الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: ترتب النصر والتمكين على تحقق الصبر
وردت نصوص الكتاب والسنة بالأجر الجزيل والثواب العظيم على تحقق الصبر من الصابرين، وجاء في ذلك من عظم الثواب والدرجات في الجنة ما قد يجعل المرء يذهب إلى أن جزاء الصبر أخروي كله، وذلك لكثرة ما ورد في ذلك، ولكن عند الفحص والتحقق في نصوص القرآن والسنة نجد كذلك أن هناك أمورًا عظامًا، وثوابًا جسيمًا ونصرًا عزيزًا وتمكينًا فريدًا يثاب به أهل الصبر في الدنيا؛ فضلًا عما ينتظرهم في الآخرة.
بل نجد أن القرآن الكريم في مواضع عدة جعل وجود الصبر شرطًا أساسيًا لحصول الغلبة والتأييد من الله، وأنه في حالة قلة الصبر أو انعدامه ينعدم التأييد من الله مهما بلغت تلك الجماعة المؤمنة من قوة اليقين ونصرة الدين.
وإليك المواضع التي رتب القرآن الكريم حصول التأييد والتمكين على الصبر فيها، وبين فيها أن الصبر شرطها الأول والرئيس بعد الإيمان به - سبحانه -:
(1)
قال - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (1) . وقال - سبحانه -: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (2) .
(1) البقرة: 153.
(2)
البقرة: 249.
ففي عدة مواضع من كتابه الكريم يبين - سبحانه - ويؤكد معيته للصابرين وأنه معهم، وما ظنك بقوم أو جماعة الله معهم، كيف يتصور أنهم سيغلبون أو يذلون!
ولقد بين سبحانه وتعالى أن معيته تستلزم عدم الخوف وتستلتزم النصر والغلبة في الوقت نفسه، وذلك حين أبدى موسى وهارون - على نبينا وعليهم الصلاة والسلام - تخوفاتهم من زمجرة فرعون الحادة وبطشاته الأكيدة التي يتعرض لها كل من يخاطبه بغير ما يهواه {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} (1) ، فكان الجواب {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (2) ، فبيّن - سبحانه - هنا أن معيته لهما تستلزم عدم الخوف منهما، فلا داعي للخوف البتة، وتستلزم رعايتهما ونصرهما وحفظهما من كيد فرعون وغطرسته الغاشمة، وهذا الحال في معيته سبحانه وتعالى حيث كانت فلا خوف ولا حزن، وإنما نصر وبلج، ويسر وفرج، وهذا أبو بكر الصديق في الغار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغ به الخوف كل مبلغ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرى أقدام الكفار الذين جاءوا يبحثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه، أو يحبسوه، فيقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم متخوفًا:"لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه يا رسول الله" فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) طه: 45.
(2)
طه: 46.
: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما» (1) . فجاء القرآن الكريم فبين كيف كانت معيته - سبحانه -، وكيف يكون الظن بمعيته - تعالى - فقال سبحانه وتعالى:{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (2) .
فتلك إذن معيته التي أكدها للصابرين في كتابه الكريم مرارًا وتكرارًا، ولله ما أصدق كلام الإمام الشوكاني وأروعه حين قال عند تفسيره لقوله - تعالى -:{وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (3) ، "ويا حبذا هذه المعية التي لا يغلب من رزقها غالب، ولا يؤتى صاحبها من جهة من الجهات، وإن كانت كثيرة"(4) .
(2)
ترتب تمكين بني إسرائيل وإنجائهم من فرعون على حسن بلائهم في الصبر.
(1) الحديث في مسند الإمام أحمد برقم (11)(1 / 13) .
(2)
التوبة: 40.
(3)
الأنفال: 46.
(4)
فتح القدير (2 / 315) .
لقد تقدم معنا في المطلب الأول أنهم جاءوا إلى موسى يتبرمون ويتوجعون من إيذاء الفراعنة وتعذيبهم لهم، وهنا أوصى موسى قومه بالصبر قائلًا:{اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (1) ، وجاء الأمر من الله سبحانه وتعالى لبني إسرائيل بإقامة الشعائر والصلوات، ومواصلة الصبر وانتظار الفرج - وهم على ذلك الحال الشديد من التعذيب والاضطهاد - وما ذلك من الله سبحانه وتعالى إلا ليبلو صبرهم ومحافظتهم على دينهم؛ وهم يفتنون عنه بكل أنواع العذاب.
قال - تعالى -: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} {فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} {وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (2) .
(1) الأعراف: 128.
(2)
يونس: 84 - 87.
قال مجاهد: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سرًا وكذا قال قتادة والضحاك " (1) .
