الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 -
الشيخ مخلوف: قرأ عليه النحو وغيره. ثم تحول إلى الولاية فأصبح الناس يحلفون برأسه، واتخذ تلاميذ من النساء والرجال.
19 -
أحمد بن باديس: وهو أخ محمد سابق الذكر، وكان زوج خالة الفكون. وتولى وظائف هامة منها الخطابة بجامع القصبة، ولكنه كان لا يحسن الخطبة فكتب إليه الفكون خطبة جمعة في التوبة.
20 -
أحمد الميلي: (وهو غير السابق) حضر بعض دروس الفكون، وهو الذي قال فيه أنه قد أطال الله في عمره حتى جثا (الميلي) عنده جثو التلميذ للمعلم.
ولا شك أنه كان للفكون تلاميذ آخرون سواء عندما كان منشغلا بالتدريس أو عندما أصبح كثير التنقل والمسؤوليات بعد وفاة والده. ولكن تقصي هؤلاء ليس من غرضنا الآن. وإذا كان الرجل العالم يعرف بما له من التلاميذ الذين تخرجوا على يديه ومن الأصدقاء الذين يتراسل معهم، فإنه قد بقي علينا أن نعرف الآن بعض هؤلاء الأصدقاء بعد أن عرفنا أخبار التلاميذ.
2 - مراسلاته
كان للفكون مراسلات ومكاتبات مع عدد من رجال العلم في وقته. كما كانت له محاورات ومساجلات شعرية مع بعضهم. ومن الصعب إحصاء الجميع في هذه الدراسة. ولعله يكفي ذكر بعض النماذج من ذلك. إن بعض تلك الصلات العلمية حصل في
قسنطينة نفسها، وبعضها حصل في القطر الجزائري عموما، وبعضها حصل في الأقطار الإسلامية الأخرى. ولنبدأ بما حصل في قسنطينة نفسها.
وقعت للفكون منذ كان صغير السن تحديات من رجال العلم الأكبر منه سنا فواجهها كما يقول، وقايل التحدي وأظهر شيئا من الإعجاب بنفسه إذ وفقه الله للتغلب عليهم. ومن ذلك ما وقع له من المذاكرة في المسائل النحوية مع الشيخ إبراهيم الفلاري التونسي، والشيخ ابن محجوبة الذي أراد نسخ (إلغاء) عقد حبس وخالفه الفكون في ذلك في مجلس علمي أقيم بالجامع الأعظم وكان ذلك بإشارة من والده. نذكر أنه انتصر على مخالفه بالحجة والبرهان. كما كان له مع الشيخ أحمد الميلي وقفة أثناء صغره أيضا. وهو يخبرنا أن ذلك كان قبل تضلعه في العلوم، ولكن الأيام مرت، وتمكن من علمه وأصبح الشيخ الميلي يعترف له بالتفوق. وكل هذه الحوادث سبقت الإشارة إليها. كما سبقت الإشارة إلى بداياته في علم النحو على الشيخين ابن راشد الزواوي ومحمد التواتي المغربي وما حصل له معهما من اكتشاف معارفه وحبه لعلم النحو قائلا إن ذلك كان بإشارة من جده الذي رآه في المنام.
