الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى لُزُومِ الْكَفَالِاتِ بِالْأَنْفُسِ
4463 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: أَسَرَتْ ثَقِيفٌ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، فَمُرَّ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُوثَقٌ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: عَلَى مَا أُحْبَسُ؟، فَقَالَ:" لِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ " قَالَ: ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَادَاهُ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْأَسِيرُ: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ، لَأَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ " ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَادَاهُ أَيْضًا، فَأَقْبَلَ، فَقَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" هَذِهِ حَاجَتُكَ " ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَاهُ بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَتْ ثَقِيفٌ أَسَرَتْهُمَا
4464 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: كَانَتِ الْعَضْبَاءُ لِرَجُلٍ مِنْ عَقِيلٍ أُسِرَ، فَأُخِذَتِ الْعَضْبَاءُ مِنْهُ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، عَلَى مَا تَأْخُذُونَنِي وَتَأْخُذُونَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ وَقَدْ أَسْلَمْتُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ لَأَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ " فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " آخُذُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ " وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرَتْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فَاسْقِنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "
⦗ص: 308⦘
هَذِهِ حَاجَتُكَ " ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ فُدِيَ بِالرَّجُلَيْنِ وَحَبَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَضْبَاءَ لِرَحْلِهِ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا فِيهِ مَا قَدْ دَلَّنَا عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانَ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْأَسِيرُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمَانٌ وَلَا مُوَادَعَةٌ لِاحْتِبَاسِهِ الرَّاحِلَةَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْبِسَهَا إِلَّا لِأَنَّهُ لَا أَمَانَ وَلَا مُوَادَعَةَ كَانَتَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهَا، وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وُقُوفُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِسْلَامِ ذَلِكَ الْأَسِيرِ، وَتَرْكُهُ رَفْعَ الْأَسْرِ عَنْهُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ فِي هَذَا لَا يَرْفَعُ وَاجِبًا قَبْلَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَسِيرَ لَوْ كَانَ كِتَابِيًّا، وَكَانَ يُسْتَرَقُّ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ أَنَّهُ يُسْتَرَقُّ وَإِنْ أَسْلَمَ، وَأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَرْفَعُ عَنْهُ إِلَّا الْقَتْلَ خَاصَّةً، فَكَذَلِكَ ذَلِكَ الْأَسِيرُ لَمْ يَرْفَعْ عَنْهُ إِسْلَامُهُ الَّذِي كَانَ مِنْهُ الْحَبْسَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِهِ، وَهُمْ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ لَا يُرَدُّ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ حَتَّى يَرُدُّوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرُوهُمَا مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُلَفَائِهِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْحَرْبِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِمَا كَانَ مَأْخُوذًا بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوجِبْهُ عَلَى نَفْسِهِ إِنَّمَا أَوْجَبَتْهُ عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ، كَانَ لَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ تَخْلِيصِ مَنْ أُسِرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
⦗ص: 309⦘
عَلَيْهِ أَوْجَبَ، وَفِي الْحُكْمِ لَهُ أَلْزَمَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، كَانَتْ مِثْلَهُ الْكَفَالِاتُ بِالْأَنْفُسِ إِذَا أَوْجَبَهَا بَعْضُ النَّاسِ عَلَى نَفْسِهِ تَجِبُ كَذَلِكَ كَمَا كَانَ الْكُوفِيُّونَ وَالْمَدَنِيُّونَ جَمِيعًا يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَكَمَا كَانَ الشَّافِعِيُّ يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِيهِ غَيْرَ أَنَّهُ ضَعَّفَهَا مَرَّةً وَلَمْ يُبْطِلْهَا، فَجِئْنَا بِمَا جِئْنَا بِهِ مِمَّا ذَكَرْنَا لِنَعْلَمَ قُوَّتَهَا، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ ضَعْفُهَا مِنْ جِهَةٍ، وَكَيْفَ يُضَعَّفُ مَا قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا؟ وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا تَوْلِيَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم النُّقَبَاءَ عَلَى الْأَنْصَارِ وَهُمُ الْأُمَنَاءُ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ يَدْفَعُونَ إِلَيْهِ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ مِمَّا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الْحَمْدَ عَلَيْهِ، وَمِمَّا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الذَّمَّ عَلَيْهِ، وَكَانُوا عَلَيْهِ وَكَانُوا مَأْخُوذِينَ بِذَلِكَ، فَهُمْ كَالْكُفَلَاءِ بِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ:
