الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله إلا الراسخون في العلم. ولا ريب أن ذلك- مما اختلفوا فيه- قليل لا كثير (1).
4 - لا يدخل التشابه قواعد الشرع الكلية:
لا يدخل التشابه بالمعنى الذي قررناه في قواعد الشرع الكلية التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية، كربوبيته تعالى، وتنزهه عن النقائص، وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم فيما بلغه إلى خلقه، وحقية ما أخبر به من اليوم الآخر، وكون هذه الشريعة الإسلامية الغراء حقّا من عند الله تعالى.
هذه الأصول الكلية وما إليها لا إجمال فيها ولا خفاء، كما هي خصيصة المتشابه. وفي بيان ذلك يقول الشاطبي:" التشابه لا يقع في القواعد الكلية، وإنما يقع في الفروع الجزئية. والدليل على ذلك من وجهين:
أحدهما: الاستقراء أن الأمر كذلك.
والثاني: أن الأصول لو دخلها التشابه؛ لكان أكثر الشريعة من المتشابه.
وهذا باطل. وبيان ذلك: أن الفرع مبني على أصله .. يصح بصحته، ويفسد بفساده، ويتضح بإيضاحه، ويخفى بخفائه. وعلى الجملة .. فكل وصف في الأصل مثبت في الفرع؛ إذ كل فرع فيه ما في الأصل. وذلك يقتضي أن الفروع المبنية على الأصول المتشابهة متشابهة. ومعلوم أن الأصول منوط- مرتبط- بعضها ببعض في التفريع عليها، فلو وقع في أصل من الأصول اشتباه؛ لزم سريانه في جميعها، فلا يكون المحكم أمّ الكتاب. لكن ثبت أنه كذلك؛ فدل على أن المتشابه لا
(1) الموافقات، 3/ 87 وما بعدها، ورسالة المحكم والمتشابه، ص 84، 85.
يكون في شيء من الأصول- وهي القواعد الكلية- .. سواء في ذلك ما كان في أصول الأعمال، أو أصول الاعتقادات.
فإن قيل: فقد وقع في الأصول أيضا .. فإن أكثر الزائغين عن الحق إنما زاغوا في الأصول لا في الفروع! ولو كان زيغهم في الفروع؛ لكان الأمر أسهل عليهم ..
فالجواب: أن المراد ب" الأصول" هو القواعد الكلية .. كانت في أصول الدين، أو في أصول الفقه، أو في غير ذلك من معاني الشريعة الكلية لا الجزئية.
وعند ذلك لا نسلّم أن التشابه وقع فيها البتة، وإنما في فروعها. فالآيات الموهمة للتشبيه؛ والأحاديث التي جاءت مثلها، فروع عن أصل التنزيه، الذي هو قاعدة من قواعد العلم الإلهي" ..
ثم قال: .. " فإذا اعتبر هذا المعنى؛ لم يوجد التشابه في قاعدة كلية، ولا في أصل عام. اللهم إلا أن يؤخذ التشابه على أنه الإضافي .. فعند ذلك [لا](1) فرق بين الأصول والفروع في ذلك. ومن تلك الجهة حصل في العقائد الزيغ والضلال. وليس هو المقصود هنا إنما المقصود بنفيه عن الأصول هو التشابه الحقيقي، ولا هو مقصود وصريح اللفظ .. وإن كان مقصودا بالمعنى؛ لأنه تعالى
(1) علّق المحقق الشيخ عبد الله دراز هنا بأن: المقصود أنك إذا أخذت هنا التشابه بالمعنى الإضافي لم يكن ثمة فرق بين الأصول والفروع. وعلى هذا الفهم يكون قد سقط من عبارة" الموافقات" حرف" لا"، وأصل الكلام:" فعند ذلك لا فرق بين الأصول
…
".