الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفضائل أو الأقسام النحوية
…
د- الفصائل، أو، الأقسام، النحوية 1:
1-
رأينا أن "المورفيمات" تعبر عن "معان" نحوية كالجنس "مذكر: مؤنث، مذكر: مؤنث: محايد"، والعدد "مفرد: مثنى: جمع، مفرد: جمع"، والشخص، "متكلم: مخاطب: غائب، إلخ"، وزمن الفعل "ماض: حاضر: مستقبل
…
إلخ" والمكية "= الإضافة أو التبعية" إلخ.
هذه المعاني، وأمثالها، تسمى "الفصائل النحوية" وهي متعددة متنوعة مختلفة عددا ونوعا باختلاف اللغات، ولذلك فعلى الباحث ألا يتوقع أن يجد في اللغة الأجنبية التي يدرسها، إن كان يدرس لغة غير لغته، نفس الفصائل النحوية عددا ونوعا: قد يجد في اللغة موضع الدرس فصائل نحوية جديدة. والمعول في تحديد الفصائل، كالمعول في الدرسة النحوية عامة، إنما هو على ما يؤديه الكلام من وظيفة، وعلى الشكل الذي تتخذه الكلمات فيما بينها.
كما أن تاريخ اللغات يظهر أن عنصرا من عناصر فصيلة من الفصائل كزمن من أزمان الفعل مثلا قد ينتهي استعماله في عصر من العصور، وقد يظهر زمن فعلى جديد2.
ولكن مع أن "الفصائل النحوية" نسبية تبعا للغات فإن "المورفولوجيا العامة" ترى من واجبها أن تصنف هذه الفصائل، وأن تصل إلى "ماهيتها" فذلك أساس معين في تكوين النظرية العامة في اللغة وفي تطورها.
قال بلومفيلد: "إن على لغويي المستقبل واجبا هو أن يقارنوا بين الفصائل النحوية الخاصة بلغات مختلفة، وأن يحددوا الخصائص "= السمات" العالمية أو على الأقل تلك المنتشرة انتشارا واسعا"3. ولا يزال علماء اللغة يرددون حتى
1 Grammatical Categories
انظر فندريس: اللغة ص 125-154.
Johv B Carrlll the Study of Language A Survey of Lnguistics Related Discipline in America Harvard University Press Cambridge Third printing Massachusetts 1959 Printed in the Uuited States of America "Copyright 1953" pp 41-42
Bloomfielde Language p 204 pp 260 273
Margarest Schlauch The Gilft of Tongues pp 251-252.
2 انظر مثالا على هذا في كتاب فندريس: اللغة ص125، 126.
3 Bloomfield Language p. 270.
اليوم هذا الكلام نفسه. فهذا الواجب لم يحقق بعد على الوجه المرجو. يقول جون ب. كارول:1 إن تحديد الفصائل النحوية التي تستعملها لغة ما خطوة هامة في الدراسة اللغوية الوصفية. ومنذ أخذ لغويو العرب يحللون لغات تختلف عن النموذج الهندو - أوروبي وهم يدركون أهمية الفصائل النحوية وصلتها بالتفسير النفسي للأحداث اللغوية.
ولكن حتى الآن، لم تسنح الفرصة أمام اللغويين ليعدوا عرضا منهجيا منظما لذلك التنوع في الفصائل النحوية في لغات العالم، وهم عادة يقصرون دراستهم على لغات مختارة. ولكن هذا عمل يجب أداؤه حالا. وإن جانبا كبيرا من المعلومات الخاصة به متوافر ولكنه يحتاج إلى الفحص والتجميع.
2-
ونأخذ الآن في الحديث عن فصيلة نحوية هامة هي "الجنس":
1-
إن "الجنس" اللغوي يجري على "منطق" خاص بمعنى أن الجنس اللغوي لا يطابق الجنس في الواقع الطبيعي، فالاصطلاح وحده هو الذي ذكر "الهواء" وأنث "الأرض" و"السماء" في العربية. "انظر ما قدمناه عن ذلك عند كلامنا عن وصل النحو بالمنطق ص ".
