المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ عن الأصوات في "الكلام - علم اللغة مقدمة للقارئ العربي

[محمود السعران]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌تقديم

- ‌مقدمة الطبعة الأولى:

- ‌تمهيد

- ‌دراسة اللغة علم

- ‌علم اللغة في الشرق الأدبي

- ‌ صعوبات في الطريق:

- ‌ علم اللغة يدرس "اللغة

- ‌ حول البحث في نشأة اللغة:

- ‌ اللغة "كلام

- ‌ عن طبيعة اللغة "الكلام" وظيفة إنسانية "غير غريزية" و"غير موزونة" الكلام وظيفة ثقافية مكتسبة:

- ‌ اللغة نظام من العلامات الاصطلاحية ذات الدلالات الاصطلاحية

- ‌ علم اللغة يستعين بعلوم أخرى:

- ‌ علم اللغة وعلم النفس:

- ‌ الفلسفة اللغوية:

- ‌علم اللغة انعكاس أو استنباطي

- ‌الباب الثاني: علم الأصوات اللغوية

- ‌مدخل

- ‌ لمحة تاريخية:

- ‌ علم الأصوات اللغوية في صورته الحاضرة:

- ‌ الدراسة الصوتية الآلية:

- ‌ الكتابة الصوتية

- ‌ حاجتنا إلى علم الأصوات اللغوية:

- ‌ من أسباب تخلف دراستنا اللغوية:

- ‌النطق

- ‌أعضاء النطق

- ‌ آلية النطق

- ‌ الصوت الكلامي

- ‌ تصنيف الأصوات:

- ‌ عن الأصوات في "الكلام

- ‌الباب الثالث: النحو

- ‌نحن نفكر بجمل

- ‌من التحليل الفونولوجي إلى التحليل النحوي

- ‌النحو الوصفي

- ‌المورفولوجيا

- ‌ منهج المورفولوجيا ومنهج النظم:

- ‌الفضائل أو الأقسام النحوية

- ‌ عن أصول النحو الصرفي:

- ‌ النحو المقارن:

- ‌الباب الرابع: علم الدلالة أو دراسة المعنى

- ‌قمة الدراسات اللغوية

- ‌ قصور المعنى "القاموسي

- ‌تحصيل المعنى

- ‌ توصيل الكلام أو المضمون المنطقي والمضمون النفسي:

- ‌تغير المعنى

- ‌التغير الانحطاطي أو "الخافض

- ‌التغيير الدلالي والاستعمال النحوي

- ‌ التغير الدلالي والتاريخ الثقافي

- ‌مناهج دراسة المعنى

- ‌نشأة علم الدلالة "ميشيل بيرييل

- ‌ دراسة تغير المعنى بعد برييل:

- ‌ كتابات غير اللغويين:

- ‌من نظرية اللغويين في علم الدلالة

- ‌الباب الخامس: تاريخ الدراسات اللغوية

- ‌العصور القديمة

- ‌ العصور الوسطى وعصر النهضة:

- ‌القرنان الثامن عشر والتاسع عشر

- ‌القرن الثامن عشر

- ‌ القرن التاسع عشر:

- ‌ القرن العشرون

- ‌معجم المصطلحات

- ‌المراجع

- ‌المراجع الإنجليزية

- ‌المراجع الفرنسية:

- ‌المراجع العربية:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌ عن الأصوات في "الكلام

10-

‌ عن الأصوات في "الكلام

":

إن "كلام" أي لغة من اللغات ليس مجموعة من الأصوات المفردة؛ نحن لا نتكلم أصواتا كل منها قائم برأسه، نحن نتكلم "كلمات"، و"جملا"، و"فقرات".