وتبادل الفكون الأفكار والأشعار مع شيخ مغربي آخر هو محمد السوسي وكان السوسي يتردد على قسنطينة والجزائر وتونس. وكانت له معارف واسعة ويحسن قرض الشعر والمدح به وكانت له آراء في المسائل الشائكة عندئذ مثل تناول الدخان وسماع الطرب وكان الفكون قد تعرف عليه عند بناء داره التي كانت
لأسلافه، كما يقول، ثم تملك بها هو وجددها وأضفى عليها الجير (يسميه الجيار). وقد مر عليه ذات يوم محمد السوسي فرأى غرف الدار وبياض لونها فأعجبته فقال شعرا يمدح به الفكون وداره:(اجتاز عليها ورأى فيها بعض أبياتها (غرفها) مشيدا بالجيار على عادة البلد، فأنشدني فيها أبياتا مادحا لي رحمه الله. ملتزما فيها حرف الضاد. وسماها (بهجة التكحيل في العين، ورونق الشيب في مصوغ التبر واللجين):
ألا عج إلى البطحا (1) ترى البرق يومض
…
على دار علم بالعلوم تنضنض
وقد رد عليه الفكون بقصيدة مثلها وزنا وقافية. وسماها (إزالة الكدر والشين، بجواب التكحيل في العين)، ومطلعها:
لك الحمد تعطي من تشاء وتقبض
…
فصل على من كان للدين يعرض
والملاحظ أن الفكون تشوق في هذه القصيدة إلى زيارة الرسول، (ص)، وهو مقيم في قسنطينة. ثم افتخر بأنه صاحب
مكانة في الشعر لكن قومه جهلوه وحسدوه (2) وقد عرفنا أن الفكون كان يجدد بناء داره سنة 1022 وأن الشيخ السوسي توفي في الجزائر سنة 1023 ولعل تفكير الفكون في الرحيل إلى الحجاز
(1)(البطحاء) هي الحومة التي كان بها الجامع الأعظم ودار آل الفكون.
(2)
ذكر الفكون القصيدتين في كتابه (محدد السنان) مخطوط، ص 57، 63.
انظر الملاحق.
كان في هذه الأثناء، كما تشير القصيدة، والملاحظ أن رأي الفكون في زميله بل شيخه المغربي لم يكن رأيا طيبا فهو عنده مرائي بعلمه، مداح بشعره متقرب إلى ذوي السلطان حتى أنه توفي وهو في مدينة الجزائر التي ذهب إليها طالبا وظيفة الفتوى (1) وقد انتقده الفكون على (أوراقه) التي قيد فيها السوسي ثلاث مسائل كلها تؤكد تحريم الدخان. فقال عنها الفكون (فتأملتها فوجدتها في غاية الركاكة، واختلال المبنى، ومخايل عدم التحقيق لائحة عليها) ولكنه اعترف بوجود أخوة ينهما قبيل وفاة السوسي، وقال عنه أنه (عندي أجل من أوراقه المسطرة).
وهناك شخصية مغربية أخرى لها قصة مع الفكون أيضا في قسنطينة، وهي شخصية أحمد الفاسي فقد جاء هذا إلى قسنطينة أيضا وأخذ يمدح أمراءها (الولاة والإداريين) بشعره. ثم تولى خدمة من يسميهم الفكون بالعبابسة الذين كانوا بالبادية (خارج المدينة). ثم عاد إلى قسنطينة بواسطة بعض أعيانها وهو أحمد الغربي، ودخل في نادي الفساق، كما يقول الفكون. وقد حاول الفكون هدايتهم وإعادتهم إلى الطريق السوي بالكف عن شرب الدخان والحشيشة وسماع الطرب. ولكنهم استنكفوا منه، بل هجوه على لسان أحمد الفاسي. ولما سمع علماء فاس في
(1) تحدث الفكون عن السوسي في كتابه (محدد السنان) ص 7، و (منشور الهداية) ص 47. كما ورد اسمه في (أشعار جزائرية) من تحقيقنا، وذكره القادري في (نشر المثاني) تحقيق محمد حجي وأحمد توفيق، الرباط 1977، 1/ 201، وهو ينقل عن (محدد السنان) للفكون، فيما يبدو.
