الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَوَابِهِ مَنْ سَأَلَهُ عَنْ ذَوِي الْمَكَارِمِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّنْ لَمْ يُدْرِكِ الْإِسْلَامَ
4357 -
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ دَاوُدَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ ابْنَ جُدْعَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ:" لَا يَا عَائِشَةُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ "
⦗ص: 148⦘
4358 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ:" يَا عَائِشَةُ " وَقَالَ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ: " وَيَفُكُّ الْعَانِيَ "
⦗ص: 149⦘
4358 م - وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
4359 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ ابْنِ عَمَّتِي ابْنِ جُدْعَانَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا كَانَ؟ " قُلْتُ: كَانَ يَنْحَرُ الْكَوْمَاءَ، وَكَانَ يَجْلِبُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَانَ يُكْرِمُ الْجَارَ، وَكَانَ يَقْرِي الضَّيْفَ، وَكَانَ يَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَكَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُوفِي بِالذِّمَّةِ، وَيَفُكُّ الْعَانِيَ، وَيُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَيُؤَدِّي الْأَمَانَةَ، قَالَ:" هَلْ قَالَ يَوْمًا وَاحِدًا: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ؟ " قُلْتُ: مَا كَانَ يَدْرِي مَا نَارُ جَهَنَّمَ، قَالَ:" فَلَا إِذًا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ جَوَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ فِي ابْنِ جُدْعَانَ لَمَّا سَأَلَتْهُ عَنْهُ وَوَصَفَتْ لَهُ مِنْ أَحْوَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا وَصَفَتْهُ لَهُ، وَمِنْ جَوَابِهِ لَهَا فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ نَافِعِهِ وَلَمْ يَزِدْهَا عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا
4360 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، أَنْبَأَنَا
⦗ص: 150⦘
شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُرَيِّ بْنِ قَطَرِيٍّ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ثُعَلَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، قَالَ:" إِنَّ أَبَاكَ أَرَادَ أَمْرًا فَأَدْرَكَهُ "
4361 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُرَيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَبِي كَانَ يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ، وَيَعْتِقُ الرِّقَابَ، فَهَلْ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ؟ قَالَ:" فَإِنَّ أَبَاكَ كَانَ يَلْتَمِسُ أَمْرًا، فَأَصَابَهُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ جَوَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَدِيًّا لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ أَبِيهِ، وَوَصْفِهِ لَهُ مَا وَصَفَهُ لَهُ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، وَمِنْ جَوَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَ مِنْ جَوَابِهِ إِيَّاهُ لَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِيهِ إِنَّمَا كَانَ لِمَعْنًى قَدْ بَلَغَهُ، وَلَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ.
4362 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي
⦗ص: 151⦘
نَعَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ يَقْرِي الضَّيْفَ، وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، وَإِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، قَالَ:" لَنْ يَنْفَعَهُ ذَلِكَ " فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ:" عَلَيَّ بِالشَّيْخِ " فَلَمَّا جَاءَ، قَالَ:" إِنَّ ذَلِكَ لَنْ يَنْفَعَهُ، وَلَكِنْ فِي عَقِبِهِ أَنَّهُمْ لَنْ يَفْتَقِرُوا، وَلَنْ يَذِلُّوا، وَلَنْ يُخْزَوْا ". وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ هَذَا الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بُشَيْرٍ، وَأَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: إِنَّهُ مِنْ وَلَدِ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ فَكَانَ جَوَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَا لَمْ يَخْرُجْ عَمَّا أَجَابَ بِهِ عَائِشَةَ وَعَدِيًّا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ غَيْرَ مَا فِيهِ مِمَّا قَالَهُ لَهُ بَعْدَ أَنْ أَمَرَ بِرَدِّهِ إِلَيْهِ مِمَّا ذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا، وَكَانَ ذَلِكَ مُحْتَمِلًا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَكُونَ رَدُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ بِشَيْءٍ قَالَهُ لَهُ الْمَلَكُ
⦗ص: 152⦘
فِي أَمْرِ أَبِي سَلْمَانَ: إِنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ لِيَلْحَقَ عَقِبَهُ مِنْهَا مَا قَدْ أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَلْمَانَ أَنَّهُمْ لَنْ يَفْتَقِرُوا، وَلَنْ يَذِلُّوا، وَلَنْ يُخْزَوْا، كَمَا رَدَّ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ سَأَلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ:" أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ، أَيُكَفِّرُ اللهُ تَعَالَى عَنِّي خَطَايَايَ؟ قَالَ: " نَعَمْ " فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: " إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام "
4363 -
وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، كُنْتُ أَدَعُ شَيْئًا تَبَرُّعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ:" لَكَ مَا أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ "
4364 -
حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ أُمُورًا
⦗ص: 153⦘
كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ، وَعَتَاقَةٍ، وَصِلَةِ رَحِمٍ، هَلْ لِي فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَوَابًا لِحَكِيمٍ عَنْ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ قَوْلُهُ لَهُ: " أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ "، فَذَلِكَ مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْخَيْرُ هُوَ الْخَيْرَ الَّذِي يُحْمَدُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا أَجْرَ لَهُ فِيهِ، فَلَمْ يَخْرُجْ ذَلِكَ عَمَّا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ الَّتِي قَدْ رُوِّينَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ.