وإذا كانت كلمات كل لغة وجملها ترتد، من الناحية الصوتية، إلى مجموعة محدودة من "الأصوات"، فليس معنى هذا أن الأصوات في الكلمات أو في الكلام المتصل تحتفظ بخصائصها التي نسبناها إليها عندما وصفنا كل صوت على أنه وحدة مستقلة، تلك كانت عملية تجريد لازمة لوصف العناصر أو الوحدات البسيطة التي تتكون منها الكلمات. ولكن ينبغي ألا يصرفنا هذا عن تلك الحقيقة الهامة، ألا وهي أن الصوت في الكلمة، وفي الجملة وفي الجمل يكتسب خصائص جديدة. إن للأصوات فيما بينها "نحوا" خاصا: إن علاقاتها تحكمها قواعد وأصول معينة، فنجد مثلا أن الصوت الفلاني يدغم في الأصوات الفلانية في مواضع معينة، ونجد أن هذا الصوت ينقلب صوتا جديدا إذا وقع في "سياق صوتي" معين، ونجد أن صوتا ثالثا يحذف إذا توافر فيه وفيما يجاوره من أصوات شروط معينة، وقد يظهر لهذا الحذف أثر ما في سواه من الأصوات المجاورة، ونجد أن المطقع الفلاني إذا وقع في هذا الموقع من الكلمة نطق بقوة نَفَس أكبر، وبجهد من الأعضاء أعنف

إلخ.

وسنتحدث الآن عن بعض الخصائص الصوتية التي تظهر في الكلام المتصل.

أ- "البروز" أو "الجهارة" 1:

إننا عندما نستمع إلى أي كلام متصل في أي لغة من اللغات ندرك أن عددا من "المقاطع" أو "الكلمات" يكون أشد "بروزا" من سائر الجملة. هذا "البروز" -أو هذه "الجهارة"- يسببه ارتباط وثيق بين "طول"2 الصوت،

1 prominence.

2 Length.

ص: 156

و"ارتكازه"1، و"درجته"2 و"الوضوح"3 الطبيعي للصوت مفردا. ومعنى هذا أن الصوت يكون "بارزا" عندما يكون "أوضح" و"أطول" و"أعلى""بسبب قوة نفسية أشد" وعندما يتميز من حيث "الدرجة". ومن العسير أن نحكم أي هذه العناصر أهم، فالتأثير العام الذي ندعوه "النبر"4 يرجع في أغلب الأحوال إلى ارتباط اثنين أو أكثر من هذه العوامل. وسنعرِّف فيما يلي بعاملين هامين من هذه العوامل، هي الارتكاز و"الدرجة" أو "التنغيم".

ب- الارتكاز 5:

1-

الارتكاز هو: درجة قوة النفس التي ينطق بها صوت أو مقطع. وليس كل صوت أو مقطع ينطق بنفس الدرجة، فدرجة قوة النفس في نطق الأصوات والمقاطع المختلفة تتفاوت تفاوتا بينا. إن الصوت -أو المقطع- الذي ينطق بارتكاز أكبر يتضمن طاقة أعظم نسبيا، يتضمن من أعضاء النطق الخاصة جهدا أعنف في النطق بالإضافة إلى زيادة قوة النفس. وهكذا فالصوت -أو المقطع- الذي ينطق بارتكاز أكبر من سواه في كلمة من الكلمات، "يبرز" بروزا" موضوعيا من سائر الأصوات، أو المقاطع، التي يجاورها.

وعلى العكس من هذا، عندما تستعمل في نطق صوت، أو مقطع، طاقة أقل نسبيا فهو، تبعا لهذا، أقل برزوا مما يحاوره من الأصوات والمقاطع.

2-

وقد جرى الصوتيون على التمييز بين ثلاث درجات رئيسية من "الارتكاز" في الكلام العادي "غير المؤكد"، مع أن الذي يسمع في الكلام أكثر من هذا. هذه الدرجات الثلاث هي:

1 Stress.

2 Pitch.

3 Sonority.

4 Accent.

5 انظر Mac Carthy English Pronunciation pp 150-160

Ward The Phonetics of English pp 165-169

وتحدث الدكتور تمام حسان عن هذه الخاصية تحت اسم "النبر" وأورد النماذج التي تسير عليها العربية في هذا المجال "مناهج البحث في اللغة": ص160-164، ملتزم الطبع والنشر مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1955.

ص: 157

1-

"الارتكاز القوي"1، وتسمى المقاطع التي يقع عليها هذا الارتكاز القوي "قوية الارتكاز"2 أو "ارتكازية" "= مرتكزة2 ليس غير.

2-

"الارتكاز الضعيف"3 وتسمى المقاطع التي تتصف بهذا الارتكاز "ضعيفة الارتكاز"4 أو "غير ارتكازية "= غير مرتكزة"4.

3-

"الارتكاز الثانوية"5 "أو الوسيط"5 وهو درجة من الارتكاز وسط بين الدرجتين السابقتين.

