الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّضَاعِ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْحُرْمَةُ: هَلْ لَهُ عَدَدٌ مَعْلُومٌ أَمْ لَا
؟
4554 -
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ مِنَ الرَّضَاعِ وَالْمَصَّتَانِ "
4555 -
وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، وَهْبُ اللهِ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " لَا تُحَرِّمُ
⦗ص: 481⦘
الْمَصَّةُ مِنَ الرَّضَاعِ وَلَا الْمَصَّتَانِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاخْتَلَفَ اللَّيْثُ وَوَهْبُ اللهِ بْنُ رَاشِدٍ عَلَى يُونُسَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ فِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْهُ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِيهِ، ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَقِيقَةِ إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ كَيْفَ هِيَ؟
4556 -
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ "
⦗ص: 482⦘
فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ، إِمَّا عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا، وَإِمَّا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْهَا، ثُمَّ نَظَرْنَا: هَلْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ غَيْرُ الزُّهْرِيِّ أَمْ لَا؟
4557 -
فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ ".
⦗ص: 483⦘
4558 -
وَوَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ قَدَّ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ
4559 -
وَوَجَدْنَا يُوسُفَ بْنَ يَزِيدَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
4560 -
وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
⦗ص: 484⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ، قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ يُؤْخَذُ عِلْمُهُ عَنْهُمْ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ عَنْهُ، وَرَدُّوهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ لَا إِلَى عَائِشَةَ، غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا مِنْ أَصْحَابِهِ رَجُلًا وَاحِدًا قَدْ خَالَفَ كُلَّ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ فِيهِ، فَذَكَرَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الزُّبَيْرِ.
4561 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ أَبُو بَكْرٍ الْعَلَائِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" " لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ أَوِ الْمَصَّتَانِ، أَوِ الْإِمْلَاجَةُ أَوِ الْإِمْلَاجَتَانِ " "
⦗ص: 485⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا دَارَ عَلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، إِمَّا عَنْ عَائِشَةَ، وَإِمَّا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ وَجَدْنَاهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى مَا عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ، إِمَّا عَنْ عَائِشَةَ، وَإِمَّا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَدْ قَالَهُ فِي الرَّضَاعِ الَّذِي يُحَرِّمُ مَا يُخَالِفُ مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ.
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنِ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ:" مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ قَطْرَةً وَاحِدَةً فَهُوَ يُحَرِّمُ، وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ". قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ سَأَلْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ
⦗ص: 486⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ عُرْوَةَ مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ مِنَ الْعِلْمِ لَمْ يَدَعْ مَا فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ عَنْ عَائِشَةَ، أَوْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَا يُخَالِفُهُ إِلَّا وَقَدْ ثَبَتَ نَسْخُ ذَلِكَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، لَسَقَطَ بِذَلِكَ عَدْلُهُ، وَإِذَا سَقَطَ عَدْلُهُ سَقَطَتْ رِوَايَتُهُ، وَحَاشَ لِلَّهِ عز وجل أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا أَفْتَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ إِلَّا بِمَا هُوَ أَوْلَى عِنْدَهُ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مِمَّا حَدَّثَتْهُ بِهِ عَائِشَةُ أَوْ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مِمَّا هُوَ نَاسِخٌ لَهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا الَّذِي نَسَخَ ذَلِكَ؟ قِيلَ لَهُ: مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.
4561 م - كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ:" كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ سَقَطَ: أَنْ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا عَشْرُ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ بَعْدُ: أَوْ خَمْسُ رَضَعَاتٍ "
⦗ص: 487⦘
فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُقُوطُ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ سُقُوطًا لَهُ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَيَكُونَ تَرْكُ عُرْوَةَ لِمُرَاعَاةِ الْخَمْسِ لِثُبُوتِ سُقُوطِ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْأَحْكَامِ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ عَائِشَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُوَافِقُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا فِيهِ مِنْ نَفْيِ التَّحْرِيمِ بِالْإِمْلَاجَةِ وَالْإِمْلَاجَتَيْنِ.
