الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الأدلة على تحريم مشابهة أهل الكتاب]
أولاً:
الأدلة من الكتاب:
وجه الدلالة من الآيات:
أخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أنه أنعم على بني إسرائيل بنعم الدين والدنيا، وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغياً من بعضهم على بعض، ثم جعل الرسول صلى الله عليه وسلم على شريعة شرعها له وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون وقد دخل في الذين لا يعلمون كل من خالف شريعته.
وأهواؤهم: ما يهوونه، وما كان عليه المشركون من هديهم الظاهر الذي هو من موجبات دينهم الباطل، وتوابع ذلك، وموافقتهم فيه، اتباع لما يهوونه، ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم وموافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره، فإن من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه (2) .
وجه الدلالة من الآيات:
أن الضمير في أهوائهم يعود -والله أعلم- إلى ما تقدم ذكره، وهم الأحزاب الذين ينكرون بعضه، فدخل في ذلك كل من أنكر شيئاً من القرآن: من يهودي ونصراني وغيرهما، وقد قال جلَّ وعلا:{وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} ومتابعتهم فيما يختصون به من دينهم وتوابع دينهم، اتباع لأهوائهم، بل يحصل اتباع
(1) - سورة الجاثية، الآيات:16- 19.
(2)
- يُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (1/84، 85) .
(3)
- سورة الرعد، الآيتان:36، 37
أهوائهم بما هو دون ذلك (1) .
وجه الدلالة من الآيات:
أن الله- سبحان وتعالى- قال في الخبر {مِلَّتَهُمْ} وقال في النهي {هْوَاءَهُمْ} ؛ لأن القوم لا يرضون إلا باتباع الملة مطلقاً والزجر وقع عن اتباع أهوائهم في قليل أو كثير، ومن المعلوم أن متابعتهم في بعض ما هم عليه من الدين، نوع متابعة لهم في بعض ما يهوونه، أو مظنة لمتابعتهم فيما يهوونه (3) .
وجه الدلالة من الآيات:
قال غير واحد من السلف (5) : معناه: لئلا يحتج اليهود عليكم بالموافقة في القبلة، فيقولون: قد وافقونا في قبلتنا، فيوشك أن يوافقونا في ديننا، فقطع الله بمخالفتهم في القبلة هذه الحجة: إذ الحجَّة: اسم لكل ما يحتج به من حق وباطل. {إِلَّا
(1) - يُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (1/85، 86) .
(2)
- (البقرة:120)
(3)
- يُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (1/85) .
(4)
- سورة البقرة، الآيات: 145-150.
(5)
- منهم: مجاهد، وعطاء، والضحاك، والربيع بن أنس، وقتادة، والسدي. يُراجع: تفسير ابن كثير (1/195) . ونسبه القرطبي إلى ابن عطية. يُراجع: الجامع لأحكام القرآن (2/169، 170) .
الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} وهم قريش، فإنهم يقولون: عادوا إلى قبلتنا فيوشك أن يعودوا إلى ديننا.
فبين الله سبحانه وتعالى أن من حكمة نسخ القبلة وتغييرها مخالفة الناس الكافرين في قبلتهم، ليكون ذلك أقطع لما يطمعون فيه من الباطل، ومعلوم أن المعنى ثابت في كل مخالفة وموافقة، فإن الكافر إذا اتُبع في شيء من أمره، كان له من الحجة مثل ما كان أو قريب مما كان لليهود من الحجة في القبلة (1) .
وقوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (2)
وجه الدلالة من الآية:
أن المراد بالذين تفرَّقوا هم اليهود والنصارى الذين افترقوا على أكثر من سبعين فرقة، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن متابعتهم في نفس التفرق والاختلاف، مع أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، مع أن قوله: لا تكن مثل فلان. قد يعم مماثلته بطريق اللفظ أو المعنى، وإن لم يعم دلّ على أن جنس مخالفتهم وترك مشابهتهم أمر مشروع، ودلَّ على أنه كلما بَعُدَ الرجل عن مشابهتهم فيما لم يشرع لنا، كان أبعد عن الوقوع في نفس المشابهة المنهي عنها، وهذه مصلحة جليلة (3) .
وجه الدلالة من الآيات:
أن متابعتهم في هديهم، هي من اتباع ما يهوونه، أو مظنة لاتباع ما يهوونه،
(1) - يُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (1/87) .
(2)
- سورة آل عمران، الآية:105.
(3)
- يُراجع: اقتضاء الصراط المستقيم (1/87، 88) .
(4)
-سورة المائدة، الآيتان: 48، 49.