الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
ما يحفظ به الصحة ويدفع به الداء
بعد وقوعه من الأدوية الإلهية
من الأدعية والرقى والصدقات ونحوها من الأعمال الصالحة، قال تعالى:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)} [الإسراء: 82]، وقال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)} [يونس: 57]، وقال تعالى:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت: 44].
قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله: «فالقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة، وليس ذلك لكل أحد، وإنما ذلك للمؤمنين به، المصدقين بآياته، العاملين به، وأما الظالمون بعدم التصديق به أو عدم العمل به، فلا تزيدهم آياته إلا خسارًا، إذ به تقوم عليهم الحجة. فالشفاء الذي تضمنه القرآن عام لشفاء القلوب من الشبه والجهالة والآراء الفاسدة والانحراف السيئ، والقصود السيئة، فإنه مشتمل على العلم اليقين الذي تزول به كل شبهة وجهالة، والوعظ والتذكير الذي يزول به كل شهوة تخالف
أمر اللَّه، ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها. وأما الرحمة فإن ما فيه من الأسباب والوسائل التي يحث عليها متى فعلها العبد فاز بالرحمة والسعادة الأبدية والثواب العاجل والآجل»
(1)
.
(2)
.
(1)
تفسير ابن سعدي ص 603.
(2)
انظر: زاد المعاد (4/ 519 - 520).
«ولكن ها هنا أمرٌ لابد من بيانه، وهو أن من شرط انتفاع العليل بالدواء قبوله واعتقاد النفع به، حتى إن كثيرًا من المعالجات تنفع بالاعتقاد وحسن القبول وكمال التلقي، وقد شاهد الناس من ذلك عجائب.
واعتبر هذا بأعظم الأدوية والأشفية، وأنفعها للقلوب والأبدان والمعاش والمعاد والدنيا والآخرة، وهو القرآن الذي هو شفاءٌ من كل داء، كيف لا ينفع القلوب التي لا تعتقد فيه الشفاء والنفع، بل لا يزيدها إلا مرضًا إلى مرضها! وليس لشفاء القلوب قط دواءٌ أنفع من القرآن، فإنه شفاؤها التام الكامل الذي لا يغادر فيها سقمًا إلا أبرأه، ويحفظ عليها صحتها المطلقة، ويحميها الحِمية التامة من كل مؤذٍ ومضر، ومع هذا فإعراض أكثر القلوب عنه، وعدم اعتقادها الجازم الذي لا ريب فيه أنه كذلك، وعدم استعماله، والعدول إلى الأدوية التي ركبها بنو جنسها حال بينها وبين الشفاء به، وغلبت العوائد، واشتد الإعراض، وتمكنت العلل والأدواء المزمنة من القلوب، وتربى بعض المرضى والأطباء على علاج بني جنسهم، فعظم المصاب، واستحكم الداء، وتركبت أمراضٌ وعللٌ أعيا علاجها، ولسان الحال يُنادي:
وَمِنَ العَجَائِبِ وَالعَجَائِبُ جَمَّةٌ
…
قُرْبُ الشِّفَاءِ وَمَا إِلَيْهُ وُصُولُ
كَالعَيْسِ فِي البَيْدَاءِ يَقْتُلُهَا الظَّمَا
…
وَالمَاءُ فَوْقَ ظُهُورِهَا مَحْمُولُ»
(1)
(1)
زاد المعاد (4/ 140 - 141) بتصرف.
قال ابن القيم رحمه الله: «بل ها هنا من الأدوية التي تشفي من الأمراض ما لم يهتد إليها عقول أكابر الأطباء، ولم تصل إليها علومهم وتجاربهم وأقيستهم من الأدوية القلبية والروحانية، وقوة القلب واعتماده على اللَّه، والتوكل عليه والالتجاء إليه، والانطراح والانكسار بين يديه، والتذلل له، والصدقة، والصلاة، والدعاء، والتوبة، والاستغفار، والإحسان إلى الخلق، وإغاثة الملهوف، والتفريج عن المكروب، فإن هذه الأدوية قد جربتها الأمم على اختلاف أديانها ومللها فوجدوا لها من التأثير في الشفاء ما لا يصل إليه علمُ أعلم الأطباء، ولا تجربته ولا قياسه.
وقد جربنا نحن وغيرنا من هذا أمورًا كثيرة، ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدوية الحسية؛ بل تصير الأدوية الحسية عندها بمنزلة أدوية الطرقية عند الأطباء. وهذا جار على قانون الحكمة الإلهية ليس خارجًا عنها، ولكن الأسباب متنوعة، فإن القلب متى اتصل برب العالمين، وخالق الداء والدواء، ومدبر الطبيعة ومصرفها على ما يشاء كانت له أدوية أخرى غير الأدوية التي يعانيها القلب البعيد منه، المعرض عنه، وقد عُلِم أن الأرواح متى قويت وقويت النفس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره، فكيف ينكر لمن قويت طبيعته ونفسه، وفرحت بقربها من بارئها، وأنسها به، وحبها له، وتنعمها بذكره، وانصراف قواها كلها إليه، وجمعها عليه، واستعانتها به، وتوكلها عليه أن يكون ذلك لها من
أكبر الأدوية، وتُوجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية؟ ولا ينكر هذا إلا أجهل الناس، وأغلظهم حجابًا، وأكثفهم نفسًا، وأبعدهم عن اللَّه وعن حقيقة الإنسانية»
(1)
.
روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه ثم قال: «أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا»
(2)
.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا - ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها- «بِاسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ
(3)
بَعْضِنَا يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا»
(4)
.
وروى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه، وأمسحه بيد
(1)
زاد المعاد (4/ 13 - 14).
(2)
برقم 2191.
(3)
قال (جمهور العلماء: أرضنا بريقة) المراد بأرضنا هنا جملة الأرض وقيل أرض المدينة خاصة لبركتها، والريقة أقل من الريق، ومعنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق منه شيء فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل ويقول هذا الكلام في حال المسح. شرح صحيح مسلم للنووي (14/ 404).
(4)
صحيح البخاري برقم 5745، وصحيح مسلم برقم 2194 واللفظ له.
نفسه؛ لأنها كانت أعظم بركة من يدي
(1)
.
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال: «نَعَمْ» ، قال: بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ
(2)
.
وروى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] وبالمعوذتين جميعًا، ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده
(3)
، قالت عائشة رضي الله عنها: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به
(4)
.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً، فجعلوا لهم قطيعًا من الشاء، فجعل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ،
(1)
صحيح البخاري برقم 4439، وصحيح مسلم برقم 2192 واللفظ له.
(2)
برقم 2186.
(3)
ظاهره لزوم ملامسة اليدين للجسد لأنه أبلغ في الانتفاع.
(4)
برقم 5748.
فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوه، فضحك وقال:«وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ»
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله: «من المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام كفضل اللَّه على خلقه، الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة والنور الهادي والرحمة العامة، الذي لو أُنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته.
قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]، ومن ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض، هذا أصح القولين، كقوله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} [الفتح: 29]، وكلهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات. فما الظن بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن ولا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلها، المتضمنة لجميع معاني كتب اللَّه، المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب تعالى ومجامعها - وهي اللَّه والرب والرحمن - وإثبات المعاد، وذكر التوحيدين: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة وطلب الهداية وتخصيصه سبحانه بذلك، وذكر أفضل الدعاء
(1)
صحيح البخاري برقم 5736، وصحيح مسلم برقم 2201.
على الإطلاق وأنفعه وما العباد أحوج شيء إليه، وهو الهداية إلى صراطه المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، والاستقامة عليه إلى الممات. وتتضمن ذكر أصناف الخلائق وانقسامهم إلى منعم عليه بمعرفة الحق والعمل به ومحبته وإيثاره، ومغضوب عليه بعدوله عن الحق بعد معرفته له، وضال بعدم معرفته له؛ وهؤلاء أقسام الخليقة، مع تضمنها لإثبات القدر والشرع، والأسماء والصفات، والمعاد، والنبوات، وتزكية النفوس وإصلاح القلوب، وذكر عدل اللَّه وإحسانه، والرد على جميع أهل البدع والباطل؛ وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من الأدواء، ويرقى بها اللديغ.
وبالجملة، فما تضمنته الفاتحة من إخلاص العبودية، والثناء على اللَّه، وتفويض الأمر كله إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم كلها، وهي الهداية التي تجلب النعم وتدفع النقم من أعظم الأدوية الشافية والكافية.