والحاصل أن البلاء اشتد بالمؤمنين حتى أمرهم الله بجعل بيوت لهم يستخفون فيها ويستسرون بصلاتهم بها، فانتقلوا من بعد العلانية إلى الاستخفاء والسرية لشدة البلاء (2)، كما قال - تعالى -:{فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} (3) .
والشاهد هنا أن بني إسرائيل بقوا سنين متتابعة وهم على هذا الحال من البلاء، وتخطوا تلك العقبات والمراحل بالصبر على فتنة فرعون وتعذيبه وأذيته والصبر على مزاولة شعائر الدين في آن واحد، حتى خصصوا لعبادتهم بيوتًا غير بيوتهم وبنوها يختفون بها ويصلون في البيوت حتى كانت مساجد لهم، فقطعوا كل هذا البلاء والعناء بالصبر فقط دون غيره إذ لم يكلفوا بجهاد أو رد كيد فأثابهم الله على حسن بلائهم في الصبر بالتمكين في الأرض، وبين أن ذلك إنما هو جزاءً لصبرهم، قال - تعالى -:{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} (1) .
(1) الأعراف: 137.
والحق الذي يُشهد به أن بني إسرائيل أبلوا في الصبر بلاءً حسنًا - وهم تحت وطأة فرعون - لم تبله أمة من الأمم التي ذكرت في القرآن ولا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فهم في هذه الحال أعظم الأمم صبرًا، وقد بلغوا من الصبر مبلغًا لم يبلغه غيرهم - فيما قص علينا القرآن - وذلك أنهم استضعفهم فرعون وقومه كل الاستضعاف، وأهانوهم كل الإهانة فقد كانوا يقتلون أبناءهم، ويستحيون نساءهم أي يبقونهم أحياء لخدمتهم وامتهانهم، وليس العجب هنا من فعل آل فرعون هذا بهم حين ولادة موسى، وإنما العجب حين رجعوا إلى ذلك النكال ببني إسرائيل حين علموا أنهم آمنوا بنبيهم فرجعوا عليهم مرة ثانية بقتل الأبناء واستحياء النساء ليفتنوهم عن دينهم، فقد وقع هذا العذاب من آل فرعون ببني إسرائيل مرتين حين ولادة موسى، والثانية حين إيمانهم به، لكي يفتنون عن دينهم (1)، كما جاء ظاهرًا في قوله - تعالى -:{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} (2) ، والآن والحال على هذا
(1) انظر تفسير ابن كثير (2 / 249) .
(2)
الأعراف: 127.
المنوال فما بالك بقوم لا زالوا على حداثة إيمان يبتلون بأن يؤخذ أبناؤهم من حجورهم ومن أفنية دورهم ليقتلوا أو يرجعوا عن دينهم، ويبتلون كذلك بنسائهم يؤخذن من فرشهم ودورهم من زوجات وبنات ليخدمن بيوتات آل فرعون، وكفى بالخادمة إهانة وهي تعمل في بيت أغنياء يظلمونها متى شاءوا ويكلفونها ما لا تطيق متى شاءوا ويمتهنونها ويهددون كرامتها متى شاءوا، فلا وازع من دين يردعهم وغطرسة الغنى والسلطان تدفعهم إلى السوء وتزعجهم وحينها يأتي بنو إسرائيل إلى نبيهم يشكون هذا الحال وهم في بداية الطريق وبداهة الإيمان، فيجيبهم بقوله:{قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (1) .
(1) الأعراف: 128 - 129.
إن بني إسرائيل لم يجدوا عند نبيهم حلًا لهذا الأمر سوى الاستعانة بالله والصبر وبشائر في المستقبل ستنالهم إن أحسنوا الاستعانة بالله والصبر على هذا النكال، ولكن الأمر يطول والعذاب يشتد، والأمر يأتي من الله ببناء بيوت في مصر ولم يأت حسب ما يتوقع من أمرهم بالفرار، أو ردَّ الأذى ووعدهم بالنصر، أو ارتفاع أذية الفراعنة أو إهلاكهم، كل ذلك لم يحدث، وإنما جاء الأمر من الله ببناء البيوت! وبناء البيوت يدل على أن الحال سيطول على ذلك، والبيوت إنما هي للاختفاء وإقامة الصلاة فيها، فالبلاء لم يزدد إلا شدة وبشائر لا أثر لها ولا خبر عنها في الواقع المحسوس، قال - تعالى -:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (1) .
(1) يونس: 87.