المغرب بما حدث للفكون معه، اعتذروا له وأخبروه أن الفاسي هذا شخص (خارجي) يسب آل البيت، بل كتبوا يردون على الفاسي. وأخيرا جاء الفاسي نفسه معتذرا للفكون عما بدر منه في حقه. وقد وصفه الفكون بأنه كان يتعاطى التدريس في قسنطينة ثم تولى الكتابة لبعض أمراء العرب (العبابسة) أهل الخيام، وأنه كان فصيح القلم ويستعمل الشعر وهو أغلب عليه، وكان يمدح أكابر الناس لينال الحظوة عندهم. ولما رجع إلى قسنطينة التف حوله أهل الفرق الذين كانوا يشربون الدخان، ويتظاهرون بالخنا ونظم الأشعار، ويستعملون الآلات الموسيقية، ويتغنون بالخمر، وكان الفاسي بالخصوص يثنى في شعره على الخمر، ويذكر ما قيل فيها من شعر عند الصوفية ومن وصف لأدواتها مثل الكأس والسكر والحان والدنان. ولما أنكر عليهم الفكون ذلك هجوه. ثم عاد الفاسي إلى مقر عمله عند العبابسة.
وكانت للفكون مراسلات ومساجلات مع أهل قسنطينة أيضا.
من ذلك ما نظمه فيه أحمد العطار من قصائد. وقال الفكون عن العطار أنه كان محبا له، ولكنه كان ضعيف العقل يدعي العلم ادعاء ومع ذلك تولى الفتوى. وكان العطار يعرف خطوط الرمل حتى قيل بموته انقطعت هذه الصنعة. وكان يخالط الدراويش (الفقراء) ويقول لهم أنه هو شيخهم. ويدعي لهم ظهور الكرامات على يديه، وكان شعره، كما يقول الفكون، مضحكا. وتراسل الفكون مع عدد من العلماء الذين جاؤوا للدراسة في قسنطينة ثم عادوا إلى أوطانهم. وقد ذكر منهم: محمد الفقيه الزواوي، وهو الذي قال عنه أنه تصدر للتدريس (بقسنطينة) بعد محمد السوسي
المغربي (حوالي سنة 1023)، رغم أنه لا باع عنده في العلم، وقد أخذ عليه الفكون أنه أعاره مرة كتاب المكودي فلم يرجعه إليه. ولعل سبب المراسلات معه هو هذا الكتاب. كما تراسل مع ابن راشد الزواوي أيضا بعد رجوع هذا إلى بلده، وهو الذي تأثر به في علم النحو وكان شيخا له، كما سنرى. ونفس الشيء يقال عن الموهوب بن محمد الزواوي الذي حافظ على مراسلاته مع الفكون بعد رجوعه إلى بلده. وكذلك مع علي البهلولي (أبهلول)، ومع والد محمد وارث الهاروني (من متيجة).
وهناك شخصية أشاد بها الفكون وتراسل معها، وهو أحمد بن الحاجة. فقد كان ابن الحاجة يعمل قاضيا في ميلة ثم قسنطينة. وكان قد كلف بمهمة دبلوماسية دقيقة سنة 1037، عندما انضم إلى الوفد الجرائري الذي ذهب للصلح مع الوفد التونسي في مكان يعرف بقصر جابر. وكان الوفد التونسي يضم من العلماء كلا من محمد تاج العارفين العثماني وإبراهيم الغرياني. وكان أحمد بن الحاجة هو الذي عرفهما بمكانة الفكون في قسطينة وحمل إليه منهما رسائل المدح والتنويه. فكان ابن الحاجة يراسل الفكون إذا بعد عنه ويشافهه إذا قرب منه، بل كان يدافع عنه إذا تعرض للأذى. ومن ثمة كانت بينهما علاقات حميمة رغم تقدم السن بابن الحاجة في ظاهر الأمر.
وللفكون مراسلات مع شخصية غريبة أخرى. كان الشيخ بلغيث المعروف بالقشاش قد استقر بتونس طلبا للعلم. وحصل له منه نصيب وافر حتى صار من أهل الفقه والمعرفة وقد استعمل
آلات الطرب بيده، وحسده أهل بلده (تونس؟) وسعوا به إلى الوالي ققر منهم ولم يعد إلى تونس إلا على الحالة التي
سيذكرها. وقد قيل أنه قصد الحج فوصل مصر ولكنه لم يحج.