في الكلمات العربية التي على وزن "فاعل" مثل "سامع"، "كاتب"، "قارئ"، "حادث"، و"سامح"، يقع ارتكاز قوي على المقطع الأول. وفي الكلمات التي على وزن "مستفعل" يقع الارتكاز القوي على المقطع "تَ"، مثل:"مستفهم"، "مستقبل".

وفي الكلمات التي على وزن "مفعول" يقع الارتكاز القوي على المقطع المقابل لـ"عُـ" مثل محبوب، مفهو، مضروب6.

3-

وهذه هي وسيلة الدلالة في الكتابة على درجات الارتكاز المختلفة: يدل على المقاطع قوية الارتكاز بوضع العلامة. قبلها مباشرة، ويدل على المقاطع ثانوية الارتكاز بوضع العلامة قبلها مباشرة، أما المقاطع ضعيفة الارتكاز فتترك بلا علامة. وأما الارتكاز الإضافي الذي أتى للتأكيد فيدل عليه بوضع العلامة"

قبل المقطع الخاص مباشرة.

وهذه أمثلة من الإنجليزية7: Photography تنطق بارتكاز قوي على المقطع الأول بمثل هذا هكذا Photograph، وكلمة Photograpy تنطق بارتكاز قوي

1 Strong tress.

2 Strongly Stressed Strssed.

3 Weak stress.

4 Weakly stressed unstressed

5 Secondary stress

6 انظر تفصيلات النماذج العربية في كتاب الدكتور تمام حسان "مناهج البحث في اللغة ص160-164".

7 لم نرمز إلى أصوات الكلمات التي مثلنا بها بالحروف الصوتية الخاصة لأن هذه الحروف غير متوافرة في المطابع العربية.

ص: 158

على المقطع الثاني فيكون تمثل ذلك في الكتابة على هذا الوجه Photography، أما كلمة Photograpic فتنطق بارتكاز متوسط "أو ثانوية" على المقطع الأول وبارتكاز قوي على المقطع الثالث فتمثل كتابة بهذه الصورة: Photographic.

4-

عندما يقع ارتكاز على مقطع، أو أكثر، من كلمة من الكلمات، عندما تنطق مفردة، يوصف هذا الارتكاز بأنه "ارتكاز كلمة"1. ولكن هذا الارتكاز غالبا ما يعدل بتأثير ما يسمى "ارتكاز الجملة"2. وهذا يعتمد على الأغلب الأعم على الأهمية النسبية للكلمات في الجملة، كما يعتمد على "الإيقاع"3 كذلك.

5-

ومن اللغات ما يعتمد على تغيير موضع الارتكاز لتغيير معنى الكلمة، وفي الإنجليزية مثلا كلمات كثيرة إذا نطقت بارتكاز قوي على المقطع الأول كانت أسماء فإذا نقل الارتكاز القوي على المقطع الثاني صارت أفعالا مثل:

أسماء

أفعال

increase

in،creae

compact

com،pact

subject

sub،ject

accent

ac،cent

conduct

con،duct

وفي أمثال هذه الكلمات الإنجليزية يصحب تغيير موضع الارتكاز تغيير في الصوت الصائت في بعض الكلمات، وإطالة طفيفة فيه في كلمات أخر4.

جـ- التنغيم5

إن "التنغيم" هو المصطلح الصوتي الدال على الارتفاع "= الصعود" والانخفاض "= والهبوط" في "درجة"6 "الجهر7 في الكلام. وهذا التغير في

1 Word - stress.

2 Sentence - stress.

3 Rhythm.

4 انظر lda Ward pp. 181-184.

5 lntonation.

6 Pitch.

7 voice.

ص: 159

"الدرجة" يرجع إلى التغير في نسبة ذبذبة الوترين الصوتيين، هذه الذبذبة التي تحدث "نغمة"1 موسيقية. ولذلك فالتنغيم يدل على العنصر الموسيقي في الكلام، يدل على "لحن"2 الكلام. ولكل لغة عادتها التنغيمية أو "لحونها"، ونحن عندما نتعلم لغة أجنبية نفرض عاداتنا التنغيمية على اللغة الجديدة، ويصعب علينا أن نتعلم اللحون الجديدة. بل إن "التنغيم" ليختلف من فرد إلى فرد، بين متكلمي لغة من اللغات شيئا من الاختلاف، وإنه ليختلف اختلافا أشد من هذا من إقليم إلى إقليم، فغالبا ما يميز كل إقليم لحن كلام.

