الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوم العيد قبل الصلاة؛ لحديث ابن عمر: ((أمر أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة)) (1)، ومعلوم أنه إذا امتدت الصلاة وتأخرت صار هذا أوسع للناس. وأما عيد الأضحى فإن المشروع المبادرة بالتضحية؛ لأن التضحية من شعائر الإسلام وقد قرنها الله عز وجل في كتابه بالصلاة فقال:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (2)، وقال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3)، ففعلها مبادراً بها في هذا اليوم أفضل، وهذا إنما يحصل إذا قدمت الصلاة،؛ لأنه لا يمكن أن يذبح الأضحية قبل الصلاة)) (4).
سابعاً: صفة صلاة العيد:
السنة أن يصلي الإمام إلى سترة؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمن ثم
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب الصدقة قبل العيد، برقم 1509، ومسلم، كتاب الزكاة، باب الأمر بإخراج زكاة الفطر، برقم 986.
(2)
سورة الكوثر، الآية:2.
(3)
سورة الأنعام، الآية:162.
(4)
الشرح الممتع، 5/ 158 - 159.
اتخذها الأمراء)). وفي رواية: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان تُركز له الحربة قُدَّامه يوم الفطر، والنحر، ثم يصلي)). وفي رواية: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يغدو إلى المصلى، والعنزة بين يديه تُحمل، وتُنصب بالمُصَلَّى بين يديه، فيصلي إليها)) (1). ولا خلاف بين أهل العلم في أن صلاة العيد مع الإمام ركعتان، وفيما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد ركعتين وفعله الأئمة بعده إلى عصرنا، ولم يُعلم أن أحداً فعل غير ذلك، ولا خلاف فيه (2)،وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:((صلاة الجمعة ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم)) (3)، ويصلي الصلاة قبل
(1) البخاري، كتاب الصلاة، باب سترة الإمام ستر من خلفه برقم 494، وكتاب العيدين، باب الصلاة إلى حربة يوم العيد، برقم 972، وباب حمل العنزة أو الحربة بين يدي الإمام يوم العيد، برقم 973.
(2)
المغني لابن قدامة، 3/ 265،وانظر: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 5/ 339.
(3)
النسائي، برقم 1419، وابن ماجه، برقم 1063، وأحمد 1/ 37، وصححه الألباني، وتقدم تخريجه في صفة صلاة الجمعة.
الخطبة (1)، يكبر في الركعة الأولى تكبيرة الإحرام ثم يقرأ دعاء الاستفتاح، ثم يكبر ست تكبيرات: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر؛، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((التكبيرة في الفطر: سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما)) (2)؛ ولحديث عائشة رضي الله عنها ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمساً سوى تكبيرتي الركوع)) (3). وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((هذه السبع التكبيرات مع تكبيرة الإحرام، وفي الركعة
(1) البخاري، برقم 956،ومسلم، برقم 889،وتقدم تخريجه في أن السنة صلاة العيد في المصلى.
(2)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب التكبير في العيدين، برقم 1151، والترمذي، كتاب الجمعة، باب ما جاء في التكبير في العيدين، برقم 536، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في تكبير الإمام في صلاة العيدين، برقم 1279، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 315، وغيره، وقال الترمذي في العلل: سألت البخاري عنه فقال: ((هو صحيح)).
(3)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب التكبير في العيدين، برقم 1149، 1150، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في كم يكبر الإمام في صلاة العيدين؟ برقم 1280،وأحمد، 6/ 70،وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود،1/ 315 وغيره.
الثانية يأتي بخمس غير تكبيرة النقل)) (1).
ثم يستعيذ ويقرأ الفاتحة وسورة ((ق)) أو سورة ((سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى))، ثم يكمل الركعة ثم يقوم من الركعة الأولى مكبراً، ثم يكبر خمساً بعد أن يستتم قائماً، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما:((أنه كان يكبر في العيد في الأولى سبع تكبيرات بتكبيرة الافتتاح وفي الآخرة ستاً بتكبيرة الركعة كلهن قبل القراءة)) (2). ثم يقرأ الفاتحة وسورة اقتربت أو سورة الغاشية (3)؛ لحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه
(1) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 519.
(2)
ابن أبي شيبة، 2/ 5/1، والفريابي، 1/ 136، وصحح إسناده الألباني في إرواء الغليل، 3/ 111.
(3)
قال الإمام ابن قدامة في المغني: ((يدعو بدعاء الاستفتاح عقيب التكبيرة الأولى [الإحرام] ثم يكبر تكبيرات العيد، ثم يتعوذ ويقرأ، وهذا [المشهور من مذهب أحمد و] مذهب الشافعي، وعن أحمد رواية أخرى، أن الاستفتاح بعد التكبيرات، اختارها الخلال وصاحبه، وهو قول الأوزاعي؛ لأن الاستفتاح تليه الاستعاذة، وهي قبل القراءة، وقال أبو يوسف: يتعوذ قبل التكبير؛ لئلا يفصل بين الاستفتاح والاستعاذة، ولنا أن الاستفتاح شرع يستفتح به الصلاة، فكان في أولها كسائر الصلوات، والاستعاذة شرعت للقراءة، فهي تابعة لها، فتكون عند الابتداء بها؛ لقول الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [سورة النحل: 98]. وقد روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ قبل القراءة [أبو داود، برقم 775]، وإنما جمع بينهما في سائر الصلوات؛ لأن القراءة تلي الاستفتاح من غير فاصل، فلزم أن يليه ما يكون في أولها، بخلاف مسألتنا، وأيا ما فعل كان جائزاً)) المغني، 3/ 273 - 274، وانظر الشرح الكبير لابن قدامة المطبوع مع المقنع والإنصاف، 5/ 341 - 342.
