الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الثالثة وقائع من عصر النبوة أساءوا فهمها
عمد منكرو حد الردة إلى واقعتين حدثتا في عصر النبوة، ثم أساءوا فهمها وطوعاهما لتصلحا دليلين على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان الناس يرتدون في حياته ولم يقم على أحد منهم حد الردة فيقتله وتلكما الواقعتان هما:
الأعرابي الذي طلب الإقالة من البيعة
جاء في صحيحى البخاري ومسلم أن إعرابياً بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم جاءه بعد البيعة وطلب أن يقيله الرسول من بيعته فقال: يا رسول الله أقلني من بيعتي" فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكرر الأعرابي طلب الإقالة ثلاث مرات والرسول يأبى ثم خرج الأعرابي من المدينة".
استدل منكرو حد الردة بهذه الواقعة وقالوا إنها حالة ردة ظاهرة لم يعاقب الرسول صاحبها بالقتل، وتوهموا - بناء على ذلك - أن المرتد لا يجوز قتله، وأن قتل المرتد حد مزعوم - يعني كذباً - لا أصل له في الإسلام.
ولست أدري إن كان هؤلاء المنكرون لحد الردة جاهلين أم متجاهلين والمتبادر إلى الذهن أنهم معاندون يعرفون الحق ثم ينكرونه. وهم
يخضعون النصوص والوقائع طوعاً لهواهم على طريق من يستدل على أن الصلاة حرام بقوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ....} ولا يذكر {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ؟!
فقد جاء في فتح الباري لابن حجر، وكذلك شرح النووى لصحيح مسلم أن الرجل طلب أن يقيله الرسول من البقاء معه في المدينة لا من الإسلام حتى يكون مرتداً وذلك لإن البيعة تقتضي أن يمكث المبايع بالمدنية ولا يخرج منها. وهذا الأعرابي كما جاء في الحديث المذكور لما جاء إلى المدينة من البادية وأسلم وأقام بالمدينة أصابه وَعْك أي حُمى بسبب تغيير الجو على حد تعبيرنا الآن، فذهب إلى الرسول ليأذن له في الخروج من المدينة والعودة إلى البادية التي اعتاد الإقامة فيها ولكن الرسول لم يأذن له في أي مرة من المرات الثلاث. فالأعرابي لم يرتد قط كما ترى، ولكن ظل مسلماً حتى بعد خروجه من المدينة بلا إذن. ولم ينكر أحد هذا التوجيه سوى القاضي هياض، وقد استبعد النووى في شرح مسلم أن يكون الأعرابي طلب الردة عن الإسلام ويؤكد هذا أن الأهرابي كان يقول في كل مرة:
"يا رسول الله. اقلني من بيعتي" فلو كان مرتداً ما كان يقول يا رسول الله. هذه واحدة
والثانية: إنه لو كان مرتداً لما حرص على الحصول على الإذن من