الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْهَدَايَا إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ
4334 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا حُمَيْدٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ أَحَدَ الْأَزْدِيِّينَ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، وَأَنَّهُ جَاءَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا حَاسَبَهُ، قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَلَا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ أَوْ أُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ". ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللهُ تَعَالَى، فَيَأْتِينِي فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ، أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَأْخُذُ مِنْكُمْ أَحَدٌ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ مَا لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعَرُ " ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ مَا تَحْتَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" هَلْ بَلَّغْتُ ". قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: بَصُرَتْ عَيْنَايَ، وَسَمِعَتْ أُذُنَايَ.
⦗ص: 120⦘
4335 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، يَقُولُ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ الْأَزْدِيُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا جَاءَ، حَاسَبَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ.
4336 -
وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْعَبْسِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ مَأْمُونٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ زُغْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ أَبَا حُمَيْدٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ الْأَزْدِيَّ عَلَى بَنِي سُلَيْمٍ، وَأَنَّهُ جَاءَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا حَاسَبَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ.
⦗ص: 121⦘
4337 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ أَحَدَ الْأَزْدِ، فَلَمَّا حَاسَبَهُ حِينَ قَدِمَ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُحَاسَبَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى مَا جَرَى عَلَى يَدِهِ مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَالَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ لَهُ جَوَابًا عَنْ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا
4338 -
وَحَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ كَامِلٍ الْخَوْلَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ حَرِيشٍ الصَّامِتُ، حَدَّثَنِي الْمُشْمَعِلُّ وَهُوَ ابْنُ مِلْحَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى بَعْضِ الْأَعْمَالِ، فَكَانَ فِي عَمَلِهِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ عَمَلِهِ ذَلِكَ، وَجَاءَ مَعَهُ بِأَمْوَالٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ إِلَيَّ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، فَقَالَ:" أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ، حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ " ثُمَّ خَرَجَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " مَا بَالُ رِجَالٍ نَسْتَعْمِلُهُمْ عَلَى بَعْضِ الْأَعْمَالِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ جَاءَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ إِلَيَّ، أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ، أَوْ فِي بَيْتِ أَبِيهِ حَتَّى
⦗ص: 122⦘
تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ أَحَدٍ يَأْخُذُ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، أَوْ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، أَلَا لَا أَعْرِفَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ حَمَلَ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، وَقَدْ حَمَلَ عَلَى عُنُقِهِ شَاةً لَهَا ثُغَاءٌ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:" فَاللهُمَّ اشْهَدْ أَنِّي بَلَّغْتُ "
4339 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُصَدِّقًا إِلَى الْيَمَنِ، فَجَاءَ بِسَوَادٍ كَثِيرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ، بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ يَتَوَفَّاهُ مِنْهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا لِي، فَقِيلَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَيَّ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ:" مَا لِي أَبْعَثُ أَقْوَامًا عَلَى الصَّدَقَةِ، فَيَجِيءُ بِالسَّوَادِ الْكَثِيرِ، فَإِذَا بَعَثْنَا إِلَيْهِ مَنْ يَقْبِضُهُ، قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا إِلَيَّ، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا، فَهَلَّا أُهْدِيَ لَهُ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ أَوْ بَيْتِ أَبِيهِ " ثُمَّ قَالَ: " مَنْ بَعَثْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَغَلَّ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، فَاتَّقُوا اللهَ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ،
⦗ص: 123⦘
أَوْ شَاةٌ تَثْغُو "
4340 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، رضي الله عنه، قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنَ الْأَزْدِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْأُتْبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ عز وجل وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَجِيءُ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ أَوْ بَيْتِ أَبِيهِ، فَيَنْظُرَ مَنْ يُهْدِي إِلَيْهِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ عَلَى رَقَبَتِهِ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ " ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُقْدَةَ إِبْطَيْهِ، فَقَالَ:" اللهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ".
⦗ص: 124⦘
4341 -
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ، وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ، سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَمِعَهُ مَعِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَسْبَ بِالْوِلَايَةِ مِنَ الْهَدَايَا وَمِمَّا أَشْبَهَهَا وَاجِبٌ عَلَى الْوَالِي عَلَيْهَا أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى الْمَالِ الَّذِي وَلِيَ عَلَيْهِ، فَأُهْدِيَ لَهُ مَا أُهْدِيَ لِوَلَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحِمَهُمَا اللهُ اخْتَلَفَا فِي هَذَا، فَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: مَا أَهْدَى أَهْلُ الْحَرْبِ إِلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ كَانَ لَهُ خَاصَّةً غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ رَدُّهُ إِلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ: إِنَّهُ يَرُدُّهُ إِلَى فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، فَيَضَعُ خُمُسَهُ فِي مَوْضِعِ الْخُمُسِ، وَيَرُدُّ بَقِيَّتَهُ إِلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ لِلْمَعْنَى الَّذِي أُهْدِيَ إِلَيْهِ مَا أُهْدِيَ مِنْ أَجْلِهُ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا أَجْوَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا وَأَوْلَاهُمَا بِمَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِيمَا أُهْدِيَ إِلَيْهِ، وَهُوَ يَتَوَلَّى مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ مَا كَانَ يَتَوَلَّى.