وقد قيل: إن موضع الرقية منها {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} [الفاتحة: 5]، ولا ريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذ الدواء، فإن فيهما من عموم التفويض والتوكل، والالتجاء والاستعانة، والافتقار والطلب، والجمع بين أعلى الغايات وهي عبادة الرب وحده، وأشرف الوسائل وهي الاستعانة به على
عبادته، ما ليس في غيرها.
ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه، وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بها، آخذ شربة من ماء زمزم، وأقرؤها عليه مرارًا، ثم أشربه، فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثيرٍ من الأوجاع، فأنتفع بها غاية الانتفاع»
(1)
.
قال ابن حجر رحمه الله: «وقد أجمع العلماء على جواز الرقية عند اجتماع ثلاثة شروط:
أن يكون بكلام اللَّه تعالى، أو بأسمائه وصفاته، و باللسان العربي أو بما يعرف معناه بغيره، وأن يعتقد أن الرقية لاتؤثر بذاتها بل بذات اللَّه تعالى»
(2)
.
وروى مسلم في صحيحه من حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: أنه شكا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في جسده منذ أسلم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:«ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ»
(3)
.
وروى أبو داود في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ، فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ
(1)
زاد المعاد (4/ 252 - 254).
(2)
فتح الباري (10/ 195).
(3)
برقم 2202.
مَرَّاتٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ؛ إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ»
(1)
.
وروى أبو داود في سننه من حديث عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ، يَنْكَأُ لَكَ عَدُوًّا أَوْ يَمْشِي لَكَ إِلَى صَلَاةٍ»
(2)
.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له في مرضه، فقال:«اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا - ثَلَاثَ مِرَاتٍ»
(3)
.
ودخل النبي صلى الله عليه وسلم على أعرابي يعوده، قال: «وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال: «لا بَأْسَ طَهُورٌ
(4)
إنْ شَاءَ اللَّهُ»
(5)
.
وروى الإمام أحمد في مسنده: قال أبو التياح: قلت لعبد الرحمن بن خنبش التميمي - وكان كبيرًا -: أدركت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: قلت كيف صنع رسول اللَّه ليلة
(1)
برقم 3106 وأخرجه ابن حبان في صحيحه برقم 2964، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (2/ 600) برقم 2663.
(2)
سنن أبي داود برقم 3107، وصححه ابن حبان في صحيحه برقم 2963، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (2/ 600) برقم 2664.
(3)
صحيح البخاري برقم 5675، وصحيح مسلم برقم 2191.
(4)
طهور: بفتح أوله، أي مرضك مطهر لذنبك إن شاء الله.
(5)
صحيح البخاري برقم 3616.
كادته الشياطين؟ فقال: إن الشياطين تحدرت تلك الليلة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الأودية والشعاب، وفيهم شيطان بيده شعلة نار يريد أن يحرق بها وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فهبط إليه جبريل فقال: يا محمد قل. قال: «مَا أَقُولُ؟» قال: قل: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ، يَا رَحْمَنُ، قَالَ: فَطَفِئَتْ نَارُهُمْ، وَهَزَمَهُمُ اللهُ تبارك وتعالى
(1)
.
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع: «بِاسْمِ اللَّهِ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ»
(2)
(3)
. وعند الموطأ من حديث يحيى بن سعيد أنه قال: بلغني أن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إني أروع في منامي، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «قل: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ
(1)
مسند الإمام أحمد (24/ 200 - 201) برقم 1546، ورواه مالك في الموطأ برقم 2953، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله كما في السلسلة الصحيحة برقم 2995.
(2)
أن يصيبوني بسوء.
(3)
(11/ 296) برقم 6696 وقال محققوه: حديث محتمل للتحسين.
يَحْضُرُونِ»
(1)
.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي أمامة بن سهل ابن حنيف: أن أباه حدثه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَرَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ، اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ، حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ. فَلُبِطَ بِسَهْلٍ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ. قَالَ:«هلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟» ، قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ:«عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ» ، ثُمَّ قَالَ لَهُ:«اغْتَسِلْ لَهُ» ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، ثم يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
(2)
.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عطاء بن أبي رباح أن ابن عباس رضي الله عنهما قال له: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ
(1)
ص 625 برقم 2952، وقال محققه: حسن لغيره.