إن التغييرات الموسيقية في الكلام، التي ندعوها "التنغيم"، تستعملها اللغات المختلفة استعمالات مختلفة. فعن طريق هذه التغييرات يتوسل كثير من اللغات إلى التعبير عن الحالات النفسية المختلفة، وعن المشاعر والانفعالات، فتستعمل تنغيما خاصا لكل من الرضا والغضب، والدهش والاحتقار إلى آخره. ومن اللغات كالفرنسية مثلا، ما يحول معنى الجملة من الدلالة على التقرير إلى الدلالة على الاستفهام بتغيير التنغيم ليس غير. عبارة ll vient عندما تكون تقريرية بمعنى "هو يأتي" تنطق على "نغمة هابطة" أو "لحن هابط"، فإن كانت سؤالا ll vient بمعنى "هل يأتي؟ " نطقت على "نغمة صاعدة". وثمة أبحاث قيمة مفصلة في بيان الأنواع الأساسية من التنغيم التي تتبعها هذه اللغة أو تلك من اللغات التي عني بجلاء هذا الجانب من جوانبها بعض المحدثين من صوتيين3.

1 Tone.

2 Melody

الفرق بين "النغمة" و"اللحن" أن النغمة" يتصف بها مقطع من المقاطع، فيوصف المقطع الفلاني من الكلمة الفلانية بأن ينطبق بنغمة "صاعدة:"وذلك بأنه ينطق بنغمة "هابطة"، أو مستوية"، أما "اللحن" فهو ما ينشأ عن ترتيب النغمات المتتابعة في المجموعة الكلامية.

3 من ذلك كتاب:

Lilas E Armstrong And lda C Ward A Handbook of English lntonation W Heffer Sons Limited Cambridg Second Edition Rerprinted 1949.

وكتاب:

Helene N Coustenoble and Lilias E Armstrong Studies ln French lntonation W Hef fer Sons Limited Cambride First Edition Rerprinted 1934.

أما فيما يتعلق بالتنغيم في العربية وبوسائل تمثيله كتابة، فانظر: الدكتور تمام حسان: مناهج البحث في اللغة ص164-170.

ص: 160

11-

الفونولوجيا 1 أو علم الأصوات اللغوية الوظيفي 2:

1-

تردد فيما أسلفنا من كلام أن الأصوات التي تستعملها لغة من اللغات إذا كانت محدودة العدد فإن هذا التحديد قائم على أساس تجريدي: فنحن نقول إن: "النون" مثلا صوت أساسي في العربية، ولكن ثمة في الواقع درجات أو "تنوعات" من "النون" بحسب سياقها الصوتي، فالنون في "نهر" من الناحية "الصوتية" الخالصة، أي من حيث تكوينها الفسيولوجي، غير النون في "منك" و"عنك" مثلا، وقد أدرك العرب هذه الظاهرة في النون فسموا النون في مثل "منك" و"عنك""النون الخفيفة".

إن "أصوات" أي لغة من اللغات لا حد لها في واقع الأمر. وإن ما نسميه صوتًا "واحدًا" قد يتردد بنفسه أكثر من مرة في كلمة من الكلمات ولكنه ينطلق في كل مرة بصورة خاصة، فالفتحة الأولى في قولنا:"بَطَرَ" مثلا غير الفتحة الثانية من الناحية الصوتية، وغير الفتحة الثالثة. وثمة اختلافات فردية، بين متكلمي لغة بعينها، مردها إلى اختلافات عضوية أو إلى عادات فردية، ولكن على الرغم مثلا من أن "الصوت الطبيعي" للمرأة "= أي "حس" المرأة" غير "الصوت الطبيعي" للرجل، فإني عندما أسمع صوت امرأة تنطق كلمة "سعادة" أدرك أنها "نفس" الكلمة عندما أسمعها من نطق رجل، وأدرك أنها مكونة من "نفس" الأصوات.

ما الذي يجعلنا نتغاضى عن أمثال هذه التنوعات الفردية، أو الراجعة إلى سياق صوتي معين، فنسوي بين الفتحات الثلاث الواقعة في كلمة "بَطَرَ" مثلا، ونرى فيها شيئا واحدا؟ إن هذه الفتحات -وهي مختلفة من حيث تكوينها- متطابقة من حيث "الوظيفة اللغوية" التي تؤديها.

