الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرنان الثامن عشر والتاسع عشر
القرن الثامن عشر
…
3-
القرنان الثامن عشر والتاسع عشر:
أ- القرن الثامن عشر:
1-
في سنة 1777 ابتدع فردريك أوجست ولف1 النقد المقارن للنصوص القديمة واستمرت عنايته به من بعد. وكانت غاية هذا الاتجاه إعادة بناء النصوص الأصلية وتفسيرها، أي أن فردريك ولف لم يمارس الدراسات اللغوية لفائدة اللغة نفسها ولكن لفائدة النصوص، كان يدرس لغة هذا الأديب أو ذاك للكشف عن أسرار عبقريته الأدبية، ولفهمها فهما أسلم. وواضح أن هذه الدراسة كانت قائمة على النصوص المكتوبة، أما اللغة الملفوظة فلم يكن لها دخل في مجال دارسته. ومع ذلك، فهذا الاتجاه في الدراسة اللغوية لم يكن يسعى، كما كانت تسعى الدراسة اللغوية السابقة إلى الكشف عن الطرق الصحيحة من التعبير، وتعليمها، بل كان يسعى إلى إدراك الحالة الحقيقية للغة كما تبدو في النصوص موضع الدراسة.
2-
وكان أهم حدث لغوي في القرن الثامن عشر هو كشف سير وليام جونز2 الإنجليزي سنة 1786 للغة السنسكريتية، وللعلاقة بينها وبين اليونانية واللاتينية. وهكذا أخذ العلماء في مقارنة اللغة الهندية والإيرانية والأوروبية "اللاتينية واليونانية والكلتية والجرمانية".
كان لهذا الكشف نتائج بالغة الأثر في سير الدراسات اللغوية، وفي النهضة اللغوية الحديثة. نتج عن معرفة اللغة السنسكريتية إدراك العلاقة بينها وبين اللغة اللاتينية وما تفرع عنهما من لغات. وهكذا أخذ العلماء يتكلمون عن مجموعة اللغات التي سموها عائلة اللغات الهندو - أوروبية3. ولكن شيئا أجل من هذا نتج
1 Ferderic - Auguste Wolff.
2 Sir William Jones.
3 إن العلاقة بين اليونانية واللاتينية كانت ملحوظة قبل الكشف عن السنسكريتية ولكن تفصيل العلاقات القائمة بينهما لم يكن مفهوما، فلما دخلت اللغة السنسكريتية في مجال الملاحظة اتضحت العلاقات بين اليونانية واللاتينية =
عن كشف اللغة السنسكريتية، وهو اطلاع لغويي أوروبا وأمريكا على التراث الرائع النحوي والصوتي الذي خلفه العلماء الهنود. وقد ترجم جانب كبير من هذا التراث إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية.
ويميل أكثر مؤرخي الدراسات اللغوية الحديثة إلى أعمال النحاة السنسكريتيين هي التي أوقفت النحاة الغربيين على أقدامهم. ولقد اطلع علماء الغرب على نحو للغة السنسكريتية لا يقوم على أسس من الفلسفة والمنطق كنحو اليونان لليونانية ونحو تلامذتهم المخلصين الرومان للاتينية، وكأنحائهم هم أنفسهم للغاتهم الأوروبية، هذه الأنحاء التي تأثروا فيها بالنحو اللاتيني خاصة.
كان نحو السنسكريتية، كما يظهر عند بانيني1، وهو سيبويه السنسكريتية "أو سيبويه هو بانيني العربية"، نحوا وصفيا من الطراز الأول.
واطلع لغويو الغرب كذلك على وصف الهنود لأصوات السنسكريتية وصفا لا يقوم على الأثر السمعي للأصوت بل يقوم على أسس فسيولوجية.
كان إيحاء النحو السنسكريتي لا يزال إيحاء خصبا خلاقا.. وسنرى أن أكبر لغويي القرن التاسع عشر أوائل القرن العشرين في جوهرهم علماء في اللغة السنسكريتية، وذلك مثل وليام هويتني الأمريكي.
= ومن ذلك أن الترابط القائم بين الصور الآتية:
يوناني
…
لاتيني
genos
…
genus
geneos
…
generis
genea
…
geunera
لم يكن يؤيد أي استنتاج، فلما ظهرت القائمة السنسكريتية المقابلة لهاتين القائمتين اتضحت لأول لمحة العلاقات القائمة بين هذه اللغات الثلاث، والقائمة السنسكريتية وهي:
ganas
ganasas
ganassu
يتضح من النظر في هذه القوائم الثلاث أن صوت الـ"S" في الهندو - أوروبية الأصلية استمر موجودا في السنسكريتية، بينما لم يحفظ في اليونانية واللاتينية إلا في النهاية، وأنه بين صوتين صائتين يظهر في اللاتينية على هيئة صوت الـ"r" بينما يختفي كلية في اليونانية.
Warburg Probleme Et Methodes pp. 2-3.
1 Panini.