الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِعْتَاقِهِ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ عَبِيدِ الطَّائِفِ، وَأَنَّ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ أَبَا بَكْرَةَ، وَأَنَّهُ بِذَلِكَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
4269 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:" كَانَ مَنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الطَّائِفِ أَعْتَقَهُ، فَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ مِنْهُمْ، فَهُوَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم "
4270 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ:" أَعْتَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الطَّائِفِ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ عَبِيدِ الطَّائِفِ، فَكَانَ مِمَّنْ أَعْتَقَ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرَةَ وَغَيْرُهُ، فَكَانُوا مَوَالِيَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَوَجَدْنَا الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الْحَرْبِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مُسْلِمًا مُرَاغِمًا لِمَوْلَاهُ كَانَ بِذَلِكَ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ بِخُرُوجِهِ ذَلِكَ غَانِمٌ لِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ، وَأَنَّ مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا مِنْ عَبِيدِهِمْ وَهُوَ عَلَى كُفْرِهِ عَادَ غَنِيمَةً لَنَا بِإِحْرَازِ دَارِنَا إِيَّاهُ، كَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله يَقُولُ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ مِنَّا فَأَخَذَهُ فَيَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ دُونَ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا الْخُمُسَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مِثْلِ مَا عَلَيْهِ الْأَخْمَاسُ، كَمَا كَانَ
⦗ص: 45⦘
أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولَانِهِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَا قَدْ قَالَا قَبْلَ ذَلِكَ: إِنَّهُ لَا خُمُسَ عَلَيْهِ فِيهِ. وَوَجَدْنَا أَبَا بَكْرَةَ قَدْ كَانَ مِمَّنْ قَدْ لَحِقَهُ الرِّقُّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَيْهِ مِنَ اسْتِرْقَاقِ أَبْنَاءِ إِمَائِهِمْ مِنْهُمْ، كَمَا يَسْتَرِقُّونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ مِنْهُمْ، ثُمَّ كَانَ مِنْهُ فِي خُرُوجِهِ مِنَ الْحِصْنِ الَّذِي كَانَ فِيهِ إِلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَيَكُونُ بِهِ غَانِمًا لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ قَدْ صَارَ حُرًّا بِلَا وَلَاءٍ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى الْكُفْرِ، فَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَكَانَ عَبْدًا يَغْنَمُ بِمَا يَغْنَمُ بِهِ مِثْلُهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
4271 -
فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، وَأَبَا بَكْرَةَ يَقُولَانِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ، فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ ". قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ حَدَّثَكَ رَجُلَانِ وَأَيُّ رَجُلَيْنِ؟ قَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُمَا مِنْ ذَلِكَ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَأَوَّلُ رَجُلٍ يَرْمِي بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَوَّلُ رَجُلٍ نَزَلَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حِصْنِ الطَّائِفِ
⦗ص: 47⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ إِلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَحِقَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَمْدِ مَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَرَجَ وَهُوَ عَلَى الْكُفْرِ لَمَا كَانَ عَلَى خُرُوجِهِ مَحْمُودًا، وَلَمَا كَانَ بِهِ مَوْصُوفًا، وَلَمَا ثَبَتَ لَهُ الْإِسْلَامُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَلُحُوقِهِ بِعَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ عَلَيْهِ، عَقَلْنَا أَنَّهُ كَانَ بِخُرُوجِهِ إِلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ غَانِمًا لِنَفْسِهِ عَتِيقًا عِتْقًا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ مِنَ النَّاسِ فِيهِ، وَعَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعِتَاقِهِ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ يَوْمَ الطَّائِفِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنًى أَعْتَقَهُ بِخُرُوجِهِ، لَا بِاسْتِئْنَافِ عَتَاقٍ لَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ:" فَهُوَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لَيْسَ يُرِيدُ الْوَلَاءَ الَّذِي يُوجِبُهُ الْعَتَاقُ، وَلَكِنَّهُ مَوْلَاهُ لِلْوَلَاءِ الَّذِي تُوجِبُهُ الْوَلَايَةُ الَّتِي مِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ " ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " اللهُمَّ
⦗ص: 48⦘
وَالِ مَنْ وَالِاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ "، فَأَعْلَمَنَا بِذَلِكَ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ " أَنَّهُ الْمُوَالِاةُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا مِنَ الْمُوَالِاةِ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا عَلَيْهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم.
4272 -
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" أَسْلَمُ، وَغِفَارٌ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ، وَأَشْجَعُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي كَعْبٍ مَوَالِيَّ دُونَ النَّاسِ، وَاللهُ عز وجل وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُمْ " قَالَ الْحُسَيْنُ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: مَوَالِيَّ دُونَ النَّاسِ
⦗ص: 49⦘
فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ اللهَ عز وجل وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم مَوْلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارًا مِنْهُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَتَوَلَّاهُمْ، وَمَنْ يَتَوَلَّاهُ اللهُ، ثُمَّ رَسُولُهُ، كَانَ فِي أَعْلَى الْمَرَاتِبِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي أَمْرِ أَبِي بَكْرَةَ
4273 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ الضَّبِّيُّ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرُدَّ إِلَيْنَا أَبَا بَكْرَةَ، فَأَبَى، وَقَالَ:" هُوَ طَلِيقُ اللهِ وَطَلِيقُ رَسُولِهِ " وَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ خَرَجَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَاصَرَ الطَّائِفَ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى تَقَدُّمِ إِسْلَامِ أَبِي بَكْرَةَ خُرُوجُهُ إِلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ الَّذِينَ سَأَلُوهُ
⦗ص: 50⦘
رَدَّهُ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ طَلِيقُ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَالطَّلِيقُ هُوَ الْمُطْلَقُ مِنَ الْأَسْرِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي أَسْرٍ فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ حِينَ أَطْلَقَهُ اللهُ ثُمَّ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ مِنَ اللَّحَاقِ بِعَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