4465 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْأَنْصَارِ: " إِنِّي أُوَلِّي عَلَيْكُمْ نُقَبَاءَ يَكُونُونَ عَلَيْكُمْ كَنُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُفَلَاءَ "
⦗ص: 310⦘
وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَقَّقَ الْكَفَالَةَ بِالْأَنْفُسِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ يَحْتَجُّ بِالْمَغَازِي، وَيَجْعَلُهَا حُجَّةً عَلَى مُخَالِفِهِ، وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يُوجِبُ ثُبُوتَهَا، وَمِنْ ذَلِكَ:
مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا عَلَى سَعْدِ هُذَيْمٍ، فَأُتِيَ حَمْزَةُ بِمَالٍ لِيُصَدِّقَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَدِّي صَدَقَةَ مَالِ مَوْلَاكِ، وَإِذَا الْمَرْأَةُ تَقُولُ لَهُ: بَلْ أَنْتَ فَأَدِّ صَدَقَةَ مَالِ أَبِيكَ، فَسَأَلَ حَمْزَةُ عَنْ أَمْرِهِمَا وَقَوْلِهِمَا، فَأُخْبِرَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ زَوْجُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ لَهَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَأَعْتَقَتْهُ امْرَأَتُهُ، قَالُوا: فَهَذَا الْمَالُ لِأَبِيهِ مِنْ جَارِيتِهَا، فَقَالَ حَمْزَةُ: لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ، فَقِيلَ لَهُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، إِنْ أَمْرَهُ قَدْ رُفِعَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَلَدَهُ عُمَرُ مِائَةً وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ الرَّجْمَ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ بِالرَّجُلِ كَفِيلًا حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَمَّا ذَكَرَ مِنْ جَلْدِ عُمَرَ إِيَّاهُ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ الرَّجْمَ، فَصَدَّقَهُمْ عُمَرُ بِذَلِكَ، وَقَالَ: " إِنَّمَا دَرَأَ عَنْهُ الرَّجْمَ؛
⦗ص: 311⦘
لِأَنَّهُ عَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ "
وَمِنْ ذَلِكَ: مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَزَرِيُّ الْمَيَافَارِقِينِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو الْحُسَيْنِ الرَّهَاوِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ رَجُلٌ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" أَمَّا بَعْدُ، فَوَاللهِ لَقَدْ بِتُّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَمَا فِي نَفْسِي عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَنَّةٌ، وَإِنِّي كُنْتُ اسْتَطْرَقْتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ لِفَرَسِي، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِغَلَسٍ، وَإِنِّي أَتَيْتُهُ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ مَسْجِدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ النَّوَّاحَةِ، سَمِعْتُ مُؤَذِّنَهُمْ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللهِ، فَاتَّهَمْتُ سَمْعِي، وَكَفَفْتُ الْفَرَسَ حَتَّى سَمِعْتُ أَهْلَ الْمَسْجِدِ اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ " فَمَا كَذَّبَهُ عَبْدُ اللهِ، وَقَالَ: مَنْ هَاهُنَا؟ فَقَامَ رِجَالٌ، فَقَالَ:" عَلَيَّ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ النَّوَّاحَةِ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ حَارِثَةُ: فَجِيءَ بِهِمْ وَأَنَا جَالِسٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لِابْنِ النَّوَّاحَةِ: " وَيْلَكَ، أَيْنَ مَا كُنْتَ تَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ؟ " قَالَ: كُنْتُ أَتَّقِيكُمْ بِهِ، قَالَ لَهُ:" تُبْ "، فَأَبَى فَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللهِ قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيَّ، فَأَخْرَجَهُ إِلَى السُّوقِ فَجَلَدَ رَأْسَهُ، قَالَ حَارِثَةُ: فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ النَّوَّاحَةِ قَتِيلًا بِالسُّوقِ، فَلْيَخْرُجْ، فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ "، قَالَ حَارِثَةُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللهِ اسْتَشَارَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَقِيَّةِ
⦗ص: 313⦘
النَّفَرِ فَقَامَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" أَمَّا بَعْدُ، فَثُؤْلُولٌ مِنَ الْكُفْرِ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَاحْسِمْهُ، فَلَا يَكُونُ بَعْدَهُ شَيْءٌ "، وَقَامَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَا: بَلِ اسْتَتِبْهُمْ، وَكَفِّلْهُمْ عَشَائِرَهُمْ، فَاسْتَتَابَهُمْ فَتَابُوا، وَكَفَّلَهُمْ عَشَائِرَهُمْ، وَنَفَاهُمْ إِلَى الشَّامِ فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ اسْتِعْمَالُ عَبْدِ اللهِ الْكَفَالَةَ بِالْأَنْفُسِ بِمَشُورَةِ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِهَا، وَبِحُضُورِ مَنْ حَضَرَهَا، فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ إِيَّاهُ عَلَيْهِ، وَمَا جَاءَ هَذَا الْمَجِيءَ كَانَ بِالْقُوَّةِ أَوْلَى، وَبِنَفْيِ الضَّعْفِ عَنْهُ أَحْرَى، وَاللهُ أَعْلَمُ.