ولما رجع إلى تونس أغلق باب داره على نفسه ولم يخرج منها واتخذ طريقة صوفية وجمع المال الكثير، لكنه كان ينفق منه على الفقراء وأسرى المسلمين وتجديد المساجد وتشييد الزوايا. وقد أخبر الفكون أن الشيخ بلغيث لم يخرج من داره إلا لتزويج ابنته والمهم هو أن الفكون يقول أن له به صحبة ومراسلات رغم بعد الدار (تضمنها الوسائل من الجانين) ورغم غموض تعبير الفكون فإنه يبدو أن الشيخ بلغيث لم يعش في الجزائر، ولم يعرف الفكون عن كثب. ولا نعرف ما موضوع المراسلة التي كانت بينهما.
ومن الجزائر أيضا تراسل الفكون مع الشيخ سعيد قدورة.
وكان قدورة (والفكون يكتبه كدورة) هو خطيب الجامع الأعظم بالعاصمة. وكان يعتبر من كبار علماء عصره بل ومن صلحائه أيضا. وقد تولى وظائف الجامع الكبير حوالي 1020 واستمر متقلدا لها إلى وفاته سنة 1066 ثم خلفه ابنه محمد فيها إلى أن توفي سنة 1107 فالفكون إذن كان معاصرا له ولابنه. وهو يخبرنا بأنه كانت بينهما (الفكون وقدورة) محبة ورسائل. والظاهر أن هذه الرسائل كانت في شؤون علمية لأن الفكون لم يكن عندئذ قد تولى وظائفه التي تتشابه مع وظائف قدورة في الجزائر. ولا شك أن المراسلات قد تدعمت بينهما بعد ذلك إذ أصبح يجمعهما لا العلم فقط بل الوظيف والمسؤوليات المشتركة نحو
السلطة والناس. ولا ندري ما موقف الفكون من حكم ولاة الجزائر على المفتي قدورة بالتوجه إلى اسطانبول مغضوبا
عليه (1) ولا شك أيضا أن الفكون قد قابل زميله قدورة في الجزائر حين توجه إليها سنة 1060 لأمر يخصه مع ولاتها، كما سنرى.
وللفكون مراسلات مع أحمد المقري صاحب (نفح الطيب). ويبدو أنهما لم يلتقيا وجها لوجه. فقد فر المقري من المغرب حين ساءت فيه الأمور واتخذ بعض العلماء (ومنهم المقري) موقفا معارضا للسلطان. وخاف هو على نفسه فادعى الذهاب إلى الحج. ودخل مسقط رأسه تلمسان وموطن أجداده، ثم قدم إلى مدينة الجزائر وأقام بها مدة لا نعرفها، ولكنه اتصل بعلمائها ولعله حاول أيضا الاتصال بولاتها، ومن هناك توجه إلى تونس التي ركب منها البحر إلى مصر. فهل مر المقري في طريقه إلى تونس بقسنطينة؟ إن الفكون الذي تحدث عن زميله لم يشر إلى ذلك. ونعتقد أن لو فعل المقري ذلك لأخبر به الفكون. ومهما يكن من شيء فإن وصف الفكون له متناقض إلى حد كبير. فهو يصفه بالفصاحة والحفظ والشهرة الواسعة و (درة وقته وزمانه)، ثم يصفه باستعمال التقية واللجوء إلى أسلوب المداورة وحب المدح وتزيين الألفاظ وقلة التدقيق.
لقد دارت بينهما مراسلات عندما كان المقري في الحجاز
(1) عن ذلك انظر كتابنا (تاريخ الجزائر الثقافي) ترجمة سعيد قدورة، 1/ 364، ط 2.
