الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِ اللهِ عز وجل بِقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْمُكَاتَبِينَ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [
النور: 33]
4366 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءَتْ بَرِيرَةُ إِلَيَّ، فَقَالَتْ: يَا عَائِشَةُ إِنِّي قَدْ كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ جَمِيعًا، وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا، فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ مِنْهَا، ابْتَاعِي، فَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ: فَمَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَنْ شَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل فَهُوَ
⦗ص: 159⦘
بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ".
4367 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ،
⦗ص: 160⦘
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ
4368 -
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ بَرِيرَةُ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي الْوَلَاءَ لَهُمْ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ " فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ
⦗ص: 161⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ كِتَابَتِهِ عَنْهُ، وَأَنَّ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] عَلَى الْحَثِّ وَالْحَضِّ عَلَى الْخَيْرِ مِنْ مَعُونَةِ الْمُكَاتَبِينَ مِمَّنْ كَاتَبَهُمْ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَتَّى يُعْتِقُوا بِخُرُوجِهِمْ مِنْ مُكَاتَبَاتِهِمْ، كَمَا قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مَنْ قَالَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَخِلَافُ مَا قَالَهُ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ عز وجل:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] عَلَى الْوُجُوبِ وَالْحَتْمِ، لَا عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ، وَعَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُكَاتَبَةِ الَّتِي يُكَاتِبُونَهُمْ عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَيْنَا وُقُوفُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّ بَرِيرَةَ لَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، وَعَلَى قَوْلِ عَائِشَةَ لَهَا: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ جَمِيعًا، أَوْ أَعُدَّهَا لَهُمْ جَمِيعًا، وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، وَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنْكَارَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْمُكَاتَبَةِ كُلِّهَا لِلْمُكَاتِبِينَ عَلَى الْمُكَاتَبِينَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَضْعُ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ مِنْهَا لِمَنْ يُكَاتِبُوهُ، لَقَالَ لِعَائِشَةَ: وَلِمَ تَدْفَعِينَ إِلَيْهِمْ عَنْهَا مَا لَا يَجِبُ لَهُمْ عَلَيْهَا، وَمَا قَدْ أَوْجَبَ اللهُ عز وجل لَهَا عَلَيْهِمْ إِسْقَاطُهُ عَنْهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ مِنْهُ فِي جُوَيْرِيَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ
4369 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ
⦗ص: 162⦘
مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ ابْنَةُ الْحَارِثِ فِي سَهْمٍ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبَتْ عَلَى نَفْسِهَا، قَالَتْ: وَكَانَتِ امْرَأَةً مُلَّاحَةً حُلْوَةً، لَا يَكَادُ يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَسْتَعِينُهُ فِي مُكَاتَبَتِهَا، فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ فَكَرِهْتُهَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا جُوَيْرِيَةُ ابْنَةُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْأَمْرِ مَا لَمْ يَخْفَ، فَوَقَعْتُ فِي سَهْمٍ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبْتُهُ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسْتَعِينُهُ عَلَى كِتَابَتِي، قَالَ:" فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ " قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " أَقْضِي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:" قَدْ فَعَلْتُ ". وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ، فَقَالُوا: صِهْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ، قَالَتْ: فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَلَا نَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا
⦗ص: 163⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَذَلَ لِجُوَيْرِيَةَ أَدَاءَ جَمِيعِ مُكَاتَبَتِهَا عَنْهَا إِلَى الَّذِي كَاتَبَهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ مُكَاتَبَتِهَا قَدْ كَانَتْ عَلَيْهَا لِلَّذِي كَاتَبَهَا لَا حَطِيطَةَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ
