الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي بَيْعِ الْأَمَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ طَلَاقٌ لَهَا، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ غَيْرُ طَلَاقٍ لَهَا بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ فِي بَرِيرَةَ
4372 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى أَبُو مُحَيَّاةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها أَنَّهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ، وَاشْتَرَطَتْ لِلَّذِينَ بَاعُوهَا الْوَلَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" الْوَلَاءُ لِمَنِ اشْتَرَى " فَأَعْتَقَتْهَا، وَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا
⦗ص: 176⦘
وَفِي هَذَا الْبَابِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ أَخَّرْنَاهَا إِلَى مَوَاضِعَ هِيَ أَوْلَى بِهَا مِمَّا سَنَأْتِي بِهِ بَعْدَ هَذَا الْبَابِ فِي أَسْبَابِ بَرِيرَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ اخْتَلَفُوا فِي بَيْعِ الْأَمَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ طَلَاقٌ لَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ هُوَ بِطَلَاقٍ لَهَا، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ لَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ:" أَمَرَنِي عُمَرُ أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً فَاشْتَرَيْتُ لَهُ جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُ بُضْعَهَا مِنْ زَوْجِهَا، فَاشْتَرَيْتُ لَهُ بُضْعَهَا مِنْ زَوْجِهَا "
⦗ص: 177⦘
وَمِنْهُمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه.
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبٍ أَخِي مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ:" أَنَّ أَبَاهُ كَعْبًا اشْتَرَى لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه جَارِيَةً، فَسَأَلَهَا: أَلَكِ زَوْجٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَى أَبِي أَنْ رُدَّهَا، فَرَدَّهَا، فَاشْتَرَى بُضْعَهَا مِنْ زَوْجِهَا، فَرُدَّتْ إِلَيْهِ فَقَبِلَهَا "
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،
⦗ص: 178⦘
عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما: فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] . قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: " الْمُشْرِكَاتُ إِذَا سُبِينَ ". وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: " الْمُشْرِكَاتُ وَالْمُسْلِمَاتُ "
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا دَاوُدُ وَعُبَيْدَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ مُرَّةَ بْنَ شَرَاحِيلَ صَاحِبَ السَّالِحِينَ بَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه بِجَارِيَةٍ فَسَأَلَهَا: " هَلْ لَكِ مِنْ زَوْجٍ؟ " فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّهَا، وَكَتَبَ إِلَى مُرَّةَ:" إِنِّي وَجَدْتُ هَدِيَّتَكَ مَشْغُوَلَةً " فَاشْتَرَى مُرَّةُ بُضْعَهَا مِنْ زَوْجِهَا بِخَمْسِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ فَقَبِلَهَا
⦗ص: 179⦘
وَمِنْهُمْ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرٍ أَهْدَى لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ ابْتَاعَهَا لَهُ بِالْبَصْرَةِ، فَقَالَ عُثْمَانُ:" لَا أَقْرَبُهَا حَتَّى يُفَارِقَهَا زَوْجُهَا " فَأَرْضَى ابْنُ عَامِرٍ زَوْجَهَا، فَفَارَقَهَا وَمِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ " كَانَ ابْتَاعَ وَلِيدَةً مِنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ
⦗ص: 180⦘
فَوَجَدَهَا ذَاتَ زَوْجٍ فَرَدَّهَا "
حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ " كَانَ ابْتَاعَ مِنْهُ جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ، فَلَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ رَدَّهَا إِلَيْهِ "
⦗ص: 181⦘
وَمِنْهُمْ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي عَبْدٍ لَهُ امْرَأَةٌ مَمْلُوكَةٌ فَبِيعَتْ، قَالَ:" هُوَ أَحَقُّ بِهَا حَيْثُ لَقِيَهَا " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ طَلَاقٌ لَهَا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ
كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي بَيْعِ الْأَمَةِ: " هُوَ طَلَاقُهَا " وَمِنْهُمْ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ:" بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا " وَمِنْهُمْ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَا:" بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَانَ اخْتِلَافُهُمْ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِمَّا تَأَوَّلُوا عَلَيْهِ قَوْلَ اللهِ عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُنَّ الْمَسْبِيَّاتُ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ اللَّاتِي خَلَّفُوهُنَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ،
⦗ص: 183⦘
وَذَهَبَ مُخَالِفُوهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّهَا كُلُّ مَبِيعَةٍ ذَاتِ زَوْجٍ، وَكَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا هُوَ الْأَوْلَى بِتَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، لِمَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي ذَلِكَ، وَالَّذِي قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِقْرَارِهِ بَرِيرَةَ عَلَى نِكَاحِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ابْتِيَاعِ عَائِشَةَ إِيَّاهَا، وَتَخْيِيرِهِ إِيَّاهَا بَعْدَ عِتَاقِهَا لَهَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ ابْتِيَاعَهَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا مِنْ زَوْجِهَا لَهَا. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:" بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا "، وَتَرْوُونَ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَخْيِيرَهُ بَرِيرَةَ بَعْدَ عَتَاقِهَا بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ فِرَاقِهَا إِيَّاهُ، وَهَذَا تَضَادٌّ شَدِيدٌ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الَّذِيَ ذَكَرَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَخْيِيرِهِ بَرِيرَةَ بَعْدَ عَتَاقِهَا بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ فِرَاقِهَا إِيَّاهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَدْ ذُكِرَ، وَسَنَأْتِي بِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّاتِ فِي بَرِيرَةَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ هُوَ طَلَاقُهَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ مُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَخْيِيرِهِ بَرِيرَةَ بَعْدَ عَتَاقِهَا بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ فِرَاقِهِ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ بَرِيرَةَ إِنَّمَا ابْتَاعَتْهَا عَائِشَةُ وَهِيَ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَهَا الْفُرُوجُ، فَبَقِيَ تَزْوِيجُ بَرِيرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ، وَكَانَ
⦗ص: 184⦘
ابْتِيَاعُ الرِّجَالِ الَّذِينَ تَحِلُّ لَهُمُ الْفُرُوجُ مِثْلَهَا يُوجِبُ حِلَّ الْفَرْجِ لَهُمْ، وَفِي حِلِّهَا لَهُمْ حِلُّ التَّزْوِيجَاتِ اللَّاتِي عَلَيْهَا لِمَنْ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ، فَاعْتَبَرْنَا نَحْنُ بَعْدَ ذَلِكَ السَّبَبِ الَّذِي بِهِ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْمَسْبِيَّاتِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ الَّذِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ هُنَاكَ، فَوَجَدْنَاهُنَّ يَبِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ بِوُقُوعِ الرِّقِّ عَلَيْهِنَّ بِالسِّبَاءِ، وَهُنَّ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَمْ يَحْلِلْنَ لِرِجَالٍ بِأَعْيَانِهِمْ لِمَا فِيهِنَّ مِنْ حُقُوقِ اللهِ الَّذِي جَعَلَهُ فِي أَخْمَاسِهِنَّ لِمَنْ جَعَلَهَا لَهُ وَلِشَرِكَةٍ بَيْنَ مَنْ سَبَاهُنَّ فِي بَقِيَّتِهِنَّ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، عَقَلْنَا أَنَّ الَّذِيَ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بَيْنَ الْأَزْوَاجِ الْمَسْبِيَّاتِ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ الْحَرْبِيِّينَ الَّذِينَ لَمْ يُسْبَوْا مَعَهُنَّ هُوَ وُقُوعُ الرِّقِّ عَلَيْهِنَّ لِأَجْلِ فُرُوجِهِنَّ لَمْ يَحِلَّ لَهُنَّ بِمِلْكِهِنَّ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَتْ بَرِيرَةُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ تُحَرَّمْ عَلَى زَوْجِهَا بِابْتِيَاعِ عَائِشَةَ إِيَّاهَا، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ مُخَالَفَتِهِ لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَعَلَى أَنَّ الْمُرَادَاتِ فِيهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ هُنَّ الْمَسْبِيَّاتُ دُونَ الْمَبِيعَاتِ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ.