الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النظافة
مما لا يخفى على أحد أن نظافة البدن والثوب والمكان مما يدخل السرور على القلب، فيقوى وينشط، فإذا قوي ونشط عاد على الجسم بالصحة والعافية، فقويت فيه أجهزة المناعة التي تدفع العلل والأسقام عنه. وجاءت الشريعة الإسلامية بالحث على النظافة والطهارة، فالوضوء لا يقل عن خمس مرات يوميًّا، وهو نظافة وطهارة للأعضاء التي يكثر ظهورها، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«وَلَنْ يُحَافِظَ عَلَى الوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ»
(1)
، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أَلا أَدلكم عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» ، قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: «إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ
…
» الحديث
(2)
.
أما الغسل فهو تعميم البدن بالماء، فلا أقل من مرة في الأسبوع، وإذا ظهرت من الجسم رائحة العرق المستكرهة، فمطلوب من المسلم تنظيفه بالماء، سواء كان في البدن أو
(1)
جزء من حديث في مسند الإمام أحمد (37/ 60) برقم 22378، وقال محققوه: حديث صحيح.
(2)
صحيح مسلم برقم 251.
الثياب، وبهذا جاءت الشريعة، روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي، فيأتون في الغبار، يصيبهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لَوْ أنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا»
(1)
، وفي رواية «لَوِ اغتَسَلتُمْ»
(2)
.
وروى أبو داود في سننه من حديث محمد بن يحيى بن حبان أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ -أَوْ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدْتُمْ أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ»
(3)
.
ومن كان له شعر لزمه العناية به من النظافة وما يتبعها، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ»
(4)
(5)
.
(1)
صحيح البخاري برقم 902.
(2)
صحيح البخاري برقم 903.
(3)
برقم 1078، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود برقم 953.
(4)
سنن أي داود برقم 4163، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود برقم 3509.
(5)
سنن أبي داود برقم 345، والترمذي برقم 496 وقال: حديث أوس بن أوس حديث حسن، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود برقم 333.
ومما جاءت به الشريعة الإسلامية المحافظة على خصال الفطرة، وفيها من النظافة والطهارة لمن حافظ عليها من صحة الأبدان والعقول ما لا يحصى كثرة، فضلاً عما يكسبه من الأجور في الدنيا والآخرة.
روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ البَرَاجِمِ
(1)
، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ العَانَةِ، وَانْتِقَاصُ المَاءِ»، قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة. زاد قتيبة: وقال وكيع: انتقاص الماء يعني الاستنجاء
(2)
.
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ»
(3)
.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بنظافة البدن ورائحته، وحث أمته على ذلك، روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي - أَوْ عَلَى النَّاسِ -
(1)
غسل البراجم: قال النووي هي سنة مستقلة ليست مختصة بالوضوء، والبراجم بفتح الباء، وبالجيم: جمع برجمة بضم الباء والجيم، وهي عقد الأصابع ومفاصلها كلها، قال العلماء: ويلحق بالبراجم ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن وهو الصماغ فيزيله بالمسح لأنه ربما أضرته كثرته بالسمع، وكذلك ما يجتمع في داخل الأنف، وكذلك جميع الوسخ المجتمع على أي موضع كان من البدن بالعرق والغبار ونحوهما. شرح صحيح مسلم (3/ 141).
(2)
برقم 261.
(3)
برقم 223.
لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ»
(1)
. وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك
(2)
. وقال صلى الله عليه وسلم: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ»
(3)
وقد قام باحثون بعمل أبحاث وتوصلوا إلى أن عصارة السواك تحتوي على مضادات طبيعية للبكتيريا المسببة لتسوس الأسنان وأمراض اللثة، وأن الذين يستخدمون السواك أقل عرضة للإصابة بتسوس الأسنان وأمراض اللثة من الذين لا يستخدمونه .. وغيرها من الفوائد
(4)
.
أما نظافة الثياب فإن اللَّه تعالى قال: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} [المدثر: 4]، قال محمد بن سيرين: أي اغسلها بالماء.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث جابر رضي الله عنه قال: أتانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زائرًا في منزلنا، فرأى رجلًا شعثًا فقال:«أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ رَأْسَهُ» ، ورأى رجلًا عليه ثياب وسخة فقال:«أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يَغْسِلُ بِهِ ثِيَابَهُ» .