4562 -
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ "
4563 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ، أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي الْأُولَى زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتِي الْأُخْرَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ "
4564 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبَانَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
4565 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ،
⦗ص: 489⦘
حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ، يَذْكُرُ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ، أَنَّهَا قَالَتْ: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ كَانَتْ لِيَ امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجْتُ عَلَيْهَا أُخْرَى، وَإِنَّ امْرَأَتِي الْأُولَى زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتِي الْأُخْرَى رَضْعَةً أَوْ رَضْعَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ " قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا كَمَا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا أَوْلَى مِمَّنْ قَصُرَ عَنْهُ، فَكَانَ عُرْوَةُ مِمَّنْ قَدْ وَقَفَ مِنْ حَقِيقَةِ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى مَا وَقَفَ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ، وَقَصُرَ عَنْ ذَلِكَ رُوَاةُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَانَ مَا وَقَفَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ مِنْ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ بِإِيجَابِهِ تَرْكَ مَا قَدْ ذَهَبَ عَلَيْهِمْ إِلَى مَا رَوَاهُ عُرْوَةُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مَا قَدْ خَالَفَ مَا قَدْ رُوِّيتُهُ عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَمْرَةَ عَنْهَا.
4566 -
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا،
⦗ص: 490⦘
حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:" كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ " قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى بَقَاءِ حُكْمِ الْخَمْسِ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ فَوْقَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى مَا رَوَى مِنْ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ فَوْقَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَيْضًا.
4567 -
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:" نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ: لَا يُحَرِّمُ إِلَّا عَشْرُ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَوْ خَمْسُ رَضَعَاتٍ "
4568 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:" أُنْزِلَ فِي الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، ثُمَّ أُنْزِلَ: خَمْسٌ مَعْلُومَاتٌ "
⦗ص: 491⦘
وَالْقَاسِمُ، وَيَحْيَى أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ؛ لِعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِمَا فِي الْعِلْمِ؛ وَلِأَنَّ اثْنَيْنِ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ لَوْ كَانَ يُكَافِئُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَكَيْفَ وَهُوَ يَقْصُرُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّ حَدِيثَهُ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا رَوَى كَمَا رَوَى، لَوَجَبَ أَنْ يُلْحَقَ بِالْقُرْآنِ، وَأَنْ يُقْرَأَ بِهِ فِي الصَّلَوَاتِ كَمَا يُقْرَأُ فِيهَا سَائِرُ الْقُرْآنِ، وَأَنْ يَكُونَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَرَكُوا بَعْضَ الْقُرْآنِ فَلَمْ يَكْتُبُوهُ فِي مَصَاحِفِهِمْ، وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ قَدْ بَقِيَ مِنَ الْقُرْآنِ غَيْرُ مَا جَمَعَهُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَا كَتَبُوهُ مَنْسُوخًا، وَمَا قَصَّرُوا عَنْهُ نَاسِخًا، فَيَرْتَفِعَ فَرْضُ الْعَمَلِ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ وَمِنْ قَائِلِيهِ، ثُمَّ الْجِلَّةُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانُوا فِي التَّحْرِيمِ بِقَلِيلِ الرَّضَاعِ وَبِكَثِيرِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهم.
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: كَتَبَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ يَسْأَلُهُ عَنِ الرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ، فَكَتَبَ إِنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ حَدَّثَهُمْ أَنَّ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ قَالَا:" يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَتَبْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ نَسْأَلُهُ عَنِ الرَّضَاعَةِ، فَكَتَبَ: إِنَّ شُرَيْحًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ كَانَا يَقُولَانِ: " يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، أَخْبَرَنَا
⦗ص: 493⦘
حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:" يُحَرِّمُ قَلِيلُ الرَّضَاعِ وَكَثِيرُهُ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَيْنِ، فَقَالَ:" لَا يَصْلُحُ " فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا، فَقَالَ:" يَقُولُ اللهُ: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] ، فَقَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ مِنْ قَضَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ "
⦗ص: 494⦘
ثُمَّ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَّا مَنْ خَرَجَ عَنْهُمْ إِلَى التَّعَلُّقِ بِهَذِهِ الْآثَارِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
4569 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِمَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَأُدْخِلَتْ عَلَيَّ، فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَجِئْتُهُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَأُدْخِلَتْ عَلَيَّ، فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، وَهِيَ كَاذِبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَيْفَ وَهِيَ تَزْعُمُ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا؟ دَعْهَا عَنْكَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هَكَذَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ.