1 Phonology.

والدكتور تمام حسان في كتابه "مناهج البحث في اللغة" يترجم هذا المصطلح بـ"التشكيل الصوتي "ص111 مثلا" ويترجم Phonological بـ"تشكيلي" أو "تشكيلية"، ونحن نؤثر استعمال "الفونولوجيا" و"فونولوجي" أو "فونولوجية" حتى يظهر مصطلح عربي محدد مرن.

2 Functional Phonetics.

ص: 161

وهذا "التطابق"، من ناحية، بين "التنوعات" أو "الأفراد" الكثيرة لـ "وحدة صوتية" معينة، هو الذي يرد الاصوت الكثيرة المستعملة في لغة من اللغات "محدودة" وهو الذي يمكننا من "تحليل" السلسلة الكلامية إلى "وحدات" متمايزة من حيث الدلالة اللغوية، وعلى هذا الأساس نعتبر الفتحات الثلاث، المختلفة صوتيًا، في كلمة "بطر""تنوعات" و "أفرادا" لنفس "الفونيم"1؛ فإن أي واحدة منها لو وضعت مكان وحدة أخرى في أي كلمة من الكلمات العربية لما تغير معناها.

2-

إن التصور الخاص بالفونيم، بالمعنى الذي قدمناه، تصور جد حديث في علم اللغة وفي علم الأصوات اللغوية، ولعلماء اللغة وعلماء الأصوات اللغوية نظريات متعددة في تحديد "الفونيم" ولكن هذا التمييز بين الأصوات المحسوسة التي لا حصر لها وبين "الوحدات الوظيفية"2 أمر لاحظه جميع من شغل بهذا الموضوع، على خلاف في الدرجة3.

3-

إن "النونات" المختلفة صوتيًا في اللغة العربية لا "تعارض"4 أو لا "تقابل"5 بينها لأننا لا نستطيع أن نغير معنى كلمة بإحلال إحداها محل سواها.

1 phoneme.

2 Functional Units.

3 انظر

- D. Jones: The Phoneme.

J. R. Firth: The Word "Phoneme" Le Maitre Phonetique، No. 46، 1934.

وأعاد الأستاذ فيرث نشر هذا المقال في:

Papers In Linguistics' pp. 1-2.

W. Freeman Twaddell: On Defining the Phoneme. "Language، Monograhp No. 16: 1935

وأعيد نشر هذا البحث في:

Readings In Linguistics: Edited By Martin Joos، pp. 55-80.

Morris Swadesh: The Phonemic Priciple: Language، 10 pp. 117-129:1934.

وأعيد نشر هذا المقال في:

Readings In Linguistics: pp. 32-37.

Bernard Bloch: Phonemic overlapping: American Speedch: 16، pp. 278-284:1941.

وأعيد نشر هذا المقال في:

Readings In....: pp. 93-96.

Bernard Bloch: A set of Postulates for Phonemic Analysis: "Language"، XXIV "1984":

4 pp. 3-36

5 Opposition.

ص: 162

ولكن ثمة "تقابل" في العربية بين التاء و"الدال" مثلا؛ لأننا نقول: "تاء" ثم نحل محل التاء دالا، ولا ندخل أي تغيير آخر على الكلمة، فنقول:"داء"، وهي من كلمات العربية، فالتاء "فونيم" والدال "فونيم". وثمة تقابل في العربية بين "الفتحة" و"الضمة" فكلمة" "كَرَم" اسم في العربية ولكن "كَرُم" فعل، فالفتحة في العربية "فونيم" والضمة "فونيم"، كما أن الكسرة "فونيم" لأننا نقول: "سفر" بمعنى جماعة المسافرين و"سفر" بمعنى الكتاب.

4-

إن أزواج الأصوات التي يحدث بينها "تقابل" تختلف في لغة عنها في أخرى عددا ونوعا، ومن هذا أن السين ومجهوره "الزاي" زوج بينه تقابل في العربية، فنحن نقول:"سار" و"زار"، وهذا التقابل نفسه قائم في الفرنسية، فهذه اللغة تميز بين Baisser "بمعنى "أن ينزل" أو "أن يخفض" أو "أن يهدئ" وبين Baiser "بمعنى "أن يقبل" وهذا التمييز لا يقوم إلا على أساس التقابل بين السين والزاي ليس غير.

