الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملبس
قال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)} [الأعراف: 26].
واللباس له أغراض أهمها ستر العورة وما يُستحيا من كشفه، والوقاية من الحر والبرد والتجمل وهو الرياش المذكور في الآية.
وقد جاءت الشريعة بتوجيهات عظيمة في أمر اللباس، ولا شك أن التقيد بها يعود بالنفع على حفظ صحة الأبدان والعقول، ودفع الضرر عنها، فجاءت الشريعة بتحريم الحرير على الرجل، قال ابن القيم رحمه الله: «وأجاب بعضهم بأن الشريعة حرمته لتصبر النفوس عنه، وتتركه للَّه، فيثاب على ذلك، لا سيما ولها عوض عنه بغيره، ومنهم من يجيب عنه بأنه خلق في الأصل للنساء كالحلية بالذهب، فحرم على الرجال لما فيه من مفسدة تشبه الرجال بالنساء، ومنهم من قال: حرم لما يورثه من الفخر والخيلاء والعجب، ومنهم من قال: حرم لما يورث ملابسته
للبدن من الأنوثية والتخنيث وضد الشهامة والرجولية، فإن لبسه يكسب القلب صفة من صفات الإناث - إلى أن قال:
ولهذا كان أصح القولين أنه يحرم على الولي أن يلبسه الصبي لما ينشأ عليه من صفات أهل التأنيث»
(1)
.
وجاءت الشريعة بتحريم الإسبال، قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله وهو يتحدث عن الإسبال:«والأحاديث في المعنى كثيرة، وهي تدل على تحريم الإسبال مطلقًا، ولو زعم صاحبه أنه لم يرد التكبر والخيلاء؛ لأن ذلك وسيلة للتكبر، ولما في ذلك من الإسراف، وتعريض الملابس إلى النجاسات والأوساخ»
(2)
.
وأرشدت الشريعة إلى اختيار البياض من اللباس مع جواز غيره، فقد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ»
(3)
، وفي رواية:«الْبَسُوا الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا أَطَهَرَ وَأْطَيَبَ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ»
(4)
.
قال الطيبي: «لأن البياض أكثر تأثرًا من الثياب الملونة فتكون أكثر غسلًا منها، فتكون أطهر وأطيب أي أحسن طبعًا أو
(1)
زاد المعاد (4/ 110 - 111).
(2)
مجموع الفتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله (5/ 380).
(3)
سنن أبي داود برقم 4061، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (2/ 766) برقم 3426.
(4)
سنن الترمذي رقم 2810، وقال: هذا حديث حسن.
شرعا، ويمكن أن يكون تأكيدًا لما قبله، لكن التأسيس أولى من التأكيد. وقيل أطيب لدلالته غالبًا على التواضع، وعدم الكبر والخيلاء والعجب وسائر الأخلاق الطيبة»
(1)
.
وبالجملة فإن التقيد باللباس الشرعي مما يحفظ على العبد صحة قلبه وبدنه، ويدفع الأدواء عنه.
(1)
تحفة الأحوذي للمباركفوري (8/ 99).