4370 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، أَنْبَأَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ح وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثُمَّ اجْتَمَعَا، فَقَالَا: عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كَاتِبْ " فَسَأَلْتُ صَاحِبِي ذَلِكَ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى كَاتَبَنِي عَلَى أَنْ أُحْيِيَ لَهُ ثَلَاثَ مِائَةِ نَخْلَةٍ وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَعِينُوا صَاحِبَكُمْ بِالنَّخْلِ " فَأَعَانَنِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِهِ بِالثَّلَاثِينَ وَالْعِشْرِينَ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْعَشَرَةِ، ثُمَّ قَالَ لِي:" يَا سَلْمَانُ، اذْهَبْ فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَضَعَهَا، فَلَا تَضَعْهَا حَتَّى تَأْتِيَنِي تُؤْذِنُنِي فَأَكُونَ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي " فَقُمْتُ فِي تَفْقِيرِي، وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى فَقَّرْنًا شَرَبَهَا: ثَلَاثَ مِائَةِ وَدِيَّةٍ، وَجَاءَ كُلُّ رَجُلٍ بِمَا أَعَانَنِي مِنَ النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ يَضَعُهَا بِيَدِهِ، وَجَعَلَ يُسَوِّي عَلَيْهَا تُرَابَهَا حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا جَمِيعًا، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ، وَبَقِيَتِ الدَّرَاهِمُ عَلَيَّ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ ذَهَبٍ أَصَابَهَا فِي بَعْضِ الْمَعَادِنِ يَتَصَدَّقُ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمِسْكِينُ الْمُكَاتَبُ؟ ادْعُوهُ لِي " فَدُعِيتُ فَجِئْتُ، فَقَالَ:" اذْهَبْ فَأَدِّهَا عَنْكَ فِيمَا عَلَيْكَ مِنَ الْمَالِ " قُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِمَّا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ اللهَ تَعَالَى سَيُؤَدِّيهَا " وَاللَّفْظُ لِفَهْدٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْخُذْ مَوْلَى سَلْمَانَ بِحَطٍّ عَنْهُ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ، وَلَا بِوَضْعٍ عَنْهُ مِنْهَا، فَفِي ذَلِكَ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. ثُمَّ قَدْ وَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ كَاخْتِلَافِ مَنْ بَعْدَهُمْ فِي تَأْوِيلِهَا، فَرُوِيَ فِي تَأْوِيلِهَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مَا قَدْ يُجَاوِزُهُ بَعْضُهُمْ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ وَكَاتَبَ غُلَامًا لَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ إِنْ عَجَزَ رُدَّ فِي الرِّقِّ، وَمَا أَخَذْتُ مِنْكَ فَهُوَ لِي، فَوَضَعَ عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ آلَافٍ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ خَلِيلَكَ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ: " {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] هُوَ الرُّبُعُ " هَكَذَا رَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَلَى مَا ذَكَرْنَا لَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ عَلِيًّا رضي الله عنه.
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه:" {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] ، قَالَ: رُبُعُ الْمُكَاتَبَةِ ".
⦗ص: 166⦘
وكما أنبأنا أحمد بن شعيب قال حدثنا أحمد بن سليمان الرهاوي حدثنا يزيد يعني ابن هارون أنبأنا عبد الملك وهو ابن أبي سليمان عن عبد الملك بن أعين عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كاتب غلاما له على أربعة آلاف درهم ثم وضع عنه ألفا ثم قال لولا أني رأيت عليا رضي الله عنه كاتب غلاما له ثم وضع عنه الربع ما فعلت
قال أبو جعفر وهكذا روى أيضا جرير عن عطاء بن السائب هذا الحديث فلم يتجاوز به عليا
وهكذا رواه أيضا عبد الملك بن أعين فلم يتجاوز به عليا
وقد رواه ابن جريج عن عطاء بن السائب فتجاوز به عليا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
4371 -
كما حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي حدثنا أحمد بن محمد القواس حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد (ح) وَكَمَا
⦗ص: 167⦘
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأنا عبد الرزاق ثم اجتمعا فقالا أنبأنا ابن جريج حدثنا عطاء بن السائب أن عبد الله بن حبيب أخبره عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قال ربع المكاتبة
4371 م - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، أَنْبَأَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَا يَذْكُرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
⦗ص: 168⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ الَّذِي رَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَلِيٍّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَعَطَاءٌ فَقَدْ كَانَ خَلَّطَ بِآخِرَةٍ، وَحَدِيثُهُ الَّذِي لَا يَخْتَلِطُ فِيهِ عَنْهُ هُوَ مَا يُحَدِّثُ عَنْهُ أَرْبَعَةٌ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ: وَهُمُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، فَحَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْهُ هُوَ مَا أُخِذَ عَنْهُ فِي حَالِ الِاخْتِلَاطِ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ رَفْعَ هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا أَيْضًا حُجَّةً فِي وُجُوبِ وَضْعِ بَعْضِ الْمُكَاتَبَةِ عَنِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مَوْلَاهُ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَلِيٍّ عَلَى طَلَبِ الْخَيْرِ، لَا عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ. ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاشِحِيُّ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ أَبِي، قَالَ: وَقَالَ مَيْمُونٌ: عَنْ عَمِّي، قَالَ: وَحَدَّثَتْنِي أُمِّي وَأَهْلِي: أَنَّ جَدِّي قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: كَاتِبْنِي، قَالَ:" اعْرِضْ " قُلْتُ: بِمِائَةِ أُوقِيَّةٍ، قَالَ: " فَمَا اسْتَزَادَنِي، فَأَرَادَ شَيْئًا يُعْطِينِيهِ فَلَمْ
⦗ص: 169⦘