(2)
(25/ 355 - 356) برقم 15980، وقال محققوه: حديث صحيح.
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ:«إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ» ، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا
(1)
.
(2)
.
قال ابن القيم رحمه الله: «وأما صرع الأرواح
(3)
فعلاجه يكون بأمرين: أمر من جهة المصروع، وأمر من جهة المعالج، فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه، وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ
(1)
صحيح البخاري برقم 5652، وصحيح مسلم برقم 2576.
(2)
فتح الباري (10/ 115).
(3)
يعني بذلك المس وتلبيس الشياطين.
عليه القلب واللسان، فإن هذا نوع محاربةٍ، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحًا في نفسه جيدًا، وأن يكون الساعد قويًّا، فمتى تخلف أحدهما لم يُغن السلاح كبير طائل، فكيف إذا عُدم الأمران جميعًا، يكون القلب خرابًا من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه، ولا سلاح له؟».
والثاني: من جهة المعالج بأن يكون فيه هذان الأمران أيضًا، حتى إن من المعالجين من يكتفي بقوله: اخرج منه، أو يقول: بسم اللَّه، أو يقول: لا حول ولا قوة إلا باللَّه، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:«اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ»
(1)
.
وكان يعالج بآية الكرسي، ويأمر بكثرة قراءة المصروعين ومن يعالجه لها، وبقراءة المعوذتين.
وبالجملة، فهذا النوع من الصرع وعلاجه لا ينكره إلا قليل
(1)
قال محققو زاد المعاد (4/ 92): أخرجه وكيع في الزهد (508) عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن يعلى بن مرة رضي الله عنه به في حديث طويل، وعنه رواه أحمد (17563) مختصرًا، وهنَّاد في الزهد (1341)، وصححه الحاكم (2/ 617)، وتُعقب بأن المنهال لم يسمع من يعلى، وأخرجه أحمد (17565) وعبد ابن حميد (405) من طريق عطاء بن السائب وهو مختلط، عن عبداللَّه بن حفص - وهو مجهول - عن يعلى. وأخرجه ابن أبي شيبة (24031، 24055، 32412) وأحمد (17548) من طريق عبدالرحمن ابن عبدالعزيز عن يعلى بنحوه. قال ابن كثير البداية والنهاية (9/ 15): «فهذه طرق جيدة متعددة تفيد غلبة الظن أو القطع عند المتبحر أن يعلى حدَّث بهذه القصة في الجملة» ، وهو في السلسلة الصحيحة (485). وفي الباب عن عثمان بن أبي العاص والوازع بن الزارع وأسامة بن زيد وجابر بن عبدالله وغيلان بن سلمة وابن عباس رضي الله عنهم.
الحظ من العلم والعقل والمعرفة، وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله يكون من جهة قلة دينهم، وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والتحصنات النبوية والإيمانية، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح معه، وربما كان عريانًا، فتؤثر فيه.
هذا ولو كُشِف الغطاء لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى مع هذه الأرواح الخبيثة، وهي في أسرها وقبضتها، تسوقها حيث شاءت، ولا يمكنها الامتناع عنها ولا مخالفتها، وبها الصرع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلا عند المفارقة والمعاينة، فهناك يتحقق أنه كان هو المصروع حقيقة، واللَّه المستعان»
(1)
.
روى ابن ماجه في سننه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ، فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الْأَجَلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَهُوَ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْمَرِيضِ»
(2)
.
«في الحديث نوع شريف جدًّا من أشرف أنواع العلاج، وهو الإرشاد إلى ما يطيب نفس العليل من الكلام الذي تقوى به النفس، وتنتعش به القوة، فيتساعد على دفع العلة أو تخفيفها
(1)
زاد المعاد (4/ 90 - 94) بتصرف.
(2)
برقم 1438، قال ابن حجر رحمه الله في الفتح (10/ 121): في سنده لين، وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة برقم 184. هذا الحديث وإن كان فيه ضعف فأحاديث عيادة المريض تفيد ما أفاده هذا الحديث.
الذي هو غاية تأثير الطبيب.
