الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يُحِبُّهُ اللهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ
4576 -
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ تَيْمِ قُرَيْشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ مِنَ الْخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللهُ عز وجل، وَمِنْهَا مَا يَكْرَهُ، فَأَمَّا الْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ، فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّدَقَةِ وَعِنْدَ الْقِتَالِ، وَالْخُيَلَاءُ الَّتِي يَكْرَهُهَا اللهُ عز وجل فِي الْبَغْيِ وَالْفَخْرِ "
⦗ص: 502⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَوَجَدْنَا فِيهِ أَنَّ الْخُيَلَاءَ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّدَقَةِ وَعِنْدَ الْقِتَالِ، فَكَانَ اخْتِيَالُهُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ مَعْقُولًا الْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ، وَأَنَّهُ مِمَّا يُرْعِبُ بِهِ عَدُوَّهُ الَّذِي حَضَرَ لِقِتَالِهِ، وَمِمَّا يَزِيدُ مِنَ اقْتِدَارِهِ عَلَيْهِ وَقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِ بِهِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْخُيَلَاءِ عِنْدَ الْقِتَالِ كَانَ مِثْلَهُ الْخُيَلَاءُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُتَصَدِّقَ يُعَارِضُهُ الشَّيْطَانُ، فَيُلْقِي فِي قَلْبِهِ نَقْصَ مَالِهِ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي يُحَاوِلُهَا، وَيُخَوِّفُهُ الْفَقْرَ إِذَا كَانَتْ مِنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة: 268] ، وَكَانَ إِذَا اخْتَالَ عِنْدَ صَدَقَتِهِ لِيُرِيَ بِذَلِكَ شَيْطَانَهُ قِلَّةَ اكْتِرَاثِهِ فِيمَا يُلْقِيهِ فِي قَلْبِهِ مِمَّا يَمْنَعُهُ بِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُصَغِّرُ شَيْطَانَهُ فِي نَفْسِهِ، وَمِمَّا يَهِمُّ صَاحِبُ ذَلِكَ الْمَالِ بِمَا يَفْعَلُهُ فِيهِ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ عز وجل قَاهِرًا لَهُ فِيهِ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الصَّدَقَةِ نَظِيرَ مَا يَكُونُ مِنَ الْمُقَاتِلِ فِي الِاخْتِيَالِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عِنْدَهُ، وَيَكُونُ حَمْدُهُ عَلَى ذَلِكَ كَحَمْدِ الْمُخْتَالِ عِنْدَ الْقِتَالِ فِي اخْتِيَالِهِ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ.