تمر من حياتهم، وهو أمر محدث في شريعتهم.
فيحتفل الوالدان بمرور سنة على ميلاد ابنهما، وفي السنة الثانية يحتفلون بمرور سنتين على ميلاده..... وهكذا.
وكذلك الأب والأم يحتفلون بعيد ميلادهم على هذا النحو.
وعادتهم في مثل هذا الاحتفال: إقامة الزينات الملونة في أنحاء البيت، ودعوة الأقارب والأصدقاء والجيران، فيصطحب كل منهم هدية لصاحب هذا العيد.
ويحرص والدي الطفل أو الزوج - إذا كان العيد لزوجته والعكس - على إحضار هدية خاصة بهذه المناسبة، وعادة ما يكون هذا الاحتفال ليلاً. ومن ضمن استعداداتهم تجهيز الحلويات والمشروبات الخاصة بهذه المناسبة، وخاصة قطعة من الكعك الخاص (1) ، والتي تكون عادة بشكل دائري، وتختلف أحجامها ومقاساتها حسب الحالة الاجتماعية، وعمر المحتفل بميلاده، ويغرس في هذه الكعكة الخاصة عدد من الشموع تكون بعدد سني المحتفل بميلاده إن كان صغيراً، وبعدد العقود إذا كان كبيراً، فمثلاً: إذا كان عمره ثلاث سنوات وضعوا ثلاث شمعات، وإذا كان كبيراً وعمره خمسين سنة مثلاً وضعوا خمس شمعات، على أساس كل عقد من عمره له شمعة واحدة. وعادة تكون هذه الكعكة الخاصة موضوعة على مائدة تحيط بها الأنواع الأخرى من الحلويات والمشروبات، فتكون في وسط المائدة.
(1) - الكعك: الخبز، كلمة فارسية معربة. يراجع: لسان العرب (10/481) مادة (كعك) . والناس في الوقت الحاضر يطلقون الكعك على الخبز اليابس، أما يستعمل في المناسبات فيسمونه (كيك) وهي كلمة (إنجليزية) تطلق على أنواع الخبز السميك اللين الهش. وهو المراد في هذا المقام، وعادة ما يحلى بأنواع من الحلوى الملونة التي تكون على ظاهره.
ثم يوقدون الشموع المغروسة في قطعة الكعك، ثم يجتمع المحتفلون حول المائدة، ويكون المحتفل بميلاده في وسطهم قابلاً للشموع ثم يطفئ هذه الشموع بنفخه إياها، ويشاركه الحاضرون.
ومعنى أنه قضى من عمره قدر هذه الشموع.
ويولي الناس الاحتفال بأعياد الميلاد اهتماماً يفوق الوصف، لحرصهم على تقليد الأعاجم، مع أن هذا من المشابهة المنهي عنها، وفعلهم هذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: ((لتتبعن سنن من كل قبلكم
…
)) الحديث (1)
ومن مظاهر هذا الاهتمام: الإعلان عن ذلك في الصحف والمجلات، الإسراف في صنع الزينات والمأكولات والمشروبات، وتباهي الناس في ذلك ومفاخرة بعضهم بعضاً في هذا المجال.
أما الأمور التي سنَّها الرسول صلى الله عليه وسلم والتي منها: العقيقة، وهي ما يذبح عن المولود ذكراً أو أنثى، فلا يولونها أي اهتمام، وإنَّما هي سنَّة من السنن التي كادت أن تندرس بسبب كثرة البدع، والإعراض عن السنن.
وهي التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: ((مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى)) (2) .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه)) (3) . وقال أيضاً: ((عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة)) (4) . وقال أيضاً:
(1) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (13/300) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، حديث (732) . رواه مسلم في صحيحه المطبوع مع شرح النووي (16/219) كتاب العلم واللفظ له.
(2)
- رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (9/590) كتاب العقيقة، حديث رقم (5472) . قال ابن حجر في فتح الباري (9/591) وصله الطحاوي. ورواه أبو داود في سننه (3/261) كتاب الأضاحي، حديث رقم (2839) ، ورواه الترمذي في سننه (3/35) أبواب الأضاحي، حديث رقم (1551، 1552)، وقال: حديث صحيح. ورواه النسائي في سننه (7/ 164) كتاب العقيقة. ورواه ابن ماجه في سننه (2/1056) كتاب الذبائح، حديث رقم (3164) .
(3)
- رواه أحمد في مسنده (5/17) . ورواه أبو داود في سننه (3/260) كتاب الأضاحي، حديث رقم (2838) . ورواه الترمذي في سننه (3/38) أبواب الأضاحي، حديث رقم (1559)، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه النسائي في سننه (7/166) كتاب العقيقة. ورواه ابن ماجه في سننه (2/1056، 1057) كتاب الذبائح، حديث رقم (3165) .
(4)
- رواه أحمد في مسنده (6/422) . ورواه أبو داود في سننه (3/257) كتاب الأضاحي، حديث رقم (2834) . ورواه الترمذي في سننه (3/35) أبواب الأضاحي، حديث رقم (1549)، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه ابن ماجه في سننه (2/1056، 1057) كتاب الذبائح، حديث رقم (3162) . ورواه النسائي في سننه (7/165) كتاب العقيقة.
((عن الغلام شاتان، وعن الأنثى واحدة، ولا يضركم ذكرانا كن أو إناثاً)) (1) ......... إلى غير ذلك من الأدلة التي تدلُّ على استحباب العق عن المولود (2) .
فهذه سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، قد تركها الكثير من الناس ولهم في فعلها الأجر العظيم، وتشبهوا بالكفار في الاحتفال بأعياد الميلاد، فقدموا ما يحصل به العقاب، على ما ينالوا به الثواب.
والسبب في ذلك ضعف الإيمان، والجهل، والتقليد الأعمى، وقلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتكاسل بعض العلماء، وطلاب العلم في محاربة هذه المحدثات البدعية، التي ليس من شأنها إلا القضاء على السنن لتحل محلها البدع، فيحصل للناس بذلك الفساد في دينهم وأخلاقهم، وليس بعد ذلك مصيبة.
حمانا الله وإياكم من كل شرِّ، وأصلح لنا ديننا ودنيانا وآخرتنا، إنه سميع مجيب. والله أعلم.
(1) - رواه أحمد في مسنده (6/422) . ورواه أبو داود في سننه (3/257، 258) كتاب الأضاحي، حديث رقم (2835) . ورواه الترمذي في سننه (3/35) أبواب الأضاحي، حديث رقم (1550)، وقال: هذا حديث صحيح. ورواه النسائي في سننه (7/165) كتاب العقيقة.
(2)
- يراجع: تحفة المودود بأحكام المولود ص (38- 42) .