ومصر. وكان الواسطة في هذه الصلة بينهما هو محمد بن باديس الذي حج وحمل جواب المقري للفكون عن إعراب ابن عطية للآية {ولأتم نعمتي عليكم} . كما أن المقري اتصل برسالة من الفكون ضمنها كتابه (نفح الطيب). ولكن رأيه في الفكون يختلف عن رأي هذا فيه. فهو عنده (علم قسنطينة وصالحها وكبيرها ومفتيها، سلالة العلماء الأكابر، ووارث المجد كابرا عن كابر)(1) ورغم أننا نعرف أن المقري توفي سنة 1041 فإننا لا نعرف متى جرت هذه المراسلات بين الرجلين، ولكن من الأكيد أنها كانت بين 1037، سنة سفر المقري وسنة 1041 سنة وفاته.
ومن وصف الفكون للمقري ندرك أن الفكون لم يكن قد ذهب إلى الحج بعد.
وكانت للفكون مراسلات مع بعض علماء تونس، وعلى رأسهم محمد تاج العارفين العثماني وإبراهيم الغرياني القيرواني. ويبدو أن أول مرايلة بين الفكون وتاج العارفين كانت سنة 1037 أثناء المناسبة التي أشرنا إليها وهي مجيء الوفد التونسي إلى قصر جابر للتصالح مع الوفد الجزائري الذي كان فيه أحمد بن الحاج صديق الفكون. ولعل الفضل في فتح هذه المراسلة يعود إلى ابن
(1) انظرها في (نفح الطيب) 238/ 3، لاحظ أن رسالة الفكون للمقري مؤرخة بشهر رجب سنة 1038 وقد اعتذر فيها الفكون بأنه كان منشغلا بوفاة زوجته. ووعده فيها بأنه سيشرح (إضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة) الذي ألفه المقري. ولكننا لا ندري إن كان قد وفى الفكون بذلك، رغم أنه قال له أنه سيحاول أن يتمه ويبلغه له أثناء موسم الحج الموالي (أي سنة 1039). انظر رسالة الفكون في الملاحق.
الحاجة نفسه الذي كان يقدر الفكون ويجله. فهو الذي حدث أعضاء الوفد التونسي عن علمه وصلاحه وقيمته في بلده. فما كان منهما إلا أن كتبا له رسالتين ومعهما قصيدتان على عادة علماء ذلك الوقت. وكلاهما نوه بدور ابن الحاجة وأنه هو الذي كان وراء هذه المكاتبة. ويقول الفكون عن الرسالتين إن صاحبيهما قد أتقنا فيهما فنون الفصاحة والبلاغة. ولشدة حرص الفكون على هاتين الرسالتين ضمنهما كتابه (منشور الهداية). ومما يذكر أن إبراهيم الغرياني أخبر عن نفسه أنه كان عندئذ خديم الزاوية الشريفة بالقيروان. وأما محمد تاج العارفين فقد كان أحد علماء الزيتونة البارزين ولكنه لم يتول الإمامة بهذا الجامع إلا بعد رجوعه من الجزائر بل بعد عودته من الحج.
ونحن نعرف أن تاج العارفين كان قد سافر إلى الحج مع أحمد المقري من تونس سنة 1037 وقد استمرت المراسلة بينه وبين الفكون بعد ذلك أيضا، إذ عثرنا على رد الفكون على رسالة تاج العارفين المذكورة، ولكنها بدون تاريخ (1) ومما يذكر أن الفكون أشار في رسالته إلى تاج العارفين إلى الصلات الوطيدة بين عائلته وعائلة تاج العارفين. فقد ذكر أن والده كان يتراسل مع جد تاج العارفين، وهو المعروف بأبي بكر والذي كان خطيب جامع
(1) انظر رسالة تاج العارفين ورد الفكون عليها في كناش الطواحني، المكتبة الوطنية - تونس، رقم: 16647، وهي من صفحة 9 - 13 منه. ولكن تنقصها بعض الخيارات. رسالة تاج العارفين من ص 9 - 11 ورسالة الفكون من من 11 - 13، وتاريخ رسالة الأول منزل (قصر) جابر 1037.
وليس في الثانية تاريخ. انظر هذه المراسلة في الملاحق أيضا.
