الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى الحاكم بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"يوشك أن يقعد الرجل منكم على أريكته يُحَدَّثُ بحديثي، فيقول بيني وبينكم كتاب الله. فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، وإنما حرَّم رسول الله كما حرَّم الله".
فالرسول - هنا - يسوَّى بين الأمرين معاً: ما شرعه الله للناس وما شرعه هو بإذن الله؛ لأنه لا ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى، وقد جاء في بعض الروايات:"ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" وبعد هذه التوجيهات - ومثلها كثير - ينبغي على المسلم أن يُسلم بكل ما صحت روايته وسلم معناه واعتمده رجال الحديث والفقه في أدلة الأحكام. ووما تنبغي الإشارة إليه هنا أن إنكار مصدرية السنة في التشريع هدف أصيل من أهداف المبشرين ضد الإسلام وتلاميذهم المستشرقين وعملائهم الجهلة.
صلة السنة بالكتاب
الإسلامُ ليس هو القرآن وحده، ولكنه القرآن والسنة معاً. ولولا السنة لاستغلق القرآن ولما استطاعت الأمة أن تعرف طريقها إلى الله في كثير من الأمور، ومنها العبادات والمعاملات.
والله يقول لرسوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ
…
} النحل (44) .
وقد وضح الإمام الشافعي في كتابه: "جماع العلم" صلة السنة بالكتاب وجعلها أقساماً ثلاثة، ثم تابعه علماء الأصول من بعده، وتلك الأقسام في إيجاز:
1-
السنة المقررة لما في الكتاب كتحريم الظلم وعقوق الوالدين، وأكل أموال الناس بالباطل وشناعة الزنى، والمعاملات الربوية.
2-
السنة الشارحة لبعض ما ورد في الكتاب، مثل بيان كيفية الصلوات، وعدد ركعات كل فريضة. وبيان نصاب الزكاة والأنواع التي تجب فيها.... إلخ.
3-
السنة المشرعة، مثل فرض زكاة الفطر، وتحريم الحمر الأهلية، ونكاح المتعة، ونكاح البنت وعمتها أو خالتها في عصمة واحدة، وتحريم القرابة الرضاعية كتحريم قرابة النسب، وتحريم أن يهجر المسلم أخاه فوق ثلاثة ايام هذا كله موضع اتفاق بين علماء الأمة الذين يعتبر بقولهم ومن السنة المشرعة تحديد عقوبة المرتد، وهي القتا بلا خلاف بين الفقهاء.
فالسنة بمنزلة المذكرات التفسيرية لنصوص القوانين الكلية مثلما هو معروف بين رجال القانون الآن مع فارق كبير بين السنة وما تفسره، وبين القوانين ومايوضع لها من شروح وتفسيرات. وإنما قلنا إن السنة بمنزلة المذكرات الشارحة للقوانين قصداً للتوضيح لا المماثلة من كل وجه.
ولسنا ندري ايجهل منكرو حد الردة الوارد في السنة الصحيحة هذه الصلة بين الكتاب العزيز وبين السنة الطاهرة أم هم يتجاهلونها عمداً؟
هل خلا القرآن تماماً من الإشارة إلى عقوبة المرتد؟
جارينا فيما تقدم منكري حد الردة في أن القرآن يخلو تماماً من الإشارة إلى عقوبة المرتد الدنيوية، والتي اتفق الفقهاء على أنها القتل.
ونقول هنا إن في القرآن الكريم آية حملها بعض المفسرين على مقاتلة المرتدين ما لم يتوبوا ويسلموا وهذه الآية هي قوله تعالى:
{قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُون
…
} الفتح: (16) .
في المراد من "قوم أولى بأس شديد أكثر من أربعة وجوه، منا أنهم بنو حنيفة الذين ارتدوا في أخريات حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم أهل اليمامة قوم مسيلمة الكذاب.
إذن فالقرآن لم يخل تماماً من النص على أن عقوبة المرتد هي المقاتلة والقتل. وبهذا يندفع ما تمسك به منكرو السنة حد الردة من أن القرآن لم يحدد عقوبة دنيوية عاجلة للمرتدين سوى حبوط أعمالهم في الدنيا، مع توعدهم بالمصير الأليم يوم القيامة. نقول هذا لا لنرتب عليه تأسيس
حد الردة، إذ يكيفينا تحديدها في السنة القولية والعملية، وإنما نقوله في مواجهة منكري هذا الحد استناداً إلى أن القرآن لم يشر إليه لا من قريب ولا من بعيد.
* * *