الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعد الرسل بالتمكين ومزاياه:
-
لكننا نلحظ في القرآن مجيء الوعد بالنصر والغلبة والعاقبة والتمكين المذكور فيه الرسل أكثر وآكد - بمؤكدات لفظية ظاهرة ومعنوية - من الوعد بالتمكين والنصر المذكور فيه المؤمنون فقط، وما ذاك إلا أن دعوات الرسل خصوصًا من أمر منهم بقتال فلا يمكن أن يغلبه أعداؤه أبدًا ألبتة بل النصر مجزوم به له ولأتباعه وهم الغالبون القاهرون، قال - تعالى -:{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (1)
وهنا أكد الله سبحانه وتعالى غلبة الرسل بمؤكد ما بعده مؤكد فقد عطف الرسل على ذاته العلية ((أنا)) فتأكدت الغلبة كل تأكيد فالله معهم وهو غالب لا يغلب - سبحانه -، والتحقيق أن الأنبياء الذين ذكر القرآن أن أقوامهم قتلوهم أنهم لم يكونوا في قتال (2) ، أما من قاتل منهم فإنه لا يتصور بحال ولا يليق بحال العزيز القهار ذي الانتقام أن يكلف ويرسل رسولًا ويأمره بقتال ثم يقتل وهو لم ير ما وُعد من نصر والآية المذكورة شاهدة في هذا المعنى بذلك.
(1) المجادلة: 21
(2)
راجع بيان ذلك والاستدلال عليه في تفسير أضواء البيان (7 / 824) .
ومما يلحظ كذلك أن الآيات التي جاء فيها الوعد بالتمكين ونحوه وذُكِرَ لفظ الرسل فيها فهي في الغالب تجزم بالوعد دون تعليقه على أي عمل أو شرط أو تقديم يتقدم به الرسل لينالوا الوعد ويتحقق لهم؛ بينما الآيات التي يذكر فيها الوعد بالتمكين ونحوه للمؤمنين يعلق الوعد بالتمكين أو النصر أو نحوهما بأعمال وأحوال إذا هي تحققت تحقق لهم متعلقها من الموعود به من النصر والتمكين وذلك أن الرسل على صلة مباشرة بالوحي فلا حاجة لتنبيههم لحالة أو صفة ليتحلوا بها وهم قد تحلوا بالصفات المؤهلة لنيلهم النصر منذ تأهلوا واستحقوا أن يكونوا موضع رسالات الله سبحانه وتعالى، وكذلك فهم لصلتهم المباشرة بالوحي وعناية الإله ورعايته لدعوتهم لا يمكن أن يخطئوا الطريق أو يعشوا عن عوامل النصر وأسباب تحقق الوعد بالتمكين.