(5)
وأما نظافة المكان، فإن الشريعة الإسلامية اشترطت طهارة
(1)
صحيح البخاري برقم 887، وصحيح مسلم برقم 252.
(2)
صحيح البخاري برقم 245، وصحيح مسلم برقم 255.
(3)
صحيح البخاري تعليقًا: باب سواك الرطب واليابس للصائم.
(4)
ومن أراد المزيد من التفاصيل الاطلاع على الرابط:
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC 6362162/ # b 0035
(5)
(23/ 142) برقم 14850، وقال محققوه: إسناده جيد.
المكان لصحة الصلاة، قال تعالى:{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)} [البقرة: 125].
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأمر بها أن تنظف وتطيب»
(1)
.
وحث النبي صلى الله عليه وسلم على تنظيف أفنية البيوت وتطهيرها، حيث قال صلى الله عليه وسلم:«طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ، فَإِنَّ الْيَهُودَ لَا تُطَهِّرُ أَفْنِيَتَهَا»
(2)
.
ومما يتبع النظافة والطهارة استعمال الطيب، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب استعماله ويحث عليه.
فقد روى النسائي في سننه من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حُبِّبَ إلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»
(3)
.
وروى أبو داود في سننه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم سكة
(4)
يتطيب منها
(5)
.
(1)
(43/ 397) برقم 26386، وقال محققوه: حديث صحيح.
(2)
معجم الطبراني في الأوسط برقم 4057، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة 236.
(3)
برقم 3939 وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في مختصر الشمائل المحمدية ص 116 - 117.
(4)
بضم السين وتشديد الكاف وهي طيب أسود يخلط ويعرك ويترك وتظهر رائحته كلما مضى عليه الزمن، ويحتمل أن تكون وعاء يوضع فيه الطيب وهو الظاهر. ويتأكد التعطر للمسلم في يوم الجمعة، والعيدين وعند الإحرام وحضور الجماعة والمحافل وقراءة القرآن والعلم والذكر، مختصر الشمائل المحمدية للألباني ص 117.
(5)
برقم 4162، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (3/ 728) برقم 3680.
وروى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه كان لا يرد الطيب، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب
(1)
.
وروى مسلم في صحيحه عن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا استجمر استجمر بالألوة
(2)
غير مطراة
(3)
وبكافور بطرحه مع الألوة، ثم قال: هكذا كان يستجمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(4)
.
قال ابن مفلح: وللرائحة الطيبة أثر في حفظ الصحة، فإنها غذاء الروح، والروح مطية القوى، والقوى تزداد بالطيب، وهو ينفع الأعضاء الباطنة كالدماغ والقلب، ويسر النفس، وهو أصدق شيء للروح وأشده ملاءمة
(5)
.
قال القاضي عياض: وفيه جواز استعمال البخور للرجال، واستعمال الأرايج الطيبة من جميع وجوهها وأنواع الطيب، وذلك مندوب إليه فى الشريعة لمن قصد به مقاصده، من امتثال أمر نبيه عليه السلام بذلك ليوم الجمعة، والأعياد، ومجامع الناس، ليدفع عن نفسه ما يكره من الروائح، وليدخل على المؤمنين راحة ويدفع عنهم مضرة، وما يوافق الملائكة
(1)
برقم 5929.
(2)
بفتح الهمزة وضمها، والاستجمار استعمال الطيب والتبخر به، قال الأصمعي: الألوة: العود يتبخر به.
(3)
غير مطراة: أي غير ملطخة بخلوق أو طيب غيرها.
(4)
برقم 2254.
(5)
الآداب الشرعية ص 769.
من ذلك فى المساجد، ومظان حلق الذكر وغيرها، وليقوى دماغه، ويصلح خاطره، ويطيب نفسه؛ لتأثير الطيب فى تقوية هذه الأعضاء، وليعينه على ما يحتاج إليه من أمور النساء، فله فى ذلك من التأثير ما لا ينكر، ولتطيب رائحته عند أهله وإخوانه المؤمنين، وتظهر مروءته ونظافته؛ وقد بنى الإسلام على النظافة.
ولا يفعل هذا فخراً أو رياءً واختيالاً بدنياه ومباهاة بوجده، فاللَّه لا يحب كل مختالٍ فخور
(1)
.
(1)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (7/ 195).