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَهُوَ زَعَمُوا الْحَنَفِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةِ عَلِيٍّ وَبَيْنِي وَبَيْنَهَا حِجَابٌ، فَقَالَتِ:" اجْلِسْ حَتَّى أَفْرُغَ، فَإِنِّي أُمَشِّطُ رَأْسِي "، فَكَانَتْ تَأْمُرُنِي بِحَوَائِجَ لَهَا أَشْتَرِيهَا لَهَا، فَجَلَسْتُ، فَجَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَرَفَعَا الْحِجَابَ، فَدَخَلَا عَلَيْهَا، فَلَمَّا فَرَغَتْ، أَمَرَتْنِي بِحَاجَتِهَا، وَقَالَتْ:" أَطْعِمُونَا "، فَقُلْتُ: طَعَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، الْآنَ يَأْتُونَا بِأَلْوَانٍ، فَأُتِينَا بِمَرَقَةٍ فِيهَا حُبُوبٌ بَارِدَةٌ، فَقُلْتُ: كُنْتُ أَرَى طَعَامَكُمُ الْأَلْوَانَ الْآنَ، فَقُلْتُ: طَعَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْنُ: مَا أَتَوْكَ مِنَ الْأُتْرُجِّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ:" فَإِنَّ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَاءِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بُعِثَ إِلَيْهِ بِأُتْرُجٍّ كَثِيرٍ، فَبَعَثَ إِلَى رِجَالٍ، فَأَتَوْهُ فَقَوَّمُوهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ صِبْيَانِهِ أَتَاهُ، فَأَخَذَ أُتْرُجَّةً، فَذَهَبَ لِيَنْزِعَهَا مِنْهُ فَبَكَى، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا فَأَبَى، فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ، وَتَرَكَهُ يَبْكِي حَتَّى قَوَّمَهَا، ثُمَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَقْوِيمُ عَلِيٍّ مَا أُهْدِيَ لَهُ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ، إِذْ كَانَ لَمْ يَرَهُ يَسَعُهُ الِاسْتِئْثَارُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُهْدِيَ لَهُ لِوِلَايَتِهِ مَا يَتَوَلَّاهُ، وَلَأَنَّ الَّذِي أَهْدَى إِلَيْهِ ذَلِكَ عَظِيمٌ مِنْ عظمائهِ كَانَتْ
⦗ص: 126⦘
هَدِيَّتُهُ إِلَيْهِ لِمَا حَاوَلَ بِهَا مِنْ وُصُولِهِ بِهَا مِنْ قَلْبِهِ إِلَى إِقْرَارِهِ بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ مِمَّا عُدَّ بِهِ عَظِيمًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ مَنْ أَهْدَى إِلَى مِثْلِهِ مِمَّنْ هُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ كَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِيمَا أَهْدَاهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَبِلَهُ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ لِلدَّيْنِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَبِلَهُ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ رَدَّ الدَّيْنَ إِلَيْهِ، وَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَشْيَاءَ مِنَ الْهَدَايَا وَمِمَّا أَشْبَهَهَا إِذَا فُعِلَ ذَلِكَ يُرَادُ بِهِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِثْلَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ كَرَاهَةِ قَبُولِ الْهَدَايَا مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ تَرْكُ الْمُطَالَبَةِ مِنَ الْمُهْدَى إِلَيْهِ لِلْمَهْدِيِّ بِذَلِكَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي أَبْوَابِ الرِّبَا الَّتِي يَقَعُ فِيهَا فَاعِلُو ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ يَعْلَمُونَ وَمِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ. وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى مَا قَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ.
كَمَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: أَهْدَى رَأْسُ الْجَالُوتِ إِلَى أَبِي مَسْعُودٍ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو مَسْعُودٍ، قَالَتِ امْرَأَتُهُ: يَا بَرْدَهَا عَلَى الْكَبِدِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: رَأْسُ الْجَالُوتِ أَهْدَى لِبَنَاتِي، فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: يَا حَرَّهَا عَلَى الْكَبِدِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه، وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَتِ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ:" فَمَا قُلْتَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: يَا وَاحَرَّهَا عَلَى الْكَبِدِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: " أَجَلْ وَاللهِ، يَا حَرَّهَا عَلَى الْكَبِدِ، مَتَى
⦗ص: 127⦘
كَانَ رَأْسُ جَالُوتَ يُهْدِي لِبَنَاتِكَ، احْمِلْهَا فَاجْعَلْهَا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ " فَهَذَا عَلِيٌّ، وَأَبُو مَسْعُودٍ قَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدُّهُمَا الْهَدِيَّةَ مِمَّنْ أَهْدَاهَا إِلَى أَبِي مَسْعُودٍ إِلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ وِلَايَةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِمَا كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ عَلَيْهِ لَهُ مِنْ وِلَايَةِ شُرْطَتِهِ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ حُكْمُ الْهَدَايَا إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ مِمَّنْ يُحَاوِلُ بِهَدَايَاهُ إِلَيْهِمْ مَا يُحَاوِلُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ أَيُهدِيهِمْ مِنْهُمْ بِهَا، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى مِثْلِ مَا رَدَّهَا عَلِيٌّ إِلَيْهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ أَبُو مَسْعُودٍ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.