المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دلالة التمكين في اللغة - عوامل النصر والتمكين في دعوات المرسلين

[أحمد بن حمدان الشهري]

فهرس الكتاب

- ‌دلالة التمكين

- ‌دلالة التمكين في اللغة

- ‌وعد الرسل بالتمكين ومزاياه:

- ‌وعد المؤمنين بالتمكين ومزاياه:

- ‌نتيجة تمايز الوعدين:

- ‌ لم يقتل نبي من الأنبياء الذين أمروا بالقتال أبدًا:

- ‌ الانتصار من قتلة الأنبياء:

- ‌ قتل النبي ليس قتلًا لدعوته وإنما لشخصه فقط:

- ‌المرتبة الأولى: السلامة من الخسران

- ‌المرتبة الثانية: التأييد

- ‌المرتبة الثالثة: الظهور

- ‌المرتبة الرابعة: النصر

- ‌المرتبة الخامسة: الغلبة

- ‌المرتبة السادسة: الملك أو الولاية

- ‌المرتبة السابعة: الخلافة

- ‌عوامل التمكين لدعوات المرسلين

- ‌توطئة

- ‌ الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام

- ‌ بيعة الرضوان

- ‌المبحث الثانيالجماعة المناصرة

- ‌المطلب الأول: ضرورة استصحاب الصبر

- ‌المطلب الثاني: ترتب النصر والتمكين على تحقق الصبر

- ‌المطلب الثالثالتواصي بالصبر

- ‌الحالة الأولى: مجرد إقامة الحجة

- ‌الطريق الأول: عن طريق ديمومة الإنذار ومعاودة الإبلاغ

- ‌الطريق الثاني: قيام الحجة الموجبة للعذاب عن طريق المعجزة

- ‌الحالة الأولى:قلب أقوام من الكفر إلى الإيمان

- ‌الحالة الثانية:زيادة إيمان المؤمن وتكميل إيمانه ونفي

- ‌المطلب الأول: تعبئة الجيش وتجنيد الجند ودور ذلك في التمكين

- ‌خاتمة البحث

- ‌فهرس المراجع

الفصل: ‌دلالة التمكين في اللغة

‌دلالة التمكين

1 -

دلالته في اللغة.

2 -

دلالته في اصطلاح القرآن.

‌دلالة التمكين في اللغة

والقرآن

الدلالة اللغوية لكلمة "التمكين":

"التمكين" مصدر للفعل مكّن وهو من مزيد الثلاثي والأصل "مكَن" وقد وردت مادة "مكن" في كتب اللغة ولم تخرج عن أصل وضعها، قال الجوهري: ("مكن" مكنه الله من الشيء وأمكنه منه بمعنى، واستمكن الرجل من الشيء وتمكن منه بمعنى، وفلان لا يمكنه النهوض: أي لا يقدر عليه.

والمكْن: بيض الضب.. قال الكسائي: أمكنت الضبة جمعت بيضها في بطنها) (1) .

(1) الصحاح (6 / 2205) .

ص: 11

وقال صاحب اللسان: (وقد مكنت الضبة وهي مكون، وأمكنت وهي ممكن إذا جمعت البيض في جوفها.. وفي حديث أبي سعيد: "لقد كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدى لأحدنا الضبة المكون أحب إليه من أن يُهْدى إليه دجاجة سمينة"؛ المكون التي جمعت المكن وهو بيضها، وقيل: الضبة المكون التي على بيضها.. والمَكِنة التمكن؛ تقول العرب: إن بني فلان لذوو مَكِنة من السلطان أي تمكن.. وقال ابن سيده: والمكانة المنزلة عند الملك؛ والجمع مكانات ولا يجمع جمع تكسير وقد مَكُن مكانة فهو مكين، والجمع مكناء، وتمكَّن كَمَكن. وتمكن من الشيء واستمكن ظفر، والاسم من كل ذلك المكانة. قال أبو منصور: ويقال أمكنني الأمر، يمكنني فهو ممكن، ولا يقال: أنا أمكنه بمعنى أستطيعه)(1) .