ولكن اللغة الإسبانية، مع أنها تعرف صوت "السين" وتعرف صوت "الزاي"، لا تعرف هذا التقابل الذي يتخذ للتفريق بين المعاني؛ وذلك لأن "السين" و"الزاي" في الإسبانية "فر - ان" من فونيم واحد وليسا "وفنيمين" فالفونيم S ينطق مجهورا، أي ينطق زايا، بطريقة آلية لأنها وقعت قبل صامت مجهور هو الميم، والفونوم S نفسه ينطق مهموسا، أي ينطق في سائر الحالات كما في mesa casa وهكذا فاللغة الإسبانية تعرف الفرق من الناحية الصوتية، الخالصة بين السين والزاي، كما تعرفه العربية والفرنسية مثلا، ولكنها لا تستعمل هذا الفرق من الناحية "الفونولوجية" إنها لا تستعمل هذا الفرق في "نظامها الوظيفي"1، لما كانت لا تعرف "التقابل" بين السين والزاي2.

5-

وقد يميز معنى كلمة من كلمة أخرى بغير الوسيلة السابقة: فقد تشترك كلمتان في "الفونيمات" المكونة لكلتيهما، ولكن إحداهما تنطق بلحن "أو تنغيم"

1 Functional System.

2 Bertil Malmberg La phonetique pp 113- 114.

ص: 163

معين، وتنطق الثانية بلحن آخر، ولكل منهما معناها. وهذا كثير في اللغة الصينية وفي بعض لغات وسط إفريقيا.

6-

وفي بعض اللغات تتخذ مدة استمرار الصوت، أي "كميته"1، وسيلة مميزة بين المعاني فاللغة "الإستونية"2 مثلا تستعمل ثلاث درجات من طول الصوائت استعمالا وظيفيا: فالصائت الواحد يأتي "قصيرا"، و"طويلا"، و"بالغ الطول"، فالصائت الأول في كلمة Sada قصير "ومعناها "مائة"، ولكنه طويل في Saada "وهي فعل أمر بمعنى "أرسل"، وهو بالغ الطول في saada "وهي مصدر بمعنى الحصول على أو السماح"3.

ومن علماء الأصوات اللغوية من يطلق كلمة "تونيم"4 "من tone بمعنى "نغمة" على التنغيم عندما يتخذ وسيلة للتمييز بين المعاني. وكلمة "كرونيم"5 على مدة استمرار الصوت عندما تكون وسيلة مميزة. وأكثر علماء أمريكا يدخلون هاتين الوسيلتين مع "الفونيمات" فيسمون الوسيلة الأولى "فونيم نغمة" "= فونيم نغمي"، والوسيلة الثانية "فونيم مدة" "= فونيم كمي".

7-

يتضح مما تقدم أن "التحليل الوظيفي" للأصوات والكلمات مكمل بالضرورة للتحليل الفيزيائي والفسيولوجي للأصوات "والنطوق" عامة، وليس هذا بمغن عن ذاك.

هذا التحليل الوظيفي "أي تحديد المميزات الصوتية في لغة من اللغات، هذه المميزات "الفارقة"، ووضع النظام "الفونيمي" للغة، ونظام الخصائص التي تعرض للفونيمات" تسميه الآن الغالبية من علماء اللغة وعلماء الأصوات اللغوية "الفونولوجيا". و"الفونولوجيا" بهذا المعنى وضع أسسها منذ ما يزيد على ثلاثين سنة جماعة من كبار اللغويين هم المعروفون بـ"مدرسة براغ" أو "جماعة براغ"

1 Quantity.

2 Estonian.

3 Bertil Malmberg La Phonetique، p. 90.

4 Toneme.

5 Chroneme.

ص: 164

اللغوية، أشهرهم "تروبتسكوى"1، و"جاكوبسون"2. ولما كانت "الفونولوجيا" تستعمل، من قبل ومن بعد، في غير هذ المعنى "ومن العلماء من يستعملها مرادفة لكلمة Phonetics" فمن اللغويين من يفضل دلالة على هذا التصور الجديد، استعمال كلمة Phonatique "الفونيميا" -وهذا الاستعمال شائع في الولايات المتحدة الأمريكية بوجه خاص- ويقابلها الفرنسية Phonematique، ومنهم من يؤثر استعمال المصطلح الواضح البسيط Functional Phonetics3، ويقابله بالفرنسية Fonctionelle Phonatique

