الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَكْلِ ذِي الدَّيْنِ مِنْ مَالِ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الدَّيْنُ بِطِيبِ نَفْسِهِ: هَلْ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَهُ أَمْ لَا
؟
4327 -
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ، قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ الْإِسْلَامُ، خَرَجْنَا فِي رَكْبٍ وَمَعَنَا ظَعِينَةٌ لَنَا حَتَّى نَزَلْنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَبَيْنَا نَحْنُ نَعُودُ إِذْ أَتَانَا رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ:" مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ الْقَوْمُ؟ " قُلْنَا: مِنَ الرَّبَذَةِ، وَمَعَنَا جَمَلٌ أَحْمَرُ، فَقَالَ:" أَتَبِيعُونِي الْجَمَلَ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ:" بِكَمْ؟ " قُلْنَا: بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَأَخَذَهُ وَلَمْ يَسْتَنْقِصْنَا شَيْئًا، قَالَ:" قَدْ أَخَذْتُهُ " فَأَخَذَ بِرَأْسِ الْجَمَلِ حَتَّى تَوَارَى بِحِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَتَلَاوَمْنَا فِيمَا بَيْنَنَا، قُلْنَا: أَعْطَيْتُمْ جَمَلَكُمْ رَجُلًا لَا تَعْرِفُونَهُ فَقَالَتِ الظَّعِينَةُ: لَا تَلَاوَمُوا، لَقَدْ رَأَيْتُ وَجْهَ رَجُلٍ مَا كَانَ لِيَخْفِرَكُمْ، مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ مِنْ وَجْهِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ، أَتَانَا رَجُلٌ، فَقَالَ:" السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْكُمْ، هُوَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا حَتَّى تَشْبَعُوا، وَأَنْ تَكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا " فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا،
⦗ص: 104⦘
وَاكْتَلْنَا حَتَّى اسْتَوْفَيْنَا
4328 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الذُّهْلِيُّ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
4329 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَاعٌ لِرَجُلٍ مِنْ تَمْرٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: "
⦗ص: 105⦘
اقْضِهِ " فَأَعْطَاهُ تَمْرًا دُونَ تَمْرِهِ، فَرَدَّهُ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَتَرُدَّهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ أَحَقُّ بِالْعَدْلِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَاكْتَحَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دُمُوعًا، وَقَالَ: " صَدَقَ، وَمَنْ أَحَقُّ بِالْعَدْلِ مِنِّي؟ إِنَّهُ لَا يُقَدِّسُ اللهُ أُمَّةً لَا يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ قَوِيِّهَا وَهُوَ لَا يَتَعْتَعُ " ثُمَّ قَالَ: " يَا خَوْلَةُ، عِديهِ وَأَذْهِبِيهِ وَاقْضِيهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ غَرِيمٍ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِ غَرِيمِهِ وَهُوَ رَاضٍ إِلَّا صَلَّتْ عَلَيْهِ دَوَابُّ الْأَرْضِ وَنِينَانُ الْبُحُورِ، وَلَيْسَ مِنْ غَرِيمٍ يَلْوِي غَرِيمَهُ وَهُوَ يَجِدُ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
⦗ص: 106⦘
إِثْمٌ "
4330 -
وَحَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَيْفٍ النَّحْوِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ سُعْنَةَ كَانَ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِثَمَانِينَ دِينَارًا، ثُمَّ قَالَ: أُعْطِيكَهَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي وُسُوقًا مُسَمَّاةً مِنْ حَائِطٍ مُسَمًّى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا آخَذُهَا مِنْكَ عَلَى وُسُوقٍ مُسَمَّاةٍ مِنْ حَائِطٍ مُسَمًّى، وَلَكِنْ آخَذُهَا مِنْكَ عَلَى وُسُوقٍ مُسَمَّاةٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " ثُمَّ إِنَّ زَيْدَ بْنَ سُعْنَةَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ، فَجَبَذَ ثَوْبَهُ عَنْ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ
⦗ص: 108⦘
الْمُطَّلِبِ أَصْحَابُ مَطْلٍ، وَإِنِّي بِكُمْ لَعَارِفٌ، فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَنَا وَهُوَ كُنَّا إِلَى غَيْرِ هَذَا أَحْوَجَ مِنْكَ: أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الْقَضَاءِ، وَتَأْمُرَهَ بِحُسْنِ التَّقَاضِي، انْطَلِقْ يَا عُمَرُ إِلَى حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ فَأَوْفِهِ حَقَّهُ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَزِدْهُ ثَلَاثِينَ صَاعًا لِرَدِّكَ عَلَيْهِ " فَقَالَ قَائِلٌ: أَيَدْخُلُ هَذَا الْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ أَوْ
⦗ص: 109⦘
لَا يَدْخُلُ فِيهِ؟ فَإِنْ كَانَ لَا يَدْخُلُ فِيهِ، فَقَدْ عَادَ مُنْقَطِعًا. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ لَا يَعُودُ بِذَلِكَ مُنْقَطِعًا، إِذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْتُهِيَ بِهِ إِلَى يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ لِأَنَّ يُوسُفَ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَمَّاهُ يُوسُفَ
4331 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْهَيْثَمِ الْعَطَّارِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ:" سَمَّانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُوسُفَ " فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذِهِ الْآثَارَ وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهْيَهُ أَنْ يُؤْكَلَ بِأَشْيَاءَ، مِنْهَا نَهْيُهُ أَنْ يُؤْكَلَ بِالْقُرْآنِ.
