الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا وَكَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى، يَعْنِي أَسْرَى بَدْرٍ، لَأَطْلَقْتُهُمْ لَهُ
"
4508 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، فَكَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَأَطْلَقْتُهُمْ لَهُ "، يَعْنِي أَسْرَى بَدْرٍ، وَكَانَتْ
⦗ص: 387⦘
لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ يَدٌ فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ لَهُ مَنْ قَدْ صَارَ فِي أَسْرِهِ مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ حُكْمُهُمْ حُكْمُ الْقَتْلِ أَوِ الْفِدَاءِ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَإِلَى أَصْحَابِهِ كَمَا قَالَ عز وجل: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ، فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ فِيَ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَاهَا عَلَيْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي سَأَلْنَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ لِنَبِيِّهِ فِيهَا بَعْدَ
⦗ص: 388⦘
شَدِّ الْوَثَاقِ الْمَنَّ أَوِ الْفِدَاءَ، فَكَانَ قَدْ جَعَلَ إِلَيْهِ أَنْ يَمُنَّ فَيُطْلِقَ مَنْ مَنَّ عَلَيْهِ، أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْفِدَاءَ الَّذِي يَفْتَدِي بِهِ مِنَ الْقَتْلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَكَانَ الْمَنُّ هُوَ الَّذِي قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ لَوْ كَانَ سَأَلَهُ فِيهِمْ، فَكَانَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِحَدِيثِ جُبَيْرٍ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَقَدْ مَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ أَسْرَى بَدْرٍ، وَهُمْ سَبْيُ هَوَازِنَ لَمَّا كَلَّمُوهُ فِيهِمْ، فَأَجَابَهُمْ بِأَنْ قَالَ:" أَحَبُّ الْقَوْلِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ " ثُمَّ خَيَّرَهُمْ بَيْنَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيُ، وَإِمَّا الْمَالُ، فَاخْتَارُوا السَّبْيَ، فَأَطْلَقَهُمْ لَهُمْ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ عز وجل، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.