ولكن الفصل الحاد بين Phonetics و Phonology وهو فصل دعت إليه ودعمته "مدرسة براغ" إذ اعتبرت العلم الأول علما "طبيعيا" يستخدم وسائل آلية، واعتبرت الثاني "علما لغويا" ينبغي ألا يؤدي بنا إلى اعتبار كل من هذين علما مستقلا لا علاقة له بالآخر. ونحن نرتضي في هذا المقام رأي الأستاذ "برتيل مالمبرج" أستاذ علم الأصوات اللغوية بجامعة "لند"4 بالسويد، الذي ذهب إلى أن

1 N. S. Troubetzkoy

ولد تروبتسكوى في 16 إبريل سنة 1890 ومات في الخامس والعشرين من يونيو 1938. وهو روسي الأصل، ولد بموسكو "وكان والده الأمير أستاذا للفلسفة بجامعة موسكو، ومات وهو مدير لهذه الجامعة". هاجر تروبتسكوى "الابن" إلى أوروبا وعين أستاذا بجامعة فيينا. وكان عاملا أساسيا في "جماعة براغ" اللغوية. ونشرت "جماعة براغ" بعد وفاته كتابه المشهور الذي خلفه غير كامل في صورته التي رسمها له وهو:

Grundzuge der Phonologie.

وقد ترجم هذا الكتاب من الألمانية إلى الفرنسية الأستاذ ج. كانتيو باسم J Cantineau

Phonogie " ج. كانتيو Principes De "أصول الفونولوجيا"

Paris Librairie C Klincksiek 1949.

2 Roman Jakobson

انظر الكتاب القيم المشهور، كتاب كنث ل. بايك:

Kenneth L Pike Phonemecs A Techicque for Veducivg Languuages to Writing Univer sity ot Michigan Publications Linguistics Volume lll Ann Arbor Universtiy of Michigan press 1947 "Second printing 1949".

3 انظر محاضرات أندريه مارتينه الأربع التي ألقاها في لندن ونشرت معا:

Andre Martinet phonology As Functional Phonetics London 1949.

4 Lund.

ص: 165

دراسة الظواهر "الصوتية"1 والفسيولوجية الخاصة بالكلام الإنساني ينبغي أن تسير موازية للدراسة "الفونولوجية" وقال مالمبرج:

"إن الفونولوجيا تقرر عدد التقابلات "= المقابلات" المستعملة وما بينها من علاقات متبادلة. أما علم الأصوات اللغوية التجريبي فهو يحدد، بوسائله المختلفة، الطبيعة الفيزيائية والفسيولوجية لما لوحظ من تميزات. إن الدارس التجريبي لن يعرف ما الذي ينبغي عليه أن يفعله دون تحليل اللغوي للنظم، وللوحدات الوظيفية.

ودون التحليل الفيزيائي والفسيولوجي لجميع ظواهر النطق، يجهل اللغوي الطبيعة الحسية للتقابلات "= للمقابلات"المقررة.

إن هذين النوعين من الدراسة يعتمد أحدهما على الآخر، وهما متكاملان. ومن العبث أن نحاول أن نقرر أيهما أفضل من أخيه. وتبعا لهذا يحسن تجميع الدارستين معا تحت التسمية العامة التقليدية "علم الأصوات اللغوية"2.

1 "الصوتية" هنا ترجمة غير دقيقة لكلمة accustiques؛ إذ نستعمل الكلمة نفسها ترجمة لـ phone tiques كذلك ولعل السياق هنا يوضح أن المقصود كل ما يتعلق بالصوت "فيما عدا الناحية الفسيولوجية" من انتقال موجاته في الهواء، ووصوله إلى السامع وأثره السمعي إلخ.

2 Malmberg La Phonetiques pp 115-116

وانظر عن "الفونولوجيا" ما يأتي:

Charles F Hockett A system of Ddescriptive Phonology Language No 18.3 -211942

وقد أعيد نشر هذا المقال في:

Readings ln Linguistics pp 97-108

Charles F Hockett A Manual Of Phonology lnternational Journal Of American Lin guistics XXl 1955.

ص: 166