4332 -
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ،
⦗ص: 110⦘
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ الْأَنْصَارِيِّ، رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَغْلُوا فِيهِ، وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ "
4333 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَنْبَأَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عُبَادَةَ، قَالَ: كُنْتُ أُعَلِّمُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْقُرْآنَ، فَأَهْدَى إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا عَلَى أَنْ أَقْبَلَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُطَوِّقَكَ اللهُ طَوْقًا مِنْ نَارٍ، فَاقْبَلْهَا "
⦗ص: 112⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِذَا كَانَ حَرَامًا عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ بِالْقُرْآنِ كَانَ مَعْقُولًا أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ بِمَالِهِ، وَأَنْ يَكُونَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ دَاخِلًا فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ مَا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ هُوَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّبَا، ثُمَّ حُرِّمَ الرِّبَا فَحُرِّمَتْ أَسْبَابُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَعْدِهِ مِمَّا لَمْ نَجِدْ عَنْهُمْ فِيهِ خِلَافًا، فَمِنْ ذَلِكَ
مَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبِي إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَتَعَلَّمَ، فَلَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَامٍ فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَقَالَ:" مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَقَالَ: " مَرْحَبًا يَا ابْنَ أَخِي " فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا مَشَيْتُ مَعَكَ لِتُعَلِّمَنِي شَيْئًا، فَقَالَ: " مَا أَنَا بِمُعَلِّمِكَ حَتَّى تَنْطَلِقَ مَعِي إِلَى الْبَيْتِ "، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَقَرَّبَ إِلَيَّ سَوِيقًا
⦗ص: 113⦘
وَتَمْرًا، فَأَكَلْتُ، ثُمَّ قَالَ:" يَا ابْنَ أَخِي إِنَّكَ فِي أَرْضٍ الرِّبَا فِيهَا كَثِيرٌ غَامِضٌ، فَإِذَا أَسْلَفْتَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَرِقًا إِلَى أَجَلٍ، فَأَتَاكَ بِهَا وَأَتَاكَ مَعَهَا بِحِمْلٍ مِنْ قَتٍّ أَوْ عَلَفٍ فَلَا تَمَسَّهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ أَبْوَابِ الرِّبَا "
⦗ص: 114⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ فِيَ هَذَا الْحَدِيثِ نَهَى عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ أَبَا بُرْدَةَ عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ مِمَّا يُطْلِقُ مِثْلَهُ لَهُ حَدِيثُ ابْنِ سُعْنَةَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي الْوَقْتِ الَّذِي نَهَاهُ عَنْهُ خِلَافُ حُكْمِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَطْلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا أَطْلَقَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ سُعْنَةَ الَّذِي قَدْ عَلَّمَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَرَّةَ، وَسَعِيدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ اسْتَسْلَفَ مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه عَشَرَةَ آلَافٍ، فَأَهْدَى لَهُ مِنْ ثَمَرَةِ أَرْضِهِ فَرَدَّهَا، فَأَتَاهُ أُبَيٌّ، وَقَالَ:" أَتَرُدُّ عَلَيَّ ثَمَرِي، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنِّي أَطْيَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثَمَرَةً، لَا حَاجَةَ لَنَا فِيمَا رَدَدْتَ عَلَيْنَا هَدِيَّتَنَا، فَأَعْطَاهُ الْعَشَرَةَ آلَافٍ ". إِلَى هَذَا انْتَهَى حَدِيثُ سَعِيدٍ. وَقَالَ أَبُو
⦗ص: 115⦘
حَرَّةَ فِي حَدِيثِهِ: " إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَمَّا رَدَّ عَلَيْهِ أُبَيٌّ الْمَالَ قَبِلَ هَدِيَّتَهُ "
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ الْأَقْمَرِ، قَالَ: قَالَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ: قَالَ لِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: " إِذَا أَقْرَضْتَ قَرْضًا فَجَاءَ صَاحِبُكَ بِقَرْضِكَ يَحْمِلُهُ وَمَعَهُ هَدِيَّةٌ، فَخُذْ مِنْهُ قَرْضَكَ، وَارْدُدِ الْهَدِيَّةَ عَلَيْهِ "
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:" إِذَا أَقْرَضْتَ رَجُلًا قَرْضًا فَلَا تَرْكَبْ دَابَّتَهُ، وَلَا تَقْبَلْ هَدِيَّتَهُ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ جَرَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُخَالَطَةٌ "
⦗ص: 117⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ جَعَلَ مَا كَانَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْمُخَالَطَةُ إِذَا فَعَلَ مِثْلَهُ بَعْدَ الْقَرْضِ كَانَ عَلَى مَا قَدْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُخَالَطَةُ قَبْلَ الْقَرْضِ، وَمِنْ هَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، رَأَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنْ أَهْدَى لِعُمَرَ بَعْدَ اسْتِقْرَاضِهِ مِنْهُ مَا اسْتَقَرَضَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُهادِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ عَبْدَ رَبِّهِ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ، قَالَ:" كَانَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ صَدِيقٌ يُسْلِفُهُ، فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يُهْدِي لَهُ " وَهَذَا عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ مِنِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَجْلِ الْقَرْضِ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ يُهادِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمَأْخُوذَةَ بِأَسْبَابِ غَيْرِهَا تَرْجِعُ إِلَى مَا أَخَذَتْ بِأَسْبَابِهِ فِي كَرَاهَتِهِ حَتَّى يَكُونَ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَسَنَأْتِي بَعْدَ هَذَا الْبَابِ بِمَا يَشُدُّ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