و"الجنس" من الفصائل النحوية الهامة التي تبرز في أكثر اللغات منذ أقدم العصور بروزًا قويًّا: فاستعمال علامات دالة على أن هذا الاسم متميز من ذاك من حيث الجنس أمر كانت تحرص عليه تلك اللغات حرصا بالغا. وأحيانا يكون "الجنس" هو المميز الوحيد بين كلمتين مختلفتين معنى متماثلين من الناحية الصوتية2.
2-
ودراسة "الجنس" دراسة تاريخية، تبين أنه، كالأصوات، وكالمعاني مثلا، خاضع للتغير. وتاريخ اللغات الجرمانية والكلتية مثلا يظهر أن الجنس في هذه اللغات خضع لتغيرات عديدة3.
1 John B Carroll The Study of Language p. 42.
2 من ذلك في الفرنسية: Poids "بوا" بمعنى "الوزن" تنطق مثل Poix "بوا" بمعنى "القارة" وإن اختلفتا كتابة، ولكن الأولى مذكرة فيقال: Le Poids والثانية مؤنثة فيقال la Poix وكذلك le pere بمعنى "الأب" لا تتميز من La paire بمعنى "الزوج". من حيث العدد إلا من حيث الجنس. وكذلك la livre بمعنى الكتاب تتميز من la livre بمعنى "الرطل" أو "الجنيه" بالجنس وحده. "فندريس "اللغة" ص127".
3 ذكر فندريس "اللغة ص127، 128" أن من الكلمات الفرنسية التي تنتهي بنهاية مؤنثة ولكن اللغة الفرنسية السليمة تعاملها معاملة الذكر، ما يستعمل مونثا في اللغة الدارجة وذلك مثل exercice "تمرين". orage "عاصفة" ouvrage "عمل". وذكر أن الكلمتين Prophete "نبي" Pape "بابا= رئيس ديني" استعملتا مؤنثتين في العصور الوسطى بسبب ما في آخرهما من نهاية مؤنثة.
3-
وواضح أن اللغات لا تسير على نمط واحد في التمييز بين الأسماء من حيث الجنس، فإذا كانت العربية لا تميز إلا بين مذكر ومؤنث، فالإغريقية تقابل المذكر بالمؤنث بـ"المحايد".
1-
وإذا نظرنا إلى الأسماء العربية وجدنا أن منها ما لا يدل على تأنيثه أي علامة تصحبه، وأن منها ما يعين على تحديد جنسه علامة تلحقه هي تلك التي نسميها علامة التأنيث: كالهاء في "ثمرة" و"كلمة"، وألف التأنيث في "حبلى"، وألف التأنيث الممدودة في "زرقاء". ولكن هذه العلامات مع ذلك ليست علامات محددة بطريقة قاطعة، فليس كل اسم عربي ينتهي بالهاء مؤنثا، فـ"معاوية" علم على رجل، ونحن نقول:"قال معاوية" لا "قالت معاوية"، وليس كل اسم ينتهي بألف مقصورة مؤنثا فـ"الهوى" و"الجوى" مذكران. وما كل اسم مختوم بألف ممدودة يعامل معاملة المؤنث في لغتنا فـ"الهباء" و"الفناء" و"الغباء" كلمات مذكرة.
والاسم المذكر لا تصحبه علامة تحدد تذكيره فإن قلنا إن خلوه من علامة التأنيث هو نفسه علامة، ورد الاعتراض السابق وهو أن بعض الأسماء المذكرة تظهر فيها "علامات" هي من الناحية الشكلية نفس "العلامات" التي تظهر في بعض الأسماء المؤنثة. وحتى العلامات الإعرابية الخاصة التي تصحب بعض الأسماء المؤنثة، كالمنع من الصرف ليست مطردة، فإن منع "حمراء" مثلا من الصرف لا يكون إلا في حالتي عدم إضافتها، وعدم تعريفها بالألف واللام.
إن العلامات الشكلية التي تحدد تذكير الاسم أو تأنيثه في العربية تتحدد أساسا في "الإسناد" و"الصفة" فالذي يبين أن "السماء" مذكرة أو مؤنثة هو وصفها كأن نقول: "السماء الصافية" لا "الصافي". أو الإخبار عنها كأن نقول: "أمطرت السماء" لا "أمطر".
2-
والفرنسية الحديثة لا يحدد فيها تذكير الاسم أو تأنيثه علامة شكلية تلحق الاسم: إن الأداة والصفة اللتين تصحبان الاسم هما اللتان تختلفان