4365 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، أَنْبَأَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ،
⦗ص: 154⦘
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمَّنَا كَانَتْ تَقْرِي الضَّيْفَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَإِنَّهَا كَانَتْ وَأَدَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَاتَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَهَلْ يَنْفَعُهَا عَمَلٌ إِنْ عَمِلْنَاهُ عَنْهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَنْفَعُ الْإِسْلَامُ إِلَّا مَنْ أَدْرَكَ، أُمُّكُمْ وَمَا وَأَدَتْ فِي
⦗ص: 155⦘
النَّارِ "
⦗ص: 156⦘
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَنْفَعُ إِلَّا مَنْ أَدْرَكَهُ، أَيْ: فَأَسْلَمَ، وَدَخَلَ فِيهِ، وَكَانَتِ الْمَنْفَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُحْتَمِلَةً أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَنْفَعَةَ بِالْإِسْلَامِ لَا بِمَا سِوَاهُ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْأُمُورِ الْمَحْمُودَةِ، وَمُحْتَمِلَةً أَنْ تَكُونَ نَافِعَةً لِأَهْلِهَا فِي غَيْرِ الْإِسْلَامِ، كَمَا يَنْفَعُهُمْ لَوْ عَمِلُوهَا فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ أَنَّ جُمْلَةَ مَا رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ يَرْجِعُ إِلَى مُرَادِ عَامِلِي الْأَشْيَاءِ بِإِعْمَالِهِمْ إِيَّاهَا مَا عَمِلُوهَا لَهُ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ عز وجل وَإِلَى رَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ "،
⦗ص: 157⦘
وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَإِذَا كَانَتِ الْأَعْمَالُ فِي الْإِسْلَامِ لَا تَنْفَعُ عَامِلِيهَا إِلَّا بِنِيَّتِهِمْ بِهَا اللهَ عز وجل، فَيَكُونُونَ بِهَا مُرِيدِينَ لَهُ، وَقَاصِدِينَ إِلَيْهِ، فَيُثِيبُهُمْ عَلَيْهَا مَا يُثِيبُهُمْ عَلَيْهَا، وَإِذَا عَمِلُوهَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ دُنْيَاهُمْ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ، كَانَ مَا عَمِلُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَلَا النِّيَّاتِ الَّتِي يُرِيدُونَ بِأَعْمَالِهِمْ فِيهَا اللهَ عز وجل، أَحْرَى أَنْ لَا يُثَابُوا عَلَيْهَا، وَأَنْ لَا يُؤْتُوا بِهَا إِلَّا مَا قَصَدُوا بِهَا إِلَيْهِ فِي دُنْيَاهُمْ مِنْ أَسْبَابٍ، فَقَدِ ائْتَلَفَتْ هَذِهِ الْآثَارُ الَّتِي رُوِّينَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَصَدَّقَ مَعَانِي بَعْضِهَا بَعْضًا، وَلَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ فِيهَا عَنْ شَيْءٍ إِلَى مَا يُضَادُّهَا، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.