الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكي
فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ
(1)
.
وعن جابر رضي الله عنه قال: رمي سعد بن معاذ في أكحله - قال - فحسمه النبي صلى الله عليه وسلم بيده بمشقص ثم ورمت، فحسمه الثانية
(2)
، والحسم الكي.
قال الخطابي: إنما كوى سعدًا ليرقأ الدم من جرحه، وخاف عليه أن ينزف فيهلك، والكي مستعمل في هذا الباب، كما يُكوى من تُقطع يده أو رجله.
وأما النهي عن الكي، فهو أن يكتوي طلبًا للشفاء، وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو هلك، فنهاهم عنه لأجل هذه النية.
وقيل: إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة؛ لأنه كان به ناصور، وكان موضعه خطرًا، فنهاه عن كيه، فيُشبه أن يكون النهي
(1)
برقم 2207.
(2)
صحيح مسلم برقم 2208.
منصرفًا إلى الموضع المخوف منه. واللَّه أعلم.
وقال ابن قتيبة: الكي جنسان: كي الصحيح لئلا يعتل، فهذا الذي قيل فيه: لم يتوكل من اكتوى؛ لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه. والثاني: كي الجرح إذا نغل، والعضو إذا قطع، ففي هذا الشفاء. وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجع، ويجوز أن لا ينجع، فإنه إلى الكراهة أقرب. انتهى.
وثبت في الصحيحين في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم الذين «لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»
(1)
.
فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع، أحدها: فعله؛ والثاني: عدم محبته له؛ والثالث: الثناء على من تركه؛ والرابع: النهي عنه، ولا تعارض بينها بحمد اللَّه تعالى. فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه، وأما الثناء على تاركه، فيدل على أن تركه أولى وأفضل، وأما النهي عنه، فعلى سبيل الاختيار والكراهة، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه، بل يفعل خوفًا من حدوث الداء. واللَّه أعلم»
(2)
.
(1)
صحيح البخاري برقم 5705، ومسلم برقم 220 وليس فيه موضع الشاهد: ولا يكتوون.
(2)
زاد المعاد (4/ 58 - 60) باختصار.