يَجِدْ "، فَأَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ، فَقَالَ: " إِنِّي قَدْ كَاتَبْتُ غُلَامِي، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَهُ شَيْئًا، فَابْعَثِي إِلَيَّ بِدَرَاهِمَ "، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: " خُذْهَا بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا "، فَبَارَكَ اللهُ عز وجل لِي فِيهَا، قَدْ أَعْتَقْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْهَا، فَاسْتَأْذَنْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ آتِيَ الْعِرَاقَ، قَالَ: " أَمَّا إِذَا كَاتَبْتُكَ فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ "، فَأَرَادَ مَوَالٍ لِبَنِي غِفَارٍ أَنْ يَصْحَبُونِي، فَقَالُوا: كَلِّمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكْتُبَ لَنَا كِتَابًا نُكْرَمُ بِهِ، قَالَ: وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ سَيَكْرَهُ ذَلِكَ، فَكَلَّمَتْهُ، فَانْتَهَزَنِي وَمَا انْتَهَزَنِي قَبْلَهَا، فَقَالَ: " أَتُرِيدُ أَنْ تَظْلِمَ النَّاسَ؟ أَنْتَ أُسْوَةُ الْمُسْلِمِينَ " فَخَرَجْتُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا جِئْتُ مَعِي بِنَمَطٍ وَطُنْفُسَةٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَانِ هَدِيَّةٌ لَكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَعْجَبَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا عَلَيَّ وَقَالَ: " إِنَّهُ قَدْ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ مُكَاتَبَتِكَ، فَاسْتَعِنْ بِهِمَا فِي مُكَاتَبَتِكَ "
⦗ص: 170⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَضَعْ عَنْهُ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ شَيْئًا
وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدٍ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: " بَعَثَنِي عُثْمَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تِجَارَةٍ، فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَأَحْمَدَ وِلَايَتِي، فَقُمْتُ إِلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ الْكِتَابَةَ، فَقَطَّبَ ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل مَا فَعَلْتُ، أُكَاتِبُكَ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تَعُدَّهَا لِي فِي عُدَّتَيْنِ، وَاللهِ لَا أَغُضُّكَ مِنْهُمَا دِرْهَمًا، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، فَتَلَقَّانِي الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رضي الله عنه، فَقَالَ: مَا الَّذِي أَرَى بِكَ؟ قُلْتُ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بَعَثَنِي فِي تِجَارَةٍ، فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَأَحْمَدَ وِلَايَتِي، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَسْأَلُكَ الْكِتَابَةَ، فَقَطَّبَ ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل مَا فَعَلْتُ، أُكَاتِبُكَ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تَعُدَّهَا لِي فِي عُدَّتَيْنِ، وَاللهِ لَا أَغُضُّكَ مِنْهَا دِرْهَمًا، قَالَ: ارْجِعْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَامَ قَائِمًا فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فُلَانٌ كَاتَبَهُ، فَقَطَّبَ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل مَا فَعَلْتُ، أُكَاتِبُهُ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ عَلَى أَنْ يَعُدَّهَا لِي فِي عُدَّتَيْنِ، وَاللهِ لَا
⦗ص: 171⦘
أَغُضُّهُ مِنْهُمَا دِرْهَمًا، فَغَضِبَ الزُّبَيْرُ، وَقَالَ: وَاللهِ لَأَمْثُلَنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَإِنَّمَا أَطْلُبُ إِلَيْكَ حَاجَةً تَحُولُ دُونَهَا بِيَمِينٍ، وَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا: كَاتِبْهُ، فَكَاتَبْتُهُ، فَانْطَلَقَ بِيَ الزُّبَيْرُ إِلَى أَهْلِهِ، فَأَعْطَانِي مِائَةَ أَلْفٍ، وَقَالَ: انْطَلِقْ، فَاطْلُبْ فِيهَا مِنْ فَضْلِ اللهِ، فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَأَدِّ إِلَى عُثْمَانَ مَا لَهُ مِنْهَا، فَانْطَلَقْتُ، فَطَلَبْتُ فِيهَا مِنْ فَضْلِ اللهِ، فَأَدَّيْتُ إِلَى الزُّبَيْرِ مَالَهُ، وَإِلَى عُثْمَانَ مَالَهُ، وَفَضَلَتْ فِي يَدِي ثَمَانُونَ أَلْفًا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حَلَفَ عُثْمَانُ أَنْ لَا يَغُضَّ عَنْ مُكَاتِبِهِ هَذَا مِمَّا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ دِرْهَمًا، وَوُقُوفُ الزُّبَيْرِ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ، وَتَرْكُهُ خِلَافَهُ فِيهِ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللهِ عز وجل فِي هَذِهِ الْآيَةِ:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا عَلَى وَضْعِ شَيْءٍ مِنَ الْمُكَاتَبَةِ عَنْ مُكَاتَبِهِ
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَرْوَزِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي قَوْلِ اللهُ عز وجل: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ
⦗ص: 172⦘
الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33]، قَالَ:" حَثَّ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَضِّ، لَا عَلَى الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ النَّاسُ غَيْرُ الْمُتَكَاتِبِينَ قَدْ أُرِيدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ لَا عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ، كَانَ كَذَلِكَ الْمُكَاتَبُونَ أُرِيدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، لَا عَلَى الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ، وَلَمَّا اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، كَانَ الْأَوْلَى مِمَّا قَدْ قِيلَ فِيهِ مَا قَدْ وَافَقَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ عَمَّنْ قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَصْحَابِهِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.