الزيتونة. كما كانت بينه هو وبين القشاش المكنى بأبي الغيث، صهر تاج العارفين، مراسلة وصداقة (1) وتعتبر رسالة الفكون إلى تاج العارفين قطعة أدبية جيدة رغم طولها ولعل الغرياني قد واصل التراسل مع الفكون أيضا.
ويبدو أن شهرة الفكون أخذت في الانتشار منذ الأربعينات من القرن المذكور (الحادي عشر / 17 م) رغم وجود والده على قيد الحياة إلى سنة 1045، فبالإضافة إلى هذه العلاقات مع رجال العلم والسياسة بتونس ومع أحمد المقري في المشرق، نجده يستقبل أحد علماء العثمانيين في داره بقسنطينة، وهو الشيخ القاضي الشهير بالمولى على الذي يقول عنه الفكون أنه كان من الموالي وأنه جاء قسنطينة من باب السلطنة الأحمدية (2)، أي من الباب العالي ورغم أن الشيخ المولي علي كان يشتغل بالسياسة أيضا فإن الفكون نوه بمعرفته ونجابته وقوة عارضته وأخبر عنه أنه كان مشاركا في كل العلوم، وأنه كان يملك كتبا كثيرة. وقد هرع أصحاب السلطة في قسنطينة لاستقبال المولى علي (وعظموه تعظيما كبيرا). ولكن الدوائر دارت على هذا الشيخ الغرب وهو في الجزائر، بعد أن بلغ هناك حظوة ومجدا وتزوج وصدر الأمر باسمه، كما يقول الفكون. فقد ثار عليه عسكر الجزائر ونفوه فحل بتونس حيث توفي غريبا عن أهله وماله. وإذا نظرنا إلى
(1) عن شخصية بلغيث هذا أنظر ما سبق. ومنها نفهم أن بلغيث زوج ابنته المذكورة سابقا من محمد تاج العارفين (؟) حفيد أبي بكر خطيب جامع الزيتونة.
(2)
حكم السلطان أحمد من 1013 إلى 1027.
تاريخ وفاة السلطان أحمد فإن المولى علي يكون قد جاء قسنطينة قبل 1027 والمهم الآن هو أن الفكون قال عن هذا الشيخ القاضي إن له فيه محبة وصداقة حتى لقد أخبره ذات مرة أنه لم يترك أصحابه وينزل عنده إلا تعظيما له. ولا شك أن هذا مبالغة أدبية فقط من المولى علي، ولكن الفكون رآها أمرا يفاخر به ويسجله في التاريخ.
ورغم أن علاقة الفكون بعلماء المغرب الأقصى تبدو قوية منذ معرفته بالشيوخ محمد التواتي وأحمد الفاسي ومحمد السوسي، وكذلك مراسلته مع بعضهم في فاس بشأن ما وقع له مع الفاسي المذكور، فإن من أشهر من ترك لنا أخبارا عن الفكون هو أبو سالم العياشي صاحب الرحلة الشهيرة. فقد عرفه معرفة وثيقة وحج معه سنة 1064 عندما كبر الفكون وتغيرت بعض آرائه في الناس والحياة، وتراسل معه بعد ذلك، وحج مع ابنه في المرة الثانية، واطلع على كتبه واستفاد منها، وروى عن تلميذه الثعالبي. إذن فالعياشي مصدر هام من مصادر حياة الفكون. ونحن لا ندري رأي الفكون في العياشي، ولكن نعرف أن حديث العياشي ومراسلاته معه كانت بشأن الانتماء إلى طريقة الفكون وأخذ العلم عنه. وقد وصفه العياشي عندئذ بأنه كان في غاية الانقباض والانزواء عن الخلق، ومجانبا لعلوم أهل الرسوم (علوم الظاهر) بعد أنه كان إماما فيها (1) ولعل العياشي كان يردد في الحقيقة رواية الثعالبي (تلميذ الفكون) عن شيخه. وهذه هي
(1) العياشي، الرحلة 396/ 2.