إن محنة بني إسرائيل من نوعها هنا وهي بلية لا مثيل لها في بلاوى الابتلاء ألبتة، فالقوم أبناؤهم يقتلون ونساؤهم يخدمن ويُهنَّ من أعدائهم الكافرين، ويبقون على ذلك سنين، وربهم الذي آمنوا به على يد موسى لا ينقذهم من هذا الحال، ولا يرفع القتل عن أبنائهم ولا الاستحياء عن نسائهم ولا يأذن لهم بالفرار من أعدائهم بل يأمرهم بإقامة البيوت ومواصلة العبادات، والبشائر على لسان نبيهم تترى بشارة تلو بشارة ولا أثر لها ظاهر في تغيرات الأحداث بل تزداد سوءًا بهم وقهرًا لهم، وهم على هذا الحال صابرون متوكلون يتضرعون إلى ربهم قائلين:{عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} {وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (1) ، حتى بلغوا من الصبر مبالغ أرضت خالقهم، حتى إذا رضي عنهم فلق لهم البحر فلقًا وقتل عدوهم غرقًا وأتم عليهم كلمته الحسنى على عظم صبرهم وإقامتهم دينهم رغم فتنة عدوهم، حتى أورثهم مشارق الأرض ومغاربها، فكان عظم الجزاء مع عظم البلاء حقًا.
(1) يونس: 85 - 86.
(3)
ترتب غلبة المجاهدين وتأييد الله لهم على الصبر.
لقد رتب الله سبحانه وتعالى غلبة المؤمنين على الصبر بل ضمن لهم ضمانًا أكيدًا أنهم مع الصبر يغلبون ضعف عددهم، وأن لا مندوحة لهم من الانحياز عن عدوهم أو عدم لقائه إذا كان على الضعف منهم فإنهم بمجرد توافر الصبر لديهم مع الإيمان يغلبون ضعفهم مباشرة.
(1) الأعراف: 137.
قال - تعالى -: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (1) ، ومفاد الآية هنا قاعدة ثابتة مضمونة ممن خلق الخلق وهو أعلم بهم بأن طائفة المؤمنين تغلب ضعفها إذا كانت صابرة وأن لا عذر لهم في الانحياز عنهم إذا كان الأعداء ضعف عدد أهل الإيمان بل عليهم لقاءهم والصبر على جلادهم، والغلبة مضمونة لهم (2) .
وقد أشكل على بعض الناس أنه وجد أن طائفة من المؤمنين قد لا تثبت لضعفها من الكافرين، بل وجد أن الكافرين هزموا المؤمنين في عدة حروب وهم على السواء من العدد مثلًا بمثل، فيكف ذلك والآية تنص على أن المؤمنين يغلبون ضعف عددهم، وأجيب بأنه لا إشكال في ذلك ولا معارضة فيه للآية، إذ لا بد أن تكون هذه الطائفة المؤمنة المنهزمة أو المغلوبة غير متصفة بصفة الصبر (3) ، وإلا فلو اتصفت بها مع الإيمان لاستحال انتصار طائفة الكفر عليها سواءً كانت مثلها أو ضعف عدد طائفة الإيمان.
(1) الأنفال: 66.
(2)
أي إذا كان الكافرون ضعف عدد المؤمنين لم يسغ للمؤمنين الفرار ولا التحيز عنهم وإن فعلوا فقد أثموا ووقعوا في سخط الله، أما إذا كان العدد أكثر من الضعف فالانحياز سائغ والقتال غير واجب، هذا قول ابن عباس. راجع تفسير ابن كثير (2 / 337) .
(3)
راجع فتح القدير للشوكاني (2 / 324) .
أما ترتب التأييد الإلهي للمجاهدين المؤمنين على صفة الصبر وقيامهم بها وأنها شرط في ذلك، فلقد وضح هذا الأمر غاية الوضوح في غزوة أحد، فلقد وعد الله المؤمنين فيها بالمدد من الملائكة، ووعدهم بزيادة عدد المدد من الملائكة إلى خمسة آلاف ملك في غزوة أحد بالذات، وعين ذلك لهم تعيينًا، وبينه لهم تبيينًا، وعلقه على الصبر والتقوى.
فقال سبحانه وتعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (1)، قال أهل التفسير:{مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} أي من غضبهم وسفرهم هذا، فلقد عين الله إذن للمؤمنين المدد في هذه الغزوة تعيينًا واضحًا وأشار إليه، ولكن رغم ذلك لم يحصل المدد لتخلف شرطه وهو الصبر والتقوى.
قال مجاهد وعكرمة والضحاك والزهري وموسى بن عقبة: إن الوعد في الآية متعلق بيوم أحد؛ لكنهم قالوا لم يحصل الإمداد بالخمسة الآلاف من الملائكة لأن المسلمين فروا يومئذٍ؛ زاد عكرمة: ولا بالثلاثة الآلاف لقوله - تعالى -: {إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} فلم يصبروا بل فروا فلم يمدوا بملك واحد (2)
(1) آل عمران: 125.
(2)
من تفسير ابن كثير بتصرف يسير.