ولفرح نفس المريض وتطييب قلبه وإدخال ما يسره عليه تأثير عجيب في شفاء علته وخفتها، فإن الأرواح والقوى تقوى بذلك، فتساعد الطبيعة على دفع المؤذي، وقد شاهد الناس كثيرًا من المرضى تنتعش قواهم بعيادة من يحبونه ويعظمونه، ورؤيتهم لهم، ولطفهم بهم، ومكالمتهم إياهم.
وهذا أحد فوائد عيادة المرضى التي تتعلق بهم، فإن فيها أربعة أنواع من الفوائد: نوع يرجع إلى المريض، ونوع يعود على العائد، ونوع يعود على أهل المريض، ونوع يعود على العامة.
وقد تقدم في هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يسأل المريض عن شكواه وكيف يجده، ويسأله عما يشتهيه، ويضع يده على جبهته - وربما وضعها بين ثدييه - ويدعو له، ويصف له ما ينفعه في علته، وربما توضأ وصب على المريض من وضوئه، وربما كان يقول للمريض:«لا بَأْسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ»
(1)
، وهذا من كمال اللطف وحسن العلاج والتدبير»
(2)
.
روى البخاري ومسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا، فَجَاءَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي،
(1)
صحيح البخاري برقم 3616.
(2)
زاد المعاد (4/ 167 - 168).
فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا، وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً، فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ؟ فَقَالَ:«لَا» . قُلْتُ: فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قَالَ: «لَا» . قُلْتُ: فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِي وَبَطْنِي، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ» ، فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَهُ عَلَى كَبِدِي - فِيمَا يُخَالُ إِلَيَّ - حَتَّى السَّاعَةِ
(1)
.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث السائب رضي الله عنه قال: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي، وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ
…
الحديث
(2)
.
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر ابن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَرِيضٌ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ مَاشِيَيْنِ، فَوَجَدَنِي قَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَأَفَقْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ
(3)
.
(1)
صحيح البخاري برقم 5659، وصحيح مسلم برقم 1628.
(2)
صحيح البخاري برقم 5670، وصحيح مسلم برقم 2345.
(3)
صحيح البخاري برقم 5651، وصحيح مسلم برقم 1616.
وروى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» الحديث
(1)
.
«ومن أنفع علاجات السحر: الأدوية الإلهية، بل هي أدويته النافعة بالذات، فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية
(2)
، ودفع تأثيرها يكون بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدعوات التي تُبطل فعلها وتأثيرها، وكلما كانت أقوى وأشد كانت أبلغ في النشرة، وذلك بمنزلة التقاء جيشين مع كل منهما عُدته وسلاحه، فأيهما غلب الآخر قهره، وكان الحكم له، فالقلب إذا كان ممتلئًا من اللَّه، مغمورًا بذكره، وله من التوجهات والدعوات والأذكار والتعوذات ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه، كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له، ومن أعظم العلاجات له بعد ما يصيبه.
وعند السحرة: أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة، والنفوس الشهوانية التي هي معلقة بالسفليات
(3)
، ولهذا غالب ما يؤثر في النساء والصبيان والجهَّال وأهل البوادي،
(1)
برقم 5743.
(2)
يقصد بذلك الشياطين.
(3)
يقصد بذلك الشهوات والمحرمات.
ومن ضعف حظه من الدين والتوكل والتوحيد، ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهية والدعوات والتعوذات النبوية، وبالجملة، فسلطان تأثيره على القلوب الضعيفة المنفعلة التي يكون ميلها إلى السفليات.
قالوا: والمسحور هو الذي يعين على نفسه، فإنا نجد قلبه متعلقًا بشيء كثير الالتفات إليه، فيتسلط على قلبه بما فيه من الميل والالتفات، والأرواح الخبيثة إنما تتسلط على أرواح تلقاها مستعدة لتسلطها عليها، بميلها إلى ما يناسب تلك الأرواح الخبيثة، وبفراغها من القوة الإلهية، وعدم أخذها للعدة التي تحاربها بها؛ فتجدها فارغة لا عدة معها، وفيها ميل إلى ما يناسبها، فتتسلط عليها، ويتمكن تأثيرها فيها بالسحر وغيره، واللَّه أعلم»
(1)
.
(1)
زاد المعاد (4/ 182 - 183).