الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَبُولِهِ الْهَدَايَا مِنْ مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ وَاسْتِئْثَارِهِ بِهَا، وَمَا رُوِيَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ تَوَلَّى أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُ
4342 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ ثُوَيْرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ أَبُو فَاخِتَةَ سَعِيدُ بْنُ عِلَاقَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه، قَالَ:" أَهْدَى كِسْرَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَتْ إِلَيْهِ الْمُلُوكُ فَقَبِلَ مِنْهُمْ "
4343 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: " أَهْدَى الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ
⦗ص: 129⦘
مِصْرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدَحًا مِنْ زُجَاجٍ وَكَانَ يَشْرَبُ فِيهِ "
4344 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ الصَّيْدَلَانِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه:" أَنَّ مَلِكَ ذِي يَزَنَ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُلَّةً بِثَلَاثِينَ قَلُوصًا، أَوْ ثَلَاثِينَ بَعِيرًا " قَالَ عُمَارَةُ: فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ " أَنَّهُ قَدْ لَبِسَهَا "
4345 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ،
⦗ص: 131⦘
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه:" أَنَّ مَلِكَ ذِي يَزَنَ أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُلَّةً قَدْ أُخِذَتْ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا، أَوْ ثَلَاثَةٍ ثَلَاثِينَ جَمَلًا "
4346 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَعْمَرًا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي كَثِيرُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ:" شَهِدْتُ حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا إِلَيْهِ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ "
4347 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا دَلْهَمٌ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي حُجَيْرٌ، أَوْ فُلَانُ بْنُ حُجَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُفَّيْنِ سَاذَجَيْنِ، فَلَبِسَهُمَا، وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا "
4348 -
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنه، قَالَ: كَسَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُلَّةً مِنْ حُلَلِ السِّيَرَاءِ مِمَّا أَهْدَى إِلَيْهِ فَيْرُوزُ، فَلَبِسْتُ الْإِزَارَ، فَأَغْرَقَنِي طُولًا وَعَرْضًا فَسَحَبْتُهُ، وَلَبِسْتُ الرِّدَاءَ، فَتَقَنَّعْتُ بِهِ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، ارْفَعِ الْإِزَارَ، فَإِنَّ مَا مَسَّ التُّرَابُ إِلَى أَسْفَلِ الرِّجْلِ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فِي النَّارِ ". قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: فَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَطُّ أَشَدَّ تَشْمِيرًا لَإِزَارِهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ
4349 -
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِيُّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم " بَعَثَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ صَاحِبِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، يَعْنِي بِكِتَابِهِ مَعَهُ إِلَيْهِ، فَقَبَّلَ كِتَابَهُ وَأَكْرَمَ حَاطِبًا، وَأَحْسَنَ نُزُلَهُ، ثُمَّ سَرَّحَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَهْدَى لَهُ مَعَ حَاطِبٍ كِسْوَةً وَبَغْلَةً شَهْبَاءَ بِسَرْجِهَا، وَجَارِيَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا أُمُّ إِبْرَاهِيمَ، وَأَمَّا الْأُخْرَى، فَوَهَبَهَا لِجَهْمِ بْنِ قَيْسٍ الْعَبْدَرِيِّ، وَهِيَ أُمُّ زَكَرِيَّا بْنُ جَهْمٍ الَّذِي كَانَ خَلِيفَةَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى مِصْرَ "
⦗ص: 135⦘
وَسَمِعْتُ يُونُسَ يَقُولُ: قَالَ لِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقَاضِي: يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ سَمِعْنَا عِنْدَكُمْ هَاهُنَا شَيْئًا مَا سَمِعْنَاهُ قَبْلَ قُدُومِنَا عَلَيْكُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: حَدِيثٌ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِيُّ، وَإِنَّمَا الَّذِي كُنَّا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ هُوَ مَا كَانَ يُحَدِّثُهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهُ، أَوْ عَمَّنْ سِوَاهُ عَنْهُ، مِنْهُمْ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ لَهُ: هُوَ كَمَا سَمِعْتَ، أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَدَارُهُ دَارُ الْعَيْزَارِ الَّتِي عِنْدَ الشُّرَطِ قَالَ أَبُو
⦗ص: 136⦘
جَعْفَرٍ: وَقَدْ زَعَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّارِيخِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ قَدْ كَانَ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَدْخَلْنَا حَدِيثَهُ فِي الْمُسْنَدِ لِذَلِكَ.
4350 -
وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ الْمَعْرُوفُ بِالسَّقَلِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:" أَهْدَى أَمِيرُ الْقِبْطِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَارِيَتَيْنِ أُخْتَيْنِ قِبْطِيَّتَيْنِ وَبَغْلَةً، فَأَمَّا الْبَغْلَةُ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَبُهَا، وَأَمَّا إِحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ فَتَسَرَّاهَا فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَأَعْطَاهَا حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ قَبُولُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَدَايَا مَنْ ذُكِرَتْ هَدَايَاهُ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ وَاسْتِئْثَارُهُ بِهَا، وَتَرْكُهُ رَدَّهَا إِلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ.