4570 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَدْ سَمِعْتُ الْحَدِيثَ مِنْ عُقْبَةَ، وَحَدَّثَنِيهِ صَاحِبٌ لِي عَنْهُ، فَأَنَا لِحَدِيثِ صَاحِبِي أَحْفَظُ، قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْنَا جَمِيعًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا كَاذِبَةٌ، قَالَ:" وَمَا يُدْرِيكَ؟ كَيْفَ بِهَا وَقَدْ قَالَتْ مَا قَالَتْ؟ دَعْهَا عَنْكَ " ثُمَّ نَظَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ: هَلْ نَقْدِرُ عَلَى مَعْرِفَةِ الرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْهُ عَنْ عُقْبَةَ أَمْ لَا؟
4571 -
فَإِذَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ،
⦗ص: 497⦘
قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عُقْبَةَ، وَلَكِنِّي لِحَدِيثِ عُبَيْدٍ أَحْفَظُ، قَالَ: " تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ. فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي حَدَّثَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ بَعْدَ سَمَاعِهِ إِيَّاهُ مِنْ عُقْبَةَ هُوَ عُبَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثُمَّ نَظَرْنَا: هَلْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْنَا؟
4572 -
فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، أَوْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ
⦗ص: 498⦘
بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْنِي، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلْتُهُ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، هَكَذَا أَمْلَاهُ عَلَيْنَا إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّمَا هُوَ: فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْنَا، أَوْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْنِي وَإِيَّاهَا فَأَعْرَضَ عَنِّي ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، ثُمَّ قَالَ:" كَيْفَ بِكَ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ؟ " وَنَهَانِي عَنْهَا
4573 -
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةَ أَبِي إِهَابٍ، فَجَاءَتْ مَوْلَاةٌ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ صَبِيحَةَ مَلَكَهَا، فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْجَارِيَةِ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَرَكِبْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ سَأَلْتُ أَهْلَ الْجَارِيَةِ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ " فَطَلَّقْتُهَا وَنَكَحْتُ غَيْرَهَا
4574 -
وَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ: أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ جَاءَتْ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْرَضَ وَتَبَسَّمَ، فَقَالَ:" وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ " وَكَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةُ أَبِي إِهَابٍ التَّمِيمِيِّ
4575 -
وَوَجَدْنَا فَهْدًا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ، بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَاهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَرْكُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَشْفَ عَدَدِ الرَّضَاعِ الَّذِي ذَكَرَتْ تِلْكَ السَّوْدَاءُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْ عُقْبَةَ وَالْمَرْأَةَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى اسْتِوَاءِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فِي الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهُ
⦗ص: 500⦘
لَوْ كَانَ مِنْ شَرِيعَتِهِ أَنْ لَا تُحَرِّمَ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ إِلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَا، لَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ الَّذِي سَأَلَهُ بِفِرَاقِ مَنْ قَدْ أَرْضَعَتْهُ وَالْمَرْأَةَ الَّتِي قَدْ تَزَوَّجَهَا الْمَرْأَةُ الَّتِي ذَكَرَتْ لَهُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا رَضَاعًا لَا يَمْنَعُ مِنْ تَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا، وَلَكِنْ يَقِفُ عُقْبَةُ، فَيَقُولُ لَهُ: سَلْهَا عَنْ عَدَدِ الرَّضَاعِ الَّذِي أَرْضَعَتْكُمَا: كَمْ هُوَ؟ ؛ لَيَقِفَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الرَّضَاعِ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجُهَا إِذَا كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ كَذَلِكَ، وَالتَّوَرُّعُ عَنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الشَّكُّ فِيهِ، أَوْ أَنَّهُ مِنَ الرَّضَاعِ الَّذِي لَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ تَزْوِيجَهَا، فَيُخَلِّيهِ وَذَلِكَ التَّزْوِيجَ، وَفِي تَرْكِهِ كَذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَانَ عِنْدَهُ بَيْنَ قَلِيلِ الرَّضَاعِ، وَبَيْنَ كَثِيرِهِ فِي الْحُرْمَةِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.