الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شغفت بكم لما تشنف مسمعي
…
وعشق الفتى بالمسمع مرتبة أخرى
لا جرم كاتبناكم وأيدي الأشواق تتلقف حبات القلوب. وقد شب عمرها عن الطوق وكفى أن علم ذلك علام الغيوب. وأعلمكم أني لا أنساكم من الدعاء كما أطلب ذلك منكم، لا سيما بإصلاح الدعاء بظاهر الغيب مستجاب، والحابب في الله في هذا الزمان الصعب من العجب العجاب، ولا تنسانا من مكاتباتكم مع الواردين، كما أنها ترد إليكم منا مع الصادرين. سقاكم الله رحيق الود في كاسات الإخلاص، وأورد صحائفكم مبيضة الوجوه مع زمرة صحائف الإخلاص، ومن معنا من الجماعة / وهم سيدي محمد العامري وسـ (بياض في بقية السطر) الله يهدون إليكم أطيب. ويحـ (بياض في بقية السطر) وخلواتكم وجلواتكم ومعاده عليكم منا ورحمة (بياض). العبد العاجز الفقير المذنب الجاني محمد تاج العـ (بياض) بتاريخ أوائل قعدة الحرام من عام 1037 - سبعة وثلاثين و (بياض)(*)
5 - رسالة الفكون إلى تاج العارفين
عنه (1) الشيخ سيدي عبد الكريم فكون الجزيري (كذا)، نصه:
(*) أورد الفكون نفس الرسالة في (منشور الهداية) وبناء عليها فإن الأسماء التي لم تظهر في آخرها هي وسيدي علي الشرقي، وسيدي محمد الأندلسي، وسيدي الحاج عون الله.
(1)
لعل كلمة (أجابه) توجد قبل كلمة (عنه).
الحمد لله.
أشرف من تشرق شجرة آل عثمان نورا يتلألأ وأولى على القاصي والداني من سحائب غيثها سحا يتوالى، فأحيى به البلاد، وأنعم على العباد يمينا وشمالا، وجملها بجمال، أدان له كل جمال إلا من اكتسى منه جمالا، وكملها من علا الكمال ما اضمحل به كمال، إلا ما أنالته نوالا وإفضالا، فأثمرت من سنا ثمارها ما جعل للدين تاجا، وللمعارف معراجا، وللمكارم بحرا لجاجا، واكتسى ثوب العز جلالة وإجلالا، فجمع من أزهار الأدب وورد الفقه وشقائق الكلام ونسمين الحكمة وعظا وأمثالا فلله درها من نخبة انتخبت أوصاف المعالي، فحلت من حلاها الرائقة الجواهر واللآلىء، ما استغنى به أهل القطر حالا ومآلا، فسبحان من سنى به بدرا في أفق الكمال عم نوره، وفشا سودده (كذا) وظهوره، وأوضح ما كان من الشبل إغفالا، وفتح من العويص اقفالا، أحمده سبحانه وتعالى، وأشكره شكرا استزيد به نعما وافرة، واستدفع به مكرا ووبالا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل جلاله أن يكتسب من مدح الخلق جلالا، وأشهد أن سيدنا محمدا - (ص) - عبده ورسوله أعلا (كذا) الخلق كمالا، وأفصحهم لسانا، وأصدقهم مقالا. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أكرم بهم صحبا وآلا، وسلم عليه وعليهم ووالى.
أما بعد، فهذه تحية حلا نحرها، وغلا طيبها وعطرها، أهديت إلى محل اللوذعي النبيه، العالم العلامة الوجيه، نحرير زمانه، وتاج وقته وأوانه، من أثار من وهج الحب لله ما كان في القلب دفين، سيدي محمد تاج العارفين:
أهدي إليك تحية
…
أزكى من الورد رائح
تلقاك في كل نادي
…
وأنت غاد ورائح
هذا وقد وصلني من عائد صلتك ما أحيي موات الأفكار، وجلا مرآت (كذا) الصدر من أغيار الأغيار، فنهض إذ ذاك لسان الشكر وما ونى ونآ (كذا)، وإن لم أقض ما وجب، خفت على نفسي العنا (كذا)، فترنم وقال، لما سحب ذيل المقال /
(بياض لسطر كامل)
(بداية السطر بياض). الصدر من ودكم ذكرا
(بداية السطر بياض.) وخسفت أقمارها، ومطامع أقوام.
(بداية السطر بياض.) وغردت من وحشها أطيارها، وبقية كؤس (كذا).
(بداية الطر بياض.) وتلاشى مهرجان غدوها ورواحها، إلا
نفثة مصدور، تحركت لريا نشرها المنشور، ولولا طعن عوالي العذال، لا استشعرت ثوب الجبن في معرك النزال، ولتصاممت عند مقارع الأبطال، وحيثما كانت دعواهم نزال نزال، اللهم إلا رسائل تستكشف عمياء الحال، وتعود إلى الموصول بعائد السؤال، وخالص الدعاء الصالح بالرفيق في الأقوال والأفعال.
وقد آن أن أبدي لكم ما كتمه الضمير من لوعات الشوق إلى نادي الجمع والاجتماع، والانتعاش بتلكم الربوع التي علمت ومباني السمع والأسماع، حتى إذ هبت نسائم الوصل من جانب
محاسن تلك الديار، وتنعمت نغمات رنات أوتار الأسطار، الكاشفة عن مخدرات بنات الأفكار، وكشف محياها من هو أهل لحمل من استوى (1) عليه من الأسرار، من الأحباء لله الأخيار، لا جرم إن زال قذا الحدقة ووافق شن طبقة أبدا (كذا) اللسان، ما رمقه البنان، وإن كنت لست من فرسان هذا الشأن، وممن يقعقع له بالشنان، فبادر مغتنما وتنضا مجيبا ومسلما، مع السؤال الأتم عليكم، وعلى من لاذ بكم، وصالح الدعاء وحلبه مع الوصاية بما هو معهود مني لكل محب متباعدا ودنا بمراقبة المولى سرا وعلانية، والوقوف ببابه تعالى رغبة ورهبانية، مع ادخار صالح الأعمال ليوم الافتقار، والوقوف بين يدي الملك الجبار، الذي لا تخفاه خافية، فما أعظم مصيبة من كان عمله عليه لا له، وما أشد حسرة من انسلخ من حلل هديه إلى سرابيل سعيه التي جعت (كذا) جزاه ووباله، فيا لها من رزية ما أشنعها، ومن بلية ما أدهاها وما أفضعها (كذا) ونداء الحق ينادي {اليوم تجزون بما كنتم تعملون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} . جعلنا الله وإياكم ممن تلقاه المولى بالرضى والرضوان، ومتعه بالنظر إلى وجهه الجميل في بحبوحة الجنان، في كل وقت وأوان.
ولنكف العنان، لما سأذكره لكم الآن، وهو إنما (كذا) اتحفتموه من در نظامكم، المسفرة عن فصاحة خطابكم، احتوى على أن سبب الإتحاف هو ما شنف مسامعكم من سنيي الأوصاف فحذار حذار، هذه لفتة قرار، بلى أنا سن في أثواب الزور
(1) كذا، والمعنى أنها (استؤمن) بالمجهول.
أتقلب، وكم من حليم غره مني برقي الخلب، فصفاتي لا تسلم سلعتها من الغش، ولا يحصل نفقاتها إلا برذيلة النجش، وهلا إذا كان السبب اقتناص الأخوة بالنية، والصالحة التي يرجحن أن تكون صنفتها في العقبا (كذا) رابحة فنية، المرء أبلغ من عمله، ولا عليه من إصلاح المواخي أو خلله. وقد كان بيني وبين صهركم الشيخ الصالح سيدي أبي الغيث (1)، وإن كان هو يكتب بلغيث فله فيه وجه أدبي وحري، رحمه الله وغفر له، وبلغه من سني الدرجات ما أمله، من الإخاء لله والمحبة فيه ما أرجوا (كذا) أن نكون بها في القيامة من الفائزين، وأن تنزلنا المنزلة العليا في عليين، وأن نكون بها فما يراء الأهل بجنة كالدون العار في الأفق، حسبما ورد عن سيد المرسلين - (ص) - إلى يوم الدين.
ولعلك تصغر ولا تشعر، بما كان بين جدكم سيدي أبي بكر وبين الوالد من تكرار الود بالمراسلات، والحث من الجانبين على صالح الدعاء في الخلوات والجلوات. فوصلت الآن من انقطع بموت الجد واستصرم، والبادي أكرم. وحمدت الله لكم على ما أحييته برسالتكم من دارس الرفات، وما ذللتم بخطابكم من حزن الموات خصوصا في زمن طلع فيه نجم الأشرار، وأفلت نيرات الأبرار، وكسدت أسواق العلماء الأخيار. فالتسليم لله الواحد القهار.
جعلنا الله وإياكم ممن حملته على بساط القرب يد العناية، وتوج في الدارين بتاج أهل الحب والولاية، وسقانا من كأس
(1) هناك إضافة فوق اسم أبي الغيث، وهي (يعني القشاش).
الصفا ما شربه أهل الصدق والوفا والهداية. وسلم لنا على السادة الفقهاء الأخيار الذين هم فلان وفلان (وهم الذين ذكر أسماءهم في رسالته المذكورة)(1) وأطلب لي منهم صالح الدعاء ونحن لا ننسى جميعكم من إخلاص الدعاء والتعريف. والله ولي التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق. وأختم الكتاب بالصلاة والسلام على أفضل من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، وآله والأصحاب.
انتهى.
(1) يشير إلى رسالة محمد تاج العارفين إلى الفكون التي سبق ذكرها، والتي ذكر فيها أسماء العلماء الذين كانوا بالوفد. ومن الأسف أن تلك الأسماء مطموسة - كما لاحظنا - ما عدا اسم محمد العامري. ونعرف من مصدر آخر أن إبراهيم الغرياني القيرواني كان من بين أعضاء الوفد التونسي. (انظر منشور الهداية). ففيه بقية الأسماء.