⦗ص: 137⦘
فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ وَفِي مُخَالَفَتِهِ بَيْنَ نَفْسِهِ، وَبَيْنَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ أُمَّتِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ اللهُ عز وجل اخْتَصَّهُ فِي أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِخَاصَّةٍ تُخَالِفُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ، فَقَالَ عز وجل فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ كِتَابِهِ عَلَيْهِ:{وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَخْصُوصًا بِذَلِكَ، وَبِهَذَا الْمَعْنَى كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنها حَاجَّ الْعَبَّاسَ وَعَلِيًّا بِمَا حَاجَّهُمَا بِهِ فِيمَا كَانَا خَاصَمَا إِلَيْهِ فِيهِ.
4351 -
كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَأَبُو أُمَيَّةَ قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِعَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ: هَلُ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ " فَقَالَا: نَعَمْ، قَالَ: " فَإِنَّ اللهَ عز وجل خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِخَاصَّةٍ لَمْ يَخُصَّ بِهَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ:{وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: 6] فَكَانَ اللهُ عز وجل أَفَاءَ عَلَى رَسُولِهِ بَنِي النَّضِيرِ، فَوَاللهِ مَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُمْ، فَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ مِنْهَا نَفَقَةَ بَيْتِهِ، أَوْ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ أَهْلِهِ سَنَةً، وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ، يَعْنِي عُثْمَانَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ،
⦗ص: 138⦘
وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنهم، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ
4352 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، سَمِعَ مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه يَقُولُ:" إِنَّ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عز وجل عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَتْ أَمْوَالُهُمْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَالِصًا، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْخَيْلِ وَالْكُرَاعِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ خَصَّهُ اللهُ بِمَا خَصَّهُ بِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَ مِنْ
⦗ص: 140⦘
ذَلِكَ مَا جَاءَ مِنْ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَاسْتَأْثَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ فَكَانَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ أُمَّتِهِ فِي مِثْلِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَكَانَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَأْثَرَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَدَّهُ لِهَدَايَا الْمُشْرِكِينَ، وَقَوْلُهُ:" إِنَّا لَا نَقْبَلُ زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ " يَعْنِي رِفْدَهُمْ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ:
4353 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ الْأُرْدُنِّيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، قَالَ: وَكَانَ حِرْمِيَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً فَرَدَّهَا، وَقَالَ:" إِنَّا لَا نَقْبَلُ زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ "
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ: مَا زَبْدُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: " رِفْدُهُمْ "
4354 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ وَهُوَ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ
⦗ص: 143⦘
اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، قَالَ: أَهْدَيْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَاقَةً أَوْ قَالَ: هَدِيَّةً، فَقَالَ لِي:" أَسْلَمْتَ؟ " فَقُلْتُ: لَا، قَالَ:" إِنِّي قَدْ نُهِيتُ عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ "
4355 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عِيَاضَ بْنَ حِمَارٍ، وَكَانَ حِرْمِيَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَتَاهُ بِنَاقَةٍ، فَلَمَّا رَآهَا، قَالَ:" يَا عِيَاضُ مَا هَذِهِ؟ " قَالَ: أَهْدَيْتُهَا لَكَ، قَالَ:" قُدْهَا " فَقَادَهَا، فَقَالَ:" رُدَّهَا " فَرَدَّهَا، قَالَ:" يَا عِيَاضُ هَلْ أَسْلَمْتَ بَعْدُ؟ " قَالَ: لَا، فَلَمْ يَقْبَلْهَا، وَقَالَ:" إِنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْنَا زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ ". قَالَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْهَدِيَّةَ الزَّبْدَ.
⦗ص: 144⦘
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْحِرْمِيُّ: يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ، وَيَكُونُ الصَّدِيقَ، يُقَالُ لَهُ: حِرْمِيٌّ. قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ مَا قَالَهُ فِيهَا، وَإِعْلَامُهُ عِيَاضًا أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ نَهَاهُ عَنْ قَبُولِهَا، وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَيْتُمُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَبُولِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَبِلَهُ مِنْهَا. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اللهُ تَعَالَى نَهَاهُ عَنْ قَبُولِ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ فِي حَالٍ، وَإِبَاحَةِ ذَلِكَ فِي حَالٍ أُخْرَى، وَكَانَ مَنْعُهُ إِيَّاهُ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ إِنْزَالِهِ عز وجل عَلَيْهِ:{وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} [الحشر: 6] الْآيَةَ الَّتِي تَلَوْنَا فِي هَذَا الْبَابِ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ، فَجَعَلَ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا صَارَ بِغَيْرِ إِيجَافٍ مِنْهُ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَ مَا صَارَ إِلَيْهِ مِنْ هَدَايَاهُمْ، كَمَا قُدِّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ سِوَى ذَلِكَ بِغَيْرِ إِيجَافٍ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَقَبِلَهَا لِذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.