(1) لسان العرب (13 / 412ـ415) .

ص: 12

وقال صاحب المفردات عند مادة "مكن": (المكان عند أهل اللغة الموضع الحاوي للشيء، وعند بعض المتكلمين أنه عرض وهو اجتماع جسمين حاوٍ ومحويّ، وذلك أن يكون سطح الجسم الحاوي محيطًا بالمحوي، فالمكان عندهم هو المناسبة بين هذين الجسمين، قال: {مَكَانًا سُوًى} - {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا} ويقال: مَكَّنتُه ومكنت له فتمكن. قال: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ} - {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} - {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ} - {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} .. وأمكنت فلانا من فلان ويقال: مكان ومكانة، قال - تعالى -: {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} .. وقرئ: "على مكاناتكم". وقوله: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} أي متمكن ذي قدر ومنزلة، ومَكَنات الطير ومَكُناتها مقارُّه..)(1) .

ومما سبق نخلص إلى أن مادة الكلمة قد استعملت بمعانٍ عديدة متقاربة لا تخرج عن أصل الاستعمال فقد استعملت بمعنى القدرة على الشيء والظفر به، وكذلك بمعنى السلطان والقدر والمنزلة.

(1) المفردات (471) .

ص: 13

التمكين في اصطلاح القرآن الكريم:-

وردت كلمة "التمكين" في القرآن الكريم باشتقاقاتها ثماني عشرة مرة، ولم يحدد لها القرآن اصطلاحًا خاصًّا بل استعملها في المعاني التي ذكرت معاجم اللغة، وباستقراء الآيات التي وردت فيها اشتقاقات الكلمة يتبين لنا أن القرآن استعمل الكلمة على سبعة معانٍ هي الآتي:-

أولًا: التمكين بمعنى الملك والسلطان:-

قال - جل ذكره - في شأن ذي القرنين: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ} .. (1) قال ابن كثير رحمه الله: (أي أعطيناه ملكًا عظيمًا ممكنًا فيه من جميع ما يُعطى الملوك من التمكين والجنود..)(2) .

ومن هذا القبيل قوله - تعالى -: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} (3)، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره:(أي ملكناهم إياها وجعلناهم المتسلطين عليها، من غير منازع ينازعهم، ولا معارض)(4) .

ثانيًا: التمكين بمعنى المنزلة عند الملك:-

(1) الكهف: 84.

(2)

تفسير ابن كثير (3 / 89) .

(3)

الحج: 41

(4)

تيسير الكريم الرحمن (5 / 302) .

ص: 14

قال - تعالى - في شأن يوسف - على نبينا وعليه الصلاة والسلام -: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} (1)، وقال - تعالى - في جبريل عليه السلام:{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} (2)، وكذلك قال - تعالى - في شأن يوسف - على نبينا وعليه الصلاة والسلام -:{وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ} .. (3)، ويفسر هذا التمكين أنه نصيب من الملك ومنزلة ذات قدر عند الملك قوله - تعالى - في آخر السورة على لسان يوسف - على نبينا وعليه الصلاة والسلام -:{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} .. (4) .

ثالثًا: التمكين بمعنى التهيئة:-

قال - تعالى -: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} .. (5) أي ألم نجعل حرمًا ذا أمن (6) .

(1) يوسف: 54

(2)

التكوير: 20

(3)

يوسف: 56

(4)

يوسف: 101

(5)

القصص: 57

(6)

انظر فتح القدير (4 / 179) .

ص: 15

وقال - تعالى - في شأن يوسف - على نبينا وعليه الصلاة والسلام -: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ} .. (1) ، أي جعلنا هذا مقدمة وتهيئة لتمكينه في الأرض من هذا الطريق (2) .

رابعًا: التمكين في نعم الدنيا ومعايشها:-

(1) يوسف: 21

(2)

انظر تيسير الكريم الرحمن (15 / 4) .

ص: 16