المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطريق الأول: عن طريق ديمومة الإنذار ومعاودة الإبلاغ - عوامل النصر والتمكين في دعوات المرسلين

[أحمد بن حمدان الشهري]

فهرس الكتاب

- ‌دلالة التمكين

- ‌دلالة التمكين في اللغة

- ‌وعد الرسل بالتمكين ومزاياه:

- ‌وعد المؤمنين بالتمكين ومزاياه:

- ‌نتيجة تمايز الوعدين:

- ‌ لم يقتل نبي من الأنبياء الذين أمروا بالقتال أبدًا:

- ‌ الانتصار من قتلة الأنبياء:

- ‌ قتل النبي ليس قتلًا لدعوته وإنما لشخصه فقط:

- ‌المرتبة الأولى: السلامة من الخسران

- ‌المرتبة الثانية: التأييد

- ‌المرتبة الثالثة: الظهور

- ‌المرتبة الرابعة: النصر

- ‌المرتبة الخامسة: الغلبة

- ‌المرتبة السادسة: الملك أو الولاية

- ‌المرتبة السابعة: الخلافة

- ‌عوامل التمكين لدعوات المرسلين

- ‌توطئة

- ‌ الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام

- ‌ بيعة الرضوان

- ‌المبحث الثانيالجماعة المناصرة

- ‌المطلب الأول: ضرورة استصحاب الصبر

- ‌المطلب الثاني: ترتب النصر والتمكين على تحقق الصبر

- ‌المطلب الثالثالتواصي بالصبر

- ‌الحالة الأولى: مجرد إقامة الحجة

- ‌الطريق الأول: عن طريق ديمومة الإنذار ومعاودة الإبلاغ

- ‌الطريق الثاني: قيام الحجة الموجبة للعذاب عن طريق المعجزة

- ‌الحالة الأولى:قلب أقوام من الكفر إلى الإيمان

- ‌الحالة الثانية:زيادة إيمان المؤمن وتكميل إيمانه ونفي

- ‌المطلب الأول: تعبئة الجيش وتجنيد الجند ودور ذلك في التمكين

- ‌خاتمة البحث

- ‌فهرس المراجع

الفصل: ‌الطريق الأول: عن طريق ديمومة الإنذار ومعاودة الإبلاغ

‌الطريق الأول: عن طريق ديمومة الإنذار ومعاودة الإبلاغ

ص: 100

وتقصي جميع حالات النصح الصادق وأطواره؛ وذلك أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر إهلاكه لمن أهلكهم من المكذبين فبين أنه لم يهلكهم بتكذيبهم الأول ولا الثاني ولا الثالث وإنما كلما كذبوا لم يمنع ذلك التكذيب رسلهم ودعاتهم من دعوتهم وزيادة البيان لهم والتلطف في النصح وضرب الأمثال لهم، بل إن الله سبحانه وتعالى لم يذكر في القرآن إهلاكه لمكذبين من السابقين إلا ويذكر كيف دام إنذارهم وتواصل نصحهم قبل ذلك حتى لم يبق لإنسان أن يخطر بباله أن الحجة لم تقم عليهم وأن سفهاءهم قد علموا حقيقة الدعوة وتبينوها فضلًا عن الملأ منهم وعامتهم ولقد ذكر الله - سبحانه - نصح نوح لقومه بأطواره ودوامه وقوته وكثرته قبل إهلاكهم، وعزز - سبحانه - بثلاثة رسل لأهل قرية واحدة ثم سرد نصح مؤمنهم قبل حلول الهلاك بهم، وكذلك قوم فرعون فهذان رسولان ينذران وسرد الله سبحانه وتعالى نصح المؤمن الذي كان يكتم إيمانه وكان منهم وهو يذكرهم بما هم فيه من نعمة الملك ويحذر من الاعتداء على موسى وأخيرًا يتنزل معهم كل التنزل في النصح ليتركوا موسى وشأنه:{وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} .. (1) الآية..

(1) غافر: 28.

ص: 101

وكذلك أصحاب السبت فإنهم لم يهلكوا وهم على معصيتهم حتى كانوا على إنذار دائم ووعظ مستمر حتى سأل طائفة من المؤمنين الطائفة الواعظة المؤمنة الأخرى أن تهون من دوام ذلك الوعظ الذي لا تراه مجديًا ولا حوله من يجيب أو يرعوي (1) : {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} (2) .

وبناءً على هذا نخرج بأن دوام النصح الصادق المتقضي كل طرق التلطف والتذكير يؤدي إلى حلول العقوبة العاجلة بالمدعوين المكذبين لا سيما إذا قابلوا ذلك بالعتو وزيادة الاستكبار.

(1) تفسير ابن كثير: 2 / 269.

(2)

الأعراف: 164.

ص: 102

وهنا ملاحظة يحسن ويجمل أن تذكر وهي: أن النصح يجب أن يسدى والناصح كله أمل وطموح لأن تقبل نصيحته وتنفع في استجابة المدعوين كما قال سبحانه وتعالى عن نبي الله نوح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام -: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (1) . فيا سبحان الله حقًا! بعد كل هذا النصح من نوح والعناء في إسدائه ودوامه يقول له الله سبحانه وتعالى عندما يخبره بأن المتوافدين على الإيمان من قومك لن يزيدوا {فَلَا تَبْتَئِسْ} لقد كان يُتصور أن الرجل سيفرح ليستريح من عناء تلك المناصحة وإبلاغ الدعوة ولكنه؛ لا بالعكس سيحزن ولذلك سلَاّه الله - سبحانه - وقال: {فَلَا تَبْتَئِسْ} مما يدل على صدق النصح وعظم الأمل الذي كان يؤمله نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام في أن يجدي نصحه المتواصل، نعم إن إبلاغ الدعوة والمناصحة يجب أن يكثر منه تجاه المدعويين وألا يكون لغرض إقامة الحجة عليهم الموجبة عذابهم العاجل بل يكون للقيام بواجب النصح الصادق الخالص لوجه ربنا سبحانه وتعالى.

(1) هود: 36

ص: 103