الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نقله القاضي عياض. وأما الجذع من الضأن فمذهبنا ومذهب العلماء كافة يجزئ سواء وجد غيره أم لا، قال الجمهور: هذا الحديث محمول على الاستحباب والأفضل، وتقديره: يستحب لكم أن لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن، وليس فيه تصريح بمنع جذعة الضأن وأنها لا تجزئ بحال، وقد أجمعت الأمة أنه ليس على ظاهره؛ لأن الجمهور يجوزون الجذع من الضأن مع وجود غيره وعدمه)) (1).
الشرط الرابع: أن تكون سالمة من العيوب المانعة من الإجزاء
، ومن هذه العيوب ما ثبت في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصابعي أقصر من أصابعه وأناملي أقصر من أنامله، فقال:((أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراءُ البيِّن عورُها (2)، والمريضة
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 13/ 125.
(2)
العوراء البيّن عورها: وهي التي انخسفت عينها أو برزت، فإن كانت عوراء لا تبصر بعينها ولكن عورها غير بين أجزأت والسليمة من ذلك أولى.
البيِّن مرُضها (1)، والعرجاء البيِّن ظلعُها (2)، والكسيرة التي لا تنقى)) (3). قال [الراوي عن البراء] قلت: فإني أكره أن يكون في السن نقص؟ فقال: ((ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد)). وهذا لفظ أبي داود، أما لفظ الترمذي:((لا يُضَحَّى بالعرجاء بيِّن ظلعها، ولا بالعوراء بيِّن عورها، ولا بالمريضة بيِّن مرضها، ولا بالعجفاء التي لا تنقى)). ولفظ النسائي: ((أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيِّن عورها، والمريضة البيِّن مرضها، والعرجاء البيِّن ظلعها، والكسيرة التي لا تنقى)). [قال الراوي عن البراء] قلت: إني أكره أن يكون في القرن نقص، وأن
(1) المريضة البيّن مرضها: وهي التي ظهر عليها آثار المرض، مثل: الحمى التي تقعدها عن الرعي، ومثل: الجرب الظاهر المفسد للحمها، أو المؤثر في صحتها، ونحو ذلك مما يعده الناس مرضاً بيناً، فإن كان فيها كسل أو فتور يمنعها من المرعى، والأكل، أجزأت لكن السلامة منه أولى.
(2)
العرجاء: هي التي لا تستطيع مرافقة السليمة في المشي، فإن كان فيها عرج يسير لا يتبين أجزأت والسلامة منه أولى، والظلع: العرج، والظالع: الغامز في مشيته. انظر: جامع الأصول لابن الأثير، 3/ 334، وأحكام الأضاحي لابن عثيمين، ص34.
(3)
الكسيرة: الهزيلة، والتي لا تنقى: أي التي ليس فيها مخ، أي مخ العظم، انظر: جامع الأصول لابن الأثير، 3/ 334، وأحكام الأضاحي، لابن عثيمين، ص34.
يكون في السن نقص، قال:((ما كرهته فدعه، ولا تحرمه على أحد)). ولفظ ابن ماجه مثل لفظ النسائي إلا أنه قال: إني أكره أن يكون نقص في الأذن، قال:((فما كرهت منه فدعه، ولا تحرمه على أحد)). وفي رواية الموطأ نحو رواية أبي داود، والنسائي، إلى قوله:((لا تنقى)) وجعل بدل الكسيرة ((العجفاء)) (1)(2).
قال الإمام الترمذي رحمه الله: ((والعمل على هذا عند أهل العلم)) (3).
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله عن هذه الأربع المذكورة: ((لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أنها تمنع
(1) العجفاء: هي الكسيرة التي لا تنقى أي الهزيلة الضعيفة، انظر جامع الأصول لابن الأثير، 3/ 335.
(2)
أبو داود، كتاب الضحايا، باب ما يكره من الضحايا، برقم 280، والترمذي، كتاب الأضاحي، باب ما لا يجزئ من الأضاحي، برقم 1497، والنسائي، كتاب الضحايا، باب ما نهي عنه من الأضاحي، برقم 4369، وابن ماجه، كتاب الأضاحي، باب ما يكره أن يضحي به، برقم 4144، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 3/ 676.
(3)
سنن الترمذي، ص364.
الإجزاء)) (1). ويُلحق بهذه الأربع ما كان به عيب أعظم من هذه العيوب؛ فإن عدم إجزائها أولى، كالعمياء التي لا تبصر بعينها؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العوراء البين عورها، ومقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البيِّن ظلعها، وما أصابه سبب الموت: كالمنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع؛ لأن هذه أولى بعدم الإجزاء من المريضة البين مرضها، والعاجزة عن المشي لعاهة- وتسمى: الزمنى - أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البيِّن ظلعها، وغير ذلك من العيوب التي هي أشد من العيوب الأربع المذكورة (2)،وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبدالله ابن باز يقول:((العمياء أشد من العوراء، فما كان أشد من هذه الأربع في العيب، كان عدم إجزائه أولى)) (3).
(1) المغني لابن قدامة، 13/ 369.
(2)
انظر: أحكام الأضاحي لابن عثيمين، ص35 - 36.
(3)
سمعته أثناء تقريره على سنن النسائي، الحديث رقم 4369،وذلك بتاريخ 29/ 6/1417هـ.