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله: ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر، فقال:((يقرأ فيهما بـ {ق~ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} (1)؛ ولحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}، قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما في الصلاتين)) (2). ويرفع يديه مع كل تكبيرة لعموم الأحاديث (3)؛ ولفعل عمر رضي الله عنه (4)،
(1) مسلم، كتاب العيدين، باب ما يقرأ في صلاة العيدين، برقم 891.
(2)
مسلم، كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة، برقم 878.
(3)
قال الإمام ابن قدامة: ((وجملته أنه يستحب أن يرفع يديه في حال تكبيره حسب رفعهما مع تكبيرة الإحرام، وبه قال عطاء، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، وقال مالك، والثوري: لا يرفعهما فيما عدا تكبيرة الإحرام؛ لأنها تكبيرات في أثناء الصلاة فأشبهت تكبيرات السجود))، [ولكن قد روى الفريابي،2/ 136 عن الوليد بن مسلم قال: سألت مالك بن أنس عن ذلك - يعني الرفع في التكبيرات الزوائد - فقال: نعم ارفع يديك مع كل تكبيرة، ولم أسمع فيه شيئاً] قال ابن قدامة: ((ولنا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير [يعني حديث يرفعهما في كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع، حتى تنقضي صلاته، أبو داود، برقم 722، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 209، وهو في استفتاح الصلاة] قال أحمد: أما أنا فأرى أن هذا الحديث يدخل فيه هذا كله، وروي عن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة: في الجنازة، وفي العيد. رواه الأثرم، ولا يعرف له مخالف في الصحابة، ولا يشبه هذا تكبير السجود؛ لأن هذه يقع طرفاها في حال القيام، فهي بمنزلة تكبيرة الافتتاح)). [المغني، 3/ 272 - 273]؛ لكن ضعّف الألباني حديث عمر في إرواء الغليل، 3/ 112، وسمعت شيخنا الإمام ابن باز يقول أثناء تقريره على منتقى الأخبار للمجد ابن تيمية، الحديث رقم 1673. ((ولا بأس أن يكبر بين التكبيرات: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، والسنة رفع اليدين في جميع التكبيرات كما فعل عمر رضي الله عنه، وغيره)).
(4)
البيهقي، 3/ 293 وضعفه الألباني في الإرواء، برقم 640، ولكن قال:((وفي التلخيص (145)، ((واحتج ابن المنذر والبيهقي بحديث روياه من طريق بقية عن الزبيدي، عن الزهري عن سالم عن أبيه في الرفع عند الإحرام والركوع والرفع منه، وفي آخره: ((ويرفعهما في كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع)) وصححه الألباني كما تقدم. إرواء الغليل، 3/ 112، واستدلوا بعموم حديث وائل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير. أحمد، 4/ 316، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، 3/ 113.
ويقول بين التكبيرات ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه بحضرة حذيفة وأبي موسى، أن الوليد بن عقبة قال: إن العيد قد حضر فكيف أصنع؟ فقال ابن مسعود: تقول: الله أكبر، وتحمد الله، وتثني عليه، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وتدعو الله، ثم تكبر، وتحمد الله وتثني عليه، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تكبر، وتحمد الله، وتثني عليه وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم،
وتدعو الله، ثم تكبر، وتحمد الله، وتثني عليه، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وتدعو الله ثم تكبر، فقال حذيفة وأبو موسى: أصاب)) (1).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: ((وكان [صلى الله عليه وسلم] يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، فيصلي ركعتين، يكبر في الأولى سبع تكبيرات متوالية بتكبيرة الافتتاح (2) يسكت بين كل
(1) الطبراني في الكبير، 9/ 303، برقم 9515، ورقم 9523، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 3/ 115.
(2)
قال الإمام ابن قدامة ((قال أبو عبد الله: يكبر في الأولى سبعاً مع تكبيرة الإحرام، ولا يعتد بتكبيرة الركوع؛ لأن بينهما قراءة، ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات، ولا يعتد بتكبيرة النهوض، ثم يقرأ في الثانية، ثم يكبر ويركع، وروي ذلك عن فقهاء المدينة السبعة، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ومالك، والمزني، وروي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، وابن عباس، وابن عمر، ويحيى الأنصاري، قالوا: يكبر في الأولى سبعاً وفي الثانية خمساً، وبه قال الأوزاعي، والشافعي، إلا أنهم قالوا: يكبر سبعاً في الأولى سوى تكبيرة الافتتاح، وروي عن ابن عباس، وأنس، والمغيرة بن شعبة، وسعيد بن المسيب، والنخعي، يكبر سبعاً سبعاً، وقال أبو حنيفة والثوري في الأولى والثانية: ثلاثاً ثلاثاً، ولنا أحاديث كثيرة، وعبد الله بن عمر، وعائشة التي قدمناها، قال ابن عبد البر: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة حسان أنه كبَّر في العيد سبعاً في الأولى، وخمساً في الثانية، من حديث عبد الله بن عمرو، وابن عمر، وجابر، وعائشة، وأبي واقد، وعمرو بن عوف المزني، ولم يرو عنه من وجه قوي ولا ضعيف خلاف هذا، وهو أولى ما عمل به
…
)) المغني، 3/ 271 - 272، وانظر: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 5/ 342.