الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6) القرآن فيه بيان كل شيء ولو بنوعه أو بجنسه
يقرر الشيخ الشاطبي أن القرآن فيه بيان كل شيء؛ لأن تعريفه بالأحكام الشرعية أكثره كلي أو جزئي مأخوذ على الكلية .. إما بالاعتبار، أو بمعنى الأصل (القياس).
واستدل على ذلك بأمور:
أولا: النصوص القرآنية، من نحو قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [سورة المائدة: 3]، وقوله: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ [سورة النحل: 89]، إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [سورة الإسراء: 9]، يعني الطريقة المستقيمة (وهي النظام الكامل في معاملة الخالق والخلق).
ثانيا: ما جاء في الأحاديث والآثار المؤذنة بذلك المعنى (1).
ثالثا: التجربة، وهو أنه لا أحد من العلماء لجأ إلى القرآن في مسألة إلا وجد لها فيه أصلا. وأقرب الطوائف من إعواز المسائل النازلة أهل الظواهر، الذين ينكرون القياس، ولم يثبت عنهم أنهم عجزوا عن الدليل في مسألة من المسائل.
ثم ذكر اعتراضا وأجاب عنه فقال:" ولقائل أن يقول: إن هذا غير صحيح؛ لما ثبت في الشريعة من المسائل والقواعد غير الموجودة في القرآن، وإنما وجدت في السنة".
(1) ذكر الشاطبي طرفا من هذه الأحاديث، فانظرها- إن شئت- في الموافقات.
ثم قال:" والجواب مذكور في الدليل الثاني، وهو السنة" .. وعصارته: أن القرآن دال على السنة حيث كان متضمنا لكلياتها في الجملة، وإن كانت بيانا له في التفصيل.
وبيان ذلك: أن امرأة من بني أسد أتت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقالت له:
بلغني أنك لعنت كذا وكذا .. وإنني قد قرأت ما بين اللوحين، فلم أجد الذي تقول!
فقال لها عبد الله: أما قرأتي قوله تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ [سورة الحشر: 7]؟
قالت: بلى.
قال: فهو ذاك. إلى غير ذلك من الأمثلة التي ذكرها الشاطبي (1). ثم قال:
" وعلى هذا .. لا بدّ في كل مسألة يراد تحصيل علمها على أكمل الوجوه أن يلتفت إلى أصلها في القرآن .. فإن وجدت منصوصا على عينها، أو ذكر نوعها، أو جنسها؛ فذاك. وإلا .. فمراتب النظر فيها متعددة"(2).
(1) انظر: الموافقات، 3/ 366، 4/ 24 وما بعدها.
(2